التركيز على تجربة الموظف الرقمية بدلاً من إدماج الموظفين

كان مصطلح "إدماج الموظف" (employee engagement) الكلمة الطنانة في الشركات لفترة طويلة، لكن الآن أصبحَت "تجربة الموظف" (employee experience) محط الاهتمام الجديد؛ فهي نهجٌ شامل يجمع الإدماج، والثقافة، وإدارة الأداء، والتطوير الوظيفي، تحت مصطلح واحد؛ لذا انسَ أمر إدماج الموظف حالياً خلال هذه الفترة التي ينتقل خلالها العالم إلى تبنِّي نهج يمنح الأولوية للناس، ويجب أن ندرك أنَّ هذا الأسلوب يُعدُّ أكثر أهميةً للشركات التي تطمح إلى جعل "تجربة الموظف" محور اهتمامها.



وفي الوقت ذاته، يمكِن تطبيق رقمنة الموارد البشرية على هذا المفهوم المعاصر لتجربة الموظف؛ فإذا أخذتَ في الحسبان تزايد عدد مستخدمي الهواتف المحمولة، والتي بلغَت 68% حول العالم وفقاً لوكالة "وي آر سوشال" (We Are Social)، ونمو الأدوات مثل تطبيق "سلاك" (Slack)؛ فوفقاً للشركة، هناك 8 ملايين مستخدم نشط يومياً، في حين تعيد هذه العناصر تعريف الطريقة التي يعمل بها الناس، يمكِن زيادة مرونة الموارد البشرية لتقديم تجربة سلسة.

كما يؤكد "مارك فان أسيما" (Mark van Assema)، مؤسس المجلة الهولندية "إتش آر تيك ريفيو" (HRTech Review): "وصلَت التكنولوجيا الموجهة للمستهلكين إلى قسم الموارد البشرية، وهذا يمنحه أخيراً الفرصة لتسهيل تطوُّر الموظف وتقديم قيمة فعلية للموظفين أيضاً، وليس مديري قسم الموارد البشرية فقط".

تجربة الموظف الرقمية:

تشير "تجربة الموظف الرقمية" (Digital employee experience) إلى مجموع التفاعلات الرقمية بين الموظف وشركته، والهدف هو، أو يجب أن يكون، خلق بيئة واقعية ورقمية تشجع التواصل والتعاون باستخدام نهجٍ مُصمَّمٍ بعناية ليشعر الناس بالدعم خلال اليوم، ويؤدي قسم الموارد البشرية دوراً هاماً هنا، فقد تطوَّر ليصبح مصدراً رئيساً لتحسين تجربة الموظف الرقمية عبر إعادة النظر في الأمور التي حالت دون اندماج الموظف في العمل.

يتزايد انتشار طريقة التفكير هذه؛ حيث يقول فان أسيما: "أصبح استخدام تقنيات الموارد البشرية بسيطاً كاستخدام تطبيقات المستهلك على هاتفك المحمول"، ثمَّ ينصح قائلاً: "التركيز على الموظف نفسه وليس على الموارد البشرية أو الشركة هي تجربة لا تتطلب كتيِّب إرشادات"؛ فالهدف كما يقول أن تُسهم الموارد البشرية في أن "يشعر الموظف أنَّه محط تقدير".

بالطبع لا تُطبِّق كلُّ الشركات هذا، ومع ذلك، وفقاً لآخر تقرير "توجهات رأس المال البشري السائدة في أرجاء العالم" (Global Human Capital Trends) من شبكة "ديلويت" (Deloitte)، لا تتعدى نسبة مديري الموارد البشرية، الذين شعروا أنَّ شركاتهم مستعدة لتطوير استراتيجيات لتطبيق تقنيات جديدة، 31%، بينما يستطيع قسم الموارد البشرية تصميم رحلات مدروسة جيداً وتقديم تجارب رقمية، ولكن أظهرَت أبحاث من موقع "بيرسونال تودي" (Personnel Today) أنَّ 20% فقط من مديري الموارد البشرية الذي شاركوا في الاستطلاع يعتقدون أنَّ نظامهم الحالي مُهيَّأ ليواكب متطلبات القوى العاملة الموجودة حالياً.

ومع هذا، الانتقال ضروري، وقد حان الوقت له، لكنَّ هناك أمراً واحداً يقف في طريقنا وهو تحديد وتطبيق التقنيات الصحيحة؛ فمن الصعب أن تعرف من أين تباشر العمل، وما الذي عليك البحث عنه؛ لذا يمكِنك أن تبدأ باتباع الخطوات الثلاث التالية التي ترتبط برحلة الموظف، إلى جانب أمثلة على كيفية تحسين هذه التجارب باستخدام التكنولوجيا الرقمية.

إقرأ أيضاً: 6 أسباب تجعل الإلمام بالمهارات الرقمية أمراً هاماً

1. التوظيف:

يعلم أيُّ شخص اضطر للبحث عن وظيفة أنَّها عملية شاقة تستغرق وقتاً طويلاً ونتائجها قليلة، وحتى بالنسبة إلى مدير "مشارك" في العملية، قد لا يكون التواصل مثالي؛ إذ يخلِّف ضعف التواصل انطباعاً سيئاً عن الشركة لدى المرشحين، غير أنَّه يخفض احتمال قبولهم لعرض العمل.

دور التكنولوجيا الرقمية: ساهم برنامج "ركروتي" (Recruitee) في تبسيط التجربة للموظِفين وجعلها أكثر قابليةً للاستخدام للمرشحين؛ إذ بعد اتباع بضع خطوات بسيطة، تستطيع الشركات تخصيص العلامة التجارية لصاحب العمل (employer-branding) والعمل على النماذج ودراسة التحليلات، وبشكل عام توفير الوقت لاستثماره لاحقاً في خلق تفاعلات هادفة مع المرشحين.

2. تهيئة الموظفين الجدد:

دور التكنولوجيا الرقمية: عثرَت شركة "آي بي إم" (IBM) على طريقة ذكية لاستثمار التكنولوجيا كي تُقدِّم التجربة الأمثل إلى موظفيها الجدد، حيث يوجَّه المرشحون إلى بوابات تعلُّم إلكترونية، وغرف محادثات افتراضية ليتعرفوا إلى بعضهم مسبقاً، كما يستطيعون التواصل مع شخص يعمل بالفعل لدى الشركة، وفي هذه الأثناء، تحاول "آي بي إم" (IBM) تحسين المحتوى الذي تُقدِّمه للموظفين الجدد عبر دراسة تفاعلات المرشحين مع العملية؛ حيث تمثِّل تحليلات البيانات من هذا النوع طريقةً بسيطة وفعالة لزيادة الفائدة التي تُقدِّمها الموارد البشرية وبالوقت نفسه تضمن تجربة موظف سلسة.

3. التقدم الوظيفي:

تستخدم شركة "بايندر" (Bynder) برنامج "إيمبريز" (Impraise) لتدعم النمو الوظيفي والتطور بعد مرحلة التأهيل، حيث تشجِّع الموظفين الجدد على تحديد أهداف ربع سنوية ومشاركتها مع مديريهم لتتم مراجعتها بشكل دوري، كما تُسهِّل هذه المنصة تقديم المراجعات القيادية والتغذية الراجعة الفورية، وبشكل عام، تُشجِّع وتُطوِّر "بايندر" (Bynder) ثقافة التعلم المدعومة بالتكنولوجيا داخل شركتها، واستخدامها التكنولوجيا ليس سوى جزء من التجربة، لكن على "بايندر" (Bynder) أن تفكر بحرص بالأسئلة التي تطرحها وطريقة استخدام البيانات الناتجة لتحسين تجربة الموظف ودعم التطور الوظيفي.

دور التكنولوجيا الرقمية: تتطلب مساعدة التقدم الوظيفي تفكيراً يتعدى شراء برنامج نظام إدارة الموارد البشرية لمجرد أنَّه رقمي، عوضاً عن ذلك، يجب أن يكون الهدف تغيير طريقة تفكير الموارد البشرية لتُركِّز على الناس أولاً.

شاهد بالفديو: 10 صفات للأشخاص الذين يتقدمون بسرعة في حياتهم المهنية

تطبيق تقنيات الموارد البشرية لتشجيع تبنِّيها والحد من الاضطرابات:

أول خطوة هي معرفة أيُّ جزء من تجربة الموظف تريد رقمنته، لكن قد يكون الانتقال إلى منصة جديدة أو تغيير الأنظمة أمراً عصيباً، كما يتطلب ذلك الحصول على تأييد المستويات العليا في الشركة، إضافةً إلى تأهيل الموظفين والتبنِّي واسع النطاق كي ينجح، وكلُّ هذا مرهق للأعصاب؛ لذا ينصح "فان أسيما" بالتالي: "يُفضَّل التركيز على الجهات التي تتبنَّى التقنيات منذ انطلاقتها؛ أي الموظفون البارعون في أمور التكنولوجيا، كما هو الحال في مجال تكنولوجيا المستهلك، كوسائل التواصل الاجتماعي، والحرص على أنَّ تقنيتك تؤدي العملية التي صُمِّمَت لأجلها، وحين تُلبِّي حاجات المجموعة المستهدفة، يمكِنك جعلهم قدوة لغيرهم"، ويُنصَح بتشكيل مجموعة صغيرة من الأفراد لجعل الانتقال أسهل للأسباب التالية:

  • تغمر الحماسة الجهات التي تتبنَّى التقنيات منذ انطلاقتها، ويحرصون على المساعدة عبر نشر الخبر بين زملائهم.
  • تحرص تلك الجهات على دعم العملية عندما يحين وقت رقمنتها على نطاق واسع عبر تعليم زملائهم والإشادة بالتكنولوجيا الجديدة.
  • يمكِن أن تتعلَّم الشركة التي تُطبِّق تقنيات الموارد البشرية دروساً هامة عن كيفية تفاعل الناس مع التكنولوجيا، وبهذا تتمكن من تحديد الخطوة المنطقية التالية.

كما تقول "لارا بلاكستون" (Lara Plaxton) رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة "أف دي أم غروب" (FDM Group): "لا تستعجل شيئاً؛ خذ وقتك في تغيير طريقة تفكيرك أنت أولاً، ومن ثمَّ انتقِل إلى الآخرين"، ويؤكد "فان أسيما" هذه الفكرة قائلاً: "تغيير التفكير ضمن قسم الموارد البشرية هو المتطلب الأول لتتمكن من التركيز على الرضا عن العمل"، ويكتب: "يجب أن ينتقل دور الموارد البشرية من دعم الإدارة إلى إدماج الموظفين، في حين قد تدعم تقنيات الموارد البشرية هذا الانتقال، لكن دونه لن يتقبَّل أحد حتى أفضل تقنيات الموارد البشرية".

تدعم الأرقام الكلام هذا؛ إذ اتفق 83% من القادة الذين شاركوا في الاستطلاع الذي أجرَته شركة "أكسينتشر" (Accenture) أنَّ باستطاعة الموارد البشرية تحسين أداء الموظفين عبر تمكين الموظفين وتدريبهم على اكتساب مهارات الموارد البشرية؛ أي باختصار، لا يمكِن أن تقع المسؤوليات بكاملها على عاتق قسم الموارد البشرية فقط.

المصدر




مقالات مرتبطة