أيُّهما أنفع: الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين أم تعيين موظفين جدد؟

يعرف معظم أرباب الأعمال المحنَّكين أنَّ التمسك بعميل حالي يُعَدُّ أكثر فاعليةً من حيث التكلفة مقارنةً باستقطاب عميلٍ جديد؛ وهذا هو السبب في أنَّ تجنُّب استنزاف العملاء يُعَدُّ جزءاً هاماً من الأداء السليم، وفي أنَّ استثمار الشركات لبرامج المكافآت والخصومات التي تخدم العملاء، يزيد من سعادتهم ومن الصفقات التي يعقدونها.



تنطبق هذه الفكرة نفسها على الموظفين أيضاً؛ إذ لا يقتصر الأمر على مجرد توظيف أفضل المواهب، فعائد الاستثمار الحقيقي في التوظيف يأتي من الاحتفاظ بهؤلاء الموظفين ذوي الأداء الأفضل لسنوات قادمة، وخلاف ذلك، فإنَّ أرباب العمل سيبذلون جهودهم دون نتيجة، ويستبدلون الموظفين بالسرعة نفسها التي يعيِّنونهم بها؛ وتسمى هذه العملية رسمياً دوران العمالة، ويمكن أن تُعطِّل مستويات إنتاجية المؤسسة ومعنويات الموظفين، ناهيك عن الأرباح النهائية.

تكاليف عملية دوران العمالة:

يمكن تصنيف التكاليف المرتبطة بدوران العمالة عموماً إلى واحدة من ثلاث فئات، هي:

1. تكاليف إنهاء الخدمة:

هي التكاليف المباشرة التي يتكبدها رب العمل عندما يغادر الموظف، ويشمل هذا البند التكاليف الروتينية والمتوقعة مثل تعويضات نهاية الخدمة، ومطالبات التأمين ضد البطالة - حسب الظروف - والمزايا المستمرة، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى التكاليف التي قد لا تتوقعها الشركات، كالوقت الذي يقضيه الموظفون الآخرون في معالجة مسألة إنهاء خدمة الموظف، وفي إجراء مقابلات الخروج، وما إلى ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تحتفظ بأفضل الموظفين لديك؟

2. تكاليف التوظيف:

هي تلك التي يتحملها رب العمل بحثاً عن شخص ما لملء منصب شاغر، بدءاً من الوقت الذي يستغرقه تحديث الوصف الوظيفي إلى تكلفة تدريب الموظفين الجدد، وكل شيء بينهما؛ فكلما طالت عملية التوظيف، زادت تكاليفها.

3. تكاليف الإنتاجية:

وهي تكاليف يصعب تحديدها قليلاً مقارنةً بتكاليف إنهاء الخدمة أو تكاليف الاستبدال؛ فالتكاليف المدرَجة في هذه الفئة ليست فقط ساعات الإنتاجية التي تخسرها الشركة في أثناء بقاء الوظيفة شاغرة، لكن أيضاً الوقت الذي يقضيه الموظفون الآخرون في محاولة تحمُّل فترة الركود، ويوجد أيضاً الوقت الذي يستغرقه الموظف الجديد للارتقاء إلى مستوى الإنتاج والإنتاجية للموظف السابق، الذي يمكن أن يتراوح من بضعة أيام فقط إلى بضعة أشهر حسب نوع الوظيفة.

لا تقتصر التكلفة في هذا البند على الوقت فحسب؛ بل تمتد إلى أكثر من ذلك؛ ففي كل مرة يغادر فيها الموظف يأخذ معه كل الخبرة والمهارة التي قدَّمها في وظيفته، بالإضافة إلى مزايا أي تدريب تلقَّاه في أثناء عمله، ولا يحق لرب العمل تعويض أي استثمار قام به في تدريب هذا العامل، فكل ما تلقَّاه سابقاً يفيد الموظف وحده الذي غادر، وشركته التالية التي سيعمل بها فقط.

شاهد بالفيديو: 7 أسباب تجعل الموظّف يكره عمله

التكلفة العالية لدوران العمالة:

يُعَدُّ الجزء الأهم في دوران العمالة، والجزء الذي يهتم به معظم أرباب العمل، هو الجزء المادي؛ أي الرقم الحقيقي الذي سيكلفهم مقابل استبدال الموظفين؛ فقبل أن يكتشف رب العمل تأثير دوران العمالة في المؤسسة ككل، من المفيد فهم التأثير المالي لاستبدال موظف واحد فقط، وسيخبرك أي رقم من الاستطلاعات أنَّه يمكن أن يكلف عشرات الآلاف من الدولارات لاستبدال حتى العمال المبتدئين.

وبينما هم يرزحون تحت هذا الخطر، يوجد رقم آخر أكثر أهمية يحتاج أرباب العمل إلى أن يكونوا قادرين على حسابه عندما يتعلق الأمر بدوران العمالة وهو: مُعدَّل دوران العمالة.

إقرأ أيضاً: دوران العمالة الطوعي: تعريفه، وأسبابه، ونتائجه، وكيفية منعه

حساب مُعدَّل دوران العمالة:

لحسن الحظ، إنَّ الصيغة التي يستخدمها أرباب العمل لحساب مُعدَّل الدوران واضحة جداً، وهي: عدد الموظفين الذين غادروا خلال فترة زمنية معينة مقسوماً على متوسط ​​عدد الموظفين العاملين خلال فترة زمنية معينة، ثم الضرب بـ 100، وفيما يأتي مثال عن كيفية استخدام رب العمل لهذه المعادلة لحساب مُعدَّل دوران العمالة:

"جريج" (Greg) هو مالك شركة محاسبة، ويريد معرفة مُعدَّل دوران موظفي شركته للعام السابق؛ ففي بداية العام، وظَّف 92 شخصاً، وفي نهاية العام وظَّف 108 أشخاص، فأصبح متوسط التوظيف هو 100 في العام الماضي، وقد غادر، على مدار العام، خمسة موظفين أو أُنهِيَت خدمتهم.

لحساب مُعدَّل الدوران للسنة، يحتاج "جريج" إلى قسمة عدد الموظفين الذين غادروا خلال العام؛ أي 5، على متوسط ​​عدد الموظفين خلال العام؛ أي 100، وضربه بـ 100، وفي حالة "جريج"، كان مُعدَّل دوران موظفيه السنوي 5%.

هذا الرقم بحد ذاته لا يعني الكثير، لكن لفهم تأثير مُعدَّل الدوران في مؤسسة ما، يحتاج أرباب العمل إلى إلقاء نظرة على هذه الأرقام مقارنة بكل من المؤسسات الأخرى التي تنافسهم في صناعتهم ومنطقتهم، والتي يمكن العثور عليها في مكاتب الإحصاء الحكومية، فضلاً عن البيانات القديمة الخاصة بهم.

بصرف النظر عن سبب إنهاء الخدمة، أو مَن الذي أنهى اتفاقية التوظيف، أو المستوى الذي كان لدى الموظف داخل المنظمة، ففي كل مرة يغادر فيها موظف الشركة، من المحتمل أن يكون لذلك تأثير سلبي في صافي أرباح المؤسسة؛ لذا، إنَّ أرباب العمل الذين يجدون طريقة لمكافحة مُعدَّل دوران العمالة الذي قد يواجهونه، سيتمتعون على الأرجح بهوامش ربح أعلى، وسيُكافؤون بقوى عاملة أكثر سعادةً واندماجاً.

المصدر




مقالات مرتبطة