إنشاء ثقافة سليمة من خلال صياغة قيم محددة

هل مكان عملك ملهِم ومنتِج ويوفِّر بيئة مناسبة لإدماج الموظفين؟ أم هل هو محبِطٌ وممِلٌّ وخامل؟ أم أنَّه في مكانٍ ما في المنتصف؟ يولي القادة الفعَّالون اهتماماً بجودة ثقافة عملهم كل يوم، فهم يعلمون أنَّ الثقافة التنظيمية هي السبب وراء كل ما يحدث في فريقهم أو قسمهم أو شركتهم، سواء كان جيداً أم سيئاً، وإنَّهم يستثمرون الوقت والطاقة في مراقبة التفاعلات، والمشاركة مع العملاء، ويشيدون بالسلوك المتوافق، ويُقوِّمون السلوك غير المتوافق من خلال الكوتشينغ.



ولكن من المؤسف أنَّ أغلب القادة لا يعيرون قدراً كبيراً من الاهتمام لجودة وصحة فريقهم أو قسمهم أو حتى ثقافة شركاتهم.

محطُّ تركيز معظم القادة

لا يُطلَب من القادة أن يديروا ثقافة فريقهم؛ بل يطلب منهم إدارة النتائج، لذا ليس من المستغرب أن يقضي معظم القادة معظم وقتهم وطاقتهم في العمليات والأداء والأرباح، فهذا كل ما يعرفونه، وهذا ما قام به رؤساؤهم.

إنَّهم يُحاكون ما تعرَّضوا له على مرِّ السنين، فلم يشهد معظم القادة تغييراً ثقافياً ناجحاً خلال حياتهم المهنية، وحتى الأقلِّية منهم قد أدَّوا إلى تغيير ثقافي ناجح. لن تكون هذه مشكلة إذا كانت معظم الثقافات التنظيمية صحية وجذابة وملهِمة، ولكن وَفقاً للأبحاث ولتجاربنا الخاصة، إنَّها ليست كذلك.

شاهد: 8 أخطاء تقضي على الشركات الناشئة

معظم بيئات العمل غير ملهِمة ولا توفِّر ثقافة الإدماج:

وجدت دراسة أنَّ 45% من الموظفين "راضون" في العمل، ووجد "تقرير لإدماج والثقافة" (Engagement and culture report) الصادر عن شركة "تايني إتش آر" (TinyHR) أنَّ 49% من الموظفين غير راضين عن مشرفهم المباشر، وأنَّ 21% من الموظفين يشعرون بالتقدير الشديد في العمل.

أشار "تيم كوبلر" (Tim Kuppler) في مقال على موقع "كالتشر يونيفيرسيتي" (CultureUniversity.com) إلى أنَّ 96% من المستجيبين على استطلاع "الاستراتيجية والاستطلاع" (Strategy & Survey) في عام 2013 قالوا إنَّ هناك حاجة إلى إحداث نوع من التغيير الثقافي في مؤسستهم، ووجد تقرير "تايني إتش آر" أنَّ 64% من الموظفين لا يشعرون بأنَّ لديهم ثقافة عمل قوية.

بالنظر إلى هذه الحقائق الواقعية، من الواضح أنَّ بيئات عملنا ليست أماكن تدعو إلى الاندماج أو الإلهام، فإذا كانت ثقافة العمل لا تعامل الموظفين بثقة واحترام وكرامة في كل تفاعل، فإنَّ الإنتاجية ستنخفض، وخدمة العملاء ستنخفض، وحتى ​​الإنتاجية ستنخفض.

يجب على القادة أن يولوا اهتماماً بجودة ثقافة عملهم، ويجب عليهم أن يُحسِّنوا من هذه الثقافة بشكل استباقي حتى يشعر أعضاء الفريق بالتقدير في كل تفاعل، وفي كل يوم، وأنا لا أقترح بأن يقوم القادة بتجاهل الأداء، فالأداء شيء جيد؛ إذ تعني تلبية توقُّعات الأداء الوفاء بالوعود للعملاء وأصحاب المصلحة.

قد يمتلك القادة عديداً من نقاط البيانات ولوحات المعلومات التي تخبرهم بمدى جودة أداء فريقهم وَفقاً لمعايير محدَّدة؛ إنَّهم يراقبون هذه المقاييس بعناية ويقدِّمون الكوتشينغ من أجل إبقاء أداء الفِرق على المسار الصحيح.

جعل القيم هامَّة بقدر الأداء:

لتعزيز جودة ثقافة الفريق، يجب على القادة إيلاء الاهتمام للقيم بقدر لا يقلُّ عن اهتمامهم بالأداء، وتحدِّد القيم الرسمية المحددة بمصطلحات سلوكية، ما يبدو عليه "الموظف المتميز" وكيف يتصرف، فعندما يتم تحديد القيم في سلوكات ملموسة يمكن ملاحظتها وقابلة للقياس، يصبح بوسع القادة إنشاء نقاط بيانات ولوحات معلومات تخبرهم بمدى التزام الموظفين السلوكات المرغوبة.

إقرأ أيضاً: 5 مخاطر خفية للثقافة التنظيمية النمطية في الشركات الناشئة

من بين أكثر نقاط البيانات فاعلية هي استبيان القيم المخصَّصة، الذي يتم إجراؤه مرتين سنوياً، والذي يسمح للموظفين بتقييم القادة بناءً على السلوكات القيِّمة التي يُظهرها رؤساؤهم، كما يمكن للقادة مراقبة نتائج استطلاع القيم بعناية، ويمكنهم مراقبة التفاعلات اليومية بعناية، والثناء على السلوك المتوافق وإعادة توجيه السلوك المُنحرِف.

فقط بعد أن يتبنَّى الفريق أو القسم أو قادة الشركة السلوكات القيِّمة، تتمُّ دعوة الموظف للامتثال بها، ويقوم القادة بخلق مصداقية لهذه "القواعد الجديدة"، والسلوكات القيِّمة من خلال ممارستها باستمرار.

شاهد أيضاً: 7 أسباب تجعل الموظّف يكره عمله

ماذا تعني عبارة "السلوكات القيِّمة؟"

دعونا نحدِّد كيف تبدو القيم الفعَّالة لفريق أو قسم أو شركة؛ فالقيم - إذا تمَّ تعريفها - عادةً ما يتمُّ تعريفها بمصطلحات صعبة، ومن الصعب تحويل التعريفات الغامضة إلى تفاعلات فورية، فهي أفكار وليست معايير سلوكية واضحة، ولجعل القيم قابلة للقياس مثل الأداء، يجب تحديد القيم بدقة، ويجب أن تُمثِّل سلوكات محددة، التي عند إظهارها تضمن أنَّ الموظفين يعيشون القيم التي تريدها.

فيما يأتي مثال عن تاجر تجزئة قرَّر بأنَّ إحدى قيمه ستكون الخدمة، وتعريفه لها هو: "عملاؤنا هم سبب عملنا، من خلال منحهم خدمة فائقة في كل فرصة متاحة، فإنَّنا نتجاوز توقعاتهم، وعندما نتجاوز توقعاتهم، نكون قد قدَّمنا أفضل ما لدينا".

إقرأ أيضاً: 5 حقائق هامة حول الثقافة التنظيمية في الشركات

جوهر هذا التعريف فكرتان رئيستان، "امنح كل عميل خدمة فائقة في كل فرصة سانحة"، و"قدِّم أفضل ما لديك"، فهل توافق على أنَّ هذا التعريف لا يترك أدنى شك حول ما تعنيه هذه الشركة بالخدمة؟

تحدد السلوكات القيِّمة التي تعبِّر عن الطريقة التي يجب أن يتصرَّف بها كل عامل لتطبيق قيمة خدمته، فهذه السلوكات على شكل جُمل مثل، "أنا"، وليس "أنا سوف"؛ إذ تحدِّد هذه السلوكات ما سيفعله كل عامل يومياً من أجل إثبات هذه القيمة، وسلوكاتهم القيِّمة هي:

  1. البدء بالترحيب الودِّي من خلال الابتسامة الفورية المليئة بالحماسة، والانتباه لكل من يزورنا.
  2. تجاوز توقُّعات العملاء بحماسة من خلال تقديم الحلول لاحتياجاتهم.
  3. مساعدة كل عميل في العثور على الأغراض أو الخدمات المطلوبة.

هل هذه السلوكات معقَّدة؟ لا، وهل هذه السلوكات قابلة للقياس؟ وهل يمكنك مراقبة تفاعلات أعضاء الفريق وتقييم درجة إظهارهم لهذه السلوكات؟ بالطبع! وهل هذه السلوكات "قابلة للتنفيذ" من قِبل أي شخص؟ نعم، إنَّها كذلك.

عندما يتم تحديد القيم بمصطلحات يمكن ملاحظتها وملموسة وقابلة للقياس، فسوف يكون بوسعك أن تعيشها وتعزِّزها من خلال الكوتشينغ والاحتفاء بها، تماماً كما تفعل مع توقعات الأداء، وإذا لم يتم تحديد القيم بمصطلحات قابلة للقياس، فكل ما يمكنك فعله هو الأمل في أن يعيشها الموظفون.

تعزيز الأداء والاندماج والخدمة من خلال التوافق مع القيم:

إنَّ جعل القيم هامَّة بقدر ما يهم الأداء أمرٌ جيد، وإليك الدليل؛ من خلال التوافق مع القيم السلوكية المرغوبة، تتمتَّع الشركات بالتطوُّر في ثلاثة مجالات رئيسة: اندماج الموظفين (زيادة بنسبة 40% في 18- 24 شهراً)، وخدمة العملاء (أيضاً زيادة بنسبة 40%)، والنتائج أو الأرباح (زيادة بنسبة 35%).

هذه فوائد رائعة، فانتبه لثقافة شركتك، وضع في حسبانك إضافة توقعات القيم الرسمية، والمحدَّدة من الناحية السلوكية إلى معايير الأداء القائمة حالياً.

المصدر




مقالات مرتبطة