استخدم منظورات الوقت لتعيش حياة أفضل

ماذا يعني الوقت بالنسبة إليك؟ بناءً على من ستسأل، ستحصل على إحدى الإجابات الآتية:

  • الوقت هو المال.
  • الوقت هو الحب.
  • الوقت هو الاستمتاع.
  • الوقت هو العمل.
  • الوقت هو شيء من الماضي.


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، يُحدِّثنا فيه عن استخدام منظورات الزمن.

تحدد إجابتك كيفية قضاء وقتك، وهذا يجعلني أفكر: لماذا غالباً ما نفكر جيداً قبل أن ننفق أموالنا، لكن لا نفعل الشيء نفسه عندما نصرف وقتنا؟ وهل نقدِّر المال أكثر من الوقت؟ إذا نظرت إلى الاقتباسات الملهمة جميعها على وسائل التواصل الاجتماعي، فستعتقد أنَّ الجميع على دراية بوقتهم، فغالباً ما تسمع أشياء مثل: "الوقت هو أهم ما تملكه"، و"يمكنك كسب المال، لكن لا يمكنك كسب الوقت".

أنا أتفق مع هذه الأقوال، لكن يقضي الأشخاص كلَّ عام وقتاً أطول في استخدام أجهزتهم الإلكترونية، فقد كان متوسط ​​الوقت الذي يقضيه الناس في استهلاك المحتوى الإلكتروني نحو سبع ساعات يومياً في عام 2020، بالطبع، كان عام انتشار جائحة كورونا، وكانت الأرقام أعلى من المعتاد.

لكن مع ذلك، نضيع كثيراً من وقتنا، وأنا لست مختلفاً أيضاً، فبينما لا يمكننا تجنب إضاعة الوقت، والقيام بأشياء تمنحنا الطاقة والفرح طوال الوقت، يمكننا الاستفادة استفادة أفضل من الوقت المتاح لدينا.

قرأت منذ فترة كتاب "مفارقة الوقت" (The Time Paradox) بقلم فيليب زيمباردو (Philip Zimbardo) وجون بويد (John Boyd)، وهما من علماء النفس المشهورين؛ إذ تحدَّثا في هذا الكتاب عن استخدام منظورات الزمن لتغيير طريقة عيشك، وهذا موضوع لا يفكر فيه معظمنا على الإطلاق؛ فنحن نستخدم وقتنا دون نظام، وغالباً ما نتبع حدسنا، وهكذا ينتهي بنا الأمر إلى الإفراط في التفكير والبقاء في الماضي والشعور بالبؤس في أيامنا.

3 منظورات للزمن في العقل البشري:

عندما نفكر في الوقت، عادة ما نفكر في الحالات الآتية، وكيف تؤثِّر في أفعالنا:

1. الماضي:

عندما تركز على الماضي، غالباً ما يعوقك ما حدث لك، فإمَّا أن تتمنى أن تكون حياتك مثل الأيام السابقة أو تتمنى ألا تحدث أشياء معينة، والأشخاص الذين يسألون كثيراً عن السبب، يركِّزون تركيزاً مفرطاً على الماضي.

2. الحاضر:

عندما تركز تركيزاً أساسياً على الحاضر، فأنت إمَّا تريد إشباعاً فورياً لاحتياجاتك، أو الاستمتاع بما هو أمامك، ولا تفكر في الماضي أو المستقبل، وشعارك هو "عيش كلِّ يوم بيومه".

3. المستقبل:

الشخص الذي يفكر في المستقبل هو الشخص الذي يأكل طعاماً صحياً، ويحصل على درجات جيدة في الدراسة، ولا يدخن ويعمل دائماً لتحقيق نتائج مستقبلية.

يدرك معظم الناس أنَّ العيش وفقاً لمنظور زمني واحد ليس أمراً واقعياً؛ إذ قد تبدو الحياة التي تركز فيها على الحاضر تركيزاً كاملاً مثالية، لكن إذا فكرت في تفاصيل عيشها، فلن ترى لها أيَّة غاية، وإذا كنت تعيش لهذا اليوم فقط، فقد تنفق كلَّ أموالك وتأكل أكبر قدر ممكن من الطعام، أمَّا إذا كنت تعيش من أجل المستقبل فقط، فلن تفعل شيئاً يرضيك اليوم.

مبدأ 1/9/90 لمنظورات الوقت:

يساعدك الوعي بمنظور الوقت على العيش حياة أفضل؛ لأنَّك ستستفيد أكثر من وقتك، ممَّا سيساعدك على الاستمتاع بأيامك والتعلم من الماضي وإنشاء مستقبل أفضل؛ لكنَّه يتطلب منا إنشاء توازن، فيجب ألا تمسك بمنظور زمني واحد، وفي كتاب "مفارقة الوقت"، أوضح زيمباردو وبويد ذلك جيداً: "اعتماداً على متطلبات موقف معين، يجب أن تعطي الأولوية لمنظور زمني واحد على حساب المنظورات الأخرى مؤقتاً"، وألهمني ذلك التفكير في: كيف سيكون عليه الأمر في حياتي اليومية، وتوصلت إلى التوازن الآتي:

1. 1% من تركيزي على الماضي:

أخصص نحو 15 دقيقة في اليوم لتسجيل يومياتي؛ ولكنَّني لا أفكر في الماضي فقط؛ بل أحاول أحياناً التفكر في الماضي لأتعلَّم منه.

2. 9% من تركيزي على المستقبل:

هذا هو الوقت الذي أكرسه للتخطيط والتفكير في المستقبل؛ إذ أريد أن أكون مدركاً لحقيقة أنَّ الحياة يمكن أن تكون طويلة، فعلى سبيل المثال، أخصص وقتاً لإنشاء روتين للياقة البدنية وشراء طعام صحي؛ لأنَّني أعلم أنَّ هذا سيكون أفضل بالنسبة إلي في المستقبل.

شاهد بالفديو: 5 خطوات لتخطط لمستقبل ناجح

3. 90% من تركيزي على الحاضر:

هذا هو الوقت الذي أقوم فيه بتنفيذ خططي والوقت الذي أقضيه في الاستمتاع بأيامي، وقد أخطط 9% فقط من الوقت؛ لكنَّ العمل الفعلي يحدث في الحاضر، مثل ممارسة التمرينات والكتابة والقراءة والقيام بالأعمال المنزلية والأكل والسفر وما إلى ذلك، ولا أريد أن أضيع في التفكير عندما أفعل هذه الأشياء.

هذا التوزيع هو مجرد شيء أضعه في الحسبان ولا أتبعه، وأنا أستخدمه بوصفه مبدأً توجيهياً لأعيش حياتي، فإذا لاحظتُ أنَّني أفكر في الماضي مرات عديدة في اليوم، فأذكِّر نفسي أنَّه أمر غير مجدٍ، وعندما أفرط في التخطيط للمستقبل، أصحح مسار تفكيري أيضاً، فلا أريد أن أقضي وقتاً كبيراً في التخطيط للمستقبل؛ لأنَّنا لا نتحكم بكلِّ شيء، والخطط ليست سوى خطط؛ فلا شيء مضمون باستثناء اللحظة التي تمتلكها.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعدك على التركيز على الحاضر

كن مرناً وحاضراً:

أكثر ما أجده قيمة في كتاب مفارقة الوقت (The Time Paradox) هو أهمية المرونة؛ فالتركيز المنفرد على الحاضر أو ​​المستقبل لا يؤدي إلى حياة متوازنة وقابلة للعيش، كما كتب زيمباردو وبويد، فإنَّ الأمر كلَّه يتعلق بالتنوع: "اعمل بجد عندما يكون وقت العمل، واستمتع بوقتك عندما يكون وقت الراحة، واستمتع بالاستماع إلى قصص جدتك وهي ما تزال على قيد الحياة، وتواصل تواصلاً هادفاً مع أصدقائك، وشاهد الأطفال بنظرتهم المتفائلة التي يرون بها العالم، واضحك على الدعابات وعفوية الحياة، وانغمس في رغباتك وشغفك، ووفِّر قرشك الأبيض ليومك الأسود".

إذاً الطريقة التي نتصرف بها تعتمد على الموقف؛ فعندما نخلط بين منظورات الزمن، نشعر بالإحباط من الحياة؛ فعلى سبيل المثال، في اليوم السابق تناولت العشاء مع عائلتي وأنا أفكر في دفع الضرائب في الوقت نفسه؛ فلقد فكرتُ في المستقبل بينما كان الوضع يستدعي الوجود في الحاضر، وكان يجب أن أخصص 10 دقائق من الوقت لتسديد ضرائبي أو على الأقل البدء في وقت مبكر من اليوم، لكن لأنَّني لم أفعل ذلك؛ فقد ظللت أفكر في الأمر في أثناء العشاء.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لاكتساب المرونة

في الختام:

خلال هذه اللحظات، نحتاج إلى أن ننتبه إلى أنفسنا؛ إذ يساعدنا تصحيح منظورنا على عيش كلِّ لحظة على أكمل وجه، وفي النهاية، نريد جميعاً الاستفادة القصوى من وقتنا؛ ولذلك بصرف النظر عمَّا تفعله، لا تنتظر الحياة لتجلب لك الفرح أو الوضوح أو الهدف، فتقبَّل ماضيك وفكِّر في المستقبل، لكن تذكر أنَّ عليك العيش في الحاضر، فقد ذهب الماضي، والغد لم يحن بعد؛ لذلك اجعل يومك ذا قيمة.




مقالات مرتبطة