الاعتماد على النتيجة يؤدي إلى الفشل

يقول الروائي الاسكتلندي "روبرت لويس ستيفنسن" (Robert Louis Stevenson): "لا تحكم على كل يوم من خلال ما تجنيه من حصاد؛ بل من خلال ما تزرعه من بذور". تلك مشكلة كل الأشخاص الموجهين نحو الهدف، كما أنَّها من أصعب الأمور التي يجب موازنتها عند السعي وراء تحقيق الرؤية المثالية لحياتك.



الاعتماد على النتيجة:

ما هو الاعتماد على النتيجة؟ إنَّها حالة ذهنية تحدث عندما يركز شخص ما على تحقيق هدف بحيث يكون تحقيق هذا الهدف بنجاح هو كل ما يهم، وعملية الوصول إلى ذلك الهدف هي مجرد عنصر ضروري في تحقيق النتيجة المرجوة؛ وهذا يعني أنَّه إذا لم تُحقِّق الهدف، فكل شيء يصبح هباءً.

يتجلى الاعتماد على النتيجة في شكل تخوف وقلق من أنَّ الهدف لن يتحقق بالطريقة المخطط لها؛ وهذا يؤدي إلى حالة الخوف من الفشل، فهو يسرق الشخص من اللحظة الحالية ويجبره على أن يعيش حالة القلق والخوف من المستقبل، ولأنَّ المستقبل - بحكم تعريفه - غير محدود في نتائجه المحتملة، فمن الطبيعي أن يقلق الشخص الذي يعتمد على النتيجة بشأن مستقبل قد لا يكون موجوداً على الإطلاق.

فكر في حياتك: ما هي أهدافك؟ وكيف تخطط لتحقيقها؟ وهل تستمتع بعملية الوصول إليها، أم أنَّك قلق بشأن احتمال عدم النجاح؟

إذا كنت قلقاً بشأن المستقبل وخائفاً من الفشل، فمن المحتمل أنَّك تعتمد على النتيجة، وإذا كنت تولي أهمية للنتائج المحتملة لهدفك، فقد أصبح اعتمادك على النتيجة اعتماداً على الفشل؛ إذ تعتمد سعادتك أو تعاستك بشكل مباشر على مقدار الفشل - أو النجاح - الذي تضعه على عاتقك.

إقرأ أيضاً: 10 دروس يمكن أن نتعلمها من الفشل

إدارة الشعور بالفشل بشكل إيجابي:

لاحظ كيف أنَّ الفشل الذي قد تشعر به أو لا هو مجرد شعور، وهو الذي تجبر نفسك على اختباره بشكل مباشر، فالفشل ليس شخصاً أو حتى حدثاً؛ بل وجهة نظر يمكن التحكم بها وإدارتها، ومع ذلك، من المستحيل إدارة الشعور بالفشل بشكل إيجابي إذا كنت تعتمد على النتيجة.

هذا يعود لسببين:

  1. إذا كنت تعمل بجد نحو تحقيق هدفك ولكنَّك لم تحققه، فإنَّ اعتمادك على النتيجة سيجبرك على النظر إلى نفسك على أنَّك فاشل، ولا يهم مقدار ما تطورت أو تعلمته خلال هذه العملية؛ بل كل ما يهمك هو أنَّ النتيجة لم تكن تلك التي ترجوها.
  2. حتى لو حققت هدفك، فيوجد احتمال بأنَّ النتيجة لن تكون كما تخيلتها؛ فلا يمكن التنبؤ بالمستقبل، وحتى تحقيق هدفك بنجاح قد يؤدي إلى نتائج مختلفة عما كنت تتصوره.

لذلك، إذا كنت تعتمد على النتيجة، فمن المحتمل أنَّك أعددت نفسك للفشل، لكن إذا كان من الممكن السيطرة على الفشل - أو على الأقل الشعور بالفشل - فلماذا إذن يُجهِّز شخص ما نفسه عن عمد للفشل؟ ولماذا يستمر في اعتماده على النتيجة؟

الاستقلال عن النتيجة:

علينا فصل أنفسنا عن النتائج، وتنمية الشعور بالاستقلال عنها؛ إذ يتجلى الاستقلال عن النتيجة في التمتع الحقيقي برحلة الوصول إلى الهدف؛ فلديك أهداف، وتعمل بجد لتحقيقها، لكنَّك تدرك أنَّ القيمة النهائية تُكتسَب من النمو المتزايد والتعلم خلال سعيك إلى تحقيق أهدافك، وتكون الأهداف هامة بالنسبة إليك فقط لأنَّها تجبرك على زيادة إمكاناتك وتطورك.

لذا في حين أنَّ الاعتماد على النتيجة يسبب مشاعر سلبية مثل الخوف والقلق، فإنَّ الاستقلال عنها يمنحك مشاعر معاكسة تماماً من الهدوء والسعادة، فهي نتاج التركيز على الرحلة وليس على النتيجة النهائية؛ لأنَّ جميع الرحلات التي تستحق الخوض لا تحتوي أبداً على سلبيات؛ بل فقط فرص وتجارب جديدة.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل

لماذا يجب الاستقلال عن النتيجة؟

على الرغم أنَّه من السهل التأكيد على مبادئ وفوائد الاستقلال عن النتائج، إلا أنَّ الاستقلال عنها في الواقع أصعب بكثير، فلدينا جميعاً أهداف نبيلة، ونرغب في تحقيقها، ولدينا رؤية واضحة جداً لحياتنا المثالية، ومن أجل جعل هذه الرؤية حقيقة واقعة، نحتاج إلى تلبية أهدافنا وتجاوزها.

إذا كنت ترغب في أن تكون رائد أعمالٍ ناجحاً أو منتجاً موسيقياً أو زوجاً محباً أو أي شيء آخر، فتوجد أهداف محددة يجب تحقيقها حتى تتمكن من عيش الحياة التي تريدها، فإذا كانت رؤية حياتك جديرة بالاهتمام، فستبقى الرغبة في تحقيقها حاضرة دائماً، وأهدافنا إذاً هامة للغاية لدرجة أنَّنا قد نعتمد عليها، فهي نقطة حساسة، لكن يجب أن يكون لدينا تركيز على الهدف النهائي، كما يجب تقييم النجاح من خلال الشخص الذي نصبح عليه وليس الأهداف التي نحققها.

فإذا كنت رائد أعمالٍ طموحاً - على سبيل المثال - فقد يكون هدفك أن تبدأ نشاطاً تجارياً بملايين الدولارات؛ لذلك، عليك أن تدَّخر لمشروعك الشخصي، وتبدأ ببناء مشروع تجاري كعمل جانبي، وعندما تصبح جاهزاً، تستقيل من وظيفتك، لكن سرعان ما ستدرك أنَّ مخططك ذاك لن يسير كما هو متوقع، وقد تعيش على مدخراتك لفترة أطول قليلاً من المتوقع، وستدرك أيضاً أنَّك بحاجة إلى نصيحة من أشخاص ناجحين في مجال عملك؛ لذا تبدأ بالتواصل مع المينتورز والأقران، وكل ذلك في أثناء العمل على مشروعك.

ربما تكون دورة مبيعاتك بطيئة، لكنَّك تبدأ بشكل منهجي باكتساب قوة، وتصادق رواد أعمال ملهمين، وتثبت حضورك في الأوساط الاجتماعية لريادة الأعمال، ثم تعيد استثمار أرباحك في الأعمال التجارية وتسافر عبر العالم للتواصل مع أصحاب المصلحة والمؤثرين.

بعد بضع سنوات من التحديات الصعبة، تدرك أنَّ مشروعك لن يتحول إلى تلك المؤسسة التي تنتج ملايين الدولارات التي شرعت في إنشائها؛ بل ينتهي بها الأمر كنشاط تجاري يُنتِج ما يقرب من 100 ألف دولار من الأرباح السنوية ويمنحك القدرة على العيش والعمل في أي مكان تريده.

فإذا كنت شخصاً معتمداً على النتائج، فستَعُدُّ مشروعك هذا فشلاً، وتكون تلك نهاية القصة، أما إذا كنت شخصاً مستقلاً عن النتيجة، فستكون رحلتك نجاحاً مطلقاً، فقد قابلتَ أشخاصاً جدد ومثيرين للاهتمام، وسافرت حول العالم، وفي النهاية واجهت مخاوفك، واغتنمت الفرصة وبدأت نشاطاً تجارياً ناجحاً وفقاً لمعايير العديد من الأشخاص، فنموِّك من خلال تجاربك هو ما تركز عليه.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للتغلب على الخوف من الفشل

في الختام:

إنَّ فائدة أن تكون مستقلاً عن النتائج واضحة، لكنَّ الحديث عن هذا السلوك أسهل بكثير من تطبيقه، ومع ذلك، فالأمر الأكثر أهمية هو أنَّه بصرف النظر عما تختاره، من الهام أن تضع أهدافاً ثم تسعى إلى تحقيقها بنشاط، والحل هو - في أثناء السعي وراء أهدافك وبناء حياتك بفاعلية - أن تدرك بأنَّ النتيجة ليست الأهداف التي تحققها؛ بل الشخص الذي تصبح عليه نتيجةً للسعي خلف تلك الأهداف.

المصدر




مقالات مرتبطة