استفادة العلامات التجارية وباحثي السوق من الثقة في عالم ما بعد الوباء

عندما نتحدث عن الثقة في عالم الأعمال، فتأتي غالباً في سياق الخسارة، والتكاليف الهائلة المُترتبة على ذلك. لقد أجرت شركة "أكسنتور" (Accenture) دراسة استقصائية لـ 7000 شركة في عام 2018، ووجدت أنَّ أكثر من نصفها قد شهد انخفاضاً كبيراً في ثقة المستهلك؛ ممَّا أدَّى إلى خسارة 180 مليار دولار.



إنَّه لأمرٌ مخيف، ولكن على الجانب الآخر، هناك الكثير من الإمكانات غير المستغلة التي يمكنك تحقيقها عندما يثق بك المستهلكون؛ ففي استطلاع أجرته مؤسسة "إدلمان" (Edelman) على أكثر من 33000 شخص في 28 دولة خلال عام 2021، تبيَّن أنَّ في الوقت الذي هزت فيه الجائحة ثقة الناس في المؤسسات – وخاصةً المؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام ومنظمات القطاع الخاص - احتلت الشركات التجارية المرتبة الأولى على أنَّها أكثر المؤسسات التي حازت الثقة على مستوى العالم.

لقد أضحى الناس يثقون الآن بأنَّ ما تفعله الشركات في كل قضية يُعَدُّ صحيحاً، بدءاً من التعامل مع بروتوكولات الصحة والسلامة المرتبطة بجائحة كوفيد 19 ووصولاً إلى تبنِّي إجراءات الاستدامة.سياسية

تحويل الثقة إلى ميزة تنافسية:

عندما تتواجد الثقة، فمن الحكمة أن تنتهز الفرصة، لقد اكتشفت العلامات التجارية الذكية كيفية الاستفادة من الثقة للحفاظ على ولاء العملاء وتعزيزه في السنوات الأخيرة، فقد اهتمت شركة "آبل" (Apple) مثلاً بحماية خصوصية مستخدميها وعدَّته أمراً رئيساً؛ ممَّا أدى إلى الثقة بالشركة في الوقت الذي يشعر فيه المستهلكون بقلق متزايد بشأن كيفية استخدام بياناتهم.

في الوقت الذي كانت تبني فيه شركة "آبل" (Apple) أعمالها حول بيع الأشياء -الهواتف والحواسيب والساعات– كانت تعتمد شركات مثل "جوجل" (Google) و"فيسبوك" (Facebook) على بيع بيانات عملائها لدعم خدماتها المُفترَض أن تكون "مجانية".

وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مجموعة "فيرج تيك" (Verge Tech) في ديسمبر 2019، يُعدُّ السبب الرئيس في عدم اختيار الأشخاص لاستخدام "فيسبوك" (Facebook) هذه الأيام (وقد بلغت نسبة هؤلاء 46% من الذين استُطلعَت آراؤهم) هو "الخصوصية" وعدم الثقة بوضع المعلومات الشخصية، وفي المقابل، ستجد أنَّ الأشخاص يثقون بشركة "آبل" (Apple) ثقة كبيرة، ولا يترددون في الدفع من خلال تطبيقات الهاتف دون القلق بشأن سرقة بياناتهم.

عندما يثق بك المستهلكون - سواء بسبب سياساتك في الخصوصية والأمان أم بسبب الجودة الدائمة لمنتجاتك وخدماتك - سيتعاملون معك أكثر، فضلاً عن الرغبة في التواصل ومساعدتك على حل المشكلات وتعزيز علامتك التجارية.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق لكسب ثقة الزبون في عصر انعدام الثقة

الثقة أمر متبادَل:

إذا فكرنا فيما يجعل أصدقاءنا أو عائلتنا يثقون بنا، سنجد أنَّ الانفتاح والشفافية وتقديم التغذية الراجعة الصادقة والقدرة على إظهار التعاطف الحقيقي هي التي تدفعهم لذلك.

بالنسبة إلى الخبراء، تتطلب الثقة التحلي بالشفافية بشأن الأبحاث، وشرح الوسائل والمنهجيات بغية السماح للمستهلكين بالاطلاع على كل شيء؛ لذا من الواجب أن نظهِر أوجه ضعفنا أحياناً ونعترف بخطئنا إذا ما ارتُكِب، وهذا ما تفتقر إليه معظم العلامات التجارية؛ فهي تخشى الاعتراف بالفشل في حين أنَّ التواضع أمر هام للغاية لنجاحها.

وفقاً لخبراء الموارد البشرية الدوليين، يقدِّم حوالي 20% من أرباب العمل في الولايات المتحدة تدريباً على التعاطف كجزء من التطوير الإداري، ومن المفترَض أن يتضاعف هذا الرقم خلال هذا العقد؛ لذا من المؤكد أنَّ ثمَّة علاقة واضحة بين التعاطف الحقيقي ونجاح العلامة التجارية.

خلال عام الجائحة، سمعنا الجميع يقولون "نحن على متن السفينة نفسها"؛ إذ تأثَّر الجميع بالجائحة بصورةٍ أو بأخرى، وينطبق هذا بالأخصِّ على العديد من العلامات التجارية التي اضطرت، بفضل التباعد الاجتماعي، إلى تطوير علاقة مباشرة أقوى مع المستهلكين.

بالنسبة إلى الشركات التي تواصل تعزيز هذه العلاقة، والتي تثق في عملائها للمساعدة على حل المشكلات، وسد الثغرات، وتطوير المنتجات والخدمات المستقبلية؛ سيصل مستقبلها التجاري إلى عنان السماء.

 

المصدر




مقالات مرتبطة