الإجراءات القيادية التي تبعث التفاؤل في العمل

تتميز بيئات العمل اليوم بضعف التفاعل، كما أنَّ إيمان الموظفين بفرق القيادة العليا منخفض جداً، وقد دُمِج وقت العمل مع وقت الحياة الخاصة؛ إذ يعمل الموظفون في وقتهم الخاص بعد انتهاء وقت العمل. ولن يكون من المفاجئ، إذا سألت الموظفين عن شعورهم عن العمل في شركتك أن تكون إجاباتهم مخيبة للآمال؛ فهذا الواقع المؤسف يؤثر سلباً في معدلات دوران القوى العاملة وقدرة الشركة على جذب والعثور على أفضل المواهب والابتكار والأرباح والنمو. ولا يستطيع الناس القيام بعملهم على أكمل وجه عندما يكونون في مناخ وثقافة رديئة في مكان العمل؛ باختصار، تحتاج بيئات العمل إلى تحسين.



بيئة العمل المُثيرة للتفاؤل:

مكان العمل المثير للتفاؤل هو بيئة يأمل فيها الناس ويؤمنون بأنَّ الأشياء الجيدة ستنتج من عملهم الشاق؛ ويحدث ذلك عندما نبحث عما هو مناسب في بيئة العمل وما هو ممكن، ولكنَّنا نميل إلى التركيز جيداً على كل ما هو خطأ في مكان عملنا، ونتغاضى عن الأشياء الجيدة التي تُحدِث فرقاً، وعندما نفعل ذلك، تصعب رؤية التفاؤل في مكان العمل.

إنَّ نظرة الموظفين إلى بيئة العمل هي ما يمنحهم الشعور بالتفاؤل أو التشاؤم؛ إذ توصَّلت كل من شركتي الاستطلاعات "هي غروب" (Hay Group) و"غالوب" (Gallup) إلى النتيجة نفسها عن بيئة العمل: إنَّ أسلوب القائد مسؤول عما يصل إلى 70% من شعور الموظفين تجاه بيئة مكان العمل؛ بمعنى آخر، يعتمد المناخ في بيئة العمل على تصرفات القائد.

تحقيق التفاؤل في مكان العمل:

إذاً، ما الذي يمكن أن يفعله القائد لخلق بيئة مثيرة للتفاؤل؟ إليك قائمة بإجراءات فاعلة لمساعدتك على التأثير الإيجابي في بيئة العمل:

1. الوضوح:

يزيل الوضوح العقبات التي تحول دون تحقيق نتائج رائعة؛ فهناك أربعة مجالات رئيسة للوضوح يجب أن تكون محور أعمالك القيادية، وهي: الأهداف والأولويات والتغذية الراجعة والغرض التنظيمي.

ويجب أن تكون هذه العناصر الأربعة جزءاً من محادثتك المنتظمة - اليومية والأسبوعية والشهرية - مع كل شخص في فريقك، سواء كانت محادثة فردية أم جماعية؛ فدون الوضوح، لا يمكن تحقيق التفاؤل في مكان العمل. إذاً، كيف يمكن أن يشعر الناس بالأمل ويؤمنون بأنَّ الأشياء الجيدة ممكنة إذا لم يعرفوا سبب أهمية عملهم أو ما هو متوقَّع منهم أو ما هو مستوى أدائهم؟

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتحفيز العاملين على العمل

2. تعزيز الترابط:

يشرح عالِم الأعصاب الاجتماعي "ماثيو ليبرمان" (Matthew Lieberman) في كتابه "الاجتماعي: لماذا عقولنا مصمَّمة للتواصل" (Social: Why Our Brains Are Wired to Connect)، أنَّ أدمغتنا مرتبطة بالآخرين، والمذهل في عمل "ليبرمان" هو ملاحظاته التي تجعلنا باستمرار نفهم عالمنا من خلال تقييم علاقاتنا مع الآخرين؛ إذ صُمِّمت أدمغتنا بطريقة التفكير هذه تصميماً طبيعياً؛ فنحن نتوق إلى الترابط.

يتحقق الترابط عندما تكون لدينا علاقات مُرضية ومبنية على الثقة مع الآخرين؛ فنحن نتعاطف معهم بسهولة أكبر، وهذا يساعدنا على بناء علاقات إيجابية؛ إذ استنتج الباحثون أنَّ العلاقات الإيجابية تساعد الناس على إدارة مستويات التوتر إدارة أكثر فاعلية.

يساعدنا الشعور بالارتباط على التعاون والمساهمة في إنشاء مجتمع مترابط؛ إذ تتمثل إحدى الطرائق السهلة لتعزيز الترابط من خلال إجراء اجتماعات مع فريقك بانتظام للتفكير في تقدُّم المجموعة نحو أهدافها، وتساعد هذه المحادثة الأشخاص على التعبير عما ينجح وما لا ينجح في الوقت المناسب؛ فهذه الاجتماعات تؤدي إلى اعتماد بعضنا على بعض.

إقرأ أيضاً: 6 قواعد عامة للتعامل داخل الاجتماعات في العمل

3. تعزيز الهوية الإيجابية:

العمل يشكل هويتك؛ إذ إنَّه يؤثر في شعورك تجاه نفسك، وكيف لا يكون ذلك عندما يقضي معظمنا ثلث حياتنا في العمل؛ والسؤال هو لماذا يجب أن تهتم بالموظفين الذين يطورون هوية إيجابية؟

خلاصة القول إنَّ ذلك من شأنه أن يؤثر في النتائج، ويزيد المشاركة والمعنويات والرضى، كما أنَّه يساعد الموظفين على تحقيق الإنجاز على المستوى المهني والشخصي.

يمكنك التركيز على أربعة مجالات لتعزيز الهوية الإيجابية بين الموظفين، وهي:

إقرأ أيضاً: ما هي الصورة الذاتية، وكيف تغيرها من أجل حياة أكثر سعادة؟

الاستقلالية، والقيم، ونقاط القوة، والغرض الشخصي:

1. كلنا نريد السيطرة على حياتنا وعملنا:

تساعد الاستقلالية على تلبية هذه الحاجة، ويعرِّف الباحثان "ريتشارد رايان" (Richard Ryan) و"إدوارد ديسي" (Edward Deci) الاستقلالية على أنَّها "تعني أن تُحفَّز للعمل بنشاط لتحقيق غاية معنية"؛ فالاستقلالية هي حافز داخلي؛ إذ إنَّها تحفزنا على الرغبة في المساهمة في شيء أكبر من أنفسنا.

2. إنَّ تحديد وتعريف قيمك الشخصية يعززان الوضوح في هويتك وما تمثله:

كما يقول المثل: "إذا كنت لا تعرف ما الذي تمثله، فسوف ترضى بأي شيء".

3. من الشائع تحديد نقاط القوة على أنَّها شيء تجيده:

إنَّ نقاط القوة التي أشير إليها هي تلك النشاطات والمهارات التي تمدُّك بالطاقة، ومن خلال معرفة نقاط قوَّتك، يمكنك مواءمة عملك معها مواءمة هادفة؛ فمن الهام معرفة نقاط قوة موظفيك ومواءمة مهام العمل معها.

المهارات التي تمدُّك بالطاقة

4. الهدف الشخصي هو المفتاح لتعزيز الهوية الإيجابية:

اقضِ وقتاً مع الموظفين لمعرفة ما هي الأمور الهامة بالنسبة إليهم، وساعدهم على اكتشاف نطاق الغرض من عملهم؛ ففي كتابي "مكان العمل المُتفائل" (The Optimistic Workplace)، توجد أسئلة كوتشينغ لمساعدة الموظفين ومساعدتك على اكتشاف هدفك، وإليك القليل منها:

  • ما هي العقبات التي حددت تحديداً إيجابياً أسلوب حياتك؟ وضع في حسبانك الأمثلة حتى لو لم تكن تظن في ذلك الوقت أنَّها إيجابية.
  • ما هي القيم التي تراها في أمثلتك؟
  • هل تسبَّب حدث ما في الحياة في إعادة تقييم ما هو هام بالنسبة إليك؟ وإذا حدث هذا معك، ما الذي تغير بالنسبة إليك؟ وكيف أثر هذا الحدث في هدفك؟

في حين أنَّ الثقافة هي المفتاح لإنشاء مكان عمل جذاب، إلا أنَّها ليست التأثير الوحيد؛ إذ تؤثر بيئة مكان العمل تأثيراً كبيراً في النتائج التنظيمية المرغوبة مثل المشاركة، ويمكن للقادة اليوم تغيير بيئة مكان العمل من خلال التركيز على توفير التفاؤل في مكان العمل؛ فإنَّه جهد تعاوني مع الموظفين يمكن أن يكون مجزياً عندما يختار القادة تنميته.

المصدر.




مقالات مرتبطة