أسباب تجعل التخطيط الاستراتيجي يعرقل نجاحك

يبالغ الناس في تقدير الاستراتيجيات، فعندما تقوم بالتخطيط الاستراتيجي، فأنت تمهِّد طريقاً لأفضل النوايا؛ إذ يبدو كل شيء مثيراً وقابلاً للتنفيذ ومليئاً بالاحتمالات، لكنَّ البدء في تنفيذ أفضل الخطط ومتابعتها غالباً ما يكون مختلفاً تماماً؛ وذلك لأنَّ كثيراً من الأحلام والنوايا لا تتجاوز مرحلة التخطيط الاستراتيجي، وبالنسبة إلى الأشخاص الطموحين، فهذا ليس جيداً بما يكفي.



فيما يأتي 3 أسباب تُبيِّن أنَّ التخطيط الاستراتيجي يعرقل نجاحك، والأهم من ذلك، ما يجب فعله بدلاً من ذلك:

1. إضاعة الوقت ريثما تكتمل الخطة:

لقد تعلَّمنا أن نكون مثاليين؛ إذ نقوم بالانتظار حتى نضع خطة مثالية قبل أن نبدأ لضمان النجاح فوراً، وهذا هو السبب في أنَّ البحث للحصول على استراتيجية مجرَّبة لما نريد تحقيقه أمر مغري جداً، فإذا اكتشف شخص ما كيفية النجاح، فكل ما علينا فعله هو نسخ استراتيجيته، وسنحقِّق النجاح.

سمعت ذات مرة المدرِّبة في تطوير الذات والتحفيز "ميل روبينز" (Mel Robbins) تقول: "إنَّ السعي إلى الكمال ليس في الحقيقة السعي إلى تحقيق الكمال، بل هو الرغبة في أن تكون محصَّناً من النقد، فأنت لا تقضي كل هذا الوقت في وضع الاستراتيجية لمجرد أنَّك تعتقد أنَّه الشيء الذكي الذي يجب فعله، بل لأنَّك تخشى بدء التنفيذ.

أنت تخشى الفشل أو التعرض للرفض أو ارتكاب خطأ قبل تجاوز خط البداية المثالي؛ ولذلك كلما طالت مدة تجنبك تجاوز خط البداية هذا، طالت مدة بقائك محصَّناً من النقد، لكن إذا كنت ترغب في تحقيق أي شيء يهمك، فعليك البدء بالتنفيذ حتى قبل أن يكون كل شيء جاهزاً، فإنَّه لن يكون مثالياً، لكن عليك القيام بذلك.

2. الشعور الزائف بالإنجاز:

يمكن أن يمنحك التخطيط لاستراتيجية رائعة شعوراً زائفاً بالإنجاز؛ إذ يمكنك قضاء ساعات كثيرة في إنشاء مخططات وجداول بيانات مليئة بالأفكار الرائعة والخطوات المنطقية والجداول الزمنية، ويمكنك قضاء كثير من الوقت في التحدث عن نماذج الأعمال أو معالجة الأفكار مع مدمني الاستراتيجيات الآخرين، واستكشاف الاحتمالات اللانهائية، أو قد تجد نفسك مشغولاً بالبحث عن تفاصيل الاستراتيجية عوضاً عن البدء بتطبيق بنودها، فعندما يتعلَّق الأمر بالأهداف، فإنَّ الأمر كله يتعلق باتخاذ الإجراءات.

يمكن أن يكون لديك أفضل الخطط بين يديك، لكن إذا لم تنفِّذها، فأنت لم تحقق شيئاً، بل تكون قد خسرت يوماً آخر في وضع الاستراتيجيات إذ كان من الممكن أن تبدأ التنفيذ منذ البداية.

شاهد: عناصر التفكير الاستراتيجي

3. النتائج أقل من التوقعات:

يعني اختيار الاستراتيجية أنَّك إذا اتَّبعت سلسلة من الخطوات، فستضمن لك النتيجة المرجوَّة، لذلك إذا كان في إمكانك العثور على الاستراتيجية الصحيحة واعتمادها، ومن ثمَّ اتباع الخطوات الموضَّحة، يجب أن تتوقع الحصول على نفس النتائج.

إنَّك تريد إيجاد استراتيجية قوية لتحقيق أهدافك الكبيرة، لكن لماذا تعيد ابتكار المُبتكَر إذا كان ثمَّة من خاض التجربة وارتكب الأخطاء وصحَّح مساره ثمَّ روى لك تجربته؟ إذا تمكَّنت من الحصول على وصفة شخص آخر للنجاح، ألا يجب عليك اختصار ما تتعلَّمه من خلال الاستفادة من أخطاء الآخرين؟ في الواقع هذا غير صحيح.

يروِّج مسوقو الإنترنت في كل مكان لحقيقة أنَّنا نتوق إلى طرائق مختصرة ذكية لتحقيق النجاح، فإنَّهم ينشئون صفحات مبيعات مصاغة بعناية تعِدُ بمشاركتهم أسرار نجاحهم من خلال مقاطع الفيديو والمقالات، وإذا كانت طريقتهم فعَّالة، فستكون ثرياً ومشهوراً بحلول الأسبوع القادم.

كل هذا يبدو رائعاً نظرياً، وكلنا بحثنا عن هذه الوسائل ودفعنا ثمناً جيداً مقابلها، لكن لا يمكن لأي من هذه الاستراتيجيات أن تضع في الحسبان احتياجاتنا الفريدة ونقاط قوتنا وأهدافنا، فكل هذه البرامج تكلِّفنا وقتاً ومالاً أكبر ممَّا يمكننا تحمله، وبالنسبة إلى الأشخاص الطموحين الذين يرغبون في القيام بأشياء رائعة في هذا العالم بأسرع ما يمكن، فإنَّ اتباع شخص آخر خطوة بخطوة لن يحقِّق ذلك، فطريق نجاحك هو لك وحدك؛ لذا اطَّلع على تلك الأفكار الرائعة، لكن في النهاية عليك أن تشقَّ طريقك بنفسك.

الخطوة التالية:

أنت تعلم أنَّك كلما عملت بشكل أسرع، اقتربت ممَّا تريد تحقيقه، وفي النهاية ما يهم حقاً هو النتيجة النهائية، وليس عملية مدتها ستة أشهر للتوصُّل إلى خطة، لكن التنفيذ لا يحدث إلا بعد أن تتخلَّى عن المثالية المتمثِّلة في اتخاذ تلك الخطوة الكبيرة والمخيفة من رسم خط البداية.

إذاً، كيف يمكنك تجاوز وضع الاستراتيجيات والبدء في الإنجاز؟

إقرأ أيضاً: عراقيل التخطيط الاستراتيجي التي يجب تجنُّبها

اجعل كل شيء تجربة:

ماذا لو بدأت في العمل، بدلاً من الانتظار حتى تشعر بالاستعداد للبدء؟ ماذا لو بدلاً من مجرد التخطيط أو الانتظار حتى يصبح كل شيء جاهزاً، انتقلت إلى التنفيذ؟ بدلاً من قضاء يوم آخر في وضع الاستراتيجيات أو البحث عنها، فكِّر في التعامل مع الشيء التالي على أنَّه تجربة؛ إذ تتطلَّب الاستراتيجية تحديد جميع الخطوات والتنبؤ بكل التحديات المحتملة قبل البدء في تحقيق نتيجة محددة.

لذا حدِّد أو توقَّع ما تعتقد أنَّه قد يحدث، حتى لو لم تكن متأكداً ممَّا سيحدث بالفعل، لكن يمكنك الآن البدء وتجربة بعض الأشياء وجمع القليل من البيانات ومعرفة ما سيحدث، وعندما تجعل أهدافك تجارب، ستتخلَّص من كل هذا التخريب الذاتي والسعي المَرَضي إلى الكمال والمماطلة على الفور.

إقرأ أيضاً: كيفية إنجاح تنفيذ التخطيط الاستراتيجي

فيمكنك أن تبدأ على الفور، حتى قبل أن تفهم كل شيء، لأنَّك منحت نفسك الإذن للبدء، وتثق في أنَّك ستكتشف الأشياء في أثناء تحقيق هدفك، فكل يوم في تجربتك تواجه شعوراً أكبر بالإنجاز، لأنَّك تتعلَّم بينما تتخذ إجراءات جريئة، وستتوقف عن البحث عن خبراء للحصول على جميع الحلول وتثق بنفسك لإيجاد طريقك، والأهم من ذلك أنَّك ستصل إلى أبعد من ذلك بكثير، وأسرع ممَّا خططت في استراتيجياتك.

المصدر




مقالات مرتبطة