أهمية الكَف عن تقليد عادات الأشخاص الناجحين

هل سبقَ لك أن قرأتَ مقالاتٍ وكتباً تعدكُ بأسرار النجاح؟

إذا كنت كذلك، فوفِّر على نفسك بعض الوقت وتوقَّف عن قراءتها تماماً، توجد أنواع عديدة من المقالات التي تتحدث عن النجاح، وبالنسبة إلي تلك التي تشير إلى وجود فرق بين الرابحين والخاسرين هي المفضلة لدي، وقد أُلِّفَت هذه الأنواع من المقالات والكتب لمَنحِك شعوراً جيداً تجاه نفسك؛ لأنَّك قد تجد أنَّك تملك كلَّ سمات الأشخاص الناجحين؛ ومن ثَمَّ تظنُّ أنَّك واحدٌ منهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية الكَف عن تقليد عادات الأشخاص الناجحين. 

دائماً ما يُركَّز على النتيجة في هذه المقالات والكتب، وليس على العملية، لكنَّ الدراسة والتعلم واعتماد العادات أو الأساليب المثمرة هي الأشياء الجديرة بالممارسة، لكن هذا ليس ما أتحدث عنه هنا؛ بل أنا أتحدث عن الأشخاص الذين يركزون على النتيجة فقط، ألا وهي النجاح.

يتظاهر الجميع بأنَّ كلمة "نجاح" لا علاقة لها بالمال والمكانة:

هذا ليس صحيحاً؛ فعندما نتحدَّث عن النجاح، نحن نتحدَّث عن الثراء، كما قال المؤلف الأمريكي ديريك سيفرز (Derek Sivers)، مؤلف كتاب أيِّ شيء تريده (Anything You Want)، عندما سُئل عن النجاح: "لاحظ كيف نفترض جميعاً أنَّك عندما تقول" كن ناجحاً" فأنت تعني "كن ثرياً".

لا أعتقد بوجود خطب ما في أن تصبح ثرياً؛ إذ يمكن للناس السعي وراء أيِّ شيء يريدونه، لكن لنكن واقعيين، فلا ندَّعي أنَّك وحدك من يُعرِّف النجاح، ثم نتحدث عن عادات الأثرياء.

لقد تحدَّثتُ في الأسبوع الماضي مع المنتور الخاص بي عن هذه الظاهرة، وهو شخص محافظ ولا يقرأ أيَّ شيء على الإنترنت على الإطلاق؛ لأنَّه يحب قراءة الصحف والكتب أكثر، وليس له أيَّ اهتمام بالتكنولوجيا الجديدة، وحتى العام الماضي كان ما يزال بحوزته هاتف محمول قديم جداً لا يمكنه سوى إجراء المكالمات وإرسال الرسائل النصية منه واستقبالها، وعلى أيَّة حال، لقد تحدَّثنا كيف أنَّ معظم الناس يحبون تحليل النجاح؛ إذ قال:

"يوجد فرق بين دراسة النجاح وبين بناء عمل تجاري أو مهنة هامة بالفعل، تماماً كالفرق بين الموهبة والعمل الجاد؛ إنَّني أعرف معظم الأشخاص الموهوبين الذين لم يساهموا بأيِّ شيء للعالم، وأعرف أيضاً معظم الأشخاص الذين لا يملكون أيَّ موهبة، والذين قاموا بأشياء رائعة في الحياة، لن تضمن لك معرفة كيف تكون ناجحاً النجاح؛ بل أعتقد أنَّ الأمر بخلاف ذلك؛ فالأشخاص الذين لا يفترضون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء، غالباً ما ينجزون أكثر".

أعتقد أنَّ ما قاله رائعٌ حقاً، ولأكون صادقاً معك، لقد حاولت دراسة عادات الأشخاص الناجحين سابقاً؛ لكنَّني لم أنظر إلى الأمر بهذه الطريقة أبداً، وقد حاول منتوري أن يجعلني أُدرك أنَّ النجاح لا يحدث من خلال تقليد الآخرين، ومهما كانت معرفتك بعادات الأشخاص الناجحين، فهي لن تنفعك على الإطلاق.

شاهد بالفديو: 6 عادات يقوم بها معظم الناجحين في العالم

الارتباط لا يعني السببية:

هذه هي العبارة التي استخدمها منتوري بالضبط، إنَّ قراءة المقالات والكتب التي تتحدث عن النجاح هي مضيعة للوقت؛ لأنَّها لن تعلمك شيئاً مفيداً، والأسوأ من ذلك أنَّها يمكن أن تسبب لك ضِيْق الأفق، وقد تسعى وراء بعض الأشياء التي تقودك في الاتجاه الخاطئ.

على سبيل المثال، خُذ الاستيقاظ مبكراً، دائماً ما يُعدُّ هذا الأمر جزءاً من قائمة العادات، لكنَّ الاستيقاظ هو ليس مهارة تؤدي إلى شيء ما، فعندما تحاول تقليد شخص ثري يستيقظ مبكراً، هل ستصبح ثرياً بالاستيقاظ مبكراً؟

لهذا السبب أجد أنَّه من الغريب أنَّ الناس يحاولون تقليد الأشخاص الناجحين، فما الفائدة من ذلك؟ وإن كنت تعرف مقومات النجاح، فهذا لن يفيدك أبداً.

يُعدُّ رائد الأعمال ريتشارد برانسون (Richard Branson) واحداً من أكثر الأشخاص شهرة في العالم، ويعتقد معظم الناس أنَّه رائد الأعمال الأكثر نجاحاً على الإطلاق، لقد كتب كتباً ومقالات، وقد أُجريت معه مقابلات عديدة، وحُلِّلت شخصيته، ودُرِست دراسة مستفيضة، وقد أصبحنا نعرف كلَّ شيء عن عادات ريتشارد وعقليته.

لكن إذا كنا نحاول تقليده جميعنا، فلماذا لا يوجد مزيد من رواد الأعمال المشهورين على مستوى العالم؟ الإجابة هي أنَّ الأمر ليس بهذه البساطة، فأنا أفهم أنَّنا ندرس الأشخاص الناجحين لأنَّنا نريد الحصول على النتيجة، لكن لا أحد يريد أن يبذل الجهد المطلوب.

بالنسبة إلي، أنا لا أقرأ المقالات التي تتكلم عن النجاح، ولا يمكنك أن تَعِد شخصاً بالنجاح إذا فعل أشياء معينة، لكن هذا ليس هو السبب في أنَّني لا أهتم بتقليد الناجحين.

إقرأ أيضاً: 10 عادات لتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والعمل

يجب أن تبذل جهداً:

إذا حاولت تقليد الآخرين تقليداً أعمى، فإنَّك تقتل شخصيتك، كما قال كاتب المقالات الأمريكي رالف والدو إيمرسون (Ralph Waldo Emerson): "الحسد جهلٍ، والتقليد انتحار"؛ لذلك، كن نفسك فقط، إنَّ عبارة "التقليد هو الموت" تبدو أفضل من عبارة "كن نفسك فقط"، لكن كلاهما له ذات المعنى، فلا تركز الحياة على النجاح فقط، بصرف النظر عن كيفية تعريفك له؛ بل تركز الحياة على النضال لاكتشاف الأشياء، وهو الشيء الذي يهرب منه معظمنا.

لقد كتب أحد الموسيقيين المفضلين لدي جي كول (J. Cole)، أغنية بعنوان لف يورز (Love Yourz) عن هذا المفهوم؛ إذ قال: "ما أجمل بذل الجهد! وما أقبح النجاح!".

إقرأ أيضاً: رافعة النجاح، تحقيق الكثير مع بذل نفس الجهد

في الختام:

فكِّر في الأمر، ماذا لو وصلت إلى وجهة معينة واكتشفت أنَّك قد وصلت إلى المكان الخطأ؟

هذا هو ما يفعله التقليد، ارسم مسار حياتك الخاص مهما كان ذلك صعباً، ومن الأفضل أن تحبه أيضاً؛ لأنَّ هذا هو المسار الوحيد الصحيح.




مقالات مرتبطة