7 نصائح لتصبح رائد أعمال في عمر الأربعين

يعرض لنا التلفاز والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مؤسسي الشركات الناشئة على أنَّهم شباب يعيشون في منطقة "سيليكون فالي" (Silicon Valley)، لكنَّ الواقع مغاير لذلك؛ فوفقاً للإحصاءات، إنَّ متوسط عمر رائد الأعمال حين يطلق أول مشروع له هو 40 عاماً، كما وجدَت مؤسسة "ذا كوفمان فاونديشين" (The Kauffman Foundation) أنَّ الأشخاص الأكبر سناً يبدؤون مشاريع أكثر من اليافعين، وتبعاً لدراسة أخرى، 70% من رواد الأعمال كانوا متزوجين، و60% منهم كان لديهم طفل واحد على الأقل حين أطلقوا أولى مشاريعهم؛ حيث تتنوع الأسباب التي دفعَتهم لذلك بين الرغبة بتحقيق الثراء وعدم الرغبة بالعمل لصالح شخص آخر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عند المدوِّنة "أيمي ليسي" (Amy Lacey)، والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في إطلاق أوَّل مشروع لها بعد تجاوز عمر الأربعين.

ولا تشير هذه الإحصاءات إلى مجرد مرحلة عابرة بالنسبة إلى الجيل هذا، فمشاعر التقييد المرتبطة بالعمل في الشركات كانت موجودةً وتتراكم منذ سنوات؛ فوفقاً لاستفتاء أجرته  شركة "غالوب" (Gallup) فإنَّ ثلثي الموظفين من جيل طفرة المواليد (Baby Boomers) والجيل إكس (Gen X) غير مشاركين في مكان عملهم، والسبب الأساسي خلف هذا الانفصال هو عدم الشعور بالصلة مع رسالة مَهمَّة الشركة؛ لهذا يرغب العديد من أفراد هذا الجيل بالانتقال إلى عالم ريادة الأعمال، وذلك يشملني أنا أيضاً.

في عام 2010، قررتُ بعد تشخيصي بمرض الذئبة في عمر 45، تغيير عاداتي الغذائية؛ حيث تضمَّن ذلك التنويع في الأطباق؛ إذ اعتدنا على طلب البيتزا أيام الجمعة، لكنَّ العجينة الجاهزة كانت تضرُّ بصحتي؛ لذا بدأتُ بتجربة صنعها باستخدام القرنبيط، وبعد ثلاث سنوات من تقديم طبقي في سوق محلي، تُباع الآن منتوجات علامتي التجارية "كاليفلور فوودز" (Califlour Foods) في متاجر مثل: "هول فوودز" (Whole Foods)، و"ألبرت سونز" (Albertsons)، و"سيف واي" (Safeway)، و"وول مارت" (Walmart)، و"كروجر" (Kroger)، وغيرها الكثير، وكنَّا نبيع خلال عام 2018 عجينة بيتزا واحدة كلَّ 6 ثوانٍ عبر متجرنا الرقمي.

ورغم أنَّ المشاريع الريادية الضخمة لها إيجابياتها مثل الدعم المالي، وشبكة العلاقات القوية، والخبرة، لكن لها صعوباتها أيضاً؛ فإذا كنتَ ترغب في خوض أولى مغامراتك في عالم ريادة الأعمال، فإليك بضعة نصائح كي تستعد وتتجنب الأخطاء الشائعة:

1. ابدأ العمل على مشروعك بينما تعمل في وظيفة:

إن كنتَ تريد ضمان عدم العودة إلى عالم الشركات الذي لا تُحبِّذه، فعليك الاستعداد والبدء بالعمل على مشروعك في أثناء العمل في وظيفة بدوام كامل؛ فاتَّخِذ خطوات صغيرة لتضمن أنَّ لفكرتك صدى وسيكون لها فوائد حقيقية وحيز في السوق، وقد يعني ذلك قضاء أيام عطلتك أمام شاشة الحاسوب عوضاً عن تناول الطعام برفقة عائلتك، أو قضاء لياليك في إجراء الأبحاث عوضاً عن مشاهدة التلفاز، لكنَّك ستجني فوائد ذلك حين تستقيل من وظيفتك.

على سبيل المثال: إن كنتَ ترغب في إطلاق مشروع ضمن القطاع الخدمي، فيمكِنك البدء بتكوين قاعدة عملائك، كما ألاحظ العديد من الأشخاص الذين يعملون مجاناً في الفترة الأولى لجذب العملاء؛ والسبب هو أنَّ هؤلاء العملاء الجدد سيُقدِّمون إليك تغذيتهم الراجعة، ويخبرونك ما هي الجوانب التي تتقنها والجوانب التي تحتاج إلى تحسين، كما سيُقدِّمون شهاداتهم وآراءهم في عملك، ويمكِنك أيضاً إطلاق متجرك الخاص إن كنتَ تُقدِّم منتجاً، والبدء بالبحث عن أشخاص يتفاعلون مع عملك، وإجراء اختبارات لتعرف أين يرتكز وجود عملائك على الإنترنت، حيث سيساعدك ذلك في استثمار مصادرك ووقتك في المكان الصحيح.

شاهد بالفديو: فديو: كيف تصبح رائد أعمال؟

2. ارسم خطة عمل:

أعلمُ أنَّ معظم الأشخاص لا يرغبون بوضع خطة عمل كاملة، لكن ثِق بي، سيُقدِّم إليك فعل ذلك العديد من المعلومات، كما ستلاحظ العديد من الأمور، وستتضح أمامك الفرص عند أخذ الوقت للتفكير في جميع التفاصيل من التسويق إلى التقنيات والتمويل.

لن يتم هذا خلال يوم واحد بالطبع، فقد يتطلب رسم خطة عمل متكاملة أسابيع أو أشهر، لكنَّه سيساعدك على تحديد متطلبات عملك كي ينجح، ويجب أن يكون صاحب العمل خلال هذه الفترة مرن التفكير ومستعداً للتعلم من أخطائه، لا أن يشعر بالإحباط بسرعة ويفقد اندفاعه، فأنا مؤمنة بأنَّ كلَّ خطأ هو فرصة للنمو، وأنَّ علينا تقبُّله برحابة صدر، وقد تتعجب من هذه المفارقة، لكنَّ الحقيقة هي أنَّنا ننمو أكثر كلَّما اقترفنا المزيد من الأخطاء، لأنَّها أمور جديدة لم نُخطِّط لها في الأصل.

كما أنصحك بعرض خطتك على مستشار خبير ليراجعها؛ إذ لديَّ من الخبرة ما يكفي لأدرك أنَّني لا أعرف الكثير؛ لذا من الهام أن تحيط نفسك بأشخاص يعرفون أكثر منك؛ فكما يُقال: "نصف الذكاء هو معرفة الأمور التي تجهلها"، وبما أنَّ معرفتي محدودة، فقد عيَّنتُ مديراً تنفيذياً لمراجعة خطتي، ووجدتُ خبرته ثمينةً للغاية.

إقرأ أيضاً: كيف تقوم بتحليل السوق من أجل خطّة عمل مُحكمة؟

3. شارِك عائلتك في المشروع:

لا يخصك هذا القرار وحدك؛ فإن كان لديك شريك و/ أو أطفال، فأنت بحاجة إلى دعمهم، وعدم الحصول عليه سيسبب التوتر في المنزل، وكان لعائلتي دور منذ إطلاق شركتي "كاليفلور فوودز" (Califlour Foods)، فهُم حياتي بأكملها؛ ولذا كانت موافقتهم ضروريةً؛ لذا بذلتُ جهدي لإشراك زوجي وأطفالي في جميع جوانب العمل، كاختيار اسم الشركة، وتطوير المنتج، والبيع في الأسواق المحلية، ولا تزال عائلتي معنيَّة بجميع الأمور حتى هذا اليوم.

حتى وإن لم تكن عائلتك جزءاً من العمل نفسه، لكنَّهم جزء من حياتك؛ لهذا يجب أن تُعلِمهم برغبتك في الاستقالة من وظيفتك حالما تبدأ التفكير في ذلك كي تحصل على مساندتهم؛ أخبِرهم بخطتك وكيف تنوي فعل كل شيء، ويشمل هذا الطريقة التي ستجني من خلالها النقود إمَّا من خلال المشروع الجديد أو العمل بشكل مستقل ريثما ينجح المشروع، ولماذا تعني هذه الرغبة الكثير لك؛ واشرح لهم التغيُّرات التي ستطرأ على روتينهم اليومي إن كان هناك أيٌّ منها، وكيف ستتعامل معها؛ حيث سيكون التغيير أسهل حين يشعرون بالراحة.

4. هيِّئ نفسك مالياً:

هذا تغيير كبير إما سيُحقِّق لك نجاحاً هائلاً أو سيكون فشلاً ساحقاً لعملك؛ لذا استعِدَّ مالياً بقدر ما تستطيع؛ فعلى الرغم من تمتُّعك بالاستقرار الاقتصادي حالياً، لكن لديك المزيد من المسؤوليات أيضاً؛ لذا احرص على تجهيز نفسك لمواجهة جميع الاحتمالات.

أنا كنتُ محظوظةً حين أطلقتُ مشروع "كاليفلور فوودز" لامتلاكي مدخرات استخدمتُها كرأس مال، ولاحقاً بعد فترة من التأسيس، أنشأنا خط ائتمان لنسحب الأموال منه، لكنَّني اعتمدتُ على بطاقات الائتمان خلال معظم فترة بداية المشروع، ويُعدُّ العمل بهذه الطريقة تحدياً نفسياً، وخصوصاً إن كان لديك فريق يعتمد عليك للحصول على رواتبهم.

امتلاك خطة احتياطية أمر ضروري، وقد تكون خطتك الحصول على عمل مستقل، أو التدريس، أو غيرها، بينما تعمل على إطلاق عملك وجني المال منه، أو البحث عن مصادر لرأس المال؛ فنحن اخترنا منصَّتَي "شوبيفاي" (Shopify) و"أمازون" (Amazon) اللتين قدَّمَتا قروضاً، إضافة إلى ذلك، يتميز البنك المحلي حيث نحن موجودون بسهولة الوصول إليه؛ لذا اشتركنا معهم لتمويل بعض جوانب العمل.

فكِّر ملياً في كافة الاحتمالات الممكنة عند إطلاق عملك، مثل وضع ميزانية ثابتة، ومقابلة مستشار مالي، والمشاركة في ورشات العمل بينما تدخر المال، وفكِّر أيضاً في تغيير عاداتك؛ أي مبلغ المال الذي تنفقه وكيف بإمكانك تخفيضه؛ إذ يجب أن تُخطِّط لذلك، لأنَّك حين لا تضع خطةً، فأنت تُخطِّط للفشل.

شاهد بالفديو: 6 طرق تجعلك تعيش مثل رواد الأعمال

5. حدِّد مواعيد للعودة إلى العمل:

عالم ريادة الأعمال عالمٌ متخبط، فستمر بمراحل جيدة وأخرى مزرية، ولكن في النهاية يستحق النجاح كلَّ ذلك العناء، ومن جهة أخرى، يمكِن أن تفشل العديد من المشاريع أيضاً (فـ 90% منها تفشل خلال السنوات الخمس الأولى)؛ لذا عليك أن تعرف ما الإنجاز الذي تحتاج إلى تحقيقه لتتجنَّب العودة إلى الوظيفة السابقة، وما الربح الذي تحتاجه ليستمر العمل وتعيل نفسك.

بالرغم من أنَّ الكثيرين يعملون لكلَّ يوم بيومه، لكنَّ هذه الاستراتيجية غير ممكنة عندما يكون لديك التزامات مالية مثل المنزل والأطفال، وهي غير جيدة حتى من دون وجود تلك الالتزامات؛ لذا قرِّر من البداية كم يجب أن تجني كلَّ شهر لتنجح كرائد أعمال، وخذ في الحسبان نمط حياتك ونفقاتك وكم ستشارك في مصاريف المنزل، ومن تلك الأرقام حدِّد أهدافاً يمكِن قياسها وباستطاعتك تحقيقها حتى تصل إلى المبلغ المطلوب، ثمَّ حدِّد مواعيد، وراجِعها كل فترة، وعدِّل عليها حيث تتطلب الحاجة، لكن تحمَّل المسؤولية.

6. اعتمِد على شبكة معارفك:

لربما أهمُّ ميزة تتمتع بها كرائد أعمال هي شبكة المعارف الكبيرة التي ستنشئها؛ لذا استثمِرها خير استثمار؛ فحين تبدأ التفكير في الاستقالة من وظيفتك، أو إن كنتَ قد استقلتَ لتوِّك، فأخبِر أصدقاءك وزملاءك ومعارفك واطلب دعمهم؛ حيث قد يعني ذلك تقديم مشروعك إليهم، أو طلب المساعدة المالية أو النصيحة؛ فالأشخاص المحيطون بك هم الذين سيساعدونك على التقدم.

انضممتُ في أثناء تطوير "كاليفلور فوودز" (Califlour Foods) إلى اتحاد "فوود سبيشياليتي أسوسييشن" (Specialty Food Association) وعثرتُ على استشاري خلال إحدى الندوات؛ فكان هذا الشخص عنصراً جوهرياً في نجاحي، كما عرَّفني إلى أفراد ذوي تفكير مشابه لي، حيث يساعدني هؤلاء الخبراء الآن في التواصل مع الأشخاص المناسبين لتحقيق أهدافي، إضافة إلى دعمهم لي حين أتعثر.

كما قابلتُ الاستشاري "بوب بورك" (Bob Burke) في ندوة وأصبح منتور رائعاً لي؛ فهو يتمتع بما يزيد عن 30 عاماً من الخبرة في المجال ولديه شبكة معارف واسعة؛ حيث علَّمني أموراً كثيرة عن التجارة وعرَّفني إلى أشخاص هامين في المجال، ومنذ ذلك الوقت دعوتُه ليكون أحد أفراد المجلس الإداري لشركتي، وعاد ذلك الخيار عليَّ وعلى العمل بفوائد عظيمة.

في النهاية، أنصحك بالاستثمار في الدورات التدريبية والندوات؛ إذ تُقدِّم إليك تلك التجارب معرفةً في المجال، وتمنحك شبكة معارف تدعمك في أثناء نموِّك. 

إقرأ أيضاً: صفات رائد الأعمال الناجح، وأهم النصائح لرواد الأعمال المُبتدئين

7. تمتَّع بعقلية منفتحة:

غالباً ما أسمع من رواد الأعمال الكبار أنَّهم يشعرون بالقلق تجاه قدرتهم على التنافس مع أقرانهم الأصغر سناً، لكن احذر؛ فقد تسحق طريقة التفكير هذه فرص نجاحك؛ إذ من الهام أن تدرك الخبرة التي تمتاز بها بحكم عمرك وتستفيد منها.

الألم والعراقيل جزء لا يتجزأ من الحياة، وأنت تحتاج في تلك اللحظات بالذات إلى تبنِّي "عقلية المحارب"، وتغيير وجهة نظرك إلى النجاح، والتمتع بالجرأة والمرونة لتواجه التحديات وتنتصر فتصبح شخصاً أقوى وأفضل ممن كنتَ عليه قبل المرور بها، وأنا أؤمن أنَّ عقلية المحارب تنمو بفضل الخبرة، لأنَّك تتعلم تخطِّي العراقيل، والتعامل معها بطريقةٍ إيجابية تمنحها معنى.

 

المصدر




مقالات مرتبطة