أهمية الذكاء العاطفي في الزواج

نحن جميعاً استغربنا أول مرة سمعنا فيها بمصطلح الذكاء العاطفي؛ بمعنى آخر: كيف لنا أن نكون عاطفيين وأذكياء في الوقت نفسه، خاصةً عندما نفكِّر في الطريقة التي تتغير فيها العواطف بسرعة كبيرة؟ فعلى سبيل المثال: قد يكون الزوجان على وفاق وفجأةً يغضبان مِن بعضهما ويحدث شجار فيما بينهما لا يعرفان مَن أو ما السبب في إشعاله، وينقطع التواصل لفهم وجهتي نظر كلٍّ منهما.



قد تجد صعوبةً في فهم الذكاء العاطفي؛ لكنَّك لن تستطيع إنكار أهميته، فالذكاء العاطفي هو القدرة على توظيف عواطفك لمصلحتك وليس العكس، فضلاً عن كونه يشكِّل تغيراً هامَّاً في طريقة التفكير التي يجب على جميع الأزواج التمتع بها إن رغبوا في معالجة جميع الجوانب السلبية في علاقتهم، ولينعموا بزواج آمن ومتماسِك.

لا تقدِر على إخفاء مشاعرك:

يزخر الإنترنت بشتى المقالات التي تتناول موضوع العواطف، وكيف لها ألا تكون أكثر الموضوعات التي نبحث عنها طالما أنَّ الروابط العاطفية هي ما تحفظ العلاقة مِن الانهيار، فنحن عندما لا نشعر بالأمان العاطفي، تنحل هذه الروابط التي تجمع قلوبنا وأرواحنا، ويُرخي الضباب بأثقاله على علاقتنا مع شريكنا، فنغضب ونبدأ بالصراخ ونشعر بالاستياء، وكثيراً ما نفقد السيطرة على أنفسنا، وتتصاعد الأمور فننأى بأنفسنا، مما يصعِّب معالجة التوتر أو الخلاف بفاعلية.

وفي المقابل، كلما زاد وعينا بالعواطف التي نختبرها - سواء كانت عواطفنا أم عواطف شريك حياتنا - زادت احتمالية فهمِنا لما يعتلج داخل صدورنا، وهنا يأتي دور الذكاء العاطفي.

بمعنى أوضح: الذكاء العاطفي (EQ أو EI) هو القدرة على إدراك عواطفنا وعواطف غيرنا وفهمها وإدارتها، وتساعدنا تنمية هذا الذكاء على فهم العواطف والمشاعر المختلِفة التي تعترينا.

نستخدم المعلومات العاطفية لتوجيه تفكيرنا وسلوكاتنا وإدارة عواطفنا أو ضبطها بحيث:

  • لا تسيطر المشاعر على تفكيرنا.
  • نتعامل مع التأثير الذي تُحدِثه عواطفنا في علاقاتنا.
  • يمكننا التعرف إلى ما نشعر به، وكيف يشعر الآخرون أيضاً.
  • نُبقي المشاعر "تحت السيطرة" حتى نعرف السلوك الذي يجب اتِّباعه ونتصرف على نحو مناسب.
  • نفهم كيفية تأثير العواطف في المواقف التي نتعرض لها.
  • نصبح أكثر تعاطفاً ورأفةً، فنقدِّر الآخرين ونكرِمهم ونحترمهم.
  • نتفاعل مع الناس بصورة أكبر ونغدو أقل خجلاً اجتماعياً.
  • تتعزز قدرتنا على التواصل عند تعسُّر الأمور.

كان عالِما النفس بيتر سالوفي (Peter Salavoy) وجون ماير (John Mayer) هما أوَّل مَن قدَّم مفهوم الذكاء العاطفي، واشتهرت الفكرة عندما ذكَرها عالِم النفس دانيال غولمان (Daniel Goleman) في كتابه عام 1996 بعنوان "الذكاء العاطفي" (Emotional Intelligence).

كما عَدَّ الدكتور ديفيد والتون (David Walton) - مدير الصحة العالمية في الشركة التقنية ثوت ويركس (ThoughtWorks) - الذكاء العاطفي مجموعةً من المهارات الذهنية التي تمكِّننا من استخدام التفكير العاطفي، واصفاً إياه بـ: "القدرة على استخدام العواطف لتعزيز التفكير بدلاً من تقييده".

نالت تسمية الدكتورة سوزان ديفيد (Susan David) - المؤسِّسة والمديرة المشارِكة في معهد التدريب في مستشفى ماكلين بكلية الطب بجامعة هارفارد ومدرِّبة في علم النفس فيها - الذكاء العاطفي بـ "الرشاقة العاطفية" استحسان الجميع؛ حيث تقول: "تتيح لنا الرشاقة العاطفية تنحية الأنماط التي لم تَعُد تخدمنا والاتجاه نحو مساحات جديدة للنمو".

شاهد  بالفيديو: أسس الذكاء العاطفي بين الزوجين

12 طريقةً لتعزيز ذكائك العاطفي:

يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال: "كيف نصبح أكثر ذكاءً عاطفياً"؟ فذلك لا يحدث بالسرعة التي نتخيَّلها؛ مما دفع غولمان (Goleman) إلى تقسيم الذكاء العاطفي إلى أربعة مجالات تتضمن اثنتي عشرة كفاءةً أساسيةً لمساعدتنا على تعلُّمه بوتيرة أسرع.

المجال الأول (الوعي الذاتي):

وهي معرفة ما نشعر به، والسبب وراء هذا الشعور، وكيف تساعدنا هذه المشاعر أو تعوقنا، ويتمثل بـ:

  1. الوعي الذاتي العاطفي.

المجال الثاني (إدارة الذات):

وهي إدارة استجابتك، خاصةً في أوقات التوتر والخلافات والشدائد، وتتمثل بـ:

  1. السيطرة على النفس عاطفياً.
  2. القدرة على التكيف.
  3. التوجه نحو الإنجاز.
  4. النظرة الإيجابية.
إقرأ أيضاً: ملخص كتاب الذكاء العاطفي لترافيس برادبيري وجين جريفزر - الجزء (2)

المجال الثالث (الوعي الاجتماعي):

 وهو الإصغاء إلى الآخرين والاهتمام بهم وإيجاد أرضية تفاهم مشتركة، ويتمثل بـ:

  1. التعاطف.
  2. الوعي التنظيمي.

المجال الرابع (إدارة العلاقات):

وهي تحفيز بعضنا بعضاً وتوجيهها والتعامل بفعالية مع الخلافات، ويتمثل بـ:

  1. النفوذ.
  2. الكوتشينغ والمينتورينغ.
  3. إدارة النزاعات.
  4. العمل الجماعي.
  5. القيادة الملهِمة.
إقرأ أيضاً: التدريب على مهارات الذكاء العاطفي في المؤسسات

تنطبق فلسفة غولمان (Goleman) على جميع جوانب الحياة، وليس الزواج فقط، صحيح أنَّ كلَّاً مِن القدرات الأربع تترابط مع القدرات الأخرى وتكمِّلها بصورة طبيعية؛ إلا أنَّها قد تتفوق في جوانب معينة من هذه القدرات الأربع وتعاني ضعفاً في غيرها، ويكمن السر في تعزيز ذكائك العاطفي في تحديد سماتك وميولك الشخصية أولاً، ثم تطوير استراتيجيات لتعزيز مَواطن قوَّتك والتخلص من مَواطن ضعفك.

في الختام:

تناوَلنا في هذا المقال أهمية الذكاء العاطفي الكبيرة لتنعم بزواج آمن ومتماسِك، فبتبنِّيه والاهتمام بعواطف بعضكما بعضاً، تعطي علاقتكما الزوجية الأولية ويزداد شعوركما بالأمان العاطفي، وتسود الألفة والحميمية بينكما، وتزداد محبتكما لبعضكما بعضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة