إصلاح الفجوة في الأجور يبدأ بمهارات التفاوض على راتبك

من العروض الأولية إلى طلبات العمل بدوام جزئي، إليك ما لا يفكر فيه كل من أرباب العمل والموظفين في كثير من الأحيان.



الاحتمال الأكبر أنَّك لم تتفاوض على عرض راتبك الأخير، فأكثر من نصف العمال الأمريكيين لا يتفاوضون عليه، كما تتردد النساء خاصةً في هذا الأمر خوفاً من أن تظهرن بمظهر الانتهازيات أو من أن تفقدن عرض العمل بالكامل حتى.

وعلى الرغم من أنَّ عدم طلب راتب أعلى يمكن أن يعوق تقدُّم أي شخص، إلا أنَّ هذه الممارسة لها تأثير كبير في أولئك الذين يحصلون على راتب أقل في بداية العمل أيضاً؛ حيث كشفت الأبحاث عن وجود فجوات في الأجور بين الجنسين وتبعاً للعرق والعمر ومستويات التعليم، فيعني العمل في وظيفة ذات راتب قليل أن تكون أكثر عرضة للمعاناة في تأمين الأمور البسيطة مثل النفقات اليومية، ومدَّخرات التقاعد، والتخلص من الفقر.

وفي حين يعمل العديد من أرباب العمل - وخاصة في مجال التكنولوجيا التي يهيمن عليها الذكور - على معالجة هذه القضايا، يمكن للموظفين ومديري التوظيف القيام بدورهم من خلال تحسين مهاراتهم في التفاوض على الرواتب؛ فبعد كل شيء، حتى أولئك الذين يتفاوضون عليه لا يعتقدون في كثير من الأحيان بأنَّهم فعلوا ذلك على نحو فعال.

وتقديراً ليوم المساواة في الأجور في الولايات المتحدة، وهو حدث يرفع الوعي سنوياً حول الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء، حددت سالي كلينجل (Sally Klingel)، مديرة علاقات إدارة العمل في معهد شاينمان (Scheinman Institute) لحل النزاعات في جامعة كورنيل (Cornell University) ثلاثة سيناريوهات تفاوض مشتركة للموظفين ومديري التوظيف لضمان التعامل مع عملية العرض بعدل وثقة.

إقرأ أيضاً: كيف تجيب عن سؤال "ما الراتب الذي تريده" في مقابلات التوظيف؟

السيناريو الأول (العرض الأولي):

بالنسبة إلى مديري التوظيف: تنصُّ العديد من الأوصاف الوظيفية على عبارةٍ على غرار: "يتناسب الراتب مع الخبرة"، تنصح كلينجل أرباب العمل بتحديد نطاق الرواتب بدلاً من ذلك عندما يبحثون عن موظفين جدد، ووضع نطاق يكونون مستعدين للتفاوض ضمنه.

يحدد هذا النطاق البحث، خاصة داخل الشركة، كما أنَّه يساعد على توضيح الأمور من خلال تجنُّب العذر الذي يُستخدَم عند تحديد الراتب عندما يقول الموظِّف "سننتظر ونحدده بعد المقابلة".

قالت كلينجل: "لا يتعلق الأمر بالدخول في المفاوضات المختلفة وأنت تنتظر وتفكر في أنَّك سترى ما سيطلبه المرشحون للعمل، وستقرر بعدها إذا كنت ستعطيه ما يريده أم لا؛ بل يتعلق في الواقع بأن تحاول جعل هذا مباشراً أكثر كيلا تمنح الأفضلية للأشخاص الذين قد يكونون أكثر جرأة في طلب الأجر المرتفع".

بالنسبة إلى الموظفين المحتمَلين: لا تبحث فقط عن نطاق الراتب للوظيفة؛ بل تعرَّف أيضاً إلى ما هو شائع في الشركة ومجال عملك؛ حيث تقترح كلينجل أن نسأل في أثناء التفاوض: "ما هي المعايير الخاصة بك لاتخاذ القرارات قبل تقديم عرض الأجر؟" قد يستجيب أرباب العمل من خلال تحديد الأولويات مثل العمر أو المهارات الجديدة أو الإنتاجية، مما سيساعدك على بناء وجهة نظرك.

تقول كلينجل: "إذا كنت متردداً في طلب ما تريد، فتذكَّر أنَّ منافسيك ليسوا كذلك"، والنساء أقل احتمالية لأن تطلبن راتباً عالياً من مجال الراتب المحدد من الرجال، كما أنَّهن أقل احتمالية لتضخيم مدى احتياجهن للراتب.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح لتتفاوض على الراتب الذي تريده

السيناريو الثاني (طلب جدول زمني مرن أو العمل بدوام جزئي):

بالنسبة إلى المديرين: هناك عدد من الأسباب التي قد تجعل الموظفين يرغبون - ولو مؤقتاً - في الانتقال إلى وظائف بدوام جزئي، مثل قضاء المزيد من الوقت مع الأطفال الصغار أو رعاية أحد أفراد الأسرة المسنين؛ لذا يمكن للشركات استباق هذه المناقشات من خلال تحديد سياسات الشركة العامة وتوفير العمل المرن والمخصص للظروف الفردية، بالإضافة إلى التحقق من هذه السياسات لتحديد ما إذا كان هذا النظام الجديد لا يزال ناجحاً بالنسبة إلى جميع المعنيين.

ومع ذلك، يجب أن يكون أرباب العمل منفتحين على خيارات العمل ضمن تلك السياسة، وألا يقتصر الأمر فقط على ما نجح معهم شخصياً؛ لذا كن حذراً حتى لو كنت تميل إلى التعامل مع الطلبات كلٍّ على حدة، تقول كلينجل إنَّ المديرين بحاجة إلى التأكد من أنَّهم لا ينشئون نمطاً يميز موظفاً دون الآخر، أو يضعون أنفسهم في وضع لا يمكنهم فيه تكرار الحل نفسه مع موظف آخر.

بالنسبة إلى الموظفين: عليك أن تُجري أبحاثك في هذه الحالة أيضاً، فقبل أن تقابل مديرك في العمل، ابحث عن سياسات تتيح جداول زمنية مرنة موجودة بالفعل، ومَن الذي استفاد منها وكيف كانت تلك التجارب، وقبل أن تضع اقتراحاً كاملاً، اجتمع مع مديرك لإجراء محادثة حول ما قد تحتاج إليه الشركة من دورك الوظيفي، تقول كلينجل: "ليس عليك توقُّع ما هو الحل الصحيح حتى تكون قد تجاذبت أطراف الحديث مع مديرك حوله".

كن منفتح الذهن بشأن الحلول، وأكِّد على رغبتك في وضع خطة مشتركة تسمح لك بالاستمرار في تقديم مساهمات منتِجة، وليس وضع الشركة في موقف غير مناسب لها.

ولا تفترض أنَّك الموظف الوحيد الذي يحتاج إلى المرونة، مما قد يعني التحدث إلى الآخرين في فريقك وإجراء العصف الذهني حول الحلول التي يمكن أن تفيد المجموعة كلها، تقول كلينجل: "أعتقد أنَّ النساء يشعرن بأنَّ الأمر متروك لهنَّ للتوصل إلى حل لوضعهن بدلاً من التحدث مع الآخرين الذين لديهم مواقف مماثلة والبحث عن شيء يعمل على نطاق واسع للجميع".

إقرأ أيضاً: متى يحق لك أن تطالب في زيادة راتبك الشهري؟

السيناريو الثالث (طلب العلاوات):

بالنسبة إلى المديرين: تؤكد كلينجل أنَّ مراجعات الأداء الدورية يمكن أن تكون فرصة رائعة لبدء المحادثات حول الأداء والتوقعات، بينما يجب عليك تقديم ملاحظات حول الأعمال التي يقوم بها موظفوك بانتظام، يمكن أن تساعد المراجعة الرسمية على جعل الحديث عن الراتب أقل إثارة للدهشة عندما لا تكون زيادة الرواتب أو الترقيات مناسبة؛ كما يمكنهم أيضاً المساعدة على توحيد محادثاتك حول التقدُّم، مما يجعل زيادة الراتب أكثر عدلاً.

بالنسبة إلى الموظفين: في حين أنَّ معرفة كيف حصل الآخرون على وظائف أو مناصب أو زيادة في الرواتب أمر مفيد، ستحتاج أيضاً إلى أن تكون صادقاً مع نفسك، تقول كلينجل: "قد تعتقد بأنَّك تعمل بجد أكثر من أي شخص آخر، لكنَّ تصوراتنا عن ذلك غالباً ما تكون مبالغاً في أمرها؛ لذلك عليك أن تكون منضبطاً بشأن عدم وضع الافتراضات".

حافظ على حوار مفتوح مع مديرك حول الوظيفة التي تقوم بها، واعرف ما الذي يؤثر في اتخاذ القرارات عند تقديم الترقيات للموظفين أو الزيادات في الرواتب، وعندما تعتقد أنَّك تستحق راتباً أو دوراً وظيفياً أفضل، كن واضحاً بشأن مساهماتك واحتياجك إما للمضي قدماً أو معرفة المزيد، ومن ثم قدِّم مجموعة من الخيارات، وتحدَّث عن الإيجابيات والسلبيات من كلا المنظورين، واطلب رأي الطرف الآخر.

تقول كلينجل: "لا يجب أن تكون المفاوضات عملية تجارية بحتة؛ إذ لا يجب أن تقدِّم اقتراحك، وتطلب من الطرف الآخر تقديم عرضه بالمقابل، فهذا يختصر الكثير من الأمور الهامة؛ وبهذا النهج، تنقطع سلسلة الإبداع".

 

المصدر




مقالات مرتبطة