أهمية التغلب على الخوف واتخاذ الخطوة الأولى

لطالما أحببت الموسيقى والعزف وانتظرت اللحظة التي سأُحيي فيها أول حفلة موسيقية لي بفارغ الصبر، وأتذكر أول مرة تلقَّيتُ فيها بريداً إلكترونياً من موسيقي محلي عثر على صفحتي الموسيقية في موقع لم يعد موجوداً بعد الآن، يدعوني فيه لإحياء أول حفلة لي، في مقهى صغير في إحدى ضواحي بورتلاند (Portland).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون تايلر ترفورين (Tyler Tervooren)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية التغلب على الخوف واتخاذ الخطوة الأولى.

أتذكر أنَّني شعرت بإطراء كبير، لأنَّ الحصول على فرصة كهذه تعدُّ أمراً رائعاً، لقد شعرت بالسعادة، لكن مع ذلك أذكر أنَّني شعرت بالذعر لأنَّني لم أعزف أمام أحد قط، وفكرة أنَّني سأحيي حفلة مباشرة ذكرتني بخجلي الشديد.

بعد بضع دقائق من التوتر، جلست، وجمعت أكبر قدر ممكن من الثقة الزائفة، وأجبته ببريد إلكتروني وأصابعي ترتجف: "كم ستدفع؟"، وكانت الإجابة: "لا شيء"، لكنَّني وافقت على أيَّة حال.

دعوت كل من أعرفهم لحضور الحفلة، لكن في ليلة الحفلة لم يأتِ إلا صديقين من بين كل الأشخاص الذين دعوتهم، وعندما حان وقت البدء، جلست أمام حشد حوالي 20 شخصاً غير مهتمين على الإطلاق، ولكنَّني بدأت على أية حال.

ارتجفت أصابعي، وارتجف صوتي، وأخطأت كثيراً، لكن من يهتم، فقد كانت هذه أول حفلة لي، ومع كل ذلك، صفَّق لي الجمهور عدة مرات، وهذا يعني أنَّهم كانوا يستمعون، وعندما انتهيت، حزمت أمتعتي وخرجت بأسرع ما يمكن.

قبل أن أخلد إلى النوم في تلك الليلة، سألت صديقاي اللذين حضرا عن أدائي، ولاحظت أنَّهما حاولا عدم إحباطي، ولكنَّني كنت أعلم أنَّ أدائي كان كارثياً، لكن كل هذا لا يهم لأنَّني أحييت أول حفلة لي، وبعد أن أُحيي أول حفلة بصرف النظر عن الذعر الذي سببته لي أو مدى أدائي السيئ فيها، إلا أنَّ هذا يعني أنَّني أستطيع الانتقال إلى الحفلة الثانية؛ وذلك لأنَّني لن أستطيع إحياء الحفلة الثانية إذا لم أحيي الأولى، وأول حفلة ستبقى من أكثر الأشياء رعباً التي سأقوم بها على الإطلاق.

إذا كنت ترغب في شيء ما رغبة شديدة، فعليك المرور بقليل من الصعوبات للحصول عليه؛ فعليك أن تواجه مخاوفك وتغوص في المرة الأولى التي ستقوم بها بالشيء الذي ترغب فيه دون أن تنسى الجائزة الحقيقية والتي هي المرة الثانية.

هل تريد أن تكون كاتباً؟

إذا كنت تريد أن تكون كاتباً، فينبغي عليك إحضار الورق والقلم والبدء في الكتابة قليلاً، لن تنتهي حينها، فعليك أن تنشر ما تقوم بكتابته؛ وذلك لأنَّ النشر لأول مرة سيشعرك بالخوف الشديد، لكن بعد فترة من الزمن، ستعتاد على ذلك ولن يعود الأمر مخيفاً بالنسبة إليك.

هل تريد أن تكون فناناً؟

لا بأس بأن تقوم بالرسم وحدك في منزلك على سبيل المثال، لكن إذا كنت تريد أكثر من ذلك، فعليك أن تبدأ بنشر رسوماتك أمام الآخرين، واسأل المقاهي أو صالات العرض ما إذا كنت تستطيع عرض رسوماتك لديهم، أو حاول عرضها أمام أشخاص جدد.

شاهد بالفيديو: 4 سبل لتعزيز التفاؤل والتغلب على الخوف الذي يخيم على حياتنا

هل تريد أن تكون موسيقياً؟

توجَّه إلى أقرب مقهى أو مطعم صغير يمكنك العثور عليه، واسألهم ما إذا كان بإمكانك إحياء حفل صغير لديهم، ثم أخبرهم أنَّك أعظم موسيقي على الإطلاق، واستمر في فعل هذا الأمر حتى يصدقك شخص ما، فلا بد من أن يصدقك أحد في النهاية.

إذا طلبوا منك إحياء حفل مدته ساعتين ولكنَّك لا تستطيع القيام بذلك، أخبرهم أنَّك ستسافر إلى خارج المدينة لمدة أسبوعين ثم حاول تعلُّم أغاني جديدة يومياً إلى أن تتمكن من القيام بذلك.

هل تريد تسلق جبل؟

ما الذي يمنعك من ذلك؟ إذا كنت تقرأ عن جبل إيفرست (Mt. Everest) طوال اليوم فلن تبدأ في الأمر على الإطلاق، لكن إذا اخترت مكاناً أسهل، يمكنك البدء من اليوم؛ لذا حاول العثور على تلة قريبة وتسلقها، واستمر في هذا الأمر حتى تجد نفسك في القمة.

سيرافقك الخوف طوال الوقت، لكن إذا تقدَّمت ببطء وأناة، فغالباً يمكنك تجاهل الخوف.

هل تريد الجري في ماراثون؟

تقول الأسطورة إنَّ عدائي الماراثون هم أكثر الرياضيين صحة ومن نخبة الرياضيين في العالم، هذا صحيح بالنسبة إلى الفائزين في سباقات الماراثون، ولكنَّه ليس صحيحاً بالنسبة إلينا؛ لذا حاول الجري لمسافة ميل واحد فقط، وإذا لم تتمكن من ذلك، حاول أن تجري لمسافة نصف ميل، وإذا لم تتمكن من ذلك أيضاً، فما عليك سوى المشي في الحي قليلاً.

هل تريد السفر حول العالم؟

إنَّ الخوف من السفر هائل، حتى تقوم بذلك فعلاً؛ وذلك لأنَّ فكرة الذهاب إلى مكان غريب والعثور على نفسك في أرض غريبة دون أي فكرة عن كيفية البقاء مخيفةٌ جداً، إلى أن تقوم بها فعلاً.

في يوم من الأيام سوف تذهب إلى أبعد بقاع الأرض، لكن مهمَّتك الآن واضحة وبسيطة، وهي ركوب طائرة أو سيارة أو قارب أو قطار والذهاب إلى أي مكان تريده، وفي النهاية، سوف تجد أنَّ خوفك كان لا معنى له.

إقرأ أيضاً: 7 فوائد للسفر تجعلك أكثر نجاحاً - (الجزء الأول)

هل تريد البدء بعمل تجاري؟

سيتعين عليك بيع شيء ما، وإجراء أول عملية بيع تعد من أكثر الأمور صعوبة التي ستفعلها على الإطلاق، لكنَّها ستكون واحدة من أكثرها مكافأة أيضاً.

توجد الكثير من النصائح عن المهام الشاقة التي عليك إكمالها قبل أن تتمكن من تسمية نفسك "رب عمل"، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ كل ما عليك فعله هو بيع شيء ما والاحتفاظ ببعض المال الناتج عن بيعه، ولا تقلل من شأن الجهد الذي سيستغرقه هذا الأمر - إنَّه ليس بالأمر السهل - لكنَّه ليس في غاية الصعوبة أيضاً، فإذا استطعت أن تجني 1 دولار، يمكنك أن تجني 1000 دولار أيضاً.

إقرأ أيضاً: 7 إرشادات تساعدك على إنشاء مشروع تجاري ناجح

في الختام:

بعد تلك الحفلة الأولى التي أحييتها منذ سنوات، واصلت العزف لعدد أكبر من الجماهير، وانضممت إلى فرقة موسيقية لفترة من الزمن. لقد شعرت بمتعة كبيرة، لكن حتى عندما كنت أستمتع بقدر أكبر من النجاح، لم أنسَ أبداً ذلك النجاح الأول الذي أحرزته في أول حفلة لي، فما زلت أتذكر ذلك الأمر حتى اليوم.

الخطوة الأولى هي الخطوة الأكثر أهمية التي ستتخذها على الإطلاق، وهذا الخوف الذي تشعر به عندما تتخذها، هو الذي تنبع منه قصص مدى الحياة.

المصدر




مقالات مرتبطة