أفضل 10 أساليب للتعلم بذكاء وسرعة - الجزء (1)

أتذكَّر أول ليلة لي في الجامعة، حينها حضَّرتُ بعض القهوة باستخدام آلة صنع القهوة الصغيرة الخاصة بي وبدأتُ أقرأ وأعيد الملاحظات التي سجلتُها ضمن الحصة الدراسية، ولسوء الحظ، لقد دفعَتني تلك الملاحظات إلى توهم التعب وبأنَّي ما زلتُ غير مستعد لإجراء الامتحان النهائي، لم أكن أعرف ذلك حينها، لكن تُعدُّ الأساليب التي نستخدمها في التعلم أكثر أهمية من الوقت المستغرق في التعلم، بمعنىً آخر، تُعدُّ جودة التعلم أهم من الكمية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن كلاي درينكو (Clay Drinko)، والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية مع أساليب التعلم.

لم تكن قراءة الملاحظات ومعاودة قرائتها استراتيجية رائعة لتعلُّم مادة امتحانية، إذاً، ما هي أفضل أساليب التعلم؟ وكيف يمكِننا العمل بذكاء وبكفاءة أكبر؟

البحوث المتعلقة بأساليب التعلم:

لحسن الحظ، يوجد عديدٌ من البحوث التي تضعنا على المسار الصحيح، فقد نشر كل من جون دنلوسكي (John Dunlosky)، وكاثرين إي روسون (Katherine A. Rawson)، وإليزابيث جي مارش (Elizabeth J. Marsh)، وميتشل ج ناثان (Mitchell J. Nathan)، ودانيال تي ويلينغهام (Daniel T. Willingham) نتائج دراستهم التي توصلوا إليها بشأن فاعلية عشرة أساليب للتعلم في ورقتهم البحثية بعنوان: "تحسين تعلُّم الطلاب باستخدام أساليب التعلم الفعَّالة: الاتجاهات المُشجعة من علم النفس المعرفي والتربوي" (Improving Students’ Learning with Effective Learning Techniques: Promising Directions From Cognitive and Educational Psychology).

توضِّح الدراسة مدى فاعلية 10 أساليب مختلفة للتعلم والتي تعتمد على الأشخاص الذين يقومون بالتعلم، والمواد المطلوبة وخصوصية مَهمة التعلم، باختصار، يقوم الباحثون بإنشاء صورة شاملة لأساليب التعلم الأكثر فاعلية، ومعرفة الوقت المناسب لاستخدامها، والأسباب والأشخاص المستهدفون.

تُعدُّ نتائج الأبحاث السابقة عاملاً هاماً في تصنيف كل من أساليب التعلم العشرة من الأساليب ذات الفائدة المنخفضة إلى العالية، وفي حال عدم وجود أي بحث يشير إلى أنَّ أسلوب التعلم فعَّال؛ فإنَّ الباحثين سيصنفونه بأنَّه ذو فائدة منخفضة.

إقرأ أيضاً: 10 حيل تعليمية قوية لتعزيز قدرتك على التعلم

أساليب التعلم المفيدة جداً:

دعونا نلقي نظرة في هذا المقال على أساليب التعلم العشرة الأكثر فاعلية وفوائدها، سنذكر منها 4 في مقالنا هذا، ونكمل الحديث عن البقية في جزء ثانٍ، فتابعوا معنا.

سنتحدث فيما يلي عن الأسلوبين الأكثر فائدة وفاعلية:

1. الاختبار التجريبي:

الاختبار التجريبي اختبارٌ منخفض أو منعدم الخطورة يُجرى للتحقق من تفوق الطلاب، وبذلك، لا يُعدُّ الاختبار التجريبي تقييماً نهائياً عالي المخاطر مثل الاختبارات النهائية أو الاختبارات الرسمية؛ وإنَّما هو تقييم تكويني لمعرفة المعلومات التي يعرفها الطلاب والمعلومات التي يجهلونها.

يلعب الاختبار التجريبي دوراً هاماً في التدريس، لأنَّه يُعدُّ طريقة سريعة للمعلِّمين لمعرفة ما يعرفه الطلاب، كما توجد فائدة أخرى له وهي أنَّه يُظهِر للطالب ما يقوم به ولا يعرفه، مما يجعل من تعديل خطة التعلم أمراً بسيطاً وفعالاً، بحيث يمكِن للطالب قضاء مزيدٍ من الوقت في دراسة ما لا يعرفه بدلاً من التمعُّن بالمعلومات التي يعرفها فعلاً.

في الدراسة التي أجراها الباحثون، تذكَّر المشاركون المعلومات بنسبة 80٪ باستخدام الاختبار التجريبي مقارنة بـ 36٪ من المعلومات عند مراجعة المواد. يُحدِث هذا الأمر تحسناً كبيراً في الكفاءة؛ ولهذا السبب يأتي الاختبار التجريبي في مقدمة أساليب التعلم.

يوجد سببان يظهران كون الاختبار التجريبي أسلوب تعلُّم فعال بشكل خاص وهما: التأثير المباشر والتأثير الوسيط؛ فالتأثير المباشر يعني إجراء اختبار يغير طريقة اهتمام الدماغ بالمعلومات وتخزينها، حيث يحاول معظم الناس بذل مزيدٍ من الجهد لاسترداد المعلومات في أثناء الاختبار؛ حتى في أثناء الاختبار التكويني المُصمَّم للتحقق من فهم الطالب.

أما بالنسبة إلى التأثير الوسيط، فهو يربط الدلائل والأهداف، وفي حالة الاختبار التجريبي، قد يكون الدليل هو سؤال في الاختبار، والهدف هو الإجابة عنه، ومن الواضح أنَّ الاختبار التجريبي هو اختبار يعمل على تحسين الوسطاء من خلال مساعدة الدماغ على تنظيم المعلومات بصورة أفضل. لذلك إذا كان عليك اختيار أسلوب واحد للتعلم، فجرِّب الاختبار التجريبي، حيث يمكِنك إخفاء حلول الأسئلة وتجربة الإجابة بمفردك، أو يمكِنك أن تطلب من صديق أن يختبرك في المواد؛ حتى تعرف ما الذي تقوم به ولا تعرفه. بهذه الطريقة يمكِنك التركيز على المعلومات التي لا تعرفها بينما تستمر في التدريب والممارسة وتختبر طريقتك في التفوق الحقيقي بكافة المواد.

2. الممارسة الموزعة:

يُعدُّ وضع مواعيد محددة لجلساتك الدراسية أمراً هاماً، ففي الدراسة التي أجراها الباحثون، شارك بعض الأشخاص في ست جلسات دراسية متتالية، في حين كان يوجد لدى بعضهم الآخر يومٌ بين الجلسة والجلسة التي تليها، وكان لدى مجموعة أخرى شهرٌ بين الجلسة والجلسة التي تليها، واتضح أنَّ المجموعة التي شاركَت في الجلسات الست المتتالية، احتفظَت بمزيد من المعلومات في وقت مبكر وذلك بعد الجلسات الثانية والثالثة، في حين احتفظَت المجموعات التي أخذت بعض الوقت بين الجلسات بمزيد من المعلومات بعد الجلسة السادسة.

لذلك، إذا كنتَ تريد تعلُّم أمرٍ ما وترغب في الاحتفاظ به في الذاكرة طويلة الأمد؛ امنح نفسك بعض الوقت لاستيعاب المعلومات بين الجلسات الدراسية، كما أظهرت دراسة أخرى أنَّ المشاركين تذكروا 47٪ من المعلومات من خلال الدراسة المتباعدة مقابل 37٪ من المعلومات باستخدام طريقة الدراسة المتتالية (الدراسة المكثفة).

حدِّد مواعيداً لجلساتك الدراسية تبعاً لذلك، وامنح نفسك على الأقل مدة 24 ساعة بين الجلسات، فقد تعاني من تذكُّر المعلومات مباشرة؛ لكنَّك في النهاية ستتذكر كثيراً من المعلومات بدلاً من دراسة كل شيء مرة واحدة ثم عدم الدراسة مرة أخرى.

شاهد بالفيديو 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة

أساليب التعلم متوسطة الفائدة:

تصنف الأساليب التالية بأنَّها من أساليب التعلم ذات الفائدة المتوسطة، وذلك لأنَّ بعضها لم تُجرَ أي أبحاث عنها، وبعضها الآخر أظهرت الأبحاث عدم فاعليتها وعدم إمكانية تطبيقها على نطاق واسع مثل الاختبار التجريبي أو الممارسة الموزعة.

1. الاستجواب التفصيلي:

أنا لديَّ طفل صغير في المنزل، لذا أنا معتاد على سؤال "لماذا؟"، لقد اتضح أنَّ أسلوب الاستجواب التفصيلي يأتي في مقدمة فئة الأساليب المتوسطة، والسر في هذا الأسلوب هو دفع المتعلِّمين لتقديم توضيح عن حقيقة مؤكدة بشكل صريح. بمعنىً آخر، الحصول على إجابة السؤال "لماذا؟".

في الدراسة، قُسِّمَ المشاركون إلى ثلاث مجموعات، تعلمَت المجموعة الأولى الحقائق مباشرة، أما المجموعة الثانية قرأَت تفسيراً لكل حقيقة، أما المجموعة الثالثة كانت مجموعة الاستجواب التفصيلي؛ حيث طُلِبَ منهم تفسير لسبب وجود كل حقيقة على هذا الشكل، ولقد كانت مجموعة الاستجواب التفصيلي دقيقةً بنسبة 72%، بينما كانت المجموعتان الأخريان دقيقتين بنسبة 37%؛ هذا يعني أنَّ مجموعة الاستجواب التفصيلي تفوَّقَت على الآخرين.

يبدو أنَّ أسلوب الاستجواب التفصيلي فعَّال جداً؛ لأنَّه يُنَشِّط المخططات الفكرية للأشخاص، مما يعني ببساطة أنَّه يساعد الأشخاص على تقييم المعلومات الجديدة ضمن ما يعرفونه بالفعل. وهذا هو السبب في أنَّ الاستجواب التفصيلي أكثر فاعلية للأشخاص الذين يعرفون مزيداً من المعلومات عن موضوع ما؛ حيث يمكِنهم شرحه بصورة أفضل وإضافة معلومات جديدة إلى ثروتهم المعرفية.

لذلك إذا كنتَ تعرف بالفعل بعض المعلومات عن موضوع مطروح أمامك، فابدأ في السؤال لماذا يجب أن تعزز تعلُّمك؟

2. الشرح الذاتي:

الشرح الذاتي: هو محاولة شرح طريقة ارتباط المعلومات الجديدة بالمعلومات أو الخطوات المعروفة في عملية حل المشكلات، وهو تشجيع المتعلم على شرح المبدأ الكامن وراء أمر ما كما يتعلمه، والفكرة هي أنَّ شرح طريقة عمل أمر ما يساعد المتعلمين على استخدام هذا المبدأ في المشكلات المستقبلية.

في الدراسة، قُسِّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات؛ حيث تلقَّت إحدى المجموعات شرحاً مختصراً للمشكلات الصعبة قبل محاولة حل الأسئلة المتعلقة بالممارسة، في حين طُلِبَ من مجموعة أخرى شرح طريقة حل مشكلاتهم بينما يجيبون عن الأسئلة، أما المجموعة الأخيرة أجابت عن جميع الأسئلة ثم شرحَت طريقة عملها، ولقد تفوقت المجموعتان اللتان دُفِعَتا لشرح عملهما على المجموعة التي لم تفعل ذلك عندما طُلِبَ منهم إجراء اختبار يتطلب معرفة مبدأ مشابه.

تكمن مشكلة أسلوب الشرح الذاتي بأنَّه لا يُعدُّ أسلوباً مناسباً دائماً؛ حيث تعتمد فائدته على ما تحاول تعلُّمه فحسب، ومع ذلك، عندما يكون شرح عملك أمراً منطقياً؛ فإنَّه يساعدك على استخدام تلك المهارات مع المشكلات المستقبلية ذات الصلة.

الخلاصة:

تُعدُّ الأساليب التي نستخدمها في التعلم أكثر أهمية من الوقت المستغرق في التعلم، فهي ضرورية لمساعدتنا على الدراسة بسرعة وذكاء وكفاءة أكبر، لذلك تحدثنا في هذا الجزء من المقال عن 4 أساليب للتعلم اثنان منها ذو فائدة عالية، واثنان ذو فائدة متوسطة. تعرَّف عليها أكثر، وسنستكمل الحديث عن أساليب إضافية في الجزء الثاني من هذا المقال.

 

المصدر




مقالات مرتبطة