9 نصائح لكسب أيِّ جدال وتحويله إلى نقاش مفيد

هل يحدث كثيراً أن تخسر في أي جدال؟ وهل تبحث عن طريقة تمكِّنك من الجدال دون شجار؟ ستقرأ في هذا المقال كيف تسيطر على عواطفك في أثناء الجدال حتى تكسبه.



هل تتذكر آخر جدال خضته؟ ربَّما تبادلت الاتهامات، وشعرت بالغضب، واحتدم النقاش، وأشياء من هذا القبيل؛ لكنَّ الجدال المُفيد لا يعني أن تصبح انفعالياً؛ بل يعني أن تبقى هادئاً؛ لذا سنبيِّن في هذا المقال العناصر الأساسية للخلاف البنَّاء في أثناء النقاش، إضافة إلى نصائح عن كيفية خوض النقاش، وإيصال رسالتك، والفوز فيها بطريقتك الفريدة.

سنعتمد على معلومات ونصائح الكاتب "باستر بنسون" (Buster Benson) مؤلف كتاب "لماذا نصرخ؟ فن الخلاف المُنتج؟" (Why Are We Yelling?: The Art of Productive Disagreement)، وبذلك ستفهم فقه الجدال، وكيف تقوم بذلك بطريقة أفضل.

ما هو تعريف الجدال؟

الجدال هو الحالة التي يختلف فيها شخصان أو أكثر بسبب وجهات نظرهم المختلفة حول العالم، بطريقة لا يقبل فيها أيُّ طرف وجهة نظر الطرف الآخر، وعادةً ما يكون الجدال حاداً، ويمكن أن يتضمن الصراخ، وعواطف سلبية، مثل الغضب والتوتر.

قبل أن يحدث الجدال قد تلحظ أنَّ المحادثة بدأت تتحول إلى خلاف، يمكن أن يحدث هذا التحوُّل بطريقتين مختلفتين:

  1. عندما تشعر بالغضب، والتوتر، أو الرهبة تحسباً للجدال، ويمكن أن يحدث هذا إذا كنت معتاداً على الجدال مع صديق سامٍّ على سبيل المثال.
  2. عندما تنتقل من إجراء نقاش إلى عرض وجهة نظرك؛ بمعنى أنَّك لم تعد تتحدث من أجل متعة الحديث فقط؛ بل من أجل الدفاع عن قيَم أعلى تبدأ بالدفاع عن منظمة، أو فكر، أو حركة أكثر أهميةً منك بصفتك فرداً.

مفاهيم خاطئة عن الجدال:

1. جميع أشكال الجدال سيئة:

يمكن أن يجعلنا الجدال نشعر بالانزعاج، ونحن نظنُّ غالباً أنَّ الانزعاج سيئ؛ لكنَّ هذا الاعتقاد خاطئ، فالجدال هو النشاط الذي نتعلم من خلاله، ونسهم فيه مع الآخرين، ونطوِّر أنفسنا، تخيَّل أنَّك تجنبت الاشتراك في كل جدال حدث في السابق فما كان ليتجادل أحد معك، وكنت ستفترض أنَّ كل شيء تقوله أو حتى تتخيله صحيح بالمطلق، وهذا أمر كارثي للأسباب الآتية:

  1. كنت ستفوِّت فرص تطوير الذات.
  2. ما كنت لتتعلم أي شيء جديد.
  3. ستكون نظرتك للعالم خاطئة.

ناهيك عن أنَّك ستصبح شخصاً مملاً؛ لأنَّك لم تمتلك أي أفكار مُثرية.

2. تجنُّب خوض جدال هو دليل على النضج:

يحسب كثيرون بأنَّهم كلما تقدموا في السن أصبح من واجبهم كونهم أشخاصاً ناضجين تجنُّب أي جدال تماماً، لكن من المُحتمل جداً أنَّك كلما تجنبت الجدال ستشعر بأنَّك مضطر للحديث مع نفسك، وهذا سيعرَّضك للآتي:

  1. تأخذ حذرك عند معاملة أصدقائك وعائلتك.
  2. تتخلى عن الأشخاص الذين تختلف معهم.
  3. تقضي وقتاً أقل مع الأشخاص الذين لديهم آراء مختلفة عن آرائك.

تؤدي كل واحدة من هذه النتائج إلى وجهة نظر أضيق عن العالم؛ لذلك يجب أن تخرج من حالة الاستكانة لقناعاتك وتتعلم تقبُّل الجدال والتعلُّم منه؛ لأنَّه هو الدليل الحقيقي على النضج.

شاهد بالفيديو: 20 نصيحة لإتقان فن الحديث والحوار مع الآخرين

3. الجدال يغيِّر الآراء:

نحن نرغب عندما نجادل أحدهم بأن نقنعه، لكن في الواقع كل ما نجنيه هو أن تصطدم قناعاتنا بقناعات الآخرين فحسب؛ والسبب أنَّ المعتقدات الجوهرية لدى الأشخاص تستغرق وقتاً أطول لتتغير، وهو بالطبع أطول بكثير من الوقت الذي يمكن أن يستغرقه الجدال.

يؤدي هذا إلى كثير من الاستياء عندما نجد أنَّنا عاجزون عن تغيير آراء خصومنا، على الرغم من معرفتنا بأنَّ نتيجة الجدال هي الفشل مُسبقاً؛ لذا بدلاً من التفكير في تغيير آراء الآخرين يجب أن نركِّز على حل النزاع.

تعريف حل النزاع:

ينطوي حل النزاع على ممارسات تركِّز على تهدئة الموقف، والتوصل إلى السلام، والهدف هو خفض حدة الجدال حتى مع استمرار الجدال، عندما يكون جميع أطراف النزاع هادئين فمن الممكن أن يستمر الجدال بسلام، ما يجعل الأطراف منفتحة على آراء بعضهم بعضاً ويسهِّل التوصل إلى نتيجة مقبولة للجميع.

أحد الأخطاء الشائعة في حل النزاعات هو أنَّ الناس غالباً ما يسيئون فهمها، يظنُّ الناس في كثير من الحالات أنَّ حل النزاع يعني أن يذعن أحد الأطراف للحجة المُقنعة، ومن ثمَّ إعلان الطرف المنتصر سريعاً، بالطبع كلما انتهى الجدال بسرعة كان ذلك أفضل، لكن لا يجب أن يعني ذلك إنهاء الجدال بالقوة، فعندما نغضب فإنَّ قراراتنا تتأثر إلى حد كبير بعواطفنا؛ ما يمنعنا من أن ننهي الجدال بطريقة بنَّاءة.

إليك 5 طرائق لحل النزاعات:

1. الانسحاب من النزاع:

يجب اختيار هذا الحل عندما يكون ضرر المواجهة أكبر من الفائدة المُحتملة لحل الجدال.

2. تنافس الأطراف مع بعضها بصرف النظر عن النتيجة:

يعني قرار حل النزاع بهذه الطريقة أنَّ أطراف الجدال قد يكونون متشددين لا مذعنين، وقد لا تكون هذه هي الطريقة الأمثل لحل النزاع بطريقة تنتهي بتوافق بنَّاء.

3. استيعاب الطرف الآخر:

عند اختيار هذه الطريقة فإنَّك تقرر الإذعان لمطالب الطرف الآخر ورغباته وتكون مذعناً لا متشدداً، وهذه طريقة رائعة لإنهاء الجدال إذا أدركت أنَّك كنت مخطئاً أو أنَّك لا تريد تصعيد الخلاف؛ لكنَّ سلبيتها أنَّه يمكن أن تبقى مشكلات عالقة بين الطرفين.

4. التعاون:

تتضمن هذه الطريقة من كلا الجانبين الحزم والتعاون؛ ما يسمح للطرفين بالتعلُّم من بعضهما، والتوصل إلى اتفاق، لكن ليس من السهل تطبيق هذه الطريقة؛ إذ يحتاج الطرفان إلى عقلية منفتحة واستعداد لحل الخلاف، ولا يجب أن يبحثوا عن طرائق للفوز على حساب الطرف الآخر؛ بل عن طرائق للتعاون.

5. التنازل:

تعني هذه الطريقة في حل النزاع أن يكون الطرفان متشددين في جوانب ومتعاونين في جوانب أخرى في سعيهم إلى التفاوض على تسوية، ويحاول كلا الطرفين الابتعاد عن المواقف المتطرفة وإيجاد حل وسط، تماماً مثل المفاوضات السياسية بين الدول المتنازعة، واعلم أنَّ الطريقة التي تتعامل من خلالها مع الجدال تعبِّر عن مدى حاجتك إلى تطوير مهاراتك في حل النزاعات.

6 أشياء يجب أن تعرفها عن النزاعات وتضعها دائماً في الحسبان:

قبل أن ندخل في صلب الموضوع، إليك 6 معلومات سريعة يجب أن تعرفها عن الجدال وتضعها في حسبانك، سواء كان الجدال مع زميل لك في العمل، أم أحد أفراد أسرتك، أم أي شخص آخر هام في حياتك، أم حتى شخص غريب:

  1. يوجد دائماً احتمال أن يتحول الجدال إلى نزاع، وسيكون هناك دائماً عواقب إيجابية وسلبية لذلك؛ لذلك يجب أن تكون قادراً على التحكُّم بعواطفك.
  2. ستكون النتائج أفضل بكثير إذا شاركت في النزاع بشرط أن تكون مشاركتك إيجابية، بدلاً من تجنُّبه، فقد وجدت إحدى الدراسات التي أجراها البروفيسور الأمريكي بنجامين تشابمان (Benjamin Chapman) أنَّ كبت العواطف يزيد من احتمالية الموت.
  3. لن يكون لدى الجميع نفس رغبتك لحل النزاع بطريقة سليمة، ويجب أن تقبل هذه الحقيقة وتتصرف بناءً عليها خلال الموقف، على سبيل المثال لنفترض أنَّك سكبت بعض الحليب وشعرت بالقلق من إغضاب أحدهم، حاول أن تبدأ النقاش بهدوء ومع اعتذار حتى لو لم تكن مخطئاً، إلا أنَّ ذلك يمكن أن يهدِّئ من حدة الخلاف قليلاً، ومع ذلك قلَّما يفعل الناس هذا.
  4. اكتساب مهارة التعامل مع الناس بما تتضمنه من لغة الجسد، ومهارات التواصل، وإظهار اللطف، وكل ما من شأنه أن يؤدي لعلاقات أفضل مع الآخرين.
  5. إظهار الاحترام للطرف الآخر من أجل التعامل مع الأزمات بصورة أفضل، فقد أظهرت إحدى الدراسات أنَّه في حال أظهر طرفا النزاع الاحترام لبعضهما فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى جدال أكثر مرونة وهدوءاً، وهذا هام جداً؛ لأنَّه من النادر أن نجد شخصان يتجادلاً بهدوء وبمرونة.
  6. تؤدي البيئة دوراً هاماً في تحويل النزاع إما إلى خلاف بنَّاء، أو إلى مواجهة حقيقية، وإذا كنت قد اعتدت الجدال العقيم مع الآخرين فحاول تجنُّبه عندما تشعر بأنَّ الأمور تتجه نحو الجدال.

شاهد بالفيديو: كيف تمتلك مهارة الإقناع والتأثير في الآخرين

لننتقل الآن إلى النصائح التي تساعدك على الفوز في أي جدال.

9 نصائح تساعدك لكسب أي جدال في أي وقت:

لنفترض أنَّك تعلم بأنَّك على وشك الدخول في جدال، سواء كان:

  1. في أثناء قضاء وقت مع صديقك، أم عائلتك، الذين عادةً ما يجادلونك.
  2. حضور مناسبة مع مجموعة من الأشخاص الذين هم على قدر قليل من التوافق.
  3. تقديم عرض مبيعاتك لأرباب عمل متشككين.

إذاً ماذا تفعل في كل من هذه الحالات؟ تعرَّف إلى ذلك من خلال هذه النصائح:

1. اجعل مشاركتك إنسانية:

لنكن صريحين يدخل معظمنا في جدال معتقدين مسبقاً أنَّ الطرف الآخر ذو كفاءة أقل منا أو يفتقر للمنطق السليم، إذاً تتمثل الخطوة الأولى في النظر إلى الأشخاص الذين تتجادل معهم على أنَّهم شركاء وليسوا معارضين لك، هم في النهاية بشر لديهم نفس التعقيد الذي لديك، وعانوا تجارب خاصة في حياتهم، كلما كنت تعدُّهم أشخاصاً متكافئين معك ازدادت قدرتك على البقاء متوازناً.

إليك بعض النصائح لتجعل مشاركتك في الجدال إنسانية:

  1. اصطحبهم لتناول العشاء؛ ففي حين أنَّ الجدال في أثناء تناول العشاء يمكن أن يحدث، إلا أنَّ تناول الطعام معاً يساعد الأشخاص على التفاهم بصورة أفضل، وحل النزاعات أسرع، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها البروفيسورة كايتلين وولي (Kaitlin Woolley) في عام
  2. فكِّر في ذكرياتكم السعيدة معاً عندما يحتدم الجدال يمكن أن يكون هذا صعباً، لكن عندما تتذكر الأوقات الممتعة التي قضيتموها معاً فإنَّ ذلك يساعد على تهدئة حدِّة الجدال.
  3. في حال كان الجدال في سياق العمل ربما يكون من المفيد أن تصافح الشخص الذي تتجادل معه، أو تقدم بعض الفطائر، أو ربما يمكن أن تقدِّم له علكة، وأي شيء يمكن أن يساعد على بناء الثقة.

2. اطرح أسئلة مفتوحة:

تجنَّب الأسئلة التي يكون الجواب عليها بـ "نعم" أو "لا"، أي الأسئلة التي تبدأ بـ "هل، وهل من الممكن" وغير ذلك التي يمكن أن تُنهي النقاش بسرعة، مثل:

  1. هل تعتقد أنَّ زيادة المخزون فكرة جيدة؟ لا.
  2. هل تستطيع تقديم المساعدة في مشروعي؟ لا.

بدلاً من ذلك اطرح أسئلة تساعدك على معرفة ما لا تعرفه عن وجهات نظرهم، فادفع المحادثة للاستمرار من خلال طرح أسئلة من قبيل الآتي:

  1. ما الذي لا توافق عليه؟
  2. لماذا لا توافق على الشيء كذا، هل لأنَّ ذلك يصطدم مع قيم أساسية بالنسبة إليك؟
  3. كيف يمكننا استثمار هذا الوقت لنفهم بعضنا فهماً أفضل؟

عادةً ما تبدأ الأسئلة المفتوحة بكلمات من قبيل: "لماذا"، "ماذا"، "كيف" ،"أين"، "متى"، مثل:

  1. ما هي أفضل طريقة نستطيع من خلالها زيادة المخزون؟
  2. كيف يمكنك مساعدتي في مشروع؟

3. حدِّد مفهومك عن الفوز في الجدال:

لكل شيء نقوم به في النهاية هدف نسعى إلى إنجازه، ولا أحد يعرف مسبقاً متى قد يبدأ الجدال، ومتى يمكن أن يتحول إلى نزاع، أو ملاسنة، أو شيء أخطر من ذلك؛ لذلك يجب أن تحدد معنى الفوز قبل أن تدخل في جدال:

  1. هل تريد أن تكون متشبثاً برأيك وتقنع الآخرين بأنَّك على صواب؟ يجب أن تعلم أنَّ هذا الإجراء لا يؤدي إلى حل النزاع في معظم الحالات.
  2. هل تريد إيجاد حل وسط يرضي الطرفين؟
  3. هل تميل إلى الانسحاب من الجدال بعد فترة من بدايته؟ قد يؤدي هذا إلى إطالة مدة الجدال وتشبُّث الطرف الآخر برأيه.
  4. هل أنت مستعد للتخلي عن قناعاتك والإذعان لقناعات الطرف الآخر كلياً؟
  5. هل تظن أنَّ المكسب يتمثَّل بتعلُّم شيء جديد حتى لو كان ذلك يعني أنَّك على خطأ؟
  6. هل تريد أن تقوي علاقتك بالطرف الآخر بناءً على هذه الفرصة، أم تريد أن تنسحب منها؟

نصيحة عملية:

فكِّر في هذا الآن، ما هي أهدافك في أي جدال؟ يختلف كل موضوع عن الآخر؛ لذلك احرص على التعرُّف إلى حدودك؛ فمثلاً قد تجد أنَّ لديك بعض الموضوعات التي تكون على استعداد للمساومة عليها، وموضوعات قد تكون على استعداد لتقديم تنازلات عن قناعاتك فيها، في حين سيكون لديك موضوعات لست على استعداد لتقديم أي تنازلات تتعلق بآرائك حولها وستخوض في الجدال حتى تنتصر.

4. اسأل السؤال الجوهري:

تكون في بعض الأحيان معاملة المشكلة مباشرة ضرباً من التهور؛ فأحياناً يجب أن تفهم كيف امتلك الناس هذه القناعات أولاً؛ لذلك اسأل هذا السؤال الجوهري:

"ما هو الشيء الذي كنت تؤمن به في السابق ولم تعد تؤمن به الآن؟" يساعد هذا السؤال على جعل الناس يندمجون في الحديث أفضل، وهو سؤال رائع؛ لأنَّه يسمح للآخرين بالحديث عن معتقداتهم، كما أنَّه طريقة مهذبة لتسأل الشخص: "هل أنت قادر على تغيير قناعاتك؟"، وستصل إلى نتيجة جيدة في معظم الحالات؛ لأنَّه لا يوجد شخص لم يطرأ تغيير على قناعاته أبداً، يساعد هذا السؤال الطرف الآخر على رؤية نقاط ضعفه، والتعاطف أيضاً.

سؤال آخر يمكن أن تطرحه من أجل التوصل لحل وسط للجدال، وهو: "هل من الممكن لأي شيء أن يغير رأيك، وما هي الحجة المقنعة بالنسبة إليك حتى تغيِّر رأيك؟"، يساعدك هذا السؤال على معرفة ما إذا كان الجدل عقيم أم توجد فائدة ترتجى منه؛ لأنَّه في حال أجاب الشخص الآخر عن سؤال: "هل من الممكن أن تغيِّر رأيك؟" بالنفي، فإنَّ الجدال في هذه الحالة مجرد مضيعة للوقت، أما إذا كان الجواب بالإيجاب، فانتقل بعدها للسؤال التالي وهو: "ما هي الحجة التي يمكن أن تقنعك؟"، وإذا كنت قادراً على الإتيان بهذه الحجة فقد فزت في الجدال.

5. ركِّز على لغة الجسد:

تحدد كثير من الإشارات مدى احتمالية حدوث نزاع، مثل نبرة الصوت، وطريقة الوقوف، وحركة العين، وإيماءات اليد، وغير ذلك من إشارات التواصل الثانوية، إذا كنت تريد حل نزاع أيَّاً يكن موضوع الجدال بطريقة سلمية، وحتى لو كان الشخص الآخر يصرخ عليك، فعليك أن تخاطب وعيه وتوصل إليه رسالة مفادها أنَّك لا تخوض الجدال بهدف الشجار.

أفضل طريقة لفعل ذلك هي ضبط نبرة الصوت وجعلها هادئة، فترتفع حدة اللهجة والصوت لدى الأشخاص عندما يتجادلون، وفي حين يؤدي تزايد حدة اللهجة وقوة الصوت باعتدال وتدريجياً إلى الإقناع، لكنَّ الزيادة المفاجئة في هذه الإشارات تؤدي إلى العداء، ومع ذلك ليس من السهل الحفاظ على نبرة هادئة في أثناء الجدال؛ لأنَّه عندما ترتفع حدة الأصوات وتصبح النبرة أشد يصاب الطرفان بالإحباط، وتصبح في هذه المرحلة الرغبة على تغيير الآراء ورؤية وجهة نظر مختلفة شبه معدومة، ويفكِّر كل طرف فقط بالتصعيد لأنَّه يتعذر على أيٍّ منهما أن يربح الجدال.

لكن يوجد حل لهذه المشكلة، إليك ما يجب فعله:

  1. هدِّئ من حدة النزاع، وقل للطرف الآخر: "الشجار لن يجعلني أنسحب من الجدال".
  2. توقف عن الكلام لفترة مؤقتة خلال النقاش؛ فهذا يدل على القوة والهدوء، فعادةً ما يستمر الناس بالكلام في أثناء الجدال، وقلَّما يصمتون؛ لذلك بدلاً من الصراخ اصمت وأصغِ لبعض الوقت.
  3. أظهر الاحترام للطرف الآخر.

من المرجَّح أن تكون النصيحة الأخيرة هي المهارة الأكثر صعوبة من مهارات حل النزاع، فيمكن أن يكون من الصعب الحفاظ على هدوئك بينما يكاد يكون الطرف الآخر يصرخ عليك، ويكاد يكون مستحيلاً إظهار الاحترام للطرف الآخر في هذه الحالة.

يتطلب الأمر بعض التدريب، وتحكيم لغة العقل؛ لكنَّك قادر على فعل ذلك مع امتلاك العقلية المناسبة، كما يساعدك التوقف عن الكلام قليلاً، فعندما يصرخ أحد عليك ابقَ هادئاً، وتوقف عن الكلام لفترة طويلة نسبياً، غالباً ما سيدرك هذا الشخص أنَّه أخطأ بحقك، وسيعتذر منك.

نصيحة عملية:

قم بالتوقف مؤقتاً عن الكلام في المرة القادمة التي يتصرف فيها أحدهم أو يقول لك شيئاً فظاً، التقط أنفاسك ولاحظ رد فعله وستشعر بالقوة والقدرة على الرد بصورة أفضل، استخدم هذه النصيحة لخفض التصعيد.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات سهلة لخوض نقاش واعٍ

6. ركِّز على نبرة الصوت:

يعني تعديل نبرة الصوت التغيير الذي يطرأ على نبرة وحدَّة الصوت، وغالباً ما يكون ذلك في نهاية الجملة، فتقوم بتعديل نبرة صوتك في الجملة إما برفعها أو بخفضها، ما يعرِّف الشخص الآخر فيما إذا كنت تجيب عن سؤال أم تسأل سؤالاً، أو تقول شيئاً على سبيل التقرير، أم على سبيل الاستشارة.

كلا النبرتان صعوداً وهبوطاً لهما استخداماتهما، فتُعرف النبرة الصاعدة بقدرتها على تخفيف حدة النزاع، فإنَّك من خلالها توضِّح للآخر أنَّك لا توجه له الكلام على سبيل الأوامر؛ وإنَّما تستفسر عن شيء أو تستعرض شيئاً ما؛ ففي النهاية هذا هو سبب معظم الجدالات.

نصيحة عملية:

في المرة القادمة التي تتحدث فيها مع أحدهم أنهِ الجملة الأولى بنبرة عالية، وأنهِ الجملة التي تليها بنبرة منخفضة، ولاحظ لغة جسد الشخص الذي تتحدث معه؛ ستجد أنَّ الشخص الآخر سيفسر النبرة العالية على أنَّها تساؤل أو محاولة لإثبات شيء ما، وقد يدفع الطرف الآخر ليصبح عدوانياً تجاهك، في حين ستُظهر النبرة المنخفضة كأنَّك توضِّح شيئاً، كما أنَّها ستبيِّن أنَّك واثق من نفسك وتتمتع بالكفاءة والقدرة.

7. ألقِ نكتة:

أفضل طريقة لجعل شخص ما يشعر بالهدوء هي إلقاء نكتة، تكون النكتة في كثير من الحالات هي كل ما تحتاجه لمنح الشخص الآخر بطريقة لا شعورية فرصة للاسترخاء، وتحويل النزاع إلى خلاف بنَّاء، سيصبح الجدال بعد إلقاء النكتة سلساً، ليس ذلك فحسب؛ بل أظهرت دراسة أجرتها الدكتورة لورا كورتز (Laura Kurtz) كيف يمكن أن يساعدك إلقاء نكتة على إيصال رسالة مضمَّنة للآخر تفيد بأنَّك ودود، وتهتم بسعادته.

ستحقق بذلك فائدة من جرَّاء جعل الطرف الآخر يشك بأنَّك تريد الجدال حقاً، لأنَّك ألقيت نكتة، وإذا لم تكن تجيد المزاح فقد يستغرق الأمر بعض التدريب، خاصةً إذا لم تكن شخصاً معتاداً على المزاح في خضم نقاش أو جدال مُحتمل.

إليك هذه النصيحة أيضاً:

لا تنظر للطرف الآخر على أنَّه شرير؛ بمعنى أنَّه إذا ألقى الطرف لآخر نكتة عنك فتقبَّلها بروح رياضية، قد تنجح النكتة المبتذلة، ولكن ستحتاج ربما إلى تطوير مهاراتك في إلقاء النكات.

8. تقبَّل موقفهم:

لا يمكننا في بعض الأحيان تجنُّب جدال غير منطقي؛ فربما أنت تتجادل مع شخص غير مستعد لسماع وجهة نظرك على الإطلاق.

إليك الحل: تتقبل وجهة نظره، وتحترمها، وتُظهر التقدير والاهتمام بما يظنه؛ لكنَّك تقول له بعد ذلك: "ولكن"؛ ستحافظ بهذه الطريقة على الثقة المُتبادلة والوفاق، ولكن بدلاً من أن تُذعن لوجهة نظره تقول: "لكن" بطريقة مهذبة، وتُظهر له النقطة التي تختلف بها معه.

تخيَّل نفسك طفلاً، وأنت ترفض أن تأكل طبق الخضار الذي أعدته أمك؛ لكنَّ أمك تطلب منك ذلك بلطف، فكيف تستجيب لطلبها؟ بدلاً من الجدال معها وإخبارها بأنَّ الخضار سيئة الطعم، وأنَّك لست جائعاً، الأمر الذي يُعدُّ تصرفاً فظاً، أخبرها بأنَّ الخضار لذيذة؛ لكنَّك لست جائعاً".

أنت لم ترفض طلب أمك بالمطلق؛ بل أضفت مجاملة لطيفة صغيرة فلن تشعر والدتك بأنَّك تنتقدها مباشرة.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات تسهّل عليك إتقان مهارة فن الإقناع

نصيحة عملية:

عند الحديث مع شخص ما سواء كان صديقاً، أم أحد أفراد العائلة، سلِّط الضوء على النقاط التي تتفق معه فيها والنقاط التي تخالفه فيها الرأي، وتذكَّر هذا دائماً، لكن لا تتدرب على ذلك بصوت مرتفع، وإلا ستزعج الآخرين، والهدف من ذلك مساعدتك فقط على تطوير مهارات حل النزاعات وفهم كيفية تحويل الجدال إلى خلاف بنَّاء.

ستكون قادراً من خلال تسليط الضوء على هذه النقاط الرئيسة على الدفاع عن موقفك، وسيكون لديك فرصة أكبر للتأثير في معتقدات الطرف الآخر، وتحويل النزاع إلى خلاف بنَّاء.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح ذهبية لإتقان فن الحوار

9. انظر إلى الجدال بوصفه فرصة للتعلُّم:

الجدال فرصة للتعلُّم؛ لذلك بدلاً من الجدل لكسب تأييد الآخرين أو تغيير آرائهم جادل من أجل أن تتعلم، لا يجب أن يكون هدفك من الجدال كسب النقاش؛ بل أن تصغي لآراء الآخرين، فيمكن أن تجني فائدة كبيرة إذا توخيت أن يكون الوقت الذي قضيته في النقاش مفيداً بأن تتعلم أو تكتسب وجهة نظر جديدة، أو تتجنب النزاع.

الفائدة الحقيقية من النقاش الهادئ هي تعلُّم فكرة جديدة قيِّمة لم تكن تعرفها في السابق، وهذا كافٍ ليجعلك تستمتع بأي نقاش.




مقالات مرتبطة