التخلص من سيطرة الآخرين

نحن غالباً نضعُ قيوداً وعوائق لقدراتنا في مُعظَم الحالات في حياتنا، وتُعَدُّ هذه العوائق مُجرَّد خدعةٍ؛ وذلك لأنَّنا نستطيع تحقيق أي إنجاز في العالم من خلال الإصرار الشديد والاجتهاد في العمل والإيمان والثقة بالنفس.



ستصادف كثيراً من الناس الذين يُحبطونك ويقلِّلون من عزيمتك وقدراتك على فعل أيِّ شيء في الحياة؛ وللأسف فإنَّك حين تتعرَّض لكلماتٍ باطلة ومُحبِطة بما يكفي وتُلقي لها آذاناً صاغية خلال حياتك، تُصبح تلك الكلمات حقيقيةً وواقعيةً بالنسبة إليك، لتبدأ بالتفكير بعدَ ذلك بأنَّك لا تستطيع تحقيق نجاحٍ في أحد القطاعات أو المجالات أو تشكِّكَ في حبِّك لِعملك وإنجازاتك، وهُنا عليك أن تسأل نفسَك إن كان الناس من حولك يعرفونك بصورة أعمق من معرفتك لنفسك.

يتحدَّث هذا المقال عن قصة رائعة عن كيفية تحقيق أي إنجاز في هذه الحياة إن توقفتَ عن الاستماع للناس الذين يشكِّكون في قدراتك وبدأت بالتحلِّي بالإيمان والثقة بنفسك؛ فقد كان هناك صبيَّان مراهقان، أحدهما يُدعى "رافي" (Ravi) ويبلغ من العمر 12 سنة بينما يُدعى الآخر "عمار" (Ammar) والذي كان في الثامنة من عمره، فقد عبرا قريتَهما في أثناء لعب الغميضة عندَ ظهيرة يوم أحدٍ حارٍّ ووصلا لأحد الآبار الجافَّة، وقد حان دور "رافي" للاختباء بينما عدَّ "عمار" للرقم 10؛ وفيما أدار "عمار" ظهرَه ليبدأ بالبحث عن صديقه، سمع صراخَه فجأة فركضَ باتجاه البئر ليجدَ "رافي" مستلقياً في قاع البئر وقد كان مُصاباً إصابة شديدة ويصرخ بصوت عالٍ ومُدوٍّ بينما يمسك كاحله، وهُنا بدأ "عمار" بالصراخ طلباً للمساعدة لأنَّه عرف أنَّه ليس باستطاعته مساعدة صديقه وحده، ولكنَّهما كانا وحيدَين في الغابة ولم يكُنْ هناك أحدٌ لمساعدتهما.

لكنَّ "عمار" نظرَ فجأةً ووجد دلواً فولاذياً وحبلاً متيناً بالقرب من البئر؛ ودون إضاعة ثانية واحدة حتَّى، ربطَ الحبل حول الدلو الفولاذي وأنزلَه للأسفل نحوَ قاعدة البئر، وتمكَّن "رافي" بطريقةٍ ما من التمسُّك بالدلو الفولاذي، ومن ثمَّ حان وقتُ الجزء الأكثر صعوبة من عملية الإنقاذ؛ فصبيَّاً يبلغ من العمر 8 سنوات يرفع صبياً آخر يبلغ من العمر 12 سنة من بئرٍ عميقٍ يتجاوز عمقُه 15 متراً تقريباً؛ ونجدُ هنا أنَّ "عمار" لم يضيعْ ثانيةً واحدةً حتى بالتفكير في كيفية سحبه لصديقه وإخراجه من البئر أو بكيفية فعل ذلك وحده، بل كان أمرٌ واحد فقط يدور في ذهنه ويشغل باله وهو إنقاذ صديقه.

لقد سخَّر "عمار" كلَّ طاقته لسحب الحبل ليبدأ الدلو بالتحرك نحو الأعلى ببطء مبتعداً عن الأرض، وسحب الحبل لمسافةٍ مُعيَّنة ومن ثمَّ توقف قليلاً ليأخذ نفساً عميقاً مُطوَّلاً وعاد مرةً أخرى لشدِّ الحبل من جديد لسحب صديقه من البئر؛ وقد كان الجوُّ حاراً جداً في تلك الظهيرة مما جعل "عمار" يتصبب عرقاً وقد احمرَّت يداه، وكانت قدماه ترتجفان طوال الوقت، إلَّا أنَّه علم في قرارة نفسه أنَّ كلَّ ذلك لا يمكن أن يجعله يُفلِت قبضته عن ذلك الحبل؛ وقد خرج "رافي" من البئر أخيراً بعد أن بذل "عمار" كلَّ ذرةٍ من طاقته في سبيل إنقاذه وعاشَ أصعب 30 دقيقة في حياته.

إقرأ أيضاً: فيتامين (لا).. هكذا تحمي شخصيتك وترسم حدودها!

لقد تعرَّض كلاهما لجروح وإصابات شديدة إضافة إلى رعبهما وخوفهما الشديد لأنَّهما عرفا أنَّه سيتم توبيخهما وتأنيبهما تأنيباً شديداً عند عودتهما للمنزل، ولكنَّ الأمور كانت على النقيض مما ظنَّاه تماماً؛ فعند وصولهما للمنزل، شرحا كلَّ ما حدث لهما لعائلتيهما وللقرويين، ولكن لم يكن أيٌّ منهم مستعداً لتصديقهما، فليس بمقدور أي إنسان تصديق أنَّ طفلاً عمره ثماني سنوات - والذي لا يستطيع حتَّى رفعَ دلوٍ مملوءٍ بالماء - يمكنه أن يُخرج طفلاً بعمر 12 سنة ويسحبه من بئرٍ بعمق 15 متراً تقريباً.

رغم أنَّ الجميع ذهبوا لرؤية البئر ووجدوا الحبلَ والدلو بالقرب من البئر، لم يكُنْ أيٌّ من القرويين مستعداً لتصديقهما، باستثناء شخصٍ واحدٍ يُدعى "كريم" (Kareem)، والذي كان الرجل الأكبر سنَّاً والأكثر حكمةً في القرية والذي يعلم الجميع أنَّه لم يكُنْ ليكذب أبداً؛ لذا فقد سأله القرويُّون عن كيفية خروج "رافي" من البئر، مما دفعَه للضحك بهدوء وصوتٍ منخفض قائلاً: "لقد شرحا ذلك ووضَّحاه لنا بنفسيهما، فقد ربط "عمار" الحبل حول الدلو وأنزله إلى أسفل البئر وأخرج صديقه منه"، وقد توقف لبُرهةٍ ثمَّ تابع حديثَه قائلاً: "ولكنَّ السؤال الهام الذي يجب أن نسأله هو: لِمَ استطاع صبيٌّ في الثامنة من عمره أن يُخرج صديقه الذي يبلغ من العمر 12 سنة من بئرٍ بعمق 15 متراً، بدلاً من التساؤل عن كيفية فعله لذلك.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

لقد تمكَّن "عمار" من سحب "رافي" وإخراجه من البئر بسبب عدم وجود أحدٍ بجانب "عمار" يخبره بأنَّه لا يستطيع فعل ذلك، وحتَّى أنَّه لم يفكرْ في قرارة نفسه بعجزه عن ذلك، بل كان وحيداً وكلُّ ما يدور في ذهنه ويشغل باله هو إنقاذ صديقه المُصاب.

نحن نستهين في مُعظَم الأوقات بكفاءتنا وقدراتنا ونقلِّل من أهميتها؛ وذلك لأنَّنا نستمعُ لأصوات الناس من حولنا أكثر من استماعنا لصوتنا الداخلي ونمتلك ثقةً أكبر بتفكير الآخرين أكثر من إيماننا بأنفسنا وقدراتنا؛ ولكن في اليوم الذي نبدأ فيه بالاستماع لصوتنا الداخلي والإيمان بأنفسنا بصدق، سيُصبح كل شيءٍ في هذا العالم قابلاً للتحقيق بالنسبة إلينا".

ما ينبغي فعلُه:

عليك أن تحطِّم جدارَين زائفَين في حياتك إن أردتَ تحقيق إنجازٍ عظيم فيها؛ الجدار الأول مصنوعٌ من أصوات الناس المُحبِطة والمثبِّطة والسلبية من حولك، بينما ينجم الجدار الثاني عن صوتك الداخلي والذي تمَّ بناؤه من خلال تصديقك لتشكيك الآخرين وعدم إيمانهم بك والنظر إليه بوصفه حقيقةً في حياتك؛ وفي اللحظة التي تتمكن فيها من تحطيم هذين الجدارين وكسرهما، ستتحول إلى شخصٍ لا يمكن هزيمتُه أو إيقافه، وينظر لأي إنجاز أو هدف في هذا العالم على أنَّه قابل للتحقيق.

إقرأ أيضاً: 9 خطوات لتكون حازماً في اتخاذ القرارات

في الختام:

لا بدَّ أنَّك قد مررتَ بتجربةٍ أو موقفٍ ما وجدتَ فيه مجموعةً من الناس تُحبِطك وتُقنعك بأنَّ الهدف الذي ترغب في تحقيقه مستحيل الإنجاز بمُجرَّد تفكيرك حتَّى بالبدء بتنفيذه، ولا بدَّ أنَّهم استغربوا من قرارك واستنكروا حتَّى تخيُّلك لتحقيق ذلك الهدف خاصة إن لم يكن أحد غيرك قد حقَّقه؛ لذا عليك أن تتصرَّف في هذه الحياة مثلَ "عمار" تماماً والذي تفوَّق عزمُه وإصراره لإنقاذ صديقه على كلِّ الاحتمالات الأخرى والأصوات الخارجية التي كانت تخبره بأنَّه لا يستطيع إنقاذه.

ثم عليك أن تؤمن بنفسك بصدق، وتتجنبَ وضعَ قيودٍ لقدراتك دون أن تحاول جاهداً وتقدِّم كلَّ ما باستطاعتك، وستتحول لشخصٍ لا يمكن هزيمته أو إيقافه في اليوم الذي تتَّبع فيه هذه النصائح.




مقالات مرتبطة