اتجاهات مخيفة في تاريخ الموضة

مع أنَّ تريندات الموضة تأتي وتذهب، فإنَّها في كل مرة تظهر ظهوراً غريباً وأحياناً خطيراً؛ فالحاجة إلى ارتداء الملابس لإثارة الإعجاب امتدت عبر التاريخ، وظهرت بأشكال متنوعة.



إليك خزانة مليئة بكوارث الموضة التي ليست قاسية وغير عادية فحسب؛ بل كان من المفترض أن تكون مخالفة للقانون.

1. أحذية Chopines:

أحذية Chopines

يعرف الإيطاليون الأحذية، ربما لأنَّ بلدهم يشبه شكل الحذاء، كل من غوتشي وبرادا وسلفاتوري فيراغامو يحتفظون بمقاعدهم في قاعة الآلهة الجلدية، ومع ذلك، فإنَّ إيطاليا مسؤولة أيضاً عن إخفاق أحد أنواع الأحذية في القرن الخامس عشر المسمى Chopines.

كانت chopines بصفتها مقدمة للكعب العالي عبارة عن قباقيب ذات نعل عالٍ، مصنوعة عادةً من الخشب أو الفلين الذي يحمي مرتديه من الطين والقذارة في شوارع البندقية، وقد ازدادت شعبية هذه الأحذية ووصل ارتفاعها إلى 20 بوصة.

مثل العديد من اتجاهات الموضة عكست chopines الوضع الاجتماعي الذي وصل فيه أعضاء الطبقات النبيلة إلى آفاق جديدة، وأدى الارتفاع الإضافي إلى حوادث متكررة؛ إذ تعثر سكان البندقية وسقطوا، مما أدى إلى اتساخ أكثر من مجرد أحذيتهم.

2. ياقات تيودور المخروطية:

ياقات تيودور المخروطية

لم تخدم ياقات "تيودور راف" أي غرض عملي حقيقي بخلاف جعل أعناق العصر الإليزابيثي غير مريحة جداً، على نقيض مخاريط الحيوانات الأليفة التي تمنع كلبك من لعق جروحه.

أصبحت ملابس الزينة التي تفضِّلها الملكة "إليزابيث الأولى" من أكثر رموز الموضة شهرة في تلك الفترة؛ لكنَّها أيضاً قد تكون خطيرة بسبب عدد الدبابيس المطلوبة للحفاظ على شكلها الثابت.

ارتُديت في الأصل مثل عقد من الدانتيل، ونما حجمها، وتوسَّع بسرعة بالتوافق مع شعبيتها، كما حدَّت ياقات تيودور من الرؤية المحيطية للفرد، مما أجبر مرتديها على الالتواء أو الدوران دوراناً مُحرجاً لتحريك جسده بالكامل ليرى.

بُنيت الياقات الخانقة من طبقات عدة من الرتوش المتصلبة أو المطوية المصنوعة من مواد مثل الدانتيل والكتان، وتميزت التصاميم الأكثر تفصيلاً بالمجوهرات والخيوط الذهبية لتغطية عنق الرجل وأكتافه وعنق المرأة وثدييها وأكتافها.

3. ربط القدم (طي القدم):

ربط القدم (طي القدم)

مارسته النساء في الصين لأكثر من ألف عام، تضمن ربط القدم تشويه أقدام الفتيات الصغيرات لتتناسب دائماً مع حذاء لوتس الصغير، وحب الأقدام الصغيرة في تلك الأيام له أيضاً آثار اجتماعية واقتصادية بعيدة الأمد في الثقافة الصينية، غالباً ما اعتمدت عليه آفاق الزواج؛ إذ تمتلك العروس الأكثر طلباً قدماً يبلغ ارتفاعها ثلاث بوصات، تُعرف باسم "اللوتس الذهبية".

مع ذلك، فقد تضمنت العملية ألماً مبرحاً يبدو كأنَّه تعذيب أكثر من تجميل الشكل الأنثوي، لتحقيق الشكل المطلوب؛ إذ تُلف القدمين بإحكام يومياً لمدة عامين، لكن أولاً، تُكسر جميع أصابع القدم (باستثناء أصابع القدم الكبيرة)، وتُربط ربطاً مسطحاً مقابل النعل لإنشاء شكل مثلث، ثم تُضغط بشدة لثني القوس باستخدام ضمادات الشاش.

غالباً ما يؤدي الالتصاق إلى قطع الدورة الدموية، مما يؤدي إلى الغرغرينا، كما تطلبت العملية من الفتيات المشي لمسافات طويلة للإسراع في تكسير الأقواس، بمرور الوقت تُصبح الأغلفة أكثر إحكاماً، وتصغر القدم وتصبح أكثر جمالاً في اعتقادهم، وعلى الرَّغم من الانزعاج والآثار التي تهدِّد الحياة، استمرت الطقوس المعوقة هذه حتى حظرتها رسمياً جمهورية الصين الجديدة في عام 1912م.

إقرأ أيضاً: تورم القدمين: أسبابه وأهم طرق علاجه

4. الياقة العالية الصلبة:

الياقة العالية الصلبة

وفَّرت الياقة القابلة للفصل، المصنوعة من قماش كثيف الألياف، الراحة في عدم الاضطرار إلى تغيير القميص كل يوم؛ لكنَّ المادة المتصلبة هدَّدت أيضاً بقطع إمداد الدم إلى الشريان السباتي في الرقبة.

نتيجة لذلك تحوَّل هذا الإكسسوار على ما يبدو إلى سلاح فتَّاك، مما أسفر عن مقتل العشرات من الرجال في العصر الإدواردي، ولُقّبت هذه الياقة بـ "قاتلة الأب"؛ إذ تغفو الضحية وتختنق عندما يميل الرأس إلى الأمام، أدى مجرد تناول وجبة طعام إلى حوادث اختناق حتى الموت قبل إزالة الطوق في الوقت المناسب.

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" في عام 1888 نعياً بعنوان "خُنِق من ياقته"، عُثِرَ على رجل يُدعى "جون كروتسي" ميتاً في حديقة، وظن الطبيب الشرعي أنَّ الرجل شرب، وجلس على مقعد ونام، فهوى رأسه على صدره، مما جعل ياقته الصلبة تعوق القصبة الهوائية وتمنع تدفق الدم عبر الأوردة الواردة إليها، مما تسبَّب في الوفاة من الاختناق والسكتة الدماغية.

5. الباروكات المبودرة:

الباروكات المبودرة

بالنسبة إلى رجال عدة، قد يكون تساقط الشعر المبكر في سن مبكرة تجربة مؤلمة، لكن إذا كنت ملك فرنسا الثالث عشر، فأنت ببساطة تبدأ اتجاهاً جديداً من خلال تغطية الرأس الصلعاء بباروكة، وقد جعل ابنه لاحقاً هذه الموضة رمزاً للمكانة الموقرة، كما أنَّها تؤدي إلى مخاطر صحية عدة غير مقصودة.

اجتاح وباء مرض الزهري أوروبا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، مما أدى إلى تساقط الشعر بصفته أحد آثاره الجانبية العديدة غير السارة، واستجاب أحد أبرز ضحاياه "لويس الرابع عشر" "The Sun King"، بارتداء الباروكة بازدياد خلال فترة حكمه التي استمرت 72 عاماً.

لكن مع انتشار هذه الموضة الشعبية بين الناس، انتشر القمل والحشرات والطفيليات التي تعيش في أشعار هذه الباروكات التي تُصنع من شعر الخيل.

أدت الحماسة لأنماط أكثر إبداعاً من الجنسين كليهما إلى تجعيد الشعر القذر المملوء بالدهون وتطبيق مجموعة متنوعة من المساحيق المصنوعة من الرصاص، ونظراً لأنَّ الشموع كانت الشكل الوحيد للضوء الاصطناعي في تلك الحقبة؛ فإنَّ أصحاب الطبقة المخملية خاصة خاطروا بإشعال النار في الشموع المغروسة في رؤوسهم.

مع أنَّ الشعر المستعار لم يعد رائجاً بحلول نهاية القرن التاسع عشر، فإنَّ قضاة ومحامين عديدين في الكومنولث البريطاني ما يزالون يرتدونها اليوم لتكريم الملك.

6. التنانير المتعرجة:

التنانير المتعرجة

ينطبق مصطلح "عباد الموضة" بالتأكيد على مرتدي التنورة المتعرجة؛ إذ أدَّت إلى تكرار حوادث أحذية chopines نفسها، ومع ذلك تمتَّع هذا النموذج الأولي من التنورة بشعبية قوية لفترة وجيزة في أوائل القرن العشرين على الرَّغم من تقييدها الحركة بشدة.

يتميز التصميم بحافة ضيقة مزمومة من الأسفل، مما يجبر النساء على المشي في خطوات صغيرة محسوبة، ومع ذلك ساعدت الصورة الجسدية الأنيقة التي أعطتها لأجسادهن على زيادة المبيعات، لكن في النهاية أدت سلسلة من الحوادث التي سقطت فيها النساء إلى زوالها.

حتى "البابا بيوس العاشر" انضم إلى الجدال، وأطلق حملة صليبية ضد أنماط النساء في ذلك اليوم والتي تضمنت إدانة التنانير المتعرجة.

7. الكورسيهات:

الكورسيهات

حافظت الكورسيهات بصفتها ملكة للملابس الداخلية النسائية على تاريخ طويل مشهور، ربما يعود تاريخه إلى حضارة "مينوان"، ومع ذلك يمكن لمن يرتدونها اليوم أن يستمتعن على الأقل بالشكل الذي تعطيه دون أن يعانين من العواقب نفسها المهددة للحياة التي تحملتها النساء في العصر الفيكتوري.

من أقفاص صدرية محطمة إلى نزيف داخلي، كان مظهر "الساعة الرملية" المرغوب فيه باهظ الثمن، ونتج عنه الأثر الجانبي الأكثر شيوعاً صعوبة في التنفس، إضافة إلى الإغماء وهي حالة صوِّرت في مشهد لا يُنسى من "Pirates of the Caribbean"؛ إذ تسقط "إليزابيث سوان" في الماء بعد ربطها للكورسيه بإحكام شديد.

الكورسيهات مسؤولة أيضاً عن إضافة مصطلح "strait-laced" "الضيق" إلى قاموس اللغة الإنجليزية والذي يشير ضمنياً إلى الأخلاق المستقيمة، في حين أنَّ مصطلح "المرأة الفضفاضة "loose women" التي لا ترتدي كورسيه يدل على نقيض ذلك.

8. الكرينولين "التنانير الحلقية":

الكرينولين

بحلول ستينيات القرن التاسع عشر، وصلت الكرينولين (المعروفة أيضاً باسم التنانير الحلقية) إلى ذروة الشعبية عن النساء من جميع الطبقات الاجتماعية، مالت هذه التنانير إلى الاحتراق بسهولة، مما أعطى مرتديها مصطلح "ضحية الموضة" معنىً حرفياً مؤسفاً.

صُمِّمت التنانير لتضخيم فخذي المرأة بصورة جذابة وتتألف عادة من ثوب نسائي مدعم بالفولاذ مع طبقات من القماش، كان الطلب على الأحجام الموسعة والأشكال والأنماط الأكثر تفصيلاً يؤدي في النهاية أحياناً إلى عواقب مميتة، فقد كانت النساء اللواتي ارتدت النساء هذه الأزياء المرهقة تحملن الشموع بأيديهن أو تقفن بالقرب من المدفأة، وإشعال النار في أنفسهن عن طريق الخطأ.

تشمل المخاطر المحتملة الأخرى التعثر بالآلات أو الانجراف أسفل عربات النقل سريعة الحركة، ومع أنَّ بعض التقارير تدعي أنَّ هذه التنانير ساعدت على إنقاذ النساء من الغرق، فإنَّ الوزن الزائد كان من الممكن أن يوصلهن بسهولة إلى خزانة القرصان "ديفي جونز" للسيدات الفيكتوريات في أعماق المحيط.

9. الجماجم الممدودة:

الجماجم الممدودة

كانت الجماجم الممدودة ذات شعبية وقبول كبيرين في العصور القديمة عند بعض الشعوب، فقد غيروا شكل الجمجمة عن طريق تضميدها بضمادات خاصة حينما يكون الطفل رضيعاً، أو يوضع رأس الطفل في وعاء بتصميم خاص، واشتهرت هذه الموضة عند الإيطاليين والمايا والفرنسيين وشعب الهون والسرماتيين وبعض القبائل الأفريقية.

10. السمانات الكبيرة لدى الرجال:

السمانات الكبيرة لدى الرجال

كانت العصور الوسطى فترة فريدة من نوعها، اشتهرت بإخفاء النساء أرجلهن تحت أثوابٍ طويلة، بينما اهتم الرجال بإظهار سماناتهم (بطَّات أقدامهم)، عن طريق ارتداء جورب طويل، وكانت السمانات علامة فخر وجمال، ومن كان قليل الحظ وسماناته ليستا كبيرتين، اصطنعها بواسطة حشو الجوارب ببعض الأقمشة.

إقرأ أيضاً: تأثير الملابس في الحالة النفسية

في الختام:

هيمنَت الموضة على تفكير البشر كثيراً، وأثَّرت في نفسيتهم وعقليتهم، فأصبحوا عباداً لها ولصرعاتها، فهي كانت وما زالت محوراً للمقارنة وتفاوت الطبقات الاجتماعية والاقتصادية؛ إذ أمسى الشخص يُقيِّم وينتقد من ملابسه وشكله الخارجي بصرف النظر عن علمه وعقله ومكانته.




مقالات مرتبطة