أهمية الذكاء العاطفي في عالم الأعمال

يُعرَّف الذكاء العاطفي بأنَّه القدرة على الاستفادة القصوى من العواطف، ويتميَّز الأشخاص الأذكياء عاطفياً بمهاراتهم الاجتماعية بما فيها الوعي الذاتي والتعاطف مع الآخرين وغيرها، وعند وضعهم في مواقع قيادية، فإنَّهم يحترمون آراء الآخرين ويحفِّزون التفكير الإبداعي.



بدأت الشركات منذ فترة بملاحظة تأثير الذكاء العاطفي في إنتاجية الموظفين واندماجهم في العمل، وعلى الرَّغم من أنَّه يُهتم بتقييم المهارات الناعمة خلال مقابلات التوظيف، إلا أنَّ فِرقاً عديدة تبذل الجهود اليوم لاستحداث أساليب وطرائق تقييم الذكاء العاطفي، وتحديد أهلية المرشح للوظيفة، اعتماداً على هذه العوامل، إضافة إلى الكفاءة العملية.

من المجدي التوظيف بناءً على الذكاء العاطفي لأنَّ الدوران الوظيفي يكبِّد الشركات خسائر كبيرة من جهة، ولأنَّ استبقاء موظفين غير منتجين ليس بحل أفضل من جهة ثانية، في حين يتمتع الموظفون أصحاب الذكاء العاطفي العالي بقدرة رهيبة على الاندماج ضمن الفِرق والتأقلم مع الأوضاع الجديدة.

يُتداول مصطلح المرونة الذهنية عند الإشارة إلى المؤسسات التي تُفسح مجالاً للابتكار وتستجيب للتغيير، والمرونة الذهنية للموظف هي أساس تحقيق ذلك.

يمكن أن يكون تعريف الذكاء العاطفي شخصياً، وخاصة ضمن إطار مقابلة التوظيف؛ إذ يُستقصى عن عوامل عديدة عند تقييم مرشح جديد، وفي معظم الحالات يكون من السهل طرح أسئلة الذكاء العاطفي في مقابلة التوظيف، وتحليل الأجوبة للكشف عن طريقة تعامل الفرد في المواقف العاطفية.

الإدارة الذاتية:

لا يُعدُّ كبت المشاعر إشارة إلى الذكاء العاطفي كما يظن بعضهم؛ بل إنَّ الأفراد الذين يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ يعبِّرون عن مشاعرهم بأسلوب ناضج حتى لا تؤثِّر في عمليات صنع القرار لديهم أو تدفعهم إلى التصرف بتهوُّر.

تساعد الإدارة الذاتية الأفراد على تجنب التوتر والاحتراق الوظيفي، وعلى تحفيزهم؛ إذ لا تقتصر أسبابه على الراتب، كما يتميز الأفراد المنضبطون ذاتياً بالأداء العالي لدرجة أنَّهم قادرون على العمل بصورة مستقلة.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتنمية الذكاء العاطفي

الوعي الذاتي:

كلُّ فرد هو نتاج ظروفه الاجتماعية خلال نشأته وتعليمه وعلاقاته الشخصية واهتماماته، ولا يوجد إنسان حيادي كلياً في الحياة الواقعية، لكن لجميعنا القدرة على التقييم الناقد البنَّاء لذواتنا وتحديد مواطن الضعف في طريقة تفكيرنا.

في حين أنَّ سؤال مقابلات التوظيف الشهير "ما هي أبرز نقاط ضعفك؟" قد أصبح موضع سخرية، إلا أنَّ الفكرة وراءه هادفة وجدية؛ ولذلك ثمَّة طريقة بديلة لتقييم الوعي الذاتي تقوم على سؤال المرشح عن إحدى تجاربه التعليمية أو تطويره لمهارة ما مع مرور الزمن.

التعاطف:

يُعدُّ التعاطف أساسياً في أيِّ منصب وظيفي يتطلب التفاعل مع الآخرين؛ وذلك بغية تعزيز التواصل وتقبُّل وجهات النظر المعارضة، وهو مهارة مكتسبة يمكن تنميتها وتطويرها وأساسية للقادة في مجال الأعمال؛ إذ يكمن الفرق بين التعاطف واللطف في أنَّ اللطف يتعلق بالمظاهر، أمَّا التعاطف فهو يهدف إلى فهم الطرف الآخر.

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟

إدارة العلاقات:

يؤدي التعاطف دوراً هاماً في إدارة العلاقات، كما يساهم كل من الوعي الاجتماعي وتسوية الخلافات والاحترام المتبادل في حسن سير الأعمال، ناهيك عن أنَّ حلَّ المشكلات باقتضاب في مكان العمل يوفر وقت الإنتاجية الضائع على النميمة والقيل والقال بين الموظفين.

مبادئ جديدة في عالم الأعمال:

تغيرت التطلعات المتعلقة بالحياة المهنية عمَّا كانت عليه فيما مضى، ولم تَعُد الأولوية للاستقرار والترقية والمدخول المادي؛ بل إنَّ موظفي اليوم يبحثون عن الرضى والاكتفاء في وظائفهم، ويستقيلون بكل بساطة إذا لم تلبِّ الوظيفة تطلعاتهم؛ إذ أظهرت الدراسات أنَّ 30% من العمَّال يغيِّرون مهنهم أو وظائفهم كل سنة.

يبحث الشباب عن مكان عمل يشعرون فيه بالالتزام خاصة مع توسع نطاق فرص العمل، كما أنَّ تعكير صفو العمل الناتج عن الإدارة السيئة والزملاء البغيضين، قد يتسبب باستقالة الموظفين.

يعمل روَّاد الأعمال الذين يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ على جعل مكان العمل دافئ وفعَّال، وهنا يجب التذكير مرة أخرى أنَّ هذا لا يعني مصادقة الموظفين وملاطفتهم؛ إذ يجب أن يكون المدير على استعداد لخوض نقاشات معقدة مع موظفيه والاستجابة بتعاطف حتى في المواقف التي يخطئون فيها.

بيَّن تقرير صادر عن شركة أبعاد التنمية الدولية (DDI) أنَّ القادة الذين يتمتعون بالتعاطف أحرزوا تفوُّقاً بنسبة 40% في مهارات الإدارة الرئيسة.

إنَّ الاعتماد على الذكاء العاطفي ليس عاملاً حاسماً في تقييم أهلية الموظف بوصفه مهارة مكتسبة يمكن تحسينها وإتقانها مع مرور الوقت والممارسة أو بمجرد التفكير الناقد، إضافة إلى أنَّ معظم التجارب شخصية ومن ثَمَّ يجب إجراء دراسة دقيقة لتقييم نقاط قوة وصلاحية مرشح أو موظف معين.

إقرأ أيضاً: إدارة الأعمال: أهم أقسامها ومجالات عملها

في الختام:

في جميع الأحوال يُعدُّ الذكاء العاطفي ضرورياً لبناء فريق متماسك ومساعدة القادة على التواصل الهادف مع الموظفين، كما أنَّ الوظائف في تغير مستمر، وأصبح الأفراد في حاجة أكثر من أيِّ وقت مضى إلى قادة يؤمِّنون مناخاً إيجابياً في مكان العمل.




مقالات مرتبطة