أسباب السرقة عند الأطفال وطرق علاجها

يتساءل الكثير من الآباء: هل يمكن لأطفالنا أن يسرقوا؟ وهل يدركون يا ترى المعنى الحقيقي للسرقة؟ وهل يمكن لهؤلاء الأبرياء أن يسرقوا عمداً؟ وما دوافعهم لذلك؟ وكيف يمكن لنا كآباء أن نعالج هذه المشكلة ونحول دون تطورها؟



سنقدم لكم أعزاءنا القراء كل ذلك بالتفصيل في هذا المقال، فتابعوا معنا.

مفهوم السرقة عند الأطفال:

يعدُّ مفهوم السرقة مفهوماً واضحاً بالنسبة إلينا نحن الآباء، وإنَّنا نعرف تماماً نتائجها وعواقبها وأضرارها، ويمكننا أن نحكم على من يسرق حكماً صحيحاً؛ ولكنَّ أطفالنا لا يدركون كلَّ ذلك، ويعدُّونها محاولة منهم للحصول على شيءٍ يشعرون أنَّهم لا يمتلكونه؛ لذلك يتوجب علينا أن نوجه أبناءنا إلى ضرورة أخذ الأذن عندما يريدون أخذ أيّ شيءٍ من أحد، وأن نعلِّمهم أنَّ السرقة عملٌ خاطئ، ونوجه العقوبات المناسبة لهم في حال ارتكابهم لهذا الخطأ الأخلاقي.

أسباب السرقة لدى الأطفال:

قد يعلم الأطفال أحياناً أنَّ ما يأخذونه ليس ملكاً لهم، ومع ذلك يأخذونه، ويعلمون أنَّ ذلك يُعتبَر سرقة؛ ولكن ما أسباب سلوكهم هذا؟

1. نقص الوعي لدى الآباء:

قد يشعر بعض الآباء بالسعادة إذا سرق أحد أطفالهم، وذلك من باب أنَّه نوعٌ من الشقاوة والعفوية؛ ممَّا ينعكس سلباً على الأبناء، ويعتبرونه أمراً جيداً وفيه نوعٌ من المرح والتسلية.

2. تقليد من يكبرهم في السن:

يسرق بعض الأطفال تقليداً للأشخاص المقربين الذين يكبرونهم عمراً، كالأخ أو الأب.

3. تفريغ الكبت الذي يشعرون به:

قد تكون السرقة لدى بعض الأطفال نوعاً من تفريغ الكبت الذي يشعر به هذا الطفل بسبب وجود طفلٍ جديدٍ في المنزل، أو بسبب قسوة الأبوين أو تمييزهما بينه وبين أحد إخوته؛ لذا يلجأ إلى السرقة كوسيلةٍ للفت الانتباه.

4. البيئة التي يعيشون فيها:

يتأثر بعض الأطفال بشكلٍ مباشرٍ بالبيئة التي يعيشون فيها، ويؤثر ذلك بدوره في تصرفاتهم وسلوكاتهم وأخلاقهم؛ فمثلاً: إذا كان الوالد مدمناً على الكحول أو متوفَّى، وكان الطفل لا يحظى بالرعاية والاهتمام اللازمين، أو كانت عائلة الطفل تعاني من الفقر الشديد الذي يحرم الطفل من الكثير من الأشياء ويُشعِره بالنقص؛ فسيدفعه ذلك إلى السرقة لتعويض هذا الشعور.

5. مصاحبة رفاق السوء:

يمكن لرفاق السوء أن يدفعوا الطفل إلى السرقة؛ وذلك بسبب تحريضهم له على ذلك، أو بغية إثبات أنَّه الأقوى أمامهم ويستطيع السرقة بمهارة.

6. هروب الطفل من العقاب:

يمكن أن يلجأ بعض الأطفال إلى السرقة خوفاً من العقاب، فمثلاً: يمكن أن يفقد الطفل قلماً أو دفتراً، فيسرق ما ينقصه من أحد زملائه في المدرسة تجنباً لمعاقبة الأهل له على إهماله واستهتاره.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

طرق حماية الأطفال من السرقة:

يجب على الآباء:

1. تخصيص مصروف شخصي ثابت لكل طفل:

يجب على الآباء أن يجعلوا أطفالهم يشعرون بأنَّهم سيحصلون على النقود منهم إذا احتاجوها، وأن يخصصوا لأطفالهم مصروفاً خاصاً بهم حتى لو كان المبلغ قليلاً، وأن يعطوا أولادهم مكافأة مالية صغيرة تقديراً لهم على قيامهم ببعض الأعمال في المنزل ليتمكنوا من شراء ما يحتاجونه.

2. تقوية علاقتهم بأبنائهم:

على الآباء تنمية الثقة بينهم وبين أبنائهم، وخلق العلاقات التي تغمرها المحبة والاحترام والتفاهم وحرية التعبير؛ وذلك لكي يتمكن الأبناء من طلب ما يحتاجونه من آبائهم، ومعرفة الآباء كيف يفكر أبناؤهم.

3. غرس المبادئ والقيم والأخلاق في نفوس أبنائهم:

علينا تعليم أطفالنا المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة، وتعليمهم حدود الله سبحانه وتعالى، ومفهوم الحلال والحرام، وتوعيتهم بمخاطر السرقة والسلوكات الخاطئة، وبضرورة المحافظة على الممتلكات العامة وممتلكات الأشخاص الآخرين الخاصة، وعدم التعدي عليها؛ بالإضافة إلى أنَّنا يجب أن نكون القدوة التي يحتذون بها.

4. حجب الأشياء التي تسهل السرقة على الأبناء:

يجب عدم ترك الأشياء التي تغري الطفل، وتساهم في تشجيعه وتسهيل عملية السرقة بالنسبة إليه، كترك المال بشكلٍ يسهل على الأبناء الوصول إليه وسرقته.

5. تعليم الأطفال مفهوم حق الملكية:

علينا تعليم أطفالنا مفهوم حق الملكية للأشياء التي تخصهم فقط، وشرح ما تعنيه ملكية الآخرين لأشيائهم، ووجوب عدم التعدي عليها؛ كما يجب تعليمهم ضرورة ردّ الأشياء إلى أصحابها إذا استعاروها منهم.

6. الإشراف المباشر على الأطفال:

إنَّ تعليم الأطفال المبادئ والقيم والأخلاق، ثمَّ تركهم دون مراقبة ليس كافياً لتنشئتهم بطريقةٍ صحيحة، وإبعادهم عن مخاطر الوقوع بالسرقة أو غيرها من السلوكات الخاطئة؛ لذلك يتوجب علينا مراقبة تصرفات أطفالنا وسلوكاتهم، ومعرفة أصدقائهم، والإشراف عليهم بشكلٍ مباشر؛ وفي حال سرق أحدهم، علينا أن نعالج الموضوع من بدايته.

إقرأ أيضاً: 3 عادات سلوكية خاطئة منتشرة بين الأطفال

كيف يعالج الآباء مشكلة السرقة لدى أطفالهم؟

يجب على الآباء:

1. مواجهة المشكلة:

يجب على الآباء مواجهة الموقف ومعالجته بشكلٍ جَدِّيّ، وذلك بهدف الوصول إلى الحلّ الصحيح من خلال معرفة السبب الذي دفع الطفل إلى السرقة، ومن ثمَّ معالجة ذلك بجدية وحزم.

2. التصرف بعضوية:

عند ارتكاب الطفل فعل السرقة، يجب على الآباء البحث والتحري عن السبب الأساسي الذي جعل طفلهم يسرق، ومعالجة الوضع بأقصى سرعة.

3. مراقبة أولادهم:

يجب علينا مراقبة تصرفات وسلوكات أطفالنا، ومراقبة أنفسنا وتصرفاتنا كذلك؛ ذلك لأنَّنا نموذج الأخلاق لأبنائنا.

كما يجب علينا أن نكون إلى جانب أطفالنا عند وقوعهم في أيّ مشكلة، ومساعدتهم لتجاوزها، وأن نفهمهم ونناقش المشكلة معهم بكلّ هدوء.

4. تعليم أبنائهم السلوك الصحيح:

يجب علينا معالجة مشكلة السرقة بتأنٍّ وَرَوُيّة، وفعل كلّ ما نراه مناسباً ويَصُبّ في مصلحة أطفالنا.

من المعالجات التي يمكن اتباعها: أن نجعل الطفل الذي سرق يعيد ما سرقه لصاحبه مع تقديم الاعتذار عمَّا فعله، أو دفع ثمن ما سرق إذا كان قد استهلكه.

إقرأ أيضاً: تربية الأطفال: المكافآت والعقوبات تجاه أخطاء الأطفال

5. التصرف بحكمة عند حدوث السرقة:

يجب علينا التصرف بعقلانية وحكمة عند قيام الطفل بالسرقة، ويجب ألاَّ نعتبر السرقة بمثابة مصيبةٍ حلَّت بالأسرة، وأنَّها معيار فشل الطفل؛ بل يجب أن نعتبرها حالة طارئة خاصة من واجبنا معرفة كيفية التعامل معها وحلها، ومعرفة مسبباتها، ومعالجتها، وتجاوز أضرارها.

كما يتوجب علينا أيضاً ألَّا نبالغ في وصف السرقة، وفي طرائق معالجتها، وأن نجعل الطفل يشعر بأنَّنا متفهون لوضعه، وللأسباب التي دفعته إلى هذا السلوك، وأن نخفف من الشعور السلبي لدى الطفل، وألَّا نوجه تهمة السرقة بشكلٍ مباشر إليه.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي عند الأطفال: تعريفه، ومقوماته، وأهميته، وطرق تنميته

6. التفهم:

تتضمن هذه الناحية فهم الأسباب والدوافع التي قادت الطفل إلى السرقة، فقد تكون هذه الدوافع:

  1. بسبب الحرمان المالي.
  2. بسبب شعور الطفل بأهمية منافسة زملائه ممن يملكون المال.
  3. شعور الطفل بنقص كلٍّ من الاهتمام، والرعاية، والحنان، والحب، والحرمان العاطفي من الأبوين.
  4. عدم معرفة الطفل الفارق ما بين الاستعارة والسرقة، وعدم إدراك الطفل المفهوم الحقيقي للسرقة.

عند فهم الآباء السبب الحقيقي للسرقة، يمكنهم استنتاج الحل المناسب الذي يساهم بعدم ارتكاب الطفل للسرقة مرة أخرى؛ ومن هذه الحلول:

  1. إذا كان السبب هو النقص المالي، يجب على الآباء عندها إعطاء أولادهم ما يحتاجونه من النقود، وتدريبهم على أن يطلبوها منهم.
  2. إذا كان السبب هو الحرمان العاطفي، فيجب على الأبوين عندها قضاء وقت كافٍ مع طفلهم، ومنحه الحب والاهتمام والرعاية والعطف.
  3. إذا كان السبب هو عدم إدراك الطفل لمفهوم السرقة، فيجب على الأبوين عندها شرح معنى السرقة للطفل، وتوضيح الفارق بين السرقة والاستعارة، وشرح معنى الملكية الخاصة لكلّ شخص؛ ويجب في هذه الحالة ألَّا تكون العقوبة قاسية لتجنب الوقوع في الكذب.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة