اجتماع الموارد البشرية: لماذا التقدير هام؟

في شهر حزيران/ يونيو من عام 2021، اجتمعت منظمة الموارد البشرية في مدينة "سينسيناتي الأمريكية" (Cincinnati) لمناقشة موضوع غالباً ما يُساء فهمه ويُغطَّى بعبارات جذابة وبرامج التحفيز؛ ألا وهو التقدير؛ لذلك قررت هذه المنظمة أن تنظر إلى الأمر من وجهة نظر مُختلفة وتناقش أهمية التقدير.



فيما يأتي ثلاثة أسئلة بدأ الناس النقاش بها:

  1. لماذا يواجه المديرون صعوبة في تقديم التقدير؟
  2. لماذا أصبح التقدير قضية الجيل؟
  3. كيف يمكننا تقدير الناس باستمرار؟

همَّ جميع الحاضرين الذين بلغ عددهم 137 شخصاً إلى الإجابة عن الأسئلة، وخرجوا ببعض الأفكار الرائعة:

1. لماذا يواجه المديرون صعوبة في تقديم التقدير؟

1- غياب الإصغاء:

تكمن المشكلة الأولى في عدم الإصغاء، فعادة ما يكون المديرون منهمكين في إنجاز الأمور؛ إذ إنَّ الإنتاجية هي الهدف بصرف النظر عن كيفية القيام بذلك؛ لأنَّ إحساسنا بالراحة في أثناء العمل يفوق إحساسنا بها في أثناء التواصل مع الآخرين؛ إذ يشعر بعضنا بأنَّ هذا يعوق فاعليته، ولكنَّك لن تتمكَّن أبداً من إظهار التقدير ما لم تكن مستعداً للإصغاء إلى الآخرين بكل اهتمام.

2- الخوف "بأشكاله العديدة":

كشفت هذه الإجابة عن العديد من "المخاوف"؛ إذ نخشى أنَّه إذا قدَّمنا التقدير لشخص ما بطريقة غير مناسبة، فقد نسيء إليه أو نسيء إلى الآخرين، إنَّه أمر مذهل أنَّنا أصبحنا خجولين للغاية في التفاعل مع الآخرين لدرجة أنَّ الشك الأول الذي يتسلل إلينا هو الخوف من أن نكون مسيئين، ولُوحِظ أيضاً أنَّنا نخشى تقدير عمل الآخرين؛ وذلك لأنَّهم قد يبلون بلاءً حسناً ويأخذون منا مناصبنا، فكم من المُحزِن أن نظن أنَّ تقدير عمل وإنجازات الآخرين قد يُظهِر بأنَّنا نقدِّم أداءً سيئاً.

3- نحن مبرمجون لرؤية الجانب السلبي من الأمور:

نعيش في عالم يركز فيه الناس في الأخطاء وعوامل النقص في العمل؛ إذ إنَّ أنظمة الموارد البشرية مبنية على الثغرات وأوجه القصور والضعف، فنحن نقيس ما ينقصنا أكثر بكثير مما ننجزه، ولا يعني ذلك أنَّه صحيح، ولكنَّه الطريقة التي يرى معظم الناس العمل والأشخاص الآخرين والحياة من خلالها عموماً.

4- لا يحبُّ المديرون أن يكون التقدير برنامجاً قسرياً يجب الالتزام به:

يفقد التقدير قيمته عندما يصبح ممنهجاً، وأعلم أنَّ هذا موقف صعب، لكن عندما يشعر الناس أنَّهم مُجبرون على فعل شيء ما، فإنَّهم لا يحبون القيام به، وتوجد طرائق أفضل للتشجيع وتقديم التقدير من برنامج رسمي.

5- لا يجب أن يكون التقدير حدثاً سنوياً:

لقد جعلنا الأمر يبدو بهذه الطريقة عبر النظر إلى مراجعات الأداء بوصفها أساس منح التقدير؛ ولكنَّه لم يكن ولن يكون كذلك أبداً، فعندما بنينا أنظمة نخصص من خلالها وقتاً وتاريخاً محدداً خلال العام لتقديم التقدير، فكيف يمكننا أن نتوقع من الناس أن يشعروا أنَّهم يُقدَّرون؟

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

2. لماذا أصبح التقدير قضية الجيل؟

عندما طُرِح هذا السؤال عمَّ الصمت في القاعة؛ إذ طُرِح بسبب الشعور بأنَّ جيلاً ما مليء بالموظفين الذين يعملون بجد والمخلصين الذين يملكون دوافع قوية، بينما لا يتمتع جيل آخر بهذه الصفات إلى حد ما على الأقل، ولكنَّ ذلك ليس صحيحاً، إلَّا أنَّنا نسمح بوجوده في نسيج الشركة؛ لذا دعونا نرى ما يقوله الناس:

1- نظن أنَّ عمر الشخص يحدد طبيعة شخصيته:

الأمر ليس كذلك، ولكنَّه علامة للإشارة إلى الأشخاص وتصنيفهم في قوالب، فهذه القوالب ليست دقيقة تماماً إلَّا أنَّنا نفعل ذلك على أي حال؛ إذ إنَّ العمر هو حقيقة، ولكنَّ الناس هم أكثر بكثير من عدد السنوات التي عاشوها على هذا الكوكب أو الوقت الذي عملوا به في منظمة ما؛ لذا علينا الكف عن جعل العمر عاملاً يقسم الناس، فهذا ليس جيداً للمنظمات.

2- صراع التسلسل الهرمي:

تُبنى المنظمات وحتى أكثرها "انفتاحاً" كسلاسل هرمية؛ إذ يكمن التحدي في أنَّ العاملين الشباب قد نشؤوا ضمن مجموعات، فالنجاح في بيئات يسودها التعاون طبيعي بالنسبة إليهم أكثر من ضمان الحصول على دور ضمن التسلسل الإداري الوهمي، فإنَّه لأمر رائع أن ينتظروا التغذية الراجعة بانتظام وليس فقط عندما يُفترَض أن يقدمها رئيسهم من خلال مراجعة الأداء.

3- نحن نعيش في مجتمع مُقسَّم:

هذه فكرة غريبة للغاية لأنَّ الناس يعبِّرون عن رغبتهم في الاندماج وهو أمر رائع، ومع ذلك، يريد معظمهم الاندماج إلى جانب التأكد من تصنيف شخص ما وتحديده ضمن قالب واحد على الأقل، لكن من الصعب ممارسة التنوع والاندماج فقط إذا كان الناس يتناسبون مع القوالب المزعومة.

في حين أنَّه لا حرج في الانتماء والتماهي مع مجموعة واحدة أو عدد من المجموعات، لكن إذا كانت الأولوية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمارسون القيادة جماعة محددة من الناس بدلاً من أن تكون تساوي البشر من حيث طبيعتهم العامة المتنوعة، فسيتفرَّق الناس، ويُعَدُّ هذا موضوعاً حساساً يتجنَّبه الناس بدلاً من طرحه للنقاش الذي يُعَدُّ ضروريَّاً ويجب أن يكون متواصلاً؛ إذ إنَّنا سنكون في حالٍ أفضل إذا سعينا إلى فهم بعضنا عوضاً عن تقسيم أنفسنا إلى جماعات.

4- التصورات المسبقة تعوقُنا:

إنَّ عدد الافتراضات التي نتبناها عن الآخرين مدهش؛ إذ نرى الناس من خلال صور نمطية دون التحدُّث إليهم، والتعرُّف إليهم كأشخاص، ولكنَّ التقدير سيكون أفضل في المؤسسات إذا تجاوزنا تصوراتنا المُسبقة وتحدثنا إلى بعضنا بعضاً.

3. كيف يمكننا تقدير الناس باستمرار؟

1- التدرُّب على الإيجابية:

هذا يقتضي أكثر من مجرد عدم كونك سلبياً، ومع ذلك، إذا أردنا أن نكون سلبيين، فسنحتاج إلى التدرُّب على أن نكون إيجابيين، فهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها؛ لذا يجب أن تعرف ما هو الأفضل لك ولمؤسستك، وعلِّم الناس كيف يكونون إيجابيين، فكلَّما ركزت على الخصال الجيدة عند الآخرين، سيكون أداؤك والأداء الذي سيقدمونه لك أفضل.

2- تحديد وقت لتقدير الآخرين:

هذه هي الخطوة التالية بعد الممارسة، فتقدير الآخرين سيكون أمراً هاماً بالنسبة إليك إذا كان جزءاً من نهجك وسلوكك وأفعالك، فإذا نجحت الطريقة التي تتبعها، خصص وقتاً لتقدير الموظفين، وكلَّما اعتدت على الأمر، قلَّت حاجتك إلى جدولته مع مرور الوقت لأنَّها ستصبح جزءاً من يومك المعتاد في العمل.

إقرأ أيضاً: احترام الذات: ما أهميته؟ وكيف يمكن زيادته؟

3- تعليم الناس بدلاً من تقديم الأوامر لهم:

إنَّ التقدير مثل معظم السلوكات سيكون ناجحاً نجاحاً أكبر عندما تمثِّله أنت أولاً، فعندما يُؤمَر شخص ما بأنَّه يجب عليه تقدير الآخرين، لن يعجبه الأمر، وسيومِئ الناس برؤوسهم تعبيراً عن موافقتهم ثم لا يُغيِّرون أفعالهم أبداً؛ لذا إن بدأتَ بتقدير الناس باستمرار، فستجد أنَّ هذا التقدير سيصبح جزءاً راسخاً من ثقافة الشركة.

إقرأ أيضاً: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

4- فهم أنَّ التقدير هو ما يريده الناس:

منذ أن كُنَّا صغاراً أردنا أن نُقَدَّر، فالتقدير يرفع من معنوياتنا ويُشعِرنا بقيمة ذاتنا، ولا يتغير مع تقدمنا في العمر؛ فنظراً لأنَّ التقدير له تأثير إيجابي فينا جميعاً، فيجب أن يكون هذا دافعاً كافياً لجعله جزءاً من السلوكات في الشركة.

المصدر




مقالات مرتبطة