أهمية تذكر اللحظات الهامة في تحقيق النجاح

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "إيفان ترافر" (Evan Traver)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في الاستمرار في السير على طريق النجاح مهما كان صعباً.



إنَّ الطريق السهل مريح:

الحياة صعبة، ولا شيء يسير فيها بالضبط كما تريد، حيث تستغرق الجداول الزمنية التي وضعتها لإنجاز هدفٍ أو مهمةٍ ما وقتاً أقصر أو أطول من اللازم، ويأتي المال ويذهب، وتبدأ العلاقات الاجتماعية، وتنتهي ويمكن أن تصبح مملةً في مرحلةٍ ما، وقد تجد ما يجرح كبرياءك أو يعززه، لكنَّ الحياة من الممكن أن تكون سهلة أيضاً، فمن السهل أن تسير في الطريق المريح بدلاً من طريق النجاح الصعب، لكن ما هو الطريق المريح؟ يمكن أن يكون أيَّاً مما يأتي:

عندما يستغرق الجدول الزمني لمهمةٍ ما وقتاً أطول من المتوقع، فهل تتخلى عن الهدف؟ أو عندما ينقص مالك ترى أنَّه من الأفضل التأسف عليه بدلاً من العمل على زيادته؟ أو إذا انتهت علاقة ما فمن الأسهل إلقاء اللوم على الطرف الآخر بدلاً من النظر إلى جوهر تلك العلاقة، والتحلي بالصدق تجاه الشخص الذي قد أخطأ، والاستفادة من التجربة لنمو العلاقة وازدهارها، وإن جُرحَت كرامتك فإنَّ إظهار التكبر أسهل بكثيرٍ من التعامل مع الشخص الذي جرحها.

الطريق الذي يقودنا إلى النجاح صعب ولكنَّه غني بالمكافآت في نهايته:

الحياة صعبة، فمن الصعب أن تبقى متأملاً وواثقاً وإيجابياً ومندفعاً، فالحياة كما فهمناها مليئة بالمنعطفات لدرجة أنَّه يكاد يكون من المستحيل أن نبقى متماسكين، ومن الأسهل بكثيرٍ بالنسبة لك أن تسمح لمجريات الحياة بالسيطرة عليك، بدلاً من أن تقوم أنت بالسيطرة عليها، لكنَّ مجريات الحياة لا تسيطر علينا، فنحن بصفتنا بشراً نتجاوب جسدياً وعقلياً مع محيطنا، وبذلك نؤثر بشكلٍ مباشرٍ في حياتنا وحياة من حولنا.

حتى تقاعسنا عن العمل يُعدُّ تصرفاً يقود إلى نوعٍ من التفاعل في الحياة، وبهذه الطريقة من التفكير، ومن خلال اتباع نهجٍ سلبي في الحياة، فأنت تساوي دون أن تشعر طريق النجاح الضيق بالطريق المريح، وإذا تصرفتَ بتقاعس؛ فنتيجة ذلك هي حياةٌ رديئة.

وبصرف النظر عن العمل والتقاعس عن العمل؛ فإنَّ طريق النجاح ضيِّق، والصعوبة جزءٌ أساسيٌّ منه، وهو طريق يسهل الحياد عنه في خضم مجريات الحياة، وعندما تصبح الأمور صعبة، تبتعد عن طريق النجاح الضيق، وتضيع بعيداً عن دربك.

لكي نكون ناجحين، نحتاج إلى أن نتحلى بالقدرة على العودة إلى الطريق الضيق، وبصرف النظر عن حجم المفاجآت التي نواجهها في الحياة، لا تستمر صعوبة الأمور والمجريات إلى الأبد، بل إنَّ الصعوبات التي تواجهها قادرةٌ على أن تبقيك على مسارك.

لكن كيف يتم ذلك؟ فالناس فخورون بأنفسهم، سواء اعترفوا بذلك أم لا، ومن الطبيعة البشرية أن نتبنَّى عقلية الضحية عند مواجهة عقبةٍ على طريق النجاح الضيق؛ فنحن لا نعترف بأنَّ اللوم يقع علينا بل نلقي اللوم على الحياة نفسها، ومع ذلك فإنَّ تبني عقلية الضحية هو إجراء قد اخترتَه بنفسك، ويؤثر مباشرة في طريقك الضيق وفي العقبات التي تلقيها الحياة أمامك.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

تذكَّر النقاط الهامة في الحياة كي تستمر في السير على طريقك:

الطريق الضيق ليس طريقاً مسطحاً بقدر ما هو مسارٌ متعرجٌ ومتقلب، أي مليء بالانتصارات والانتكاسات، وبصرف النظر عن العقبة التي تواجهها، ستكون هناك دائماً نقطة هامة في حياتك تتعلق مباشرةً بهذه العقبة؛ لذا هل تتذكر كيف كان شعورك في تلك اللحظات الهامة؟

من خلال تحديد وتذكر النقاط الهامة أو اللحظات الهامة في حياتك، يمكنك استخدامها عندما تحتاجها ،عندما يبدو المسار المريح أكثر إغراءً من طريق النجاح الضيق، ويمكن أن يكون ذلك مفتاح الحياة الناجحة؛ فهو يتمثل بقدرة البقاء على طريقك، بصرف النظر عن البيئة المحيطة، وتبقى صامداً وقادراً على البقاء من خلال الجمع بين تركيز الاهتمام على لحظات الحاضر وفي نفس الوقت التطلع إلى رؤية مستقبلك، والنظر إلى الوراء في أوقات الابتهاج.

إقرأ أيضاً: 8 دروس مهمة يجب أن تتعلّمها من الحياة

اللحظات الهامة ضرورية لسببين:

  1. تمنحك دفعةً عاطفيةً يمكن تذكرها عندما تفتقر إلى الدافع العاطفي، وتقدم لك عواطفك التي استقرت في نفسك من خلال تذكر هذه اللحظات الفرصةَ للتغلب على الفوضى والبقاء على طريق النجاح الضيق.
  2. في هذه اللحظات من الحياة يمكنك رؤية مستقبلك بوضوحٍ شديد، عندما تكون أمام نقطةٍ هامة، فترى الطريق الضيق لحياتك من وجهة نظرٍ منطقية، وتفهم بوضوح كلاً من الوجهة التي تتجه إليها، ولماذا تريد الوصول إليها؟ لذلك عندما تصبح الأمور صعبة، يمكنك تذكير نفسك بالسبب الذي يدفعك إلى القيام بما تفعله.

من الهام أن تتذكر أهم اللحظات في حياتك، وتستخدمها لتمنع نفسك من الوصول إلى الحضيض، وتحفِّز نفسك للتخلي عن اللامبالاة أو اليأس أو السلبية، ومن خلال تذكرك أمور تحفيزية صغيرة سوف تصل إلى ما تريد الوصول إليه، وتستعيد الوضوح والإيجابية والعاطفية.

قد يكون الأمر سيئاً في الوقت الحالي، لكن من خلال التركيز على "تلك اللحظات الهامة" والتي تجعلك تستمر ستعزز قيمة وقتك وتتمكن من البقاء على طريق النجاح الضيق.

إنَّ بناء شركةٍ أمر صعب، فالأمر له ضرائب عاطفية بقدر ما له ضرائب مالية، والأشخاص الذين تشاركهم على الرغم من كونهم مذهلين، يملكون سمات شخصية وفلسفاتٍ في الحياة فريدة وخاصة بهم، وعندما يتعلق الأمر بتأسيس عمل تجاري، فإنَّ جرح الكرامة بين الشركاء من أكثر الأشياء المؤذية التي يمكن أن تحدث.

لقد أتيحت لي الفرصة للشراكة مع بعض الأشخاص المميزين، والذين يتمتعون بقدرٍ عالٍ من الحماسة والذكاء؛ إنَّ الأمر كما وجدتُه فهو نعمةٌ ونقمةٌ في الوقت نفسه، ففي حين أنَّ فوائد الشراكة مع الأشخاص المتفوقين واضحةٌ جداً، إلَّا أنَّ الجانب السلبي لا يكون واضحاً في بعض الأحيان في البداية، وعندما تكون شخصاً ذا إنجازاتٍ عظيمة، خاصةً إذا كانت لديك شخصية تنافسية، فمن السهل أن تختلف حتى مع أكثر شركاء العمل الذين يحظون بالقبول.

لقد كان أحد شركائي على وجه الخصوص أحد أصدقائي صدفةً، وكلانا شخصان واثقان لديهما قناعات قوية في فلسفاتهما، وبهذه الطريقة من المتوقع جداً أن نختلف حتى فيما يتعلق بأصغر القضايا.

لقد أجرينا ذات مرةٍ نقاشاً لمدة 30 دقيقة عن كيفية إرسال بريدٍ إلكتروني إلى شريكٍ مُحتمَل قد يغير التعامل معه عملَنا كلَّه، اعتقدتُ أنَّ البريد الإلكتروني يجب أن يكون غير رسمي وودود، واعتقدَ هو أنَّه يجب أن يكون قصيراً ويحمل طابع العمل، وكان كلانا يعتقد أنَّ التوصل إلى الاتفاق مستحيل، حتى يرى كل طرف فائدة فكرة الطرف الآخر.

على الرغم من أنَّ الأمر يبدو تافهاً، إلا أنَّني أعرف شخصياً علاقات عملٍ قد انهارت واحترقت نتيجة حوادث صغيرة ومضخَّمةٍ مثل هذه، والأكثر من ذلك، أنَّنا كنا على حد سواء مرهقَين ومتعبين من الطاقة اللازمة للمضي بأعمالنا قدماً نحو الأمام؛ فوجود خلاف لا يمكن أن يكون نقطة انطلاق جيدة؛ لذا بدلاً من الوقوع في الفخ في تلك اللحظة، واتخاذ الطريق المريح والانزعاج حيال كرامتي المجروحة والعودة إلى المنزل، تذكرت حدثاً إيجابيَّاً أو حدثين في الواقع.

لقد فكرت في الوقت الذي أنجزنا فيه صفقتنا الأولى، وأضفنا الشرعية الحقيقية على نموذج أعمالنا، لقد كان إحساساً عظيماً، وتذكرت أيضاً ما كان قبل الاجتماع الفعلي مع الشريك والذي حدثت فيه كارثة البريد الإلكتروني هذه، كم شعرنا بالراحة إذا استثنينا ذاك الاجتماع.

مع إعادة التقييم هذه، عاد كل شيء إلى نطاق تركيزي، وبدلاً من الوقوع في الخلاف الذي كان يفاقم الخلافات السابقة، تمكنت من تذكُّر سبب وجودنا هنا، وتذكرت ما كنا نحاول تحقيقه معاً، وتذكرت الفوائد التي اكتسبها كلانا من الشراكة مع بعضنا بعضاً.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح هامة لمواجهة صعاب الحياة

في الختام:

لقد وضعنا حدَّاً للخلاف، وحرفياً في غضون دقائق، اتفقت مع تفكيره، مع العلم أنَّ شراكتنا كانت أكثر أهميةً من البريد الإلكتروني، ويا للمفاجأة، ولأنَّني كنت أكثر تقبُّلاً، كان هو أكثر تقبُّلاً أيضاً، من كان يظن ذلك؟

لقد أخذنا عناصر من أفكار كلينا وصممنا بريداً إلكترونياً نجح بمفرده بتشجيع شريكنا المحتمل على إبرام صفقةٍ معنا، ولم يكن أي من هذا ممكناً لو لم أتذكر تلك اللحظة الهامة.

قد يبدو الأمر صغيراً، لكن حتى البريد الإلكتروني يمكن أن يتسبب في جرحٍ للكرامة بصورة لا يمكن إصلاحها، ومن خلال تذكُّر تلك اللحظة الهامة، تعززت شراكة العمل بطريقةٍ أدت مباشرةً إلى مزيدٍ من النجاح لشركتنا.

المصدر




مقالات مرتبطة