التخلص من التسويف المزمن وتحقيق النجاح في الحياة

معظم الناس قادرون على إيجاد وقت لفعل الأشياء التي يريدونها، بينما يأخذون وقتاً طويلاً لفعل الأشياء الهامة وغير المفضلة بالنسبة إليهم، التي تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة في أسرع وقت بحجَّة الانشغال وضيق الوقت.



التسويف المتقطع والمزمن:

التسويف المتقطع هو حالة طبيعية وموجودة لدى معظم الناس، ومن الأمثلة عنه تأجيل دفع الفواتير حتى آخر مهلة، أو تأجيل أعمال التنظيف، أو الصيانة في المنزل، وأما التسويف المزمن فهو شائع عند 20% من الناس، ويحدث عند تأجيل القرارات الهامة في الحياة، أو تأجيل القيام بأشياء ضرورية لتحقيق تقدم في الحياة، وهذا يتسبب بضياع كثير من الفرص الهامة في الحياة على الصعيدين الشخصي والمهني.

التسويف المزمن هو أسلوب حياة

إنَّ سلوك الشخص لفترة طويلة هو ما يحدد نمط حياته، فالمماطلون عموماً يفتقرون إلى حس المبادرة، وعادة ما يقومون بتأجيل القرارات الهامة باستمرار؛ وذلك بسبب شعورهم الدائم بالخوف وعدم الأمان، إلى أن يقوم أحد ما باتخاذها نيابة عنهم، أو بحسب ما تفرضه الظروف عليهم، وبعد التخلص من هذا العبء يشعرون بالراحة.

أسباب التسويف:

توجد 4 أسباب تقليدية للتسويف، وهي:

1. الخوف من الفشل:

عادة ما يدفع الخوف والرفض الشديد للفشل الأشخاص إلى الانشغال بمهام بسيطة لتبرير عدم اتخاذهم للقرارات الكبيرة وتنفيذها، وهذا يعطيهم شعوراً بالأمان، ولكنَّه أيضاً يعد تضحية بحياة فاعلة ومُرضية كان يمكن أن تتحقق لولا التسويف.

2. الإصرار على الكمال:

إنجاز عمل ما بشكل جيد أفضل من الانتظار لإنجازه بشكل مثالي؛ لأنَّك كلما بحثت وجدت خيارات أفضل وأجمل، وعندما تنتظر الأفضل لتفعل شيئاً ما، فلن تنجز شيئاً.

3. العناد:

إنَّ النشأة في بيئة قاسية قمعية، تغذِّي عند الشخص طبع العناد، فيصبح تفكيره وتصرفاته عبارة عن تحدٍّ للآخرين؛ فيرى أنَّه لا يحق لأحد أن يملي عليه أو يخبره ما يجب فعله، ولكنَّ هذا السلوك لن يضر إلا صاحبه.

4. دافع الخطر أو الضغط:

من الجيد أن تعمل وتتخذ قرارات بشكل أفضل تحت الضغط، ولكنَّ الجانب السلبي لهذا هو احتمالية تدخُّل أحد واتخاذه القرار نيابة عنك، بحيث تصبح مجبراً على التعايش معه.

شاهد بالفيديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت

علاج التردد والتسويف المزمن:

توجد إجراءات يومية عملية تساعد على التخفيف من حدة الأمر، وإجراءات أخرى أكثر فاعلية على الأمد الطويل، ففي حال كنت تعاني من التسويف المزمن، فأنت بحاجة إلى القيام بالأمرين معاً؛ وذلك للاستفادة من الفوائد المؤقتة وعلاج الحالة بشكل دائم.

1. إجراءات قصيرة الأمد:

توجد إجراءات يمكن القيام بها بشكل مباشر للتقليل من التسويف والتردد، مثل:

اتباع أسلوب الإلحاح والإزعاج:

على سبيل المثال، إذا حصلت على ترقية في العمل وأُعطيت مهلة لاتخاذ قرار بالانتقال إلى مدينة أخرى ووجدت أنَّك تتهرب من اتخاذ القرار بسبب الخوف من المجهول واقتراب انتهاء المهلة، فابدأ بوضع ملاحظات ورقية تذكِّرك بالأمر في جميع أنحاء المنزل، ولتكن تذكيراً بخطوات هامة يجب القيام بها تساعدك على اتخاذ القرار، مثل الاستفسار عن الوضع في المدينة الجديدة ومعرفة مزيد من الأمور عنها، وتحديد سلبيات وإيجابيات هذه الخطوة، فإنَّ كثرة التعرض لهذه المنبهات ستكون مزعجة وستدفعك إلى اتخاذ القرار المؤجل.

التفكير في المهام البديلة الأصعب:

على سبيل المثال، إن كان عليك تجهيز وكتابة تقرير هام، ولكنَّك تؤجل البدء به بسبب قلقك من عدم إتمامه على أكمل وجه، أو من اكتشاف الآخرين عيوباً فيه، فما هو البديل؟

لديك كثير من المهام الأكثر صعوبة، مثل تنظيف مرآب المنزل، ولا شك أنَّ كتابة التقرير أسهل، فكل ما عليك هو أن تبدأ بفعل أفضل ما بوسعك، وتذكَّر أنَّ وقتك محدود، وإنجاز عمل ما بشكل جيد أفضل من الانتظار لإنجازه بشكل مثالي.

تقسيم المهمة الكبيرة لمهام عدة صغيرة:

على سبيل المثال، تنظيف المنزل عنوان عام لمهمة كبيرة، فبإمكانك كتابة قائمة من المهام الصغيرة بدلاً منه، مثل مسح الغبار، وتنظيف أرضية المطبخ، وتنظيف الحمام، وعند الانتهاء من مهمة ما يمكنك شطبها من القائمة، فذلك سيعطيك شعوراً بالراحة والإنجاز، وسيحفزك لإنجاز المهام المتبقية.

2. العلاج الدائم طويل الأمد:

تغيير خطة العمل:

لدينا جميعاً عقلان؛ العقل الواعي والعقل الباطن؛ إذ يستند العقل الواعي إلى الوقائع اليومية، بينما يرتكز العقل الباطن على التجارب والأفكار التي مررنا بها خلال حياتنا؛ لذلك إذا كنا نعتقد أنَّنا لا نستطيع تكوين ثروة أو النجاح على المستوى الشخصي والمهني، عندها سيمنعنا العقل الباطن من استثمار الفرص المتاحة لتحسين هذه الجوانب من حياتنا؛ إذ يمكن أن يجبرنا على التوقف أو التأجيل أو اتخاذ قرارات خاطئة تبعدنا عن تحقيق ما نريده.

على سبيل المثال، إذا كنت تعاني من السمنة، فسيقوم العقل الباطن بإقناعك بأنَّ هذه حالة شائعة في عائلتك ويجب أن تتقبلها وتتأقلم معها، بدلاً من اتباع حمية غذائية أو الالتزام بالتمرينات الرياضية.

إقرأ أيضاً: القدرة على إدارة التغيير في عملك

تغيير الأفكار المسبقة في العقل الباطن مهمة صعبة وطويلة الأمد:

من الضروري تغيير الأفكار الواعية واستبدال الضارة منها بأفكار جيدة ومفيدة؛ وذلك لأنَّها تؤثر في العقل الباطن، فابدأ بوضع قائمة بالأشياء التي تنوي إنجازها واقرأها بصوت مسموع وبقناعة تامة مرتين يومياً على الأقل، وابدأ بالقيام بما يجب فعله واتخاذ كل القرارات المؤجلة، وعندما تنجح بإنجاز ما، أضفه إلى هذه القائمة وأعد قراءتها بصوت مسموع.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لتغيير عاداتك السيئة

في الختام:

التسويف يدمِّر الأحلام والفرص، فلا تقف في مكانك؛ بل ابدأ بالسعي نحو أهدافك بخطوات حقيقية وفاعلة.




مقالات مرتبطة