8 طُرق تزيد حياتك صعوبة أكثر مما ينبغي

يُعدّ حلُّ المشكلات إحدى المهارات المُهمَّة التي يجري تدريسها في جميع أنحاء العالم؛ بيد أنَّنا اعتدنا على أن نُبالغ في البحث عن حلولٍ لمُشكلاتنا، حيث لا نرغب -في كثيرٍ من الأحيان- في أن نعثُر على حلٍّ سهلٍ لمشكلةٍ ما، وإنَّما في أن نكدح ونكافح ونعاني عند قيامنا بهذا الأمر، لمجرد إرضاء غرورنا لا أكثر؛ فخلاف ذلك، لن نعتَزَّ بالنتيجة التي توصلنا إليها.



وفي حين قد يُساعِدُنا ذلك النَّهج في التغلب على الصعوبات، تظهر المشكلة عند استخدامه في كلّ أمرٍ نقوم به؛ وخصوصاً حينما تكون بعض التحديات لا تستحقّ كُلَّ ذلك الجَّهد المبذولِ فيها.

ولأنَّ الحياةَ -بصورةٍ عامَّةٍ- لا يجب أن تكون عبارةً عن صراعٍ مريرٍ بالضرورة، ولأنَّنا قادرون غالباً على انتهاجِ منهجياتٍ أسهلَ وأفضل؛ تعرّف معنا إذاً على ثماني طُرُقٍ كفيلةٌ بأن تجعلَ حياتكَ أكثرَ صعوبة، وحاول تجنبها ما وَسِعَكَ القيام بذلك:

1. عدم مواءمة أهدافك مع نقاط قوتك:

يكون بعض الأفراد أكثر جاهزيةً لممارسة بعض الألعاب الرياضية مثل الجري؛ لامتلاكهم العوامل الوراثية والموهبة والبنية الجسدية التي تساعدهم في القيامِ بذلك. وعلى الرغم من أهميّة التدريب والممارسة، إلا أنَّهما لن يوصلانك إلَّا إلى نقطةٍ مُعينة؛ إذ سيُحقِّق الشخص الذي يتمتع بالمقوِّماتِ الصحيحة تقدماً أسرع منك أنت الذي لا تمتلكها، رغم قيامكما بنفس القدر من التدريبات والتمرينات اللازمة.

لا يقتصر هذا الأمر على الرياضة فحسب؛ وإنَّما يتعداه ليشملَ جميع جوانب الحياة. لذا جِد نقاط قوتك واعمل على تنميتها؛ واختر لنفسكَ أهدافاً تتوائم معها.

2. افتراض أنَّ الحظَّ سيقف إلى جانبك دوماً:

من الطبيعي أن يكون لدى الناس أحلام خيالية وغير واقعية في سنّ مبكرة، بيد أنَّ هذه التطلّعات تفسح المجال إلى حقائق الحياة لكي تَحُلَّ مَحَلَّها بمرور الوقت، وبذلك نصبحُ أكثر قدرةً على إدراكِ ما هو في متناولنا، وما هو ليس كذلك.

ومع هذا، يمكننا أن نظلّ متفائلين بغض النَّظر عن العصر الذي نعيش فيه، كما كان الحال عليه في حقبة حمى الذهب؛ حيث كان الناس يسمعون عن وجودِ فُرصٍ جديدة، ويعتقدون أنَّهم قادرون على اغتنامها لكي يحلّوا جميع مُشكلاتهم بضربة حظٍّ واحدة.

ورغم أنَّ الغالبية العُظمى منهم عادت خاليةَ الوِفَاض؛ فقد كان بقيّة الناس لا يُرَكِّزونَ سوى على قصص النجاح -كما هو الحالُ عليه الآن- ويعتقدون بأنَّهم سيكونون مثل المحظوظين القلائل؛ الذين استطاعوا ركوبَ تلك الموجة.

وإذا نظرنا إلى عصرنا الحالي، سنجدُ أنَّ الحالَ لم يختلف كثيراً عمَّا مضى؛ وأكبرُ مثالٍ على ذلك هم اليوتيوبرز "YouTubers"؛ فكثيراً ما نسمع عن أشخاص يكسبون الملايين من خلال إنشاء مقاطع فيديو تُمَتّع وتُسَلي مشتركيهم.

ولعلَّكَ تَجِدُ الكثير من مقاطع الفيديو التي تحظى بمئات الآلاف -أو حتى الملايين- من المشاهدات؛ لكن هل تعلم أنَّ 96.5 بالمئة من اليوتيوبرز، يَجنُونَ دونَ خطِّ الفقر في الولايات المتحدة؟.

مغزى الحديث هو أنَّك بدلاً من أن تعملَ على تحقيق أحلامٍ مستحيلة، اعمل على أن تضع لنفسك أهدافاً من المُمكِنِ تحقيقها؛ فهي المكان الذي يُمكن أن يعود عليك فيه عملك الدؤوب وموهبتك بنتائج أفضل.

إقرأ أيضاً: 7 عادات تُعزز القوّة الذهنية وتضمن لك استمرار النجاح

3. الخلط بين العمل الشاق والإنتاجية:

نحن ننظر إلى الانهماك في العمل على أنَّه أمرٌ جيد؛ إذ يوجد اعتقادٌ شائعٌ -ومغلوطٌ أيضاً- بأنَّ الوقت الذي نقضيه في إنجاز أيِّ مهمَّة، يتناسبُ طرداً مع جودة المُخرَجَات. لذا نفترضُ مُخطئين بأنَّنا إذا عملنا إلى ما بعد منتصف الليل، فإنَّنا سنُنجِز الشيءَ الكثير.

ولكنَّ السؤال المطروح هو كالتَّالي: هل يؤدي صرف المزيد من الوقت في العمل على المهام، إلى نتائج أفضل؟ والجواب هو: لا، ليس بالضرورة؛ إذ يتوجب عليك في بعض الأحيان اختيار المَهَمَّة الصحيحة؛ والعمل عليها دون غيرها.

لذا كُلّما عملت على إنجاز مَهمة، فاسأل نفسك: "ما هو الغرض منها؟". يساعدك هذا في رؤية الصورة الكلية، وتركيز كل جهودكَ في العمل على تحقيقها. وخلاف ذلك، ينتهي بك المطافُ إلى الخوض في تفاصيل لا تخدمكَ مُطلقاً.

4. الاعتقاد بأنَّ طلب المساعدة هو ضربٌ من العجز:

إن حَدَثَ وأن قال لك أحدهم: "لقد قُمت بذلكَ بمفردي"، فلا تُصَدِّقه. قد لا يكون ذلك الشخص كاذباً بالضرورة، ولكنَّه مُخطئ حتماً؛ فالحقيقة هي أنَّنا -جميعاً ودونَ استثناء- نتلقى المساعدة بصورةٍ أو بأُخرى. قد تكون هذه المساعدة على شكلِ نصيحة شخص سبقَ وأن مرَّ بنفس تجربتنا، أو بصورةٍ "تقنيّة" عَمِلَ أحدهم على تطويرها، أو مُجرَّدَ فكرةٍ تَوَصَّلَ إليها شخصٌ غيرنا.

يحتاج جميع البشر إلى الحصول على مساعدة الآخرين بطريقة أو بأخرى. لذا لا تَجِدْ حرجاً في أن تطلب من أحدهم رسالةَ توصية تُساعدكَ على تولِّي منصبٍ جديد، أو أن يُعرِّفكَ بشخص يصعب عليكَ الوصول إليه بمفردك. فعلى عكسِ ما قد يُخبركَ به أيّ شخص، يجب أن تستفيد من الموارد المتاحة بين يديك إلى أقصى درجةٍ مُمكنة. وهو ما قد يشتمل على تكوين صِلاتٍ بمجموعة أشخاصٍ يُقدِّمُونَ إليك الدعم والعون حينما تكون في أمسِّ الحاجة إلى ذلك.

5. محاولة تغيير نفسك بما ينسجم مع الآخرين:

هل سبق وأن شعرت بأنَّك مُضطَّرٌّ إلى الظهور بمظهرٍ زائف لا يُمثلك، حينما تتحدث مع أحد الأشخاص؟ إنَّه لمن غير المريح أن تلتقي بشخصٍ ما، وتُجْبَرَ على القيامِ بهذا؛ فما بالك عندما يحدث ذلك مع شخصٍ تصادفه بانتظام؟ ألا يكون هذا عذاباً خالصاً؟ ربما يأتي هذا بصورة صداقةٍ تأخذ مجراها، مع عدم وجود اهتمامات مشتركة بين الطرفين؛ أو على هيئة علاقةٍ تحوّلت لتُصبِحَ علاقةً سامَّة "Toxic Relationship".

عندما تُجبِرُ نفسكَ على الخوض في علاقة مع أشخاصٍ لا يُشبهونك، و يستنزفون طاقاتك؛ يُصبح ذلك أشبهَ بالسباحة أو التجذيف عكس التَّيار، وهو ما لن تقدِر على القيامِ به طويلاً. لذا جد لنفسكَ أصدقاءَ تنسجم معهم، ويساعدونك على تحسين ذاتك.

إقرأ أيضاً: 6 أشخاص لاتجعل لهم مكاناً في حياتك

6. إنجاز المهام من دون تخطيط مُسبق:

يوجد مصطلحٌ فرنسيٌّ في عالم الطهي يُدعى "mise en place"، والذي يُتَرجَمُ حرفياً إلى "وضع الأشياء في موضعها"، أي تحضير وترتيب المكونات قبل البدء في صنع الطعام. يُعَدُّ هذا المفهوم ممارسة ممتازة لتسهيل عملية الطهي في المنزل؛ لكن عند العمل في مطعم، فإنَّه يتحوَّل إلى ضرورة مُلحَّة؛ لذا نجدُ الطُّهاة الناجحين يُجهزون المكونات في الصباح الباكر، ويضعونها في أماكنها؛ لتسهيل الأمور عليهم في ساعاتِ الذُّروة، بحيث تكون جميع المكونات جاهزة للاستخدام متى ما احتاجوا إليها.

وكما هو الحال عليه في المطبخ، فإنَّ هذه الممارسة ممتازةٌ خارجه أيضاً؛ إذ يُساعدكَ مثلاً وضعُ مخطِّطٍ تفصيلي لجميع النقاط التي تريد تغطيتها، على كتابة تقريرٍ مثالي. ويتشعّب ذلك ليسريَ على جميع النواحي الأُخرى؛ فعندما تُخصِّصُ بعض الوقت من أجل التحضير لإنجاز مهامك، يُصبِحُ ما تبقى القيام به أسهل بكثير.

7. سَعيُكَ خلف الحصولِ على استحسان الآخرين:

إن تبرَّعت لإحدى الجمعيات الخيرية، سيتحدث الآخرون عن سوء اختيارك للجمعية التي تبرّعت إليها. وإن صَمَّمتَ منتجاً ما، سيُركِّز الناس على أيِّ عيبٍ فيه. وإذا حاولت أن تحصلَ على شكل الجسم الذي تُريده، ينصحونك بأن تتقبل نفسك كما أنت.

أيَّاً يكن ما تقوم به، فإنَّ للآخرين رأيٌ فيه؛ وآراؤهم قد لا تكون إيجابيّة بالضرورة، حتى وإن كنت تظنُّ بأنَّك تخطو في الاتجاه الصحيح؛ إذ قد تنبع آراؤهم تلك من منبع الغضب أو الغيرة، أو حُب الانتقاد لا أكثر.

والآن، تخيل حياة شخصٍ مؤثّرٍ: بغضِّ النظر إن كان رياضياً ناجحاً، أم قائداً مؤثراً، أم ممثلاً محبوباً؛ فهناك دائماً أشخاص لا يوافقونه على كل ما يقوم به. فإنْ اختار ذلك الشخص أن يُصغيَ إلى كلّ صوتٍ يعارضه، وتَصَرَّفَ على أساسه بدلاً من تجاهله؛ فلن يُنجِزَ شيئاً، وسيكون خياره الأفضل هو البقاء في المنزل، ومشاهدة الآخرين وهم يحققون النجاح الذي كان يُفترضُ به أن يُحققه بنفسه.

لذا اسعَ للقيام بما تجده مناسباً؛ ولا تُعِرِ انتباهك لما يقوله الآخرين عنك.

8. تركيز كامل جُهدِك في أمر خارج عن نطاق سيطرتك:

غالباً ما يمتلك الناس ما يُسمى "بوجهة الضبط" (Locus of Control)؛ وهي إحدى أبعاد الشخصية الإنسانية ذات الأثر في التوافق الشخصي، والتي ترتبط بدرجة تَحَمُّلِ الشخص للمسؤولية. تنقسم وجهة الضبط هذه إلى نوعين اثنين:

  • وجهة ضبطٍ داخلية: وذلك حينما تعتقد أنَّ ما يحدث معك يتوقف على مجهوداتك وقراراتك الشخصية (عندما تكون أنت من يتحكم في نتائج قراراتك ويتحمل مسؤوليتها).
  • وجهة ضبطٍ خارجية: وذلك حينما تعتقد جازماً بأنَّ ما يحدث معك يستند إلى عوامل خارجة عن إرادتك؛ مثل الحظ أو الصدفة أو القرارات التي يتخذها أشخاصٌ غيرك. ونتيجة لذلك، لا تتحمل مسؤولية ما قد يحدث معك.

لقد وجدت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين لديهم وجهة ضبطٍ خارجية، هم أكثر الناس عرضةً للمعاناة من الاكتئاب والشعور باليأس؛ فهم يميلون إلى إلقاء اللّوم على الآخرين عندما تحدث لهم أشياء سيئة، ويمتلكون حافزاً ضعيفاً لتحقيق الأهداف، ويبذلون جهداً أقلَّ في العمل على أيِّ شيء؛ لذا تجدهم يفكرون من منطلق أنَّه طالما أنَّ أفعالهم لا علاقة لها بالنتيجة، فلماذا يجب عليهم أن يتكبدوا عناء القيامِ بأيِّ شيءٍ كان؟

عندما تنتظر من أحدهم أن يقوم بالاختيار بدلاً عنك، أو حدوثَ مصادفةٍ تُغيِّرُ حياتك؛ فأنت تقوم بتوجيه طاقاتك إلى عواطف وأفكارٍ غير مُثمِرَة. فبدلاً من صرفِ وقتك في القلق أو التحليل أو إلقاء اللوم على الآخرين؛ حوّل تركيزك على ما تستطيعُ القيام به.

لذا اعمل على تحسين نفسك، وتعرَّف على الفرص المتاحة إليك؛ فعندما تُرَكِّز على ما هو ضمن نطاقِ سيطرتك، وتُقرِّر أين تريد المُضيَّ في حياتك وتأخذ زمام المبادرة؛ تصبح حياتك أسهل، وتوجِدُ لنفسك إمكاناتٍ جديدة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة