إطلاق المبادرات... قانون للنجاح في الحياة

إلى كلِّ مَن يعتقد أنَّ الجلوس على عتبات الزمن بانتظار المعجزات يجلب النجاح؛ عليكَ أن تعلم أنَّكَ ستنتظر دون فائدة، ولن تحصل على شيء؛ لأنَّ قانون الحياة قائم على المبادرة، فلا يُمكِنُ لنار أن تشتعلَ دون الشرارة الأولى، ولا يمكن لكتابٍ أن تمتلِئَ صفحاته دون البدء بالأحرف الأولى، وهذه هي سنَّةُ الكون من بدء الخليقة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.



أَطْلِق المُبادَرَة:

في كتاب تجربتي لحياة أفضل يقول الكاتب زياد ريِّس إنَّ معظم الشركات الكبيرة والكيانات الهامَّة في العالم بدأت بمُبادرة بسيطة، وتنامَت إلى أن أصبحَت إمبراطوريات كبيرة انتشرت في الآفاق سواءَ كان ذلك على صعيدِ الشركات الخاصَّة بالأعمال أم المُؤسَّسات ذات الطابع الخيري والإنساني، وبلا شكٍّ أيضاً تُوجَدُ مُبادرات كثيرة تُطلَقُ ويكون مصيرها الفشل، وتموت في مَهْدها، وفي كلتا الحالتين والمسارين تكونُ هناك مُسبِّبات لذلك، ولكنَّ المشتركَ هو "إطلاق المُبادَرَة".

إقرأ أيضاً: العمل التطوعي: أهميته وفوائده على الفرد والمجتمع

أهمية المبادرة:

وعليه فمن الأهمية أن نعمل على نَشر فكرة "المُبادرة" بيننا، وبيان أهميتها، لكنْ حبَّذا أن يتمَّ ذلك مع الإضاءة على إطلاق المبادارات والقواعد الهامةِ لإنجاحها، ومع إيضاح الرؤية والرسالة والهدف، ويبقى توفيق الله هو الفيصل في الأمر، وكذلك التأكيد على أنَّه ليس بالضرورة نجاح كل مُبادرة تُطلَق؛ وإنَّما تكرار الطرح والمحاولة بوجود التعديلات المستمرة التي تتطلَّبها الحالة هما الطَّريق للنجاح، والكثير ممَّا نراه من قصص نجاح اليوم ما هو إلَّا نتاج محاولات فشل متعدِّدة سبَقتها، وعليه ينطبق الحال على مُبادرات العمل الخيري؛ حيث من الأهميَّة لنجاحها أن تُؤخَذ في الحسبان كلُّ مُسبِّبات النَّجاح.

وهنا أودُّ الإشارة إلى أنَّ إطلاق "المبادرة" في البداية لا يحتاج إلى أموال أو إمكانات؛ وإنَّما هي مُكتسبات وشَغَف ومهارات شخصيَّة، وتُوجَدُ أمثلة كثيرة في العصر الحديث، وكذلك من السيرة النبويَّة تبيّن أهمية المبادرة، ومثال عن ذلك لمَّا جاء قوم شديدو الفاقة والفقر إلى مجلس النبي ﷺ، وتأثَّر النبي ﷺ في حالِهم، وحثَّ الصحابة على إكرامهم؛ فقامَ أحد الصحابة بإطلاق المبادرة بأوَّل مشاركة في العطاء، ثم تتابعَ الصحابة بما تجودُ به أنفسهم، وتتالَت العطايا وجُمِعَ الشيء الكثير.

من هنا ومَهما كانت الإمكانات المتوفرة، فعلينا ألَّا نُعوِّل على الآخرين، ولنبدأ بالمبادرة، ولنَبحث دوماً عن قواعد ونواميس النَّجاح.

شاهد بالفيديو: مقومات النجاح الأساسيّة في الحياة

مُتطلَّبات لفُرَص نجاح أكثر:

بعدَ سماع قصة نجاح حاكم كاليفورنيا والمُمثِّل المشهور "أرنولد" ذو الأصل النمساوي؛ والذي هاجَر إلى أمريكا وتدرَّج في بطولات كمال الأجسام، ونصائحه الست التي يرى أنَّها يُمكِنُ أن تَصنَع منك إنساناً أكثر نجاحاً، وهي كالتالي:

  1. ضعْ هدفاً واضحاً لحياتك.
  2. لا تَستمع إلى كلام المُحبِطين.
  3. ابذلْ أقصى جهدك.
  4. تجنَّب الخطط البديلة.
  5. ساعد الآخرين قَدر المستطاع.
  6. لا تنسَ فضلَ الآخرين عليك.

أحببتُ التحدُّث عن هذه الفكرة والإشارة إلى بعض الجوانب التي يمكن الاستفادة منها؛ حيثُ يُوجَدُ الكثيرون ممَّن تحدَّثوا عن النَّجاح وأسبابه ومتطلباته، وبلا شكٍّ تُوجَدُ عوامل كثيرة تكون من الأسباب الهامَّة للنجاح بعد توفيق الله "سبحانه وتعالى".

تُوجَدُ قصص نجاح كثيرة في التاريخ القديم والحديث، والمشتركات كثيرة بين هذه القصص والصفات التي يحملها أصحابها سواءَ على الصعيد الشَّخصي أم المؤسساتي؛ منها "النَّزاهة، الصِّدق، الشَّفافية، الإصرار، التركيز، روح المُبادرة، الصَّبر والجهد والتعب، وضوح الهدف.... إلخ".

لكنَّ ما لفتَ انتباهي في قصةِ هذا الرجل أرنولد "حاكم ولاية كاليفورنيا" هو حبُّهُ لمساعدة الآخرين؛ حيث أرى أنَّها من أهم المسبِّبات وعوامل النجاح، وكذلك إنكار الذات مع الاعتراف بفضل الآخرين؛ حيث إنَّه مِن المُلاحَظ أيضاً أنَّ عنوان محاضرته "القواعد الست الأكثر نجاحاً"، ولم يقُل للنجاح، وهي إشارة إلى أنَّ النجاح يتطلَّب عوامل كثيرة وليس مقتصراً على ما ورد بالعوامل الستة المذكورة فقط.

إقرأ أيضاً: 7 عوامل أساسيّة للنجاح في الحياة

من الواضح وجود سنَن كونيَّة ومُسبِّبات وضعها الخالِق لعموم البشر إذا ما تضافرت ووُجِدَت يرافقها النجاح؛ ومنها "حُب خدمة الآخرين، والإنسانيَّة، ونشر الخير، والمُبادَرة بالعطاء"، وهذا يتوافق مع الرسالة الكبيرة التي تقع على عاتق الإنسان ألا وهي إعمار الأرض.

إقرأ أيضاً: أهمية الانضباط والالتزام لحياة ناجحة

من المؤكَّد وجود معايير ومقاييس كثيرة للنجاح، وكذلك درجات مُتعدِّدة ونسبية لهذا النَّجاح، لكنْ من الواضح أنَّه بقدر ما يكون هناك التزام بالقواعد الرئيسة للنَّجاح بقَدر ما يرتقي الإنسان أو المؤسَّسة في سُلَّم النَّجاح، وكذلك تُوجَدُ عوامل مُتأصِّلة في أصحاب هذه التجارب الناجحة وأخرى مُكتَسَبة من خلال الممارسة والتَّجربة وتراكم الخبرات، وإنَّ تطوُّر هذا النجاح واستمراره يكون بقَدر الالتزام بالأساسيات من هذه السنَن الكونية.




مقالات مرتبطة