أهمية منح الموظفين هدفاً وكيفية إنشائه

تجد معظم المنظمات اليوم نفسها في حالة مستمرة من التدهور، متجهة بسرعة نحو تقديم جودة رديئة، والأسوأ من ذلك هو أنَّ كثيراً من هذه المنظمات قد فقدت أهميتها.



إنَّ انخفاض قيمة المنظمة يرتكز على عدم القدرة على جذب أفضل المواهب من الأجيال الشابَّة وتطويرها والاحتفاظ بها، ففي معظم الحالات، يكون اختصاصيو الموارد البشرية في حَيرة من أمرهم؛ إذ إنَّهم لا يفهمون سبب عدم تمكُّنهم من الاحتفاظ بهذا النوع الجديد من المواهب.

لذا تعطيهم المنظمات حرية ارتداء ملابس غير رسمية خلال يوم في الأسبوع، كما تتيح للموظفين الفرصة للجلوس مع المدير كل شهر خلال الساعة السعيدة - وهي فترة زمنية تقدم بها تخفيضات على المشروبات وبعض المقبلات والمأكولات - ولقد استبدلوا المكاتب وأماكن العمل المغلقة بـ "مكاتب عمل قريبة من بعضها"، حتَّى إنَّهم أنشؤوا صفحة على منصة "فيسبوك" (Facebook)، لإبقاء الموظفين على اطِّلاع بكل مستجدَّات الشركة، لكن هذا أبعد ما يكون ممَّا يريده هؤلاء الموظفون.

لكي نكون منصفين، إنَّ هذه الأمور تمثِّل إضافات جيدة، لكنَّها لا تفي بالغرض فيما يتعلَّق بجذب المواهب الشابَّة والاحتفاظ بها، وهي ليست فعلياً ما يريده جيل الشباب، وبدلاً من ذلك، فإنَّ المبدأ الذي يجب على مديري التوظيف فهمه في بيئة العمل الفوضوية المكوَّنة من أربعة أجيال اليوم، هو أنَّ الحافز الأساسي لجيل الشباب يكمن في الشعور بالهدف.

على سبيل المثال، شخصية" تايلر دوردن" (Tyler Durden) في فيلم "نادي القتال" (Fight Club)، إذ يبدو مثالاً لما يبحث عنه الموظفون الأصغر سناً اليوم في مكان العمل وفي الحياة.

فقد كان "دوردن" شخصاً سعيداً، وكان يشعر بالانتماء لأمر هام؛ إذ إنَّه لأول مرة في حياته عرف أنَّه يستطيع أن يفعل ما يشاء، وأن يكون ما يشاء، لقد شعر بإحساس بالمعنى والهدف، وقد دفعه ذلك الشعور إلى مستويات لم يكن يتخيَّلها في حياته المُملَّة والبائسة، ولم يسعه انتظار ما هو قادم.

فبينما كان يرتدي قميصه، حاول محاولةً جريئة أن يوقف الدم، الذي كان يتدفَّق منه بعد قتال في النادي، لكنَّه توقف عندما حدث ذلك، وهو الجزء المفضل لديه؛ إذ دخل القائد إلى منتصف الغرفة، فأطبق الصمت على التجمُّع الصاخب، فقد كان القائد متحمِّس بشدة، وعندما كان يجول في الغرفة، كانت نظراته تتنقل من شخص إلى آخر، وكان يطيل النظر إليهم، وهذا جعل كل شخص يشعر أنَّه الوحيد في الغرفة؛ لقد كان نادي القتال يمثِّل دافعاً للمشاركين فيه؛ إذ كان المعنى الذي بحثوا عنه في الحياة.

الحقيقة هي أنَّ معظم الموظفين لا يجدون أبداً مغزى أو هدفاً في العمل، إذ يبدو أنَّه أحد أكثر الموضوعات التي نوقشت بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يُناشد الموظفون لتحقيق أحلامهم، والقيام بما يحبُّونه، وعدم الاكتفاء بحياة عمل مملِّة.

شاهد: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

فقط تخيَّل كيف سيكون شعورك في العمل عندما تعيش تجربة تحقيق هدف حقيقي وامتلاك دافع لا حدود له؛ فهو ذلك النوع من التحفيز الذي يدفعك للاستيقاظ باكراً، ويبقيك تعمل حتى وقت متأخر من الليل، كما هو الشعور الذي يأتي من الاستقلالية والشغف وأنت تعمل على إنجاز شيء مميَّز.

قد تقول إنَّ هذا مجرد فيلم؛ لذا دعنا ننتقل إلى كتاب "دانيال بينك" (Daniel Pink) الأكثر مبيعاً: "القيادة: الحقيقة المفاجئة عمَّا يحفزنا" (Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us)، فهو في كتابه يكشف عن الدوافع الحقيقية التي تتحكَّم بالسلوك البشري.

يشير "بينك" إلى أنَّ الهدف هو أحد المكونات الأساسية الثلاثة لتحفيز الإنسان، ويقول: "عندما يتعلَّق الأمر بالتحفيز، توجد فجوة بين ما يقوله العلم وما تفعله الشركات؛ إنَّ نظام الأعمال الحالي لدينا - الذي أُنشِئ بناءً على محفِّزات خارجية تعتمد على نهج المكافأة والعقاب - لا ينجح وغالباً ما يلحق الضرر، فنحن نحتاج إلى تحديث هذا النظام، ويظهر العلم الطريقة للقيام بذلك، ويحتوي هذا النهج الجديد على ثلاثة عناصر أساسية:

  1. الاستقلالية: الرغبة في إدارة حياتنا.
  2. الإتقان: الرغبة في أن تصبح أفضل في شيء هام.
  3. الهدف: الشغف للقيام بما نفعله في خدمة شيء أهم من أنفسنا.

السؤال الحقيقي هو: كيف تصنع الهدف في مكان عملك؟

تحديد الهدف الخاص بك:

إنَّ الهدف يعني امتلاك الشغف لأداء وظيفتك في خدمة شيء أهم من مصلحتك، فربما تتساءل ما هو هذا الهدف؟ بالنسبة إلى بعضهم، إنَّ هذا الهدف يؤثر في المجتمع، أمَّا بالنسبة إلى الآخرين، إنَّه يعني تحقيق مستوى من التميُّز في مجال الدراسة؛ فقد يحدث فرقاً أو يترك إرثاً أو يُنشئ شيئاً جديداً.

فنحن لا نعرف ما يجب أن يكون هدف شركتك، لكنَّنا على يقين من أنَّه يمكنك اكتشاف ذلك في محادثة مدروسة مع موظفيك؛ ولسوء الحظ، تنشئ المنظمات عادة رسالةً هامَّةً وتحدد بعض القيم العامَّة، وتعلِّق الملصقات ولا تتحدث عن كل تلك الأمور أبداً مرة أخرى؛ وهذا سيؤدي إلى فشلها الحتمي، وللاحتفاظ بأفضل المواهب، يجب عليك بذل جهد متعمِّد، لربط الأهداف بالأفراد.

إقرأ أيضاً: لا تخلط بين أصحاب الإمكانات العالية والمحترفين

إليك كيف يمكنك البدء:

1. إنشاء الهدف:

تتمثَّل الخطوة الأولى في التعاون على مستوى القيادة مع المؤثرين الرئيسين في جميع أنحاء المنظمة لتحديد الهدف الدافع للمنظمة؛ فنحن لا نتحدث عن النتائج التي تريد التوصُّل إليها، أو وضع بيان رسالة ضعيف؛ بل عن الهدف الذي يوحِّد الفريق، فهل هذا الهدف لخدمة المجتمع؟ أم لتمويل قضية؟ أم لتعزيز الابتكار والإبداع؟

2. الإشراف:

فكِّر في الخبرة التي يتمتَّع بها الموظفون الأفراد مع هدف المنظمة؛ أي الدور الذي يؤدونه، ومستوى التفاعل الذي يتمتَّعون به مع أرباب المصلحة من داخل وخارج المنظمة، وفكِّر في كيفية تحقيقها أكثر.

إقرأ أيضاً: الحقيقة هي أنَّ معظم الموظفين لا يجدون أبداً مغزى أو هدفاً في العمل

3. التواصل:

هذه الخطوة الهامَّة تتمثَّل في إجراء محادثات فردية مع كل عضو في فريقك؛ إذ تربط بوضوح الفرد بهدف الشركة، وهذه الخطوة هامَّة لأنَّها تعزِّز اندماج الموظفين؛ أي جعلهم جزءاً لا يتجزَّأ من عمل الشركة ورسالتها وثقافتها، وتؤثر تأثيراً مباشراً في أرباح الشركة.

لذا إذا كنت ترغب في الاحتفاظ بأفضل المواهب من بين مجموعة موظفي جيل الشباب، فأنشئ هدفاً في منظمتك وراقب شركتك وهي تتغير للأفضل.

المصدر




مقالات مرتبطة