7 نصائح للتوقف عن الاكتراث لآراء الآخرين

سألني معظم الأشخاص بواسطة البريد الإلكتروني "ما هي المشكلة في الرغبة بإرضاء الآخرين؟"، ردَّاً على أحد مقالاتي الأخيرة، واليوم أريد أن أناقش لماذا محاولة إرضاء الجميع أمر غير صحي، وكيفية منع نفسك من القيام بذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويقدِّم فيه نصائح عدة للتوقف عن الاكتراث لآراء الآخرين.

السعي إلى الحصول على رضى الآخرين ليس بمشكلة إلا عندما تُعرِّض صحتك وسعادتك للخطر في أثناء ذلك، فإن كنت تشعر بأنَّ موافقة الآخرين على كلِّ ما تفعل أمر أساسي في حياتك، فهذه مشكلة خطيرة، وقد عانيتُ منها في مرحلة سابقة من حياتي.

كنت أشعر حرفياً بضيق في التنفس كما لو أنَّني سأموت إن لم أحظَ بقبول زملائي، وتطوَّرت هذه الحالة في ذهني في عمر صغير جداً، بعد أن ضايقني الأطفال في المدرسة الابتدائية لكوني "مهووساً بالدراسة"، لقد فعلت كل ما في وسعي لكسب رضاهم، ومع أنَّني تجاوزت هذه المرحلة المُحرجة في وقت مبكر جداً من سنوات مراهقتي، فإنَّ الضرر قد حدث بالفعل؛ إذ فقدت ثقتي بنفسي، كانت حياتي حينها تتمحور حول السعي إلى نيل استحسان الآخرين طوال الوقت.

كانت المشكلة الحقيقية أنَّني بصفتي خريجاً جامعياً في العشرينيات من عمري أدخل سوق العمل للتو، ظننت أنَّ ما من شيء أفعله أو أفكِّر به يمكن أن يكون ذا قيمة إلا إذا كان "الشيء الصحيح"، وأعني بقولي "الشيء الصحيح": ما يعتقد الآخرون أنَّه صحيح، وخشيت فعل أي شيء لا ينال استحسان الآخرين، والذي أضرَّ بإبداعي خاصة في أثناء محاولتي تعزيز شغفي بالكتابة والتدوين.

بمجرد إدراك ما الذي كنت أفعله، قرأت معظم الكتب، وتحدثت مع كوتش، وركزت بجدٍّ على شفاء هذا الجزء المحطَّم من شخصيتي.

خلاصة القول، السعي المستمر إلى الحصول على الاستحسان يحرمك الشعور الجميل المرتبط بكونك على سجيتك بأفكارك كلها ورغباتك المميزة، فإن أصبح دافعك الوحيد في الحياة الرغبة بأن تفعل وتصبح ما تعتقد أنَّه مُتوقَّع منك فقط، ستتوقف حينها عن عيش الحياة بحق.

إذاً كيف يمكنك التوقف عن الاكتراث لما يعتقده الجميع عنك؟ إليك النصائح الآتية:

1. جد الراحة في تجاهل ما يظنُّه الآخرون:

عندما بدأت بالتدوين، عانيت بشأن ما إذا كان الناس يظنون أنَّ ما أكتبه جيداً بما فيه الكفاية، أملت بشدة أن تعجبهم كتاباتي، وفي أحيان كثيرة آمنت أنَّها لم تعجبهم، ثم ذات يوم أدركت كمية الطاقة التي أهدرتها في القلق حيال ذلك؛ لذا تعلَّمت تدريجياً إيجاد الراحة بألا أعلم ببساطة.

بعض المشكلات في الحياة، مثل عدم معرفة ما يظنُّه الآخرون عنك، ليس من المفترض حقاً حلها، آراء الناس حيالك تتعلَّق بهم أكثر مما تتعلق بك على أي حال، فقد يحبونك أو يكرهونك لمجرد إثارتك شيئاً في أذهانهم تذكِّرهم بشخص ما أحبوه أو كرهوه في الماضي الذي لا علاقة له بك على الإطلاق.

لذا إليك عبرة جديدة كررها دوماً: "هذه حياتي وخياراتي وأخطائي ودروسي، وما دمتُ لا أؤذي الناس، فلا داعي للقلق بشأن آرائهم حيالي".

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

2. اعلم أنَّ معظم الناس لا يفكرون بك على أي حال:

قالت الكاتبة والروائية "إثيل باريت" (Ethel Barrett) ذات مرة: "لن ننشغل كثيراً حيال ما يظنونه الآخرون بشأننا إذا أدركنا مدى ندرة إنجازاتهم الشخصية"، هذا صحيح.

لذا تجاهل ما يظنه الجميع عنك، فعلى الأرجح أنَّهم لا يفكرون بك على أي حال، فإن ظننت أنَّهم يفكرون بك دائماً، فافهم أنَّ شعورك بمراقبتهم وانتقادهم لكل تحركاتك هو من نسج خيالك كلياً، إنَّ مخاوفك الداخلية وقلَّة الثقة بنفسك هي ما يخلق هذا الوهم؛ إذ إنَّك تحكم على نفسك بنفسك وهذه المشكلة.

3. تقبَّل أنَّ رأي شخص آخر ليس مشكلتك:

كثيراً ما تنظر إلى شخص ما، وتسيء تقدير مدى روعته في بادئ الأمر والمظاهر خادعة، فكيف تبدو لشخص ما وما أنت عليه في الواقع، أمران نادراً ما يتطابقان، حتى إن أدركوا الجوهر الأساسي لهويتك، يبقى الجزء الأكبر من هويتك لغزاً، ونادراً ما يُدرك أحد حقيقتك الكاملة، ولا بأس في ذلك.

إذا كوَّن شخص ما رأياً عنك بناء على الأمور السطحية، فإنَّ إصلاح تلك الآراء بناءً على وجهة نظر أكثر موضوعية وعقلانية أمر يعود إليه وليس إليك؛ لذا اترك هذه المهمة له، هذا إن كان لديه رأي من الأساس.

خلاصة القول: آراء الآخرين عنك هي مشكلتهم، وليست مشكلتك، فكلما قلَّ اكتراثك لآرائهم فيك، أصبحت حياتك أقلَّ تعقيداً.

إقرأ أيضاً: كيف تحد من القلق بشأن رأي الناس بك؟

4. اسأل نفسك إن كان ما يظنونه هاماً:

سيفكر الناس بما يريدون التفكير به بصرف النظر عن مدى حرصك على اختيار كلماتك وسلوكاتك، وثمة دوماً احتمال كبير أن يُساء تفسيرها وتُفهم بخلاف ما أردت من قبل شخص ما؛ لكنَّ هذا ليس أمراً هاماً في خط سير أحداث حياتك.

نظرة الآخرين تجاهك ليس أمراً هاماً؛ لكنَّ نظرتك تجاه نفسك أمر أساسي؛ لذا عندما تتخذ قرارات هامة، تذكر أنَّ ما تفكر فيه حيال نفسك وحياتك أكثر أهمية مما يظنه الناس عنك، وكن صادقاً مع نفسك دوماً ولا تخجل أبداً من فعل الصواب، فابحث عن قناعاتك الشخصية حيال الصواب والتزم بها.

5. لاحظ إيجابيات أن تكون مميزاً:

إذا كنت تفكر مثل الجميع، فأنت لا تفكر؛ وبذلك فأنت لا تعيش حقاً، فإنَّ محاولة تقليد الأفراد الذين نتطلع إليهم مثل أحد والدينا أو شخصية مشهورة هو طبيعةٌ بشرية خاصة عندما نفتقر الثقة بأنفسنا، لكنَّ محاولة أن نكون شخصاً آخر دائماً ما تولِّد لدينا شعوراً بالفراغ من الداخل؛ لأنَّ ما نقدِّره في الأشخاص الذين نعجب بهم هو ميِّزاتهم؛ أي الصفات التي تجعلهم فريدين من نوعهم، ولتقليدهم حقاً نحتاج إلى تطوير تفرُّدنا، وبهذه الطريقة نكون في الواقع أقل شبهاً بهم وأكثر شبهاً بذواتنا الحقيقية.

نمتلك جميعاً رغبات ووجهات نظر فريدة من نوعها، وكلما أصبحت أكثر رضى عن اختلافاتك الخاصة، بدأت تشعر بالرضى أكثر لمجرد كونك أنت.

استمتع بكونك مختلفاً بعيداً عن المعتاد، وأقرب أكثر إلى الغرابة أو إلى إبداعك الخاص بمعنى آخر، وإذا وجدت نفسك تشعر بعدم الانتماء، فابحث بالوسائل كلها عن بداية جديدة ومكان جديد تنتمي إليه، لكن لا تغير من طبيعتك أبداً؛ بل كن على طبيعتك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق للحفاظ على الإيجابية وتحقيق أهداف الحياة

6. كن مدركاً تماماً لما تريد أن تشعر به:

لا بأس في أن تعرف المشاعر التي ترغب في تفاديها، لكن هذا ليس كلُّ ما يجب أن تفكر فيه، تخيل شخصاً يحاول تعلُّم القراءة بقضاء وقته كله في التركيز على كرهه لحقيقة أنَّه لا يستطيع القراءة، هذا ليس منطقياً.

حان الوقت لتتوقَّف عن التفكير في المشاعر التي لا تريدها، وحدِّد كيف تريد أن تشعر الآن في اللحظة الراهنة، ودرِّب نفسك على العيش في الحاضر، وفي الوقت الحالي دون الندم على ما جعلك الآخرون تشعر به ذات مرة، أو الخوف من احتمال تعرُّضك للانتقاد في المستقبل.

إذا تعرَّض أحد تُعنى به لموقف يهدِّد حياته في مكان عام، فستكون مركزاً وحاضراً كلِّياً لإنقاذه، لن تفكر فيما يعتقده المارة عن شعرك أو شكل جسدك أو العلامة التجارية للجينز الذي كنت ترتديه، هذه التفاصيل كلها غير الهامة ستختفي من ذهنك، ومن شأن شدة الموقف أن تحفزك على اختيار عدم الاكتراث لما قد يفكِّر فيه الآخرون عنك.

هذا يثبت بكلِّ بساطة أنَّ الانشغال فيما يفكر فيه الآخرون عنك هو اختيارك الشخصي.

7. شارِك الآخرين معتقداتك الحقيقية وعش بها:

أفصح عما تؤمن به حقَّاً حتى إن ارتجف صوتك، عليك بالطبع أن تكون ودوداً وعقلانياً، لكن لا تبالغ في الحذر حيال كل كلمة تقولها، تجاهل مخاوفك بشأن ما قد يعتقده الآخرون ودع عواقب إفصاحك تتكشف طبيعياً، ستجد في معظم الأحيان أنَّ لا أحد يشعر بالإهانة أو الغضب على الإطلاق، وإذا شعروا بالضيق، فالأرجح أنَّك بدأت بالتصرُّف بطريقة تجعلهم يشعرون بأنَّ لديهم تأثيراً أقلَّ بك.

فكِّر في ذلك، ليس عليك التظاهر بأيِّ شيء؛ ففي النهاية غالباً ما تظهر الحقيقة بطريقة أو بأخرى، وحينها ستجد نفسك وحيداً إن كنت تعيش في فقاعة من الكذب؛ لذا عش حقيقتك الكاملة بدءاً من الآن.

إذا ضايقك أحدهم وأشار إلى أنَّك قد تغيَّرت؛ فهذا ليس أمراً سيئاً، هذا يعني أنَّك توقفت عن عيش حياتك بطريقتهم فقط، لا تعتذر عن ذلك؛ بل كن منفتحاً وصادقاً، واشرح مشاعرك، واستمر في فعل ما تعلم في داخلك أنَّه الصواب.

إقرأ أيضاً: المعتقدات: تعريفها، ونشأتها، وأنواعها، وكيفية التحرر من السلبية منها

في الختام:

إنَّ قضاء الحياة في محاولة إرضاء الآخرين، الذين ربما يعجزون أصلاً عن الشعور بالرضى، أو يحاولون جاهدين أن يُنظر إليهم على أنَّهم دوماً ما يفعلون "الشيء الصحيح"، هو طريقة مؤسفة للعيش.

لا تكتفِ بحياةٍ عادية، نحن جميعاً على قيد الحياة ويبقى السؤال هل نحن نعيش الحياة حقَّاً؟

أدركت في النهاية أنَّ كوني حيَّاً دون أن أعيش الحياة حقاً لم يكن ما أردته لنفسي؛ لذلك أجريت التغييرات اللازمة؛ إذ نفذت النصائح السبع جميعها التي نوقشت في هذا المقال ولم أنظر إلى الوراء أبداً، فإذا كنت تعاني هذه المشكلة، وتسعى إلى الحصول على موافقة الجميع على كل شيء صغير تفعله، فخذ هذا المقال على محمل الجد وابدأ بإجراء تغييرات من اليوم، فالحياة أقصر من أن تتجنَّب ذلك.




مقالات مرتبطة