أنا أحب طفلي، لكن أحياناً لا أستطيع تحمله

ستفعل أيَّ شيء لطفلك؛ لكنَّك تشعر بالذنب بشأن الاعتراف بالحقيقة، حتى لنفسك، والحقيقة هي أنَّك في بعض الأحيان لا تحب طفلك كثيراً، إنَّه سر يشاركه معظم الآباء مع الأطفال، لكن نادراً ما يعترفون لأيِّ شخص.



عندما يقول الآباء إنَّهم لا يحبون أطفالهم، يُعتقد أنَّ الكراهية تنبع دائماً من سلوك أطفالهم غير اللائق، ويشعر هؤلاء الآباء بالإحباط لأسباب مفهومة لأنَّهم سئموا من الحديث المستمر والصراخ والجدال، أو قد لا يحبون الطريقة التي يعامل بها أطفالهم إخوتهم أو معلميهم في المدرسة؛ لذا قد يشعرون بالسخط أحياناً والغضب أحياناً أخرى، ونادراً ما يفصحون عنها؛ لأنَّهم في قرارة نفسهم يعلمون أنَّ هذه المشاعر ليست متطرفة وهم يحبون أطفالهم، وما هي إلا فتراتٌ من الإزعاج والهام هو معرفة كيفية التعامل معها وعدم تركها تؤثِّر فيهم، وتؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، وهذا المقال موجه إلى هؤلاء الآباء.

إنَّ عدم حب سلوك طفلك يختلف كثيراً عن عدم حبه بوصفه شخصاً:

من الصعب الإعجاب بأطفالنا خلال المراحل الصعبة، وفي بعض الأوقات لا يحب الآباء أطفالهم بسبب مرحلة معينة قد يمر بها ابنهم أو ابنتهم، وخاصة المراهقة.

عندما يكون الطفل في الثامنة أو التاسعة من عمره، يكون طفلاً جيداً في معظم الأوقات، فتستمتع بوقتك معه، ولا تستطيع تخيله مغادراً المنزل مطلقاً، ومع كل المخاطر التي لا يمكن التنبؤ بها، لكن في الوقت الذي يصبح فيه في منتصف سن المراهقة، قد تكره سلوكه كثيراً لدرجة أنَّك تصبح مستعداً للهرب.

مرحلة الانفصال صعبة:

غالباً ما يتضمن نمو المراهق وتشكيل هويته الانفصال عن أسرته، في بعض الأحيان يُترجم ذلك إلى سلوك بغيض أو مزعج أو أناني من جانب المراهقين، ولأنَّ الرابطة بين الوالدين والطفل قوية جداً، فإنَّ عملية الانفصال هذه غالباً ما تصبح صعبة ومُرهِقة لكل من الوالدين والطفل، وبالنسبة إلى المراهقين ذوي السلوك غير المستقر، قد يصبح الانفصال مدمِّراً أو عنيفاً.

لا بأس برغبتك في أن يغادر ابنك الأكبر سناً المنزل:

جزء هام من عملية الانفصال هذه هو أن يتعلم الوالد التخلي، وفي النهاية، يريد الوالد ويحتاج إلى دفع الطفل إلى العالم الحقيقي، فقد يسأم الأهل أحياناً من وجود هذا الشخص القوي الإرادة والمعتد بآرائه في المنزل الذي يطالبهم ويتجادل معهم طوال الوقت.

عندما يكون أطفالهم في أواخر سن المراهقة، يرغب معظم الآباء في جعلهم يلتحقون بالجامعة أو العثور على وظيفة أو الخروج واستئجار شقة مع صديق، وهذا طبيعي تماماً، كل هذا جزء من نمو طفلك وبدء حياة خاصة به، وإن كان صعباً في بعض الأحيان.

شاهد بالفيديو: 10 خطوات ليتعلم الأطفال من أخطائهم

هل تكره طفلك أم أنَّك تكره سلوكه؟

مرةً أخرى كُره سلوك طفلك يختلف تماماً عن كُرهه شخصياً، ويصعب تحديد ذلك لدى معظم الآباء؛ وذلك لأنَّ سلوك الطفل يصبح جزءاً من شخصيته في بعض النواحي، ولا يمكنك معرفة أين يبدأ هذا السلوك، وأين ينتهي، ولا يقتصر الأمر على سلوكه فقط، فقد يستخدم أيضاً شخصيته في مواجهتك أو مهاجمتك أو تقليل احترامك.

لذا يُسقط الوالدان سلوك أطفالهم على شخصيتهم؛ فالكلمات تخرج من فم طفلهم بعد كل شيء، يمكنهم رؤية النظرة السيئة على وجه ابنتهم، يمكنهم سماع النبرة الوقحة في صوت ابنهم، ومن السهل أن يشعروا بالإحباط والانزعاج من هذه السلوكات، ويصبح من السهل أن يكرهوا الطفل الذي يقوم بها.

الحقيقة هي أنَّه في بعض الأحيان يكون الأطفال مزعجين ومسببين للصداع، وهذا السلوك يزداد حدة عندما يمر الأطفال بمرحلة المراهقة، والخبر السار هو: إن كان لديك أطفال بغيضون أو مزعجون، وتشعر بأنَّك غاضبٌ، فتوجد طرائق فعالة لتجنب أخذ سلوكهم على محمل شخصي.

لا تأخذ سلوك طفلك على محمل شخصي:

عدم أخذ هذا السلوك على محمل شخصي، مع أنَّه غالباً ما يبدو وكأنَّه هجوم شخصي عليك، فإنَّه ليس كذلك على العكس، فهو سلوك مدفوع بقوى أخرى مثل مخاوف طفلك وإحباطاته والحاجة إلى تطوير هويته الخاصة؛ لذا حاول ألا تحاربه بصرف النظر عن مدى صعوبة الأمر في بعض الأحيان.

تجنب الصراخ في وجه طفلك والدخول في صراعات غير ضرورية، وغالباً ما يأخذ الآباء هذا النوع من السلوك على محمل شخصي، لكن تذكَّر أنَّ صراعاً يتصعد يحدث هنا.

استخدم الحديث الذاتي الإيجابي:

أحد الأشياء التي يجب تعليمها للآباء هو التحدث مع أنفسهم حديثاً أكثر إيجابية، صحيح أنَّ هذا قد يبدو غير مُجدٍ، لكن حاول التفكير في الأمر بهذه الطريقة: نتحدث جميعاً مع أنفسنا طوال الوقت، ونفكر بالكلمات، وربما في كثير من الأحيان نفكر في كلمات سلبية، ويبدو أنَّ أفكارنا الداخلية تخضع لقانون الجاذبية؛ فهي تسقط سقوطاً حراً ما لم تمسكها بطريقة ما.

لقد أدرك علماء النفس منذ فترة طويلة أنَّ دماغنا يميل إلى أن يصبح سلبياً، لقد وجدوا أيضاً أنَّ أنماط التفكير السلبي قد تتغير وتتحسن الحالة المزاجية عندما يصبح الشخص على دراية بالأنماط ويعمل بنشاط على تغييرها.

نعم، يمكنك تغيير طريقة تفكيرك، وعندما تتحكم بأفكارك السلبية التلقائية، فإنَّك تدير المواقف إدارة أفضل وتشعر بتحسن في الوقت نفسه، إنَّه أساس كثير من علم النفس والإرشاد اليوم، وهو فعَّالٌ.

خفِّف من ضغطك قبل التحدث مع طفلك:

أحد الأشياء التي يوصى بها للآباء العاملين هو أن يكون لديهم القاعدة الآتية مع أطفالهم: في الدقائق العشرة الأولى بعد وصولهم إلى المنزل، يجب أن يتركهم أطفالهم وحدهم، وبهذه الطريقة، يكون لديهم ما يكفي من الوقت للذهاب إلى غرفة نومهم، وتغيير ملابسهم، وتحضير أفكارهم لتربية أطفالهم في الليل.

قد يجعلك حكم الآخرين مستاءً من طفلك:

قد يشعر الوالد أنَّ الناس ينظرون إليه ويحكمون على تربيته على أنَّها غير ملائمة عندما يكون سلوك طفله غير لائق، كلنا نكره أن يحكم علينا، وإن تعاملنا مع ذلك بفاعلية، فهذا لا يعني أنَّه ليس مشكلة، هذا يعني فقط أنَّنا لم نعد نأخذ الأمر على محمل شخصي بعد الآن.

إذا كان طفلك يتصرف على نحو غير لائق، فربما حاولت إخبار والديك أو أقاربك الآخرين أو أصدقائك بذلك في البداية، لكن إذا كانت هذه مشكلة مستمرة، فإنَّ معظم الناس سئموا في النهاية من سماعها.

نعلم جميعاً أنَّ أفراد العائلة والأصدقاء قد يكونوا ناقدين للغاية، وعندما يكونون كذلك، من السهل إسقاط هذا الحكم والنقد على أنَّه عار وشعور بالذنب، ونتيجة لذلك، قد تشعر كما لو أنَّ الآخرين لا يرونك أباً صالحاً.

يضر الانتقاد أكثر عندما تكون لديك بالفعل شكوك عن تربيتك؛ لهذا السبب يشعر معظم الآباء بالعار عندما يتصرف أطفالهم تصرفاً غير لائق أمام هؤلاء الأشخاص، وهذه مشاعر ثقيلة وقوية، ومعظم الآباء يلومون أطفالهم ويستاؤون من جعلهم يشعرون بهذه الطريقة، إنَّها حلقة مفرغة.

نصيحة: لا تلُم طفلك على ما يشعر به الآخرون، ركِّز فقط على سلوك طفلك وليس على ما يشعر به الآخرون، إذا تمكنت من القيام بذلك، فسوف تشعر بتحسن وستكون والداً جيداً.

توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين:

تبدو معظم العائلات طبيعية ومستقرة من الخارج، وفي الواقع، نميل كلنا إلى تجنب رفع أصواتنا على أطفالنا في الأماكن العامة، لكن خلف الأبواب المغلقة، ثمة قصص مختلفة، حتى الأسرة الأكثر طبيعية لديها مشكلات، ويكافح كل والد مع أطفاله؛ فهذا جزء من تربية الأطفال، وفي الواقع لدينا جميعاً مشكلات.

لذلك، لا تقارن ما تشعر به تجاه عائلتك وكل أوجه القصور فيها بكيفية ظهور العائلات الأخرى من الخارج؛ فهي ليست مقارنة عادلة.

بالمناسبة، هذا صحيح أيضاً على المستوى الشخصي، إنَّ مقارنة دواخلك العاطفية بالجوانب الخارجية المادية للآخرين ستمنحك فقط انطباعاً منحرفاً عما يحدث، وعادة ما يجعلك تشعر فقط بالسوء حيال وضعك؛ لذا لا تفعل ذلك.

شاهد بالفيديو: قواعد هامة في تربية الطفل الوحيد

الحب فعل وليس شعور:

فكِّر في الحب على أنَّه فعل وليس شعور، لقد وجدنا أنَّ معظم الآباء يحبون أطفالهم، وإن كانوا لا يحبون سلوكهم دائماً، وإن لم يشعروا بأنَّهم يحبون طفلهم في تلك اللحظة.

الطريقة التي يعبِّر بها الآباء عن هذا الحب هي من خلال رعاية أطفالهم، والتحلي بالمسؤولية، وعدم الإساءة، ويُظهرون أيضاً الحب عندما يحاولون منح أطفالهم الأدوات التي يحتاجون إليها ليكونوا قادرين على العمل والأداء بنجاح والعثور على بعض السعادة في هذا العالم عندما يبلغون سن الرشد.

إقرأ أيضاً: الطفل الفوضوي: صفاته، وكيفية التعامل معه

في الختام:

تذكَّر، ما لم يكن طفلك يعاني مشكلات سلوكية حادة، فإنَّ كونه مزعجاً - خاصة خلال فترة المراهقة - عادة ما يكون مرحلة نمو يمر بها لا أكثر على الرَّغم من أنَّها مرحلة طويلة وصعبة.

إقرأ أيضاً: صفات سلبية لدى الأطفال ونصائح للتعامل معهم

بالنسبة إلى الأطفال الذين يتسمون بالتحدي الشديد، فإنَّ الأمر صعب؛ إذ سيخبرك معظم المعالجين أنَّ الطفل المصاب باضطراب التحدي المعارض (ODD) وهو أحد أصعب أنواع الاضطرابات عند الأطفال، وخاصة من ناحية التعامل معهم، أولاً، لن يتحدثوا إليك، ثم يكذبون، ثم يسيئون معاملتك، ثم يصبحون سلبيين، ثم يلومون الآخرين على مشكلاتهم، هؤلاء أطفال ذوو مراسٍ صعب، ومن الصعب الإعجاب بهم، وفي بعض الأحيان يصعب حبهم أيضاً، وهذا طبيعي؛ ففي النهاية نحن مجرد بشر.




مقالات مرتبطة