الأمراض النفسية: ما هي، وكيف نتعامل معها؟

لطالما كانت حياة الإنسان بين عسر ويسر، وبين فرح وحزن، فلا توجد حياة مثالية على هذه الأرض أبداً، ولعلَّ أبرز ما يواجهه الإنسان في حياته هو الأمراض التي تصيبه، فيقضي حياته في سبيل التغلب عليها والعمل على الشفاء، ولا بد من الإشارة إلى أنَّ المشكلات الصحية في العصور القديمة كانت تقتصر على الأمراض الجسدية فقط، إلا أنَّ الأمراض النفسية الآن تتصدر المشهد تماماً وتأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام؛ لذلك سنستعرض في هذا المقال مفهوم الأمراض النفسية وأبرز السبل للقضاء عليها.



ما هو مفهوم المرض النفسي؟

المرض النفسي هو مصطلح عام لمجموعة من الأمراض التي قد تشمل الأعراض التي يمكن أن تؤثر في تفكير الشخص أو تصوراته أو مزاجه أو سلوكه، فيمكن أن يجعل المرض النفسي من الصعب على شخص ما التعامل مع العمل والعلاقات الاجتماعية والمتطلبات الأخرى، فالعلاقة بين التوتر والمرض النفسي معقدة جداً، لكن من المعروف أنَّ التوتر يمكن أن يؤدي إلى تفاقم نوبة المرض النفسي، كما يمكن لمعظم الأشخاص إدارة مرضهم النفسي عن طريق الأدوية أو الاستشارة أو كليهما.

ما هي نصائح الحصول على معالجة طبية لعلاج الأمراض النفسية؟

1. حدد موعداً مع طبيبك:

الأمراض النفسية هي في النهاية اضطرابات في الدماغ أو علاقة معقدة بين الدماغ وبيئتك الحالية؛ إذ يمكن للطبيب العام أو طبيب الرعاية الأولية الاستماع للأعراض وتشخيص حالتك ووصف الأدوية المفيدة لك، وقد لا يتمكن طبيبك من تشخيصك تشخيصاً دقيقاً فقد يرغب في إرسالك إلى اختصاصي يمكنه إجراء فحص أكثر شمولاً "مقابلة، استبيانات".

2. احصل على الدواء اللازم:

يمكن أن يحدث المرض النفسي بسبب اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ؛ لذلك قد تكون الأدوية قادرة على تصحيح أو تقليل هذه الاختلالات، فإذا أوصى طبيبك بدواء فاتبع تعليماته عن كثب وبعناية فائقة، وعند بدء تناول دواء جديد فتابع مع طبيبك بانتظام لمناقشة تقدمك أو وجود أيَّة آثار جانبية، وقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً والعديد من المحاولات المختلفة لأدوية مختلفة للعثور على الدواء الذي يناسبك جيداً.

3. ضع في حسبانك العلاج النفسي:

قد تساعد العلاجات مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج السلوكي الجدلي والاستشارة العامة على علاج جميع أنواع الأمراض النفسية، فيمكن أن يعلمك العلاج كيفية إدارة الأعراض والتعامل مع الأيام السيئة وحل المشكلات التي تؤدي إلى تفاقم الأعراض؛ لذلك اسأل طبيبك عن نوع العلاجات التي ستعمل بشكل أفضل في حالتك الخاصة.

إقرأ أيضاً: أشهر الأمراض النفسية: أعراضها وطرق علاجها

البحث عن الدعم لعلاج الأمراض النفسية:

1. تواصل مع الآخرين:

قد يكون الكشف عن مرضك أمراً صعباً للغاية ومزعجاً، لكن إذا كان له دور علاجي فالأمر يستحق ذلك، فاذهب إلى الأشخاص الذين تحبهم وتثق بهم واشرح لهم ما تمر به، فأنت بحاجة إلى الدعم وتستحقه، فقد يفاجؤون في البداية، لكن بمجرد أن يفهموا الموضوع فسوف يُظهرون لك مدى حبهم لك واستعدادهم لمساعدتك.

2. احصل على شخص داعم:

ضع في حسبانك أنَّ الزوج أو الصديق المفضل أو أحد الوالدين أو الأخ الأكبر هو الشخص المناسب لك في أوقات الحاجة؛ إذ سيكون مثل هذا الشخص الداعم الرئيس لك لأنَّه يراك في أسوأ حالاتك، وسيحضنك عندما تشعر بالإحباط وسيمسح دموعك، وإذا كانت لديك أفكار عن الانتحار أو إيذاء النفس فأخبر الشخص الداعم لك؛ إذ يمكنه مساعدتك على معرفة ما عليك فعله بعد ذلك أو مساعدتك على تهدئتك.

3. اقضِ وقتاً مع أحبائك:

سيخبرك جسدك أنَّه يحتاج إلى الراحة وهو ما يحتاج إليه في كثير من الأحيان، ولكنَّ العزلة الكاملة ليست جيدة لك أيضاً، فتأكد من حصولك على وقت للتسكع مع الأشخاص الذين تحبهم حتى لو كان اللقاء بسيطاً الدردشة أو مشاهدة فيلم، وسيساعدك الدعم العاطفي على إدارة مرضك.

4. اعلم أنَّه حتى الأشخاص الذين لم تخبرهم بمرضك يمكنهم دعمك:

ربما يلاحظ معظم الأشخاص من حولك وحتى الأطفال أنَّك تكافح وتعاني، وحتى أولئك الذين لا يعرفون ما تمر به ما زالوا يحبونك ويدعمونك؛ لذلك تواصل معهم جيداً.

ما هو دور الرعاية الذاتية في معالجة المرض النفسي؟

1. جهز نفسك:

يمنحك الأطباء والمعالجون الأدوات التي تحتاجها ومهمتك هي استخدامها؛ إذ يبدأ التعافي بالأمل والتأكد بأنَّ الأمور يمكن أن تتحسن، فقد لخص مركز خدمات الصحة العقلية - وهو قسم من إدارة خدمات إساءة استخدام العقاقير - كيفية بدء التعافي في بيان لهم يقول: "يبدأ التعافي بمرحلة أولية من الوعي يدرك فيها الشخص أنَّ التغيير الإيجابي ممكن".

2. حافظ على توقعات واقعية:

الحياة الأفضل ممكنة ويمكنك أن تجدها، ولكنَّ الأمر سيستغرق وقتاً، وستمر بأيام سيئة وانتكاسات وأيام لا تريد فيها النهوض من السرير، لكن ستتمتع أيضاً بأيام جيدة مليئة بالضحك والأمل؛ إذ تكون ممتناً لكونك على قيد الحياة، وقد يعني التعافي أنَّ مزاجك يصبح أفضل وأنَّه لن ينخفض بالضرورة إلى أدنى مستوى كما كنت عليه من قبل، فعندما تمر بيوم سيئ أو أيام أو أسبوع أو أسابيع أدرك أنَّه مؤقت، فأنت ما زلت في فترة التعافي.

3. قم بتلبية احتياجاتك الجسدية:

يمكن أن يؤدي الضغط الواقع على جسمك إلى تفاقم الضغط الواقع على عقلك، فهذا شيء يمكنك العمل عليه الآن، فاحصل على ثماني إلى عشر ساعات من النوم، واملأ نحو ثلث طبقك بالفواكه والخضروات، وتناول طعاماً كافياً، واحصل على 30 دقيقة من التمرينات يومياً.

المشي لمدة خمس دقائق حول المبنى أفضل من عدم المشي على الإطلاق، فخذ خطوات صغيرة حسب الحاجة، وحتى الأشياء الصغيرة مثل الوقوف في العمل بدلاً من الجلوس يمكن أن تساعدك على أن تكون أكثر نشاطاً، وتناول ثلاث وجبات يومياً حتى لو لم تشعر بالجوع، فالمرض النفسي يمكن أن يعطل الشهية، وبصرف النظر عن وزنك أو ما تقوله معدتك فأنت بحاجة إلى تناول الطعام دائماً.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد

4. اعتنِ بنفسك جيداً:

قد يكون من الصعب تذكُّر القيام بذلك ولكنَّ البقاء نظيفاً وحسن المظهر إلى حدٍّ ما قد يساعدك على الشعور بالتحسن، فاستحم وارتدِ ملابس نظيفة وامسح شعرك وأسنانك، وضع في حسبانك ارتداء قميصك المفضل أو بنطالاً مريحاً، وحاول أن تمنح نفسك يوماً للسباحة في عطلة نهاية الأسبوع، وإذا كنت متعباً جداً من تحضير الطعام فقم بالتنظيف وما إلى ذلك وفكر في مطالبة أحبائك بمساعدتك على تحضير الطعام.

5- احذف المهام المتعبة والأشخاص المجهدين من حياتك:

هل رئيسك يضغط عليك؟ إذا كان الجواب "نعم" فربما حان الوقت لوظيفة جديدة أو قسم جديد من العمل، وهل يجعلك أحد العمال متوتراً ويسبب لك أعراضاً سيئة؟ ربما لم تعد بحاجة إلى التحدث معه في اللقاءات بعد الآن؛ إذ تأتي صحتك أولاً؛ لذا خصص حياتك لتناسب احتياجاتك.

6. امنح نفسك الكثير من الوقت الضائع:

اعمل على ممارسة هواياتك واقضِ الوقت مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالاسترخاء واقرأ الكتب واحتضن أحباءك وافعل أي شيء يساعدك على الشعور بالهدوء.

7. حقِّق تقدُّماً في المهام الصعبة:

حاول تقسيمها إلى أجزاء صغيرة وقم بتوزيعها على فترات في يومك، فيمكن أن يؤدي إنجاز المهام الصعبة إلى تعزيز الثقة بالنفس وتقليل القلق.

8. مارس تمرينات الاسترخاء:

قد يعلمك المعالج الخاص بك تقنيات تساعدك على الهدوء، فحاول أن تباعد بينها خلال يومك أو افعلها كلها في الليل لمساعدتك على النوم، وفيما يأتي بعض الأمثلة عن تقنيات الاسترخاء التي قد تكون مفيدة لك:

إقرأ أيضاً: فوائد التفاؤل على الصحة النفسية والجسدية

9. ابحث عن طرائق للتعبير عن نفسك:

جرب الرسم أو الشعر أو المقالات أو الموسيقى أو الرقص أو التدوين أو غيرها من النشاطات التي تضيف معنى إلى حياتك، فقد ترغب في مشاركة كتاباتك مع مجتمع الأمراض النفسية، كما يمكن أن يساعدك ذلك على التعبير عن مشاعرك وإيجاد طرائق للاسترخاء، وقد يكون التعبير الفني طريقة رائعة للتواصل مع الآخرين الذين عانوا من صعوبات، أو إلهام الناس بالسعادة، أو إيجاد الأمل لنفسك.

10. تعلَّم كيف تتحدث عن مشاعرك:

مشاعرك هامة وتستحق الشرح للناس، وأن تسمع أيضاً أمر هام لصحتك النفسية، فتواصل مع الناس عندما تريد التحدث أو إذا كنت تواجه صعوبة في التأقلم وحدك، ولا بأس في طلب إذن مستمع لمشاعرك وأحاسيسك.

11. اقرأ إشارات جسمك:

من المفيد التعرف إلى علامات يوم صعب بالنسبة إليك أو بداية نوبة نفسية، لذلك عليك أن تعي ما هي الأعراض التي تشير إلى أنَّ الأمور لا تسير على ما يرام؟ وما هي آليات المواجهة التي يمكنك استخدامها لتقليل آثار النوبة؟

12. ابحث عن الأشياء التي تستمتع بها:

ما هو الشيء الأكثر قرباً لك في الحياة؟ ومن تحب؟ وما الذي تحبه؟ وفي أي جزء من اليوم تتطلع إليه؟ فابحث عن اللحظات السعيدة في الحياة وعشها، فلن يكون كل يوم سهلاً، ولكنَّ الأيام الجيدة ستجعل الحياة تستحق العيش.

شاهد بالفيديو: الامراض النفسية: ماهي، وكيف نتعامل معها؟

في الختام:

نرى أنَّ لكل داء دواء تقريباً، وأولى علامات العلاج هي تقبُّل المرض وعدم الخجل منه والعمل على علاجه بشتى الطرائق، وكما قيل: "العقل السليم في الجسم السليم".




مقالات مرتبطة