أهمية الثقافة التعاونية في مكان العمل

نسمع باستمرارٍ عباراتٍ مثل: "اعمل بجد"، و"المظهر اللائق هام للنجاح"، و"احرص على نيل الترقية"، و"مهما فعلت، احرص على الفوز دوماً". في ضوء الأبحاث الجديدة التي أثبتت أنَّ ضررها في المنظمات والأفراد يفوق نفعها، أضحت النظرة إلى التنافس مختلفةً اليوم، بعد أن كانت تُعَدُّ على نطاقٍ واسع مكسباً في القيادة والعمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن متخصصة التحفيز "ميشيل إم. سميث" (Michelle M. Smith)، تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في معرفة أهمية التعاون في مكان العمل.

لقد حضرتُ مؤخراً "مؤتمر شبكة كبار المديرين" (C-Suite Network Conference)، وكنت مفتونةً تماماً بالعرض التقديمي الذي قدمته رائدة الأعمال "مارغريت هيفرنان" (Margaret Heffernan) عن المنافسة، الذي استند إلى كتابها "جائزةٌ أكبر: كيف يمكننا أن نقوم بما هو أفضل من المنافسة" (A Bigger Prize: How We Can Do Better than the Competition).

إقرأ أيضاً: 4 خطوات لبناء ثقافة إيجابية في العمل وتحسين الإنتاجية

الجانب السلبي للتنافسية:

قدمت "هيفرنان" (Heffernan) عدداً لا يُحصى من الأبحاث، وتوصَّلت إلى بعض الاستنتاجات المدهشة، وعلى وجه الخصوص، تحدَّثَت عن أنَّ التنافسية غالباً ما تأتي بنتائج عكسية، وتُنتِج آثاراً جانبيةً ضارةً للغاية؛ كزيادة التوتر، وارتفاع مستويات الاحتيال في الشركات، وتراجع الأخلاق، وضعف العمل الجماعي، وارتفاع مخاطر العمل، ويبدو أنَّ الواقع التنافسي للأعمال الحديثة قد أضرَّ بقدرتنا على العمل معاً.

مع تدريب القوى العاملة المؤلفة من موظفين وطلاب سابقين على "النجاح بأيِّ ثمن"، يصبح التعاون ومساعدة الزملاء من الماضي؛ إذ إنَّ التنافسية المفرطة والتصنيف بناءً على الأداء دفعنا إلى النظر في الأعمال على أنَّها بلا طائل، ناهيك عن النظر إلى الزملاء على أنَّهم منافسون في مسار حياتنا المهنية.

مع تركيز العديد من القادة على الابتكار والنمو، يمكن أن يكون لهذه النتائج تأثيرات سلبية جداً في الشركات في جميع أنحاء العالم؛ ففي النهاية، يتطلب الابتكار المخاطرة ومشاركة الأفكار الجديدة الإبداعية حتى لو لم تكن متبلورةً تماماً.

شاهد بالفيديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

الإدماج والتواصل الاجتماعي والمساعدة أمورٌ أساسية:

إذا كان الموظفون مترددين في تقديم الأفكار قبل أن تتبلور تماماً خوفاً من الإضرار بسمعتهم، أو كانوا يمانعون تقديم اقتراحاتٍ لتحسين مشروعٍ منافس، يصبح من الصعب حل المشكلات، ويقضي ذلك على الابتكار.

لكن ينبغي للموضوع ألَّا يسير على هذا النحو؛ إذ صرَّحت "هيفرنان" (Heffernan) أنَّ "تقديم العون" كان السمة الوحيدة التي جعلت الفِرق ناجحةً بشكل فريد؛ إذ وُجِد مراراً وتكراراً أنَّ التعاطف والتواصل الاجتماعي والتوقع من كل شخصٍ المساهمة في الوصول إلى نتيجةٍ ما، كانت عوامل هامة عندما درس الباحثون الفِرق التي بذلت أقصى طاقةٍ في العمل.

لقد تحقَّق كلٌّ من حل المشكلات والابتكار - وبشكلٍ أسرع - عندما تبادَل أعضاء الفريق المعلومات، وساعدوا بعضهم بعضاً على العمل لمواجهة التحديات، وأثنوا على بعضهم في المواضع المناسبة، وأشركوا الأعضاء عبر الأقسام المختلفة في التوصُّل إلى الحلول.

إقرأ أيضاً: كيف تحسن من مهاراتك التعاونية في مكان العمل؟

خصائص الثقافات التعاونية:

إذاً، كيف نوفر الظروف للموظفين لتعزيز التعاون والنمو؟ شاركت "هيفيرنان" (Heffernan) الخصائص الآتية للمنظمات التي تبتكر طرائق أفضل لتقديم منتجاتٍ رائعة، وبناء أعمالٍ مستديمة، وتنمية العلاقات.

  1. إنَّها منظماتٌ ذات تنظيمٍ مسطحٍ تنال الاحترام والقوة وتقدِّمهما لأنَّها تستحق ذلك، والقادة هم كذلك؛ لأنَّ الآخرين يختارون اتباعهم.
  2. تحتد فيها النقاشات.
  3. يُنظَر إلى الأخطاء على أنَّها شيءٌ يتعلمون منه، بدلاً من عدِّها آثاماً مخزية.
  4. يتم الإصغاء وطرح الأسئلة المكثفة؛ وهذا ما يفتح الباب للمناقشات وتوليد الأفكار.
  5. يُنظَر إلى كل قرارٍ على أنَّه "فرضية" ستتطور، ومن دون إلقاء الأحكام عندما توجد معلوماتٌ جديدةٌ للتعلُّم.
  6. إنَّها منظماتٌ مرنةٌ وحرة، تطلق العنان للمواهب عبر الشركة.
  7. يحثُّ القادة الموظفين على العمل معاً ضمن مجموعات لبناء رأس مالٍ اجتماعي.
  8. يوجد فهمٌ عميقٌ بأنَّ كل شخصٍ يحتاج إلى الآخر ولن تضيع موهبة أحد.
  9. يظنون ألا أحد يفوز إلا إذا فاز الجميع.

يمكننا تقديم منتجاتٍ جديدةٍ مذهلةٍ وحل مشكلات العمل الصعبة، إذا أنشأنا ثقافاتٍ تعاونيةً، واحتفينا بأولئك الذين يقدمون بسخاءٍ حكمتهم ومواهبهم إلى المؤسسة ككل.

تساعدنا "هيفيرنان" (Heffernan) على اكتشاف طرائق العمل التي تعزِّز الإبداع الحقيقي، وتوقد شعلة الابتكار، وتعزِّز نسيجنا الاجتماعي، والشعور بأنَّك أفضل بكثيرٍ من أن تخضع لمبدأ "يجب عليك الفوز بأيِّ ثمن".

المصدر




مقالات مرتبطة