أشياء عليك معرفتها عند الأطفال المصابين باضطراب التحدي المعارض

بصفتك والداً لطفل مصاب باضطراب التحدي المعارض فلا بد أنَّك تشعر غالباً بالإرهاق؛ إذ إنَّ تربية طفل مصاب باضطراب التحدي المعارض (ODD) يشبه الانتماء إلى نوع خاص من الأندية، فإنَّه كالانضمام إلى القوات الخاصة للأبوة والأمومة، وحين يكون لديك طفل (ODD) فإنَّك تواجه مواقف لا يحلم بها آباء الأطفال العاديين أبداً.



الأسوأ من ذلك أنَّك لم تتطوع لهذا الواجب، وإنَّه أقرب إلى التجنيد، وبينما تبذل قصارى جهدك لتربية طفل صعب المراس غالباً ما يُساء فهمك من قِبل المتخصصين والآباء الآخرين الذين يقومون بتربية أطفال عاديين؛ لذا تابع القراءة لمعرفة الأشياء التي تحتاج إلى معرفتها لتكون والداً أكثر فاعلية.

أولاً: من المفيد أن تتذكر ما يحرك سلوك طفلك "الحاجة إلى التحكم"

خلاصة القول هي أنَّ الطفل المصاب باضطراب التحدي المعارض ليس طفلاً نموذجياً، والفرق الأساسي هو أنَّ الأطفال النموذجيين يسمحون للآخرين بممارسة قدر من السيطرة عليهم، فقد يجادلون ولكنَّهم يستسلمون في النهاية، وقد يخالفون القواعد ولكنَّهم يسمحون لأنفسهم بالتوقف، وفي النهاية سوف يستسلمون للسلطة الأبوية (أو الكبار).

ثانياً: ما هو أكبر خوف لدى طفل (ODD)؟

فقدان السيطرة على أحد الوالدين أو أيَّة شخصية سلطوية بالغة، ففي الجدال سيستمر الطفل الذي يعاني من اضطراب التحدي المعارض بالعناد والتحدي بدلاً من الخضوع، وبمجرد أن يشعر بالتهديد يتم تشغيله.

ستعاقبه؟ غالباً ما يشعر الآباء بالتعاسة في أثناء عقاب طفلهم أكثر من طفلهم المصاب باضطراب التحدي نفسه، وعلى حدِّ تعبير أحد الأطفال البالغ من العمر 15 عاماً "أعرف كيف أتملص من العقاب، فسوف أقوم برفع صوت الراديو الخاص بي جداً بحيث تتهاوى قدرة أمي على الاحتمال، وسوف تتوسل إليَّ لأن أخرج من المنزل".

إليك بعض الاستراتيجيات إذا كنت تعيش مع طفل مصاب باضطراب التحدي المعارض:

1. لا أحد يفوز بلعبة اللوم:

عندما يكون منزلك في حالة اضطراب بسبب الجدال المستمر مع طفلك، فقد يكون من السهل الوقوع في فخ اللوم، و"منى" هي والدة طفل يعاني من اضطراب التحدي المعارض، وبينما كانت تربيه وجدت نفسها تقول أشياء مثل: "ابني يدمِّر حياتي، فأنا أقضي كل وقتي في التعامل معه، ولم يعد لدي أي وقت لنفسي بعد الآن".

لم تلمه فقط على ما تشعر به والفوضى المستمرة في منزلها؛ بل كانت تلوم نفسها في كثير من الأحيان، وتشرح قائلة: "كنت ألوم نفسي بالقول (لو كنت أماً أفضل، لم يكن لصبح على هذا النحو)، وبعد أن أدركت ما كنت أفعله كلما وجدت نفسي محاصرةً في لعبة اللوم، أحاول التراجع خطوة إلى الوراء وتحديد ما كنت أشعر به، وعادةً ما يكون ذلك مؤلماً ويخيب أملي في ابني أو نفسي لأنَّني كنت آخذ سلوك طفلي أو خياراته على محمل شخصي".

إنَّ لوم نفسك أو طفلك لن يساعد في هذا الموقف، وقد يجعلك تشعر بالغضب والاستياء تجاهه، ولجعل الأمور أسوأ سوف تشعر بالذنب، فمن الجيد أن تحاسب طفلك على أفعاله، لكن عندما يقع اللوم فإنَّ ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم مشاعر الاستياء، وإلى جانب ذلك يسارع الأطفال إلى إلقاء اللوم على الآخرين في سلوكهم؛ لذا بدلاً من ذلك، يجب أن تكون مثالاً يحتذى به بالنسبة إليهم من خلال تحمل المسؤولية عن مشاعرك وأفعالك.

شاهد بالفيديو: كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟

2. الاحتفاظ بموقف سابق في الذاكرة يخلف آثاراً ضخمة:

قالت "منى" إنَّ ابنها لم يفعل أبداً شيئاً واحداً فقط؛ بل فعل عشرين شيئاً على مدار اليوم (أو أحياناً في ساعة)، لذلك لم يكن الأمر يتعلق فقط برفضه تنظيف أطباقه، لقد حدث قبل ذلك أنَّه قام بإحداث ثقب في الحائط، وقبل ذلك بساعة دخل في شجار مع شقيقه، فاحتفظت "منى" بهذا الموقف في ذاكرتها عن كل ما فعله من أخطاء، وهذا تركها تشعر بالإرهاق واليأس، وبحلول الوقت الذي رفض فيه تنظيف الأطباق كانت قد انهارت واكتفت.

بدأت مواقف المخالفات السابقة التي ارتكبها طفلها عندما كان في السادسة من عمره من رمي الطعام على الحائط لمجرد أنَّه كان يشعر بالملل تُستحضر في الذاكرة وتُخبره بها، لكن يوجد جانب آخر لتلك العملة؛ إذ سيقدم لها ابنها أيضاً مواقف سابقةً للأخطاء التي ارتكبتها بصفتها أماً، مثل موقفها حين تخلصت من جميع ألعابه، ويبدأ هنا الجدال والصراعات على السلطة.

مثلما يرغب الآباء في التعلم من أخطائهم فإنَّ أطفالنا يستحقون الشيء نفسه، وعلى الرغم من أنَّه من الصعب أحياناً فصل هذه الإجراءات، حاول أن تجعل ردودك تتناسب مع السلوك المحدد بدلاً من تلك التي تدور في رأسك؛ بمعنى آخر لا تدع السلوك السيئ لطفلك يتفاقم حتى لا يكون لديك عقاب أو عواقب كبيرة بما يكفي بالنسبة إليه.

3. لعبة شد الحبل ستصيبك بحروق:

من المفيد أن تتذكر ما يحرك سلوك طفلك "الحاجة إلى التحكم"، فعند فقدان الطفل لسيطرته غالباً ما يتخطى أطفال (ODD) أقصى الحدود لمحاربة السلطة، وفجأة تجد نفسك لم تعد مركِّزاً على السلوك أو القضية المطروحة؛ بل في صراع على السلطة، وبدلاً من أن يتعلم طفلك من العواقب، تتفاقم الأمور بسرعة وتخرج خارج السياق، وقد تبدأ بمحاولة تحسين تحصيل ابنك في المدرسة، وينتهي بك الأمر بالجدال حول ما إذا كنت قد تخلصت من لعبة "الليغو" الخاصة به عندما كان في الرابعة من عمره.

لكنَّ الانخراط في صراعات على السلطة سيتركك مرهقاً ومحبطاً ومرتبكاً في كثير من الأحيان بشأن ما حدث للتو، ونصيحتنا هي كالآتي: "عندما تجد نفسك في حالة شد وجذب للسيطرة، حاول التخلي عن الحبل واسأل نفسك ما هي نيتي في هذه المناقشة؟"، وإذا كنت تتجادل ببساطة دون اتجاه محدد أو سبب واضح، فربما لا تحتاج إلى المجادلة أصلاً، وإنَّ أفضل شيء تفعله هو الابتعاد، فتذكر أنَّ شد هذا الحبل يتطلب اثنين، فإذا واصلت الشد من جانبك فمن المحتمل أن ينتهي بك الأمر بالسقوط على ظهرك.

في بعض الأحيان الاستجابة غير ضرورية، فغالباً ما يحتاج الأطفال فقط إلى التنفيس عن مشاعرهم، فهل وجدت نفسك يوماً بحاجة إلى إزاحة شيء ما من على صدرك، وبصفتنا آباء نميل إلى القفز ومحاولة حل ما نَعُدُّه مشكلات عند أطفالنا، وفي بعض الأحيان عندما يشتكون أو ينزعجون لا يتطلب الأمر استجابة منا.

اعتادت "منى" الدخول في وضع "الإصلاح" مع ابنها؛ فتقدِّم حلولاً للمشكلات على الرغم من حقيقة أنَّه لم يطلب التوجيه، وليس من المستغرب أن يُسقط كل اقتراح من اقتراحاتها ثم يغضب منها، لماذا؟ لأنَّه لا يريدها أن تحل أي شيء، فإذا كان طفلك يبحث عن إجابة أو حل فسوف يسألك، وخلاف ذلك حاول الاستماع فقط دون المبادرة للمساعدة، واسمح لطفلك أن يشعر بمشاعره ويعلم أنَّه قد تم سماعه.

إقرأ أيضاً: تربية الأطفال: المكافآت والعقوبات تجاه أخطاء الأطفال

4. تغيير أفكارك:

تحدد طريقة تفكيرك في الأشياء كيف تشعر وتتصرف تجاه طفلك، فإذا كانت أفكارك سلبية فستؤثر في الطريقة التي تتفاعل بها وتستجيب لسلوكه وفيه بوصفه شخصاً، فلاحظ ما إذا كان بإمكانك الإمساك بالأفكار التي تخطر ببالك واستبدالها بأفكار أكثر إيجابية.

على سبيل المثال، عندما يتحدى ويعنِّد ابنك على شيء ما، بدلاً من التفكير في أنَّه عنيد جداً وكل شيء يفعله هو بهدف الجدال لا أكثر، حاول تغيير هذه الفكرة إلى التفكير في أنَّه مصمم وشغوف؛ إذ يمكن أن يساعدك تغيير أفكارك على تغيير شعورك تجاه طفلك.

عندما يتحداك شخص ما فإنَّ الغريزة الطبيعية هي قبول التحدي، وعندما تحداها ابنها قالت إنَّها قد وجدت نفسها في كثير من الأحيان تبالغ في رد فعلها دون حتى التفكير في الأمر، فقد يكون لطفلك نوع الشخصية التي تستمر في الضغط ضد الآخرين ومحاولة السيطرة عليهم بأي شكل من الأشكال، فلا تخطئ فتربية طفل مصاب باضطراب التحدي المعارض هي تجربة عاطفية صعبة، وهي عملية محاولة أن تكون مبدعاً؛ وذلك لأنَّه يجب عليك أن تبحث باستمرار عن أشياء فعالة مع طفل يتمثل جوهره في محاربة التحكم به.

إقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع طفلي الشقي؟

في الختام:

الحقيقة هي أنَّه من غير المحتمل أن تتغير شخصية طفلك، لكن إذا استخدمت هذه الاستراتيجيات التي قدمناها فستجد نفسك أقل انخراطاً في هذا الصراع وسيصبح أقل حدة وتكراراً، كما تقول منى: "وجدت أنَّه كان من الصعب على طفلي أن يتجادل دون وجود خصم له، وبتغيير طريقة استجابتي له تغيرت علاقتنا مع مرور الوقت".

إذا كنت قادراً على تغيير الطريقة التي تستجيب بها لطفلك فستكون النتيجة صراعاً أقل ومزيداً من السلام في منزلك، ومن خلال نمذجة التقنيات التي قدمناها لك سوف تقوم بتعليم طفلك مهارات حل النزاعات وتقنيات الحد من التصعيد ومهارات العلاقات الصحية ومهارات التأقلم، وأفضل جزء فيها هو أنَّك ستكون قادراً على إنهاء يومك وأنت تشعر بالرضى عن نفسك وتعلم أنَّك قدمت أفضل ما لديك.




مقالات مرتبطة