الابتكار في العمل الحكومي وتنافسية العصر

يجد المتأمل في واقع العمل الحكومي اليوم حاجة ماسَّة إلى ترسيخ ثقافة تلبي المتطلبات الجديدة للعصر، ومن أهم هذه المتطلبات هي ثقافة الابتكار في العمل الحكومي التي تتماشى في نفس الوقت مع الحياة المتسارعة التي تعيشها المجتمعات في بيئة متسارعة النمو التكنولوجي، وهنا تبرز حاجة المؤسسات إلى إيجاد منظومات عمل تعمل بفكر مختلف، وتركز على الابتكار والإبداع للوصول إلى حلول وآليات حديثة وملائمة للتحديات.



إذا أردنا أن نعرِّف الابتكار فنجده عملية إنشاء قيمة، من خلال تطبيق حلول جديدة لمشكلاتٍ ذات معنى، كما يشمل تطبيق حلولٍ أفضل تفي بالمتطلبات الجديدة أو الحاجات الحالية للسوق والأفراد، فالابتكار هو مزيجٌ من الخيال والاختراع والإبداع والتغيير الذي يُنشئ بعداً جديداً للأداء؛ وهو الاستثمار الناجح للأفكار الجديدة.

كما تتم عملية الابتكار من خلال توفير منتجات وعمليات وخدمات وتقنيات أو نماذج أعمال جديدة وأكثر فاعليّة، وهنا يأتي سؤال: "ما هي مكونات الابتكار؟"، وللإجابة عن هذا السؤال، لا بد من الوقوف على أبعاد الابتكار؛ إذ يشمل الابتكار بُعدين أساسيين، وهما:

البعد الأول: مقدار الجديد الذي يقدِّمه.

البعد الثاني: القيمة التي يضيفها في حل المشكلات.

يعمل على اكتشاف علاقاتٍ جديدة تربط بين الكيانات المختلفة، ومن ثم توظيف هذه العلاقات الجديدة لتحقيق الأهداف، وتصميم وتقديم عمليات وخدمات مبتكَرة لحلِّ مشكلةٍ ما، أو بتطوير ممارساتٍ ما، فالابتكار هو رأس مال المستقبل؛ إذ تطمح الهيئة إلى ترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي، وذلك بطرح مبادرات استراتيجية تخدم الابتكار وتعزّز مفاهيمه.

للرجوع إلى مكونات الابتكار، نجد:

  1. تكوين منتج جديد.
  2. دمج تكوينات قديمة في صورة جديدة.
  3. تكوين تركيبات وعمليات جديدة.

مبادرات تدعم عملية الابتكار:

لترسيخ الابتكار في العمل الحكومي، ينبغي العمل على تعزيز مبادرات تدعم عملية الابتكار، وتهدف هذه المبادرات إلى:

  1. استحداث أطر تنظيمية للابتكار واستشراف المستقبل وقيادة الاستدامة.
  2. دعم بيئة الابتكار ببيئةٍ تكنلوجيّة وبنيةٍ داعمة.
  3. حثُّ الموظفين على استخدام أدوات الابتكار.
  4. إطلاق مبادراتٍ مبتكَرة على مستوى الوزارة والإدارة والأقسام.

تبرز الحاجة إلى تعزيز هذه المبادرات لأسباب، منها تنافسية العصر واحتدام تلك المنافسة، إضافة إلى تسارعية التطور الذي يفرض على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية مواكبة هذا التطور بمختلف أشكاله وألوانه، وأيضاً نجد أنَّ الحاجة إلى تلبية رغبات أصحاب المصلحة هي من المحفزات لترسيخ ثقافة الابتكار وإنشائها.

شاهد بالفيديو: تعزيز الإبداع والابتكار في فريق عملك

منها تحدَّث كثير من الناس عن أهمية التميز الابتكاري الذي يركز على عناصر أساسية، منها:

  1. الاستراتيجية.
  2. القيادة.
  3. تقنيات التسويق.
  4. السياسة.
  5. الشبكة التعاونية.
  6. التطلعات.
  7. تجربة المستخدم.
  8. التواصل.
  9. تصميم الخدمات.

ينشأ هذا التميز من خلال توجهات متأصلة لدى المؤسسات في الابتكار، ومنها:

أولاً: توجهات الابتكار

1. الابتكار الجذري:

رغبةٌ عارمة في التغيير تجتاح المنشأة بأكملها.

2. الابتكار المجتمعي:

الاستعانة بالمجتمع بوصفه مصدراً للأفكار وجمعها.

3. الآفاق والتجارب:

يساعد الاطّلاع على الأعمال التجارية الناجحة حول العالم المنشأة على بناء قيمتها الخاصة.

4. العمل التشاركي:

بناء تحالف استراتيجي مع الشركاء للعمل على مشروعات مشتركة.

5. بناء منظومة عمل متكاملة:

يساعد بناء منظومة عمل متكاملة على إدارة المنشأة من منظورٍ شامل يوفِّر أدوات تحدِّد أصحاب العلاقة بطريقة أكثر تشاركية.

6. تقنيات التسويق:

وسائل الإعلام العامة ليس لها فائدة، فما يميز تقنيات التسويق هو تعاملها مع مجموعاتٍ منتقاة ومحدَّدة من المستخدمين، وفي حالة معينة، وباستخدام محتوى عالي التفاعلية.

7. التطوير بالاستعانة بالمجتمع:

تستعين بعض المنشآت بالجمهور من أجل المشاركة في إيجاد حلول مع مجتمعات محددة.

8. الابتكار في مجال البيانات:

المعلومات موجودة في كل مكان، وهذا يتيح استخدامها لإنشاء القيمة.

9. تلقي مقترحات الابتكار:

لتسريع استجابة العملاء بواسطة توقُّع الاحتياجات.

10. المعلومات البصرية:

هي هامة جداً، ولا سيما في عصر أحقية الجميع في الحصول على المعلومة.

11. ابتكار إجراءات العمل:

ابتكار كيفية سير إجراءات العمل.

12. التغير الثقافي:

إنشاء ثقافة يزدهر فيها الابتكار.

إقرأ أيضاً: ما هي فوائد الابتكار؟

ثانياً: العوامل المؤثرة في الابتكار

يتطلَّب الابتكار التعاون والتفكير والتنفيذ وإنشاء القيمة على مستوى المنظمة ككل، لتشمل:

1. الأداء الاستراتيجي:

تعني بوضوح الاستراتيجية والقيمة التي تمثلها الجهة.

2. أسلوب القيادة:

تؤدي القيادة دوراً هاماً في نجاح عملية الابتكار، وتُعرَّف على أنَّها ممارسات التأثير في العاملين للتعاون في العمل لتحقيق الأهداف.

3. فريق العمل:

توفير البيئة الملائمة لفريق العمل لتقديم الدعم الكامل لثقافة الابتكار.

4. الابتكار في العمليات:

إنَّ النشاطات في العمليات والتخطيط الذكي لها الأثر الكبير في تطوير الأداء التنظيمي، وتحويل الأفكار إلى قيمةٍ كبيرة.

لهذه الأسباب ولغيرها، لا بد من العمل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للابتكار والتميز الحكومي، ولا يأتي هذا إلا من خلال ترسيخ ثقافة الابتكار في العمل المؤسسي، وطرح مبادرات استراتيجية تعمل على تعزيز الابتكار وتحويل مفرداته إلى تطبيقات عملية، لتحقيق جملة من الأهداف، منها:

شاهد بالفديو: 5 طرق لبثّ روح الإبداع لدى الموظفين

ثالثاً: أهداف الابتكار في العمل الحكومي

  1. إيجاد كفاءات حكومية مبتكَرة.
  2. بناء كوادر قيادية تقود عمليات الابتكار في العمل الحكومي.
  3. فاعلية الأداء الحكومي.
  4. كفاءة الجهاز الحكومي.
  5. استدامة العمل بثقافة الابتكار.

بتحقيق هذه الأهداف، يتم جني ثمار ونتائج الابتكار في العمل الحكومي التي تتمثل في:

  1. تعزيز التنافسية.
  2. التناغم الوظيفي.
  3. تمكين الكفاءات.
  4. تعزيز الإنتاجية.
  5. القيادة الفعالة.

أخيراً، يتساءل كثير من الناس ما هي مجالات الابتكار في العمل الحكومي؟ ونُبْرز أهم المجالات التي يجب العمل عليها لتعزيز الابتكار في العمل الحكومي:

إقرأ أيضاً: 4 طرق يطور التدريب على الابتكار من خلالها منظمتك

رابعاً: مجالات الابتكار في العمل الحكومي

1. الابتكار في الخدمات:

العمل على تقديم خدمات مبتكَرة وبطرائق مبتكَرة.

2. الابتكار في العمليات:

العمل على تقديم عمليات إدارية مبتكَرة وأطر تنظيمية لتطوير العمل الحكومي.

3. الابتكار في الأنظمة:

وضع أنظمة مبتكَرة تسهم في مواجهة التحديات وتوفير الحلول المبتكَرة لها.

4. الابتكار في السياسات:

تطوير السياسات بما يضمن توفير بيئة تحفِّز على الابتكار والنمو والتطوير.

في الختام:

بعد أن انتهينا من عرض تعريف الابتكار، وأهمية تعزيز ثقافة الابتكار في العمل الحكومي، إضافة إلى التطرق لدواعي ومجالات وأهداف ونتائج الابتكار في العمل الحكومي، نتحدث في المقال القادم عن نموذج الابتكار في العمل الحكومي، وكيف يتم تطبيقه، وما هي أهمية إعادة هندسة العمليات في عمليات الابتكار، وكل هذا وغيره سنتناوله في المقال القادم.




مقالات مرتبطة