7 نصائح للقضاء على المماطلة

حينما أخبرت مؤخراً أحد الأشخاص الذين أعرفهم أنَّني أعمل من المنزل في وظيفةٍ بدوامٍ كامل علَّقَ بقوله أنَّ القيام بذلك سيكون صعباً جداً بالنسبة إليه فقال: "ليس لدي أبداً ذلك النوع من الانضباط اللازم للقيام بذلك، ولو كنت مكانك لتشتت انتباهي ولما أنجزت أيَّة مهمة".

خلال السنوات القليلة الماضية تحدث العديد من الناس عن الانضباط الذي أُبديه في ممارسة التمارين الرياضية، والالتزام بنظامٍ غذائيٍّ صحي، وأداء واجبات العمل. هذا لا يعني أنَّني لم أتناول بعض قطع الحلوى، أو لم أُفوِّتْ بعض التمارين الرياضية في بعض الأحيان إلَّا أنَّني أستطيع بشكلٍ عام أن أحُثَّ نفسي على القيام بأي أمر مهما كانت المشاعر التي أُحِسُّ بها.



يتعامل العديد من الناس مع الانضباط كصفةٍ يرغبون في امتلاكها لكنَّهم يجدون ذلك صعباً، إذ يقول المنطق العام أنَّك كُلّما كنت قاسياً أكثر مع نفسك أصبحت غالباً شخصاً أفضل، لكنَّني لا أتفق مع هذا الكلام وأعتقد أنَّه من المهم التعامل مع هذا الموضوع باهتمامٍ ورِفق. أسهل طريقةٍ لتعزيز إمكاناتك هي أن تعرف حدودها.

في الوقت الذي أقدم لك هذه النصائح لتُعزّز قدرتك على التحلّي بالانضباط من المفيد أن تكون عملية اكتساب هذه الصفة عمليةً تراكمية، فكلَّما مارسْتَ الانضباط بشكلٍ أكبر اكتسبْتَ مزيداً منه. تعامل مع الأمر مثلما تتعامل مع اللغة فأنت لن تتقن لغةً خلال أسبوعٍ ولا خلال سنة، لكنَّ المواظبة على التدرب ستجعلها كلغتك الأم بعد فترةٍ من الزمن.

1- ابحث عن حِيَلٍ بسيطةٍ تُحفّزك:

هذه الحيل هي خطواتٌ صغيرة، فما الشيء البسيط الذي تستطيع فعله لتدفع نفسك باتجاه القيام بالعمل الذي تشعر أنَّك لا ترغب في القيام به؟

حينما أشعر أنَّني لا أرغب في ممارسة التمارين الرياضية أعرف أنَّ أفضل طريقةٍ تشجعني على ممارستها هي ارتداء ثياب النادي. وحينما أشعر أنَّني لا أغب في طهو الطعام يجعل وضع قائمةٍ تتضمن أغراض البقالة التي يحتاج إليها المنزل مزاجي مستعداً لممارسة الطهو.

باتباع هذه الخطوات البسيطة تستطيع غالباً أن تقنع نفسك أنَّك تريد حقاً أن تنهي المشروع، أو أن تنظف الحمام، أو أن تنظم حملةً لجمع التبرعات. المسألة هي أن تخطو خطوةً واحدةً إلى الأمام وعاجلاً أو آجلاً ستتولد لديك الرغبة في إتْباعها خطوةً أخرى.

2- اسأل نفسك عن السبب:

ابحث عميقاً عن سبب رغبتك في التوقف عن العمل واسأل نفسك: "لماذا لا تريد أن تبدأ؟ السبب على الأرجح ليست أنَّك شخصٌ كسول (على الرغم من أنَّ تلك الأيام الماطرة تجعل النهوض أمراً صعباً) بل لأنَّك تشعر بالخوف من الإخفاق، أو بالخوف من تحقيق النجاح، أو بالخوف من النقد.

تمثل هذه المخاوف جميعاً عقباتٍ في طريق العديد من الأشخاص فقد عشْتُ أوقاتاً عصيبة وأنا أكتب هذه المقالة وكنت أماطل في كتابتها بشكلٍ مستمر، وفي النهاية أدركْتُ أنَّني كنت خائفاً من أن أُواجَه بالنقد.

وبعد أن عرفْتُ أنَّ تصرفي هذا نابعٌ من الخوف لا من الإحباط بسبب المماطلة استطعْتُ أن أتخذ إجراءً حقيقياً فقد شجعْتُ نفسي وتذكرْتُ المرات السابقة التي كتبت فيها مقالاتٍ جيدة ولم أواجِه إلَّا انتقاداتٍ بسيطةً كان معظمها بنَّاءً.

حينما تدرك أنَّ تصرفك نابعٌ من الخوف ستتعاطف مع نفسك وهذا سيمنحك فرصة المضي قُدُماً عوضاً عن لوم النفس والتراجع إلى الخلف.

شاهد: كيف تتخلص من المماطلة والتأجيل؟

3- تعرَّف إلى العوامل التي تؤدي إلى ضعف الانضباط:

لدينا جميعاً مثل هذه العوامل التي ليس من الضروري أن تكون أشياء سيئة فالمسألة تتعلق غالباً باختيار التوقيت المناسب.

بالنسبة إليَّ أنا لا أطهو وجبة العَشاء عادةً إذا كنت أعلم أنَّ لدي بعض الأعمال التي تحتاج إلى إنهاء، إذ يُعَدُّ طهو الطعام عندي مؤشراً على نهاية اليوم فأنسى كل الأمور التي لها علاقة بالعمل وهذا أمرٌ جيدٌ في معظم الأحيان وهو طريقةٌ للاسترخاء بعد نهاية اليوم. لكن إذا كنت أسعى إلى إنهاء مهمة قبل موعدها النهائي سأطلب من زوجي أن يطهو الطعام أو سأحْضر طعاماً جاهزاً من الخارج.

الأمر لا يعني أنَّه يجب عليك أن تتوقف عن الخروج مع ذلك الصديق الذي تبقى معه غالباً خارج المنزل حتى وقتٍ متأخر بل يعني أنَّه من الأفضل ألَّا تخرج معه إذا كنت مضطراً إلى الاستيقاظ باكراً في الصباح التالي.

4- ركِّز انتباهك:

قد يبدو هذا أمراً بديهياً لكنَّني لا يمكن أن أخبرك عن عدد المرات التي نسيْتُ فيها أن أركز الانتباه فقد أكون مُنهمِكاً في الكتابة ثمَّ أتحول فجأةً إلى قراءة مقالةٍ ما أو تصفح تويتر وأتساءل كيف وصلت إلى هنا.

حينما ألاحظ أنَّني أفعل ذلك أقول "ركز انتباهك" بصوتٍ عالٍ وهذا غالباً كل ما أحتاج إليه للعودة إلى المهمة التي كنت أؤديها بحماسٍ متجدد، سيجعلك إصدار الأوامر بصوتٍ مرتفع تصحو قليلاً.

إقرأ أيضاً: اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين

5- تخيَّل الانتهاء من المهمة:

تساعدني هذه النصيحة بشكلٍ كبيرٍ حينما أواجه المشاكل فأنا بشكلٍ عام لست واحداً من أولئك الذين ينهون مهمةً ما حالما يبدؤون بها لذا فأنا أستمتع بفكرة ترك المهمة في منتصفها وأنا أعرف أنَّني في حاجةٍ إلى التفكير بطريقةٍ مختلفة لأغيِّر ذلك.

وفي أثناء التمارين المُتعِبة بشكلٍ خاص أفكِّر فعلياً في ترك ممارسة التمرين لأنَّني أعتقد أنَّ الجهد الذي بذلته يُعَدُّ كافياً، فأتوقف دقيقةً وأتخيل نفسي وأنا أشرب كأساً من شوكولا الحليب بعد انتهاء التمرين فأتابع التمرُّن وتنجح الخدعة.

تخيَّل أنَّك تحتفل بعد الانتهاء من المشروع، شغِّل خيالك وستجد أنَّك تستمتع بقراءة كتابٍ جميل في غرفة المعيشة التي طليتها حديثاً وقد يكون هذا غالباً الأمر الذي يوجهك نحو التحرك في الاتجاه الصحيح.

6- تعرَّف إلى قوّة إرادتك:

تُعَدُّ قوة الإرادة جزءًا مهماً من الانضباط على الرغم من أنَّهما ليسا متشابهين تماماً فالانضباط هو الذي يجعلك تنهض من السرير كل صباح لتتدرَّب من أجل خوض ذاك السباق وقوة الإرادة هي التي تحتاج إليها حينما لا تنام بشكلٍ جيدٍ في أثناء الليل ويكون الجوُّ بارداً ويكون السرير مريحاً إلى درجةٍ لا تُقاوم.

لدى كل شخصٍ فينا مصدرٌ في داخله يستمد منه طاقةً يمكن أن تدفعه للوصول إلى مكانٍ أبعد من الذي كان يظن أنَّه يستطيع الوصول إليه، وبهذه القوة نتجاوز يوماً عصيباً من أيام العمل حينما نعلم أنَّ ترك العمل أمرٌ غير ممكن أو نمتنع عن تناول الحلوى اللذيذة حينما تكون موضوعةً أمامنا على الطاولة.

انتبه حينما تستخدم هذا المصدر واسأل نفسك: متى أفضل وقتٍ تستفيد فيه من هذا المصدر؟ ومتى تشعر بأنَّه بدأ يضْعُف؟ أنا أشعر أنَّ قوة الإرادة لدي تكون في أعلى مستوياتها في فترة الصباح لذلك أُنجِز في هذه الفترة المهام التي أعلم أنَّني سأحتاج إلى قليلٍ من الحافز لأنجزها.

قوة الإرادة مصدرٌ ثمين فتعرَّف إلى ذلك المصدر، فقد يَضْعُف حينما تكون جائعاً وحينها ستكون مضطراً إلى الاحتفاظ ببعض الوجبات الصحية لاستخدامها في الأوقات العصيبة. وتعامل مع قوة الإرادة مثلما تتعامل مع صديقك المقرب، احمها وارعاها وستكون قادراً على الاعتماد عليها في المستقبل.

إقرأ أيضاً: 3 طرائق بسيطة وفعالة لتعزيز قوة الإرادة

7- تذكَّر، لو كان ما تقوم به سهلاً لكان الجميع بارعين فيه:

دع هذه العبارة تكون شعاراً لك. إنَّ ما تفعله أمرٌ في غاية الصعوبة فحاول أن تفهم نفسك قَدْرَ المُستطاع.

عندما أحاول تعزيز قدراتي ألاحظ أنَّني أتعامل مع نفسي بتذمرٍ وغضب وأقول لنفسي أنَّه كان يجب عليَّ أن أكون قادراً على القيام بذلك. أمَّا حينما يحين الوقت لإجراء حوار صريح مع الذات أعرف أنَّ ارتكاب الأخطاء أمرٌ مقبول وأنَّه لا بأس في أخذ بعض الإجازات فما أقوم به ليس سهلاً.

كُن لطيفاً مع نفسك لا سيما حينما تبدأ رحلتك نحو تعزيز الانضباط. إنَّها رحلةٌ طويلة وإذا بدأتها بالإحباط لن تقطع فيها شوطاً بعيداً. العمل الجاد يحتاج إلى بذلٍ جهدٍ كبير فلا تجعل ذلك العمل أكثر صعوبة من خلال الحديث بشكلٍ سلبيٍّ مع نفسك.

الانضباط هو أحد المهارات الأساسية التي تجعل الحياة أسهل ويمكنها أن تساعدك في تحقيق أحلامك. وكلما عززت انضباطك أصبحَتْ هذه الأداة أكثر فعاليةً بين يديك ومع مرور الوقت ستكون قادراً على تحقيق أي شيءٍ تطمح إليه.

 

المصدر




مقالات مرتبطة