إنشاء بيئة عمل مثالية لتشجيع الابتكار

قد يكون من الصعب قياس الابتكار، لكنَّ الباحثين في "جامعة موناش" (Monash University) و"جامعة لاتروب" (LaTrobe University) في "أستراليا" (Australia) اتَّخذوا نهجاً جديداً من خلال فحص قيمة براءات الاختراع الداخلية وجودتها في عديد من الشركات، وكيفية ارتباطها بثقافة مكان العمل، واكتشفوا أنَّه كلما كان أرباب العمل يعامِلون موظفيهم معاملةً أفضل، ازداد عدد أفكارهم وجودتها في العمل ازدياداً ملحوظاً.



الشركات التي تتمتَّع بأكبر الفوائد، هي تلك التي وضعت برنامجاً لتقدير الموظفين، فقد خلص الباحثون إلى أنَّ معاملة الموظفين معاملةً جيدة تُسهِّل عملية توليد الأفكار، وتلك المؤسسات التي تجيدها، هي أكثر ميلاً لاتِّباع استراتيجية ابتكار متماسكة، بينما تتَّبع الشركات التي لا تتواصل مع موظفيها استراتيجيات أضعف، وتفتقر إلى الهدف والجهد الجماعي الذي تجلبه القوى العاملة المندمجة في العمل.

بيئة عمل يمكن أن يثمر فيها الابتكار:

لا يمكنك أن تأمر شخصاً بأن يكون مبتكراً، وتتوقَّع نتائج من ذلك، والناس لا يستجيبون بهذه الطريقة؛ فالابتكار الحقيقي يحدث بشكل طبيعي، ويجب تشجيعه بدلاً من استخراجه بالقوة، والهدف هو إنشاء بيئة يمكن أن يزدهر فيها الابتكار.

يستشهد القائمون على الدراسة بشركة "جوجل" (Google) كمثال رئيس: "تشير الأدلة القائمة على قصص سابقة في صناعة التكنولوجيا المتقدمة إلى أنَّ معاملة الموظفين معاملةً جيدة هي عنصر أساسي للنجاح المبتكر، على سبيل المثال، أدَّى إطلاق شركة "جوجل" لبرنامج "20% من الوقت" (20 percent time)؛ وهو برنامج يمنح الموظفين حرية قضاء 20% من وقتهم المأجور لفعل ما يحلو لهم، إلى ابتكار بعض تطبيقاتها الأكثر شهرة بما فيها "جيميل" (Gmail) و"جوجل إيرث" (Google Earth).

نشرت "مجلة فاينانشيال إيكونوميكس" (Journal of Financial Economics) دراسة مماثلة في شهر كانون الثاني/ يناير، تُظهِر أنَّ تقديم خيارات شراء أسهم بسعر محدد للموظفين غير التنفيذيين له التأثير الواضح نفسه في الابتكار، وأنَّ المحرِّر التنفيذي في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) "والتر فريك" (Walter Frick)، أضاف نظريته الخاصة بالأمر:

"إذا شعر العمال بالضغط لتحقيق نتائج على الأمد القصير - إمَّا خوفاً من طردهم أو من أجل الحصول على ترقية - فقد يصبحون أقل احتمالاً للسعي وراء ابتكاراتٍ أكثر أهمية، ومن ناحية أخرى، إذا كان الفشل على الأمد القصير مقبولاً أو حتى يُكافَأ، فمن المرجَّح أن يبتكروا".

شاهد: 6 طرق لتنمية الابتكار لدى الأطفال

مفارقة الابتكار:

تكمن المفارقة في أنَّه يجب على الشركة أن تتقبَّل احتمالية الفشل قصير الأمد في سبيل تحقيق النجاح على الأمد الطويل نتيجة الابتكار؛ إذ تحمل أعظم الابتكارات بطبيعتها أكبر المخاطر، ويجب أن تثق الشركة بمواهبها، بالإضافة إلى التحلي بالصبر؛ لإتاحة الفرصة أمام تطوُّر الأفكار وتنفيذها، ويعود الأمر كله إلى بناء ثقافة قائمة على الثقة والاحترام، التي يمكن للموظفين الاعتماد عليها.

إليك فيما يأتي الأساسيات لتنفيذ ذلك:

1. السماح بوقت للتسلية:

توصَّل العلماء إلى اكتشافاتٍ أحدثت تغييراتٍ جذرية في العالم، مثل: البنسلين، وأفران الميكروويف، والأشعة السينية عن طريق الخطأ بينما كان المكتشف يعمل على مشكلة غير ذات صلة بالأمر؛ إذ تظهر الأفكار المبتكَرة غالباً عندما لا يفكِّر فيها أحد؛ لذلك، من المفيد منح الموظفين حرية التسلية والتأمُّل والتجربة.

إقرأ أيضاً: كيف تحفّز موظفيك على إنجاز مهامهم في العمل؟

2. مكافأة التميُّز:

عندما يُقدِّم موظف عملاً مبتكَراً، تأكَّد من أن توضِّح تقديرك له، واحرص على توضيح أسباب وطريقة ذلك إلى أي شخص آخر، واحرص دائماً على ربط الأداء الفردي بالأداء العام، وتأكَّد من أنَّ الموظفين يعرفون أنَّ المجازفة تُكافَأ.

3. الاستمرار والمتابعة:

لا شك بأنَّ إنشاء الثقافة يستغرق وقتاً؛ لذا استثمر في سعادة موظفيك على الأمد الطويل، واستمر في تحفيزهم؛ إذ يؤدي التواصل المستمر وتعزيز الأهداف طويلة الأمد مع تقديم التقدير إلى توسيع آفاق موظفيك.

إقرأ أيضاً: ما هي أسرار السعادة في العمل؟

في الختام:

ستخسر بعض المؤسسات الملايين قبل أن تدرك أنَّ كل ما كان عليها فعله هو معاملة موظفيها معاملة أفضل قليلاً، فإنشاء مكان عمل أكثر ملاءمة للابتكار هو شيء يمكنك البدء بتنفيذه اليوم بتأثيرٍ مستمرٍ ونتائج ملموسة.

المصدر




مقالات مرتبطة