التخطيط لحياتك قد يؤدي إلى الفشل

غالباً ما يؤدي التخطيط إلى الفشل، وليس ذلك الفشل الذي تفكر فيه؛ بل ذلك التخطيط التقليدي الذي يقلل من قيمة اللحظة الحالية من خلال جذبك إلى التفكير في المستقبل أو دفعك إلى التفكير في الماضي.



لماذا اللحظة الحالية هامة؟ تبدو كأنَّها كلمة طنانة سريعة الزوال يحاول خبراء الأعمال وخبراء التأمل استخدامها، وليس شيئاً يجب أن يدخل في صميم تخطيط أهدافك المستقبلية، وإلى حد ما هذا الأمر صحيح؛ إذ أصبحت "اللحظة الحالية" عبارة شائعة في القرن الواحد والعشرين، ولكنَّ هذا لا يجعل الأمر أقل أهمية.

اللحظة الحالية هي حيث تجد سعادتك:

إنَّ التقليل من قيمة اللحظة الحالية يقلل من قيمة حياتك؛ إذ إنَّ تقليل تركيزك في "الآن" يقلل من سعادتك ورضاك عموماً، وقد لا تصدق ذلك لكن فكر في الأمر: كل الأفكار التي تسبب المشاعر السلبية مثل التوتر والقلق والخوف، هي أفكار عن مستقبلك، وكل الأفكار التي تسبب المشاعر السلبية مثل الخزي والذنب والغضب هي أفكار مرتبطة بالماضي.

يُذكِّرنا الكاتب "إيكهارت تول" (Eckhart Tolle)، لا توجد مشاعر سلبية في الوقت الحاضر ولا يوجد أي خطب، وكل ما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ أو أنَّه حدث بشكل خاطئ يحدث في المستقبل أو في الماضي؛ إذ إنَّ كل شيء في الوقت الحاضر يتعلق بالحاضر فقط، ولا توجد طريقة أفضل لوصفه.

كلما ركزت تفكيرك في الوقت الحاضر وقللت من التفكير في الأمور الأُخرى، كنتَ أكثر سعادة، وهذا الأمر مدعوم بدراسة أجراها رجل الأعمال "دان جيلبرت" (Dan Gilbert) عن السعادة.

لكنَّ المشكلة هي أنَّه عندما تخطط، فإنَّك تُخرِج نفسك بشكل طبيعي من الحاضر وتركز في الاهتمام بالمستقبل، ثم عندما تفشل في خطتك، فإنَّك تحكم على نفسك حكماً سلبياً من خلال نتائج ماضيك؛ ويؤدي هذا الأمر إلى فشل التخطيط؛ فمن المفترض أن يجعلك تحقيق هدفك أكثر سعادة، ومع ذلك، فإنَّ السعي المخطط له إلى تحقيق الهدف، يقلل من قيمة سعادتك.

أنت تعلم أنَّ الخطط والأهداف هامة للغاية، لكن من الهام أيضاً حب اللحظة الحالية، إذاً كيف يمكننا التخطيط للمستقبل والبقاء راسخين في الوقت الحاضر؟ حسناً يمكننا القيام بذلك من خلال التخطيط بالطبع.

شاهد: أهم 9 أمور في الحياة للإنجاز والسعادة

1. التخطيط:

إنَّ كل الأهداف تتطلب وضع خطة لتحقيقها، فلا توجد طريقة لتجاوز هذا الأمر، وفي هذه المرحلة، لا بأس بالإسهاب في الحديث عن التركيز في المستقبل والماضي؛ إذ إنَّك ستحتاج إلى ذلك لفهم كيف تبدو حياتك المثالية والأهداف المطلوبة لتحقيقها، وكما ترى، فإنَّ العيش في الحاضر لا يعني

تجاهل الماضي أو المستقبل؛ بل يعني استخدام الماضي والمستقبل كأدوات لتعزيز الحاضر؛ لذا مهما كانت رؤيتك النهائية، ركز فيها بحزم ثم ابدأ بطريقة عكسية من تلك اللحظة المستقبلية إلى اليوم.

ما هي الخطوات الفصلية والشهرية والأسبوعية واليومية اللازمة للوصول إلى هناك؟ ضع جدولاً زمنياً "ذهنياً وعلى الورق"؛ يحتوي على كل الإنجازات الضرورية؛ إذ إنَّه لا يهم إن كانت هذه الإنجازات صغيرة أم كبيرة؛ فإنَّ الانتصارات الصغيرة سوف تتضاعف كي تصبح انتصارات أكبر.

الآن، بعد أن نظرت إلى خطتك من الهدف النهائي إلى اللحظة الحالية، انظر إليها مرة أخرى من اليوم إلى الهدف النهائي، ثم عد مرة أخرى، فهل ستؤدي جهودك اليومية إلى أهداف أسبوعية؟ وهل ستؤدي هذه الأهداف الأسبوعية إلى إنجازات شهرية؟ وهل ستؤدي هذه النتائج الشهرية إلى انتصارات ربع سنوية وفي النهاية إلى تحقيق هدفك النهائي؟ إذا كان الأمر كذلك، فلديك خطة جيدة على الورق.

2. التنفيذ:

بعد أن تصبح الخطة جيدة بما يكفي، فقد حان وقت تنفيذها؛ وتذكر أنَّها لن تكون خطة مثالية ولكنَّها ستكون قابلة للتنفيذ؛ فالخطة الجيدة التي تُنفَّذ اليوم أفضل من الخطة الرائعة التي ستُنفَّذ غداً.

الشيء الجميل هو أنَّه نظراً لأنَّك تخيلت كيف تبدو حياتك المثالية، ووضعت مجموعة من الأهداف الأكبر المتعلقة بتلك الرؤية، ثم قسمت خطتك إلى أهداف يومية قابلة للتنفيذ، فإنَّ تنفيذ خطتك لا يُخرجك من اللحظة الحالية؛ فبدلاً من القلق بشأن هدف بعيد المنال، يمكنك التركيز في الجهد اليومي المطلوب للوصول إليه، ويمكنك الاستمتاع باللحظة لأنَّك تعلم أنَّها تقربك خطوة واحدة من حياتك المثالية.

إنَّ الجانب السلبي للتطلعات السامية هو أنَّ حياتك الحالية لا ترقى إلى مستوى رؤيتك المستقبلية، لكن إذا كانت لديك خطة دقيقة تأخذك إلى التقدُّم التدريجي اليومي، فإنَّها تساعدك على الحفاظ على الرضى في الوقت الحالي في أثناء السعي بقوة من أجل المستقبل.

إقرأ أيضاً: 4 قواعد لتوفير المرونة في العمل دون فقدان المساءلة

3. المرونة:

كما هو الحال بالنسبة إلى معظم الخطط، فمن المحتمل أن تفشل خطتك، أو إذا لم يكن الأمر كذلك، فستخرج بالتأكيد عن طريقك من خلال حدث أو آخر يغير حياتك، وبعد ذلك، نظراً لأنَّ تنفيذ خطتك ضروري لاختبار الافتراضات التي قمت بها في أثناء مرحلة التخطيط الورقي، فإنَّ الاضطرار إلى تعديل المسار وتغييره هو في الواقع جزء من الخطة.

تبدو جميع الافتراضات صحيحة عندما تخطط لها في رأسك، ويبدو أنَّ جميع أهداف الحياة سهلة التحقيق بشكل منهجي، بالتأكيد تقول: سأفعل كذا، ثم سيحدث كذا، وبعد ذلك سوف تحصل على نتيجة كذا، لكن ربما لن يتحقق هذا بالطريقة التي رسمتها، وهنا تبرز أهمية المرونة؛ إذ إنَّ مرونة خطتك هي التي ستساعدك على البقاء في المسار الصحيح عندما يحدث شيء غير متوقع، وبهذه الطريقة، من الحكمة أيضاً استخدام الماضي والمستقبل كأدوات للحاضر.

تحقَّق من مسارك من خلال النظر إلى المستقبل، وتحقَّق من افتراضاتك من خلال الخبرات والبيانات التي جمعتها من أفعالك السابقة، ومن "ما الذي نجح وما الذي لم ينجح؟".

عدِّل خطتك وفقاً لذلك؛ فمن أكبر الأجزاء إلى أدق التفاصيل، وتأكد من أنَّ كل خطوة يومية ما تزال تدفعك نحو حياتك المثالية، والآن يبدو دائماً أنَّ الجداول الزمنية والخطط تستغرق وقتاً أطول من المتوقع، لكن لا تُعَدُّ الخطة طويلة الأمد سبباً للاستسلام أو الفشل؛ بل كن صادقاً أيضاً مع نفسك، ولا شيء يستحق أن تفعله إذا لم يوصلك إلى وجهتك، فالسعادة تأتي من التقدم اليومي نحو هدفك.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات سهلة للحصول على السعادة الأبدية

4. السعادة:

عدِّل خطتك بسرعة وجدِّد تصرفاتك اليومية إذا لزم الأمر، ثم أعِد التركيز في تلك الإجراءات اليومية؛ فكُن سعيداً ومدركاً أنَّ الجهود التي تبذلها يومياً تقربك أكثر من حياتك المثالية؛ وبمعنى آخر، أليست الحياة المثالية هي السعي إلى شيء تحبه؟

المصدر




مقالات مرتبطة