7 علامات تدل على أنَّ أسرتك على رأس أولوياتك

لقد التقيتُ مؤخراً بصديقة لي، وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في وظيفة شاقة بدوام كامل، وزوجها صالح ويساعدها دوماً في رعاية الأطفال وإدارة المنزل، ولقد بدت حزينة في لقائنا، وأخبرتني أنَّها لا تقدم ما يكفي للعائلة، لذا فاجأتني بهذا الكلام؛ لأنَّني أراها زوجة وأماً رائعة ومهنية مجتهدة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة "سارة كريستنسون" (Sarah Kristenson)، وتُحدِّثنا فيه عن 7 علامات تدل على أنَّك تركز على الأسرة.

وعندها أدركتُ أنَّها لا ترى العلامات الواضحة التي تشير إلى أنَّ تركيزها منصب على العائلة، فإذا كنت تعرف شخصاً لا يعتقد أنَّه يقدم ما يكفي لأسرته، أو ربما تتساءل عما إذا كنت تهتم بعائلتك، فربما حان الوقت لتنظر عن كثب في العلامات التي تدل على أنَّك كذلك، لذا جمعتُ فيما يأتي 7 علامات تدل على أنَّ أسرتك على رأس أولوياتك، ولكن قبل أن نتعمق في العلامات، دعونا نلقي نظرة على معنى أن تكون الأسرة على رأس اهتماماتك.

الشخصية التي تكون الأسرة مركز اهتمامها:

لا يوجد تعريف محدد عام للشخصية التي تكون الأسرة مركز اهتمامها؛ نظراً لاختلاف نظرة كل شخص للحياة الأسرية، وذلك لأسباب دينية أو اجتماعية، ولكن عموماً يخصص الشخص الذي تكون الأسرة مركز اهتمامه الوقت لعائلته، بصرف النظر عن مدى صعوبة حياته أو وضع عمله، فيركز على سعادة أفراد عائلته وسلامتهم، ويستمد القوة من نجاحهم، كما أنَّه الشخص الذي يضع آراء وردود فعل جميع أفراد الأسرة في الحسبان عند اتخاذ قرارات كبيرة مثل؛ قبول وظيفة في مدينة أخرى، فيجمع العائلة معاً ويناقش آراء الجميع حيال ذلك، ولا يتخذ الشخص الذي تكون الأسرة مركز اهتمامه قرارات كبيرة دون موافقة العائلة، فميله نحو أسرته قرار واع، وعائلته هي حياته.

ما هي فائدة وضع الأسرة في مركز الاهتمام؟

في عالم يختبئ الناس فيه خلف الصور المعدَّلة ووسائل التواصل الاجتماعي، من الرائع أن تتصرف على طبيعتك مع أشخاص موجودين دوماً بقربك في السراء والضراء، وهم عائلتك؛ إذ يمنحك التركيز على الأسرة الإلهام والتحفيز لتكون الأفضل بنظر عائلتك ونفسك.

يؤثر القرار الواعي هذا في حياتك على الصعيد المهني والعاطفي والروحي، ويجلب لك ولعائلتك السعادة ويقوي روابطكم، وفي المقابل ستتلقى الحب والدعم من عائلتك أيضاً.

يعلِّمك اعتماد هذه العقلية إيثار الآخرين على نفسك، وألا تتعجل دائماً في الحصول على مكافآت فورية لنفسك، كما يعلِّمك التركيز على العائلة الالتزام والولاء إلى جانب أنَّ قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تحبهم يقلل بعضاً من التوتر والقلق الناجم عن يومك المليء بالأشغال.

لماذا لا يضع بعض الناس الأسرة على رأس قائمة اهتماماتهم؟

لا يضع كل الناس الأسرة في مركز اهتمامهم، ولا بأس بذلك، فالتركيز على العائلة هو قرار واعٍ، ولا يشعر بعضهم بالحاجة إلى اتخاذ الدور هذا، ولكنَّهم يساعدون الأسرة بطرائق أخرى، مالياً مثلاً، ولكن لم يتربَّ بعض الأشخاص على القيم ذاتها التي تربى عليها الشخص الذي تكون الأسرة مركز اهتمامه، فربما كانت العلاقات سامة في بعض الأُسر، وأرادوا أن ينأوا بأنفسهم عن العائلة، ونتيجة لذلك لا يعرفون كيفية التركيز على العائلة أكثر عندما يكوِّنون أسرة فيما بعد.

لسوء الحظ توجد أشياء كثيرة يجب التعامل معها في العالم، مثل المرض والأمور المالية وضغط العمل والزواج الفاشل والحفاظ على نظافة المنزل، وضرورة التركيز على العائلة فوق كل هذا، وقد يكون مُرهقاً بالنسبة إلى شخص كهذا؛ لأنَّه لا يشعر بالسعادة، فهذا هو السبب في أنَّ الرعاية الذاتية ضرورية جداً إذا كنت تريد أن تكون أسرتك في مركز اهتمامك.

شاهد بالفديو: 12 طريقة لتعزيز التواصل الأسري

7 علامات تدل على أنَّ أسرتك على رأس أولوياتك:

1. الإصغاء الفعَّال:

إحدى السمات الهامة للشخص الذي تكون أسرته مركز اهتمامه هو الإصغاء بوعي وفاعلية، ويمنح مثل هذا الشخص اهتمامه الكامل لعائلته عندما يتحدثون إليه، وذلك دون تجاهل مشاعرهم أو مقاطعتهم من خلال ممارسة الإصغاء الواعي، وستتمكن من التواصل مع أحبائك على مستوى مختلف، وتكون قدوة لهم، فما تقوله عائلتك لك هام جداً، وهم يعرفون أنَّك ستصغي إليهم بكل انتباه عندما يتحدثون إليك.

يركز الشخص الذي يهتم بالعائلة على التواصل البصري، ويُظهر لهم اهتمامه بما يقولونه، ويدرك الوقت المناسب لكل من التحدث والإصغاء، تُقرِّب ممارسة الإصغاء الفعَّال أفراد عائلتك من بعضهم، وهذه أولوية بالنسبة إليك.

2. حب العائلة واحترامها:

يكنُّ الأشخاص الذين تكون عائلاتهم في مركز اهتمامهم أقصى قدر من الاحترام والحب لها، وهذا ما يظهر عليهم، فهذه إحدى العلامات التي تظهر جلياً عندما تكون برفقة فرد يهتم بأسرته، فعندما ينجز أحد أفراد أسرته أمراً ما مهما كان كبيراً أو صغيراً، ينتابه شعور بالفخر وكأنَّه هو مَن أنجزه؛ ذلك لأنَّه يحبهم ويريدهم أن يحققوا أحلامهم، كما أنَّه يحترم الجهد الذي بذلوه للوصول إلى النجاح.

يحترم شخص كهذا عائلته وقيمهم، وحتى لو اختلفت وجهات نظرهم، فسوف يحاول فهمها، فالاحترام ضروري جداً لبناء علاقات جيدة وقوية مع بعضنا بعضاً، وقد تنهار الأسرة في غياب الاحترام والحب، وستقل الثقة بين أفراد الأسرة، فالأفعال أبلغ من الكلمات.

3. الرعاية الذاتية:

قد تعتقد أنَّ الشخص الذي تكون أسرته في مركز اهتمامه يركز على أسرته طوال الوقت، ولكن هذا غير صحيح، فهو يعلم أنَّ عليه أولاً أن يكون سعيداً وفي وضع مريح يؤهله للاضطلاع بواجباته الأسرية، وبمعنى آخر الرعاية الذاتية هي دلالة واضحة على أنَّ عائلة الشخص في مركز اهتمامه، فأنت تقدم كثيراً لعائلتك، ولكنَّك تدرك أيضاً أهمية تخصيص الوقت لرعاية نفسك، وإلا كيف تتوقع أن تكون بجانب عائلتك إذا كنت منهكاً ومرهقاً؟

تختلف الرعاية الذاتية من شخص لآخر، فيستمتع بعضهم بالذهاب إلى منتجع صحي أو لعب الجولف أو قراءة كتاب ممتع أو الخروج في موعد مع شريكهم، وعندما تراك عائلتك في حالة من السعادة والراحة، سيجعلهم ذلك سعداء أيضاً؛ فالاهتمام باحتياجاتك الخاصة سيساعدك على رعاية أسرتك رعاية أفضل.

إقرأ أيضاً: أهمية الرعاية الذاتية في العصر الحديث

4. الاندماج مع الأطفال اندماجاً كلياً:

لا يوجد أسوأ من أن يحوم الأطفال حول والديهم في محاولة لصرف انتباههم عن هواتفهم، ولكن للأسف يقضي معظمنا كثيراً من الوقت في استخدام هواتفنا أو أجهزتنا اللوحية، فلا يهمُّ إذا كنت تستخدم الهاتف للعمل أو التسلية، فهو يصرف انتباهنا عن الأمور الحقيقية والهامة في حياتنا؛ إذ يحرص الشخص الذي يميل للأسرة على أن يُبعد هاتفه عنه ويندمج كلياً مع أطفاله لساعتين على الأقل يومياً.

لن يضر تأجيل التصفح قليلاً، فإذا كنت في العمل طوال اليوم، سيرغب أطفالك بقضاء وقت معك دون أن يشتتك عنهم أي شيء، لذا عندما تضع هاتفك بعيداً، فإنَّك تمنح أطفالك اهتمامك الكامل، وهذا الأمر الذي سيلاحظونه ويقدِّرونه.

5. البقاء بجانب العائلة في جميع لحظاتهم الصغيرة:

صحيح أنَّك حضرت حفلات تخرج أولادك، وأوصلتهم دوماً إلى حيث يريدون، وهنَّأت شريكك عندما نال ترقية، ولكن ماذا عن اللحظات الصغيرة؟ وماذا عن تلك التي لا تحظى بتشجيع أو تقدير عام؟

إذا كنت شخصاً ذا توجه عائلي، فستكون بجانب أسرتك في تلك اللحظات الصغيرة، وتدرك عائلتك أنَّك ستلاحظ إنجازاتهم الصغيرة، مثل تعلُّم ركوب الدراجة أو ربط الحذاء بصورة صحيحة لأول مرة، وهذه اللحظات "الصغيرة"؛ هي تلك التي تمدح فيها زوجتك عندما تغير قصَّة شعرها أو تُعيد ترتيب أثاث المنزل.

البقاء بجانب أسرتك في اللحظات الصغيرة يُشعر عائلتك بالفخر والأمان والثقة، كما يساعدك على التركيز على الأمور الإيجابية في الحياة، ويخفف من التوتر والقلق الناتج عن قضاء يوم شاق في العمل.

6. تخصيص وقت لعائلتك:

قد يكون تحقيق التوازن بين العمل بدوام كامل والأسرة والحياة الاجتماعية أمراً مربكاً جداً، ولكنَّ الشخص الذي يميل نحو الأسرة يجعل تخصيص وقت لعائلته من أولوياته، وقد تبدو فكرة أن تضطر إلى تخصيص وقت لقضائه مع العائلة غريبة، ولكنَّها نتاج سرعة وتيرة حياتنا؛ فيتعين على معظم الأشخاص استخدام المخططات اليومية ورسائل التذكير على هواتفهم طوال الوقت لإكمال مهام محددة، لذا تخصيص وقت لقضائه مع عائلتك في جدولك هو دليل واضح على مدى حبك وتقديرك لوقتك معهم.

قد تشغلك الحياة كثيراً، ولكن لا تدع هذا يؤثر في عائلتك، لذا حدد وقتاً لقضائه في فعل شيء تستمتعون به جميعاً، وتحمل مسؤولية الالتزام بهذه "الأوقات"؛ فسوف يؤدي هذا أيضاً إلى تشجيع أفراد عائلتك على التركيز على الأسرة.

شاهد بالفديو: تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

7. الحضور العاطفي:

من السهل أن تكون حاضراً بجسدك مع عائلتك ولكنَّك غائب الذهن، فالجلوس مع عائلتك بينما أفكارك في مكان آخر ليس علامة على أنَّ عائلتك في مركز اهتمامك، أما إذا كنت كذلك، فلن تخشى التعامل مع الأمور العاطفية؛ إذ ستلجأ عائلتك إليك في حال تعرضهم لأي مشكلات، وعندما تكون حاضراً عاطفياً، ستعزز الروابط العاطفية وتحافظ عليها في عائلتك، كما ستتمكن من تقديم النصائح بكل أريحية، ولكن بعد التفكير في الموقف أولاً، وأما الأسرة التي يغيب التواصل فيها أو لا يشعر أفرادها بالراحة عند التحدث عن المواقف العاطفية والشخصية، فروابطها ضعيفة، فما يقوي أواصر المحبة في العائلات هو التواصل العاطفي والتفاهم.

5 نصائح لتصبح عائلتك مركز اهتمامك:

إذا كنت تشعر أنَّك لا تقدم ما يكفي لعائلتك، فاطلع على النصائح الخمسة الآتية لتعزيز اهتمامك بالأسرة:

  1. احرص على أن تشعر عائلتك بالتقدير والحب، فمكالمة هاتفية بسيطة أو رسالة للاطمئنان على حالهم كافية لإسعادهم.
  2. طوِّر مهاراتك في الإصغاء والتحدث؛ إذ يجب أن تتمكن عائلتك من التواصل معك بشأن كل شيء.
  3. افعل أموراً بسيطة لعائلتك، مثل إخراج القمامة أو غسل الأطباق، فحتى عناق نابع من القلب هو سبب كاف ليُقربكم من بعضكم.
  4. التزم بوعودك؛ فإذا قلت إنَّك ستأتي، فاحرص على أن تكون حاضراً؛ لأنَّ خذلان عائلتك باستمرار يُظهر لهم أنَّك غير جدير بالثقة ولا تهتم بالأمور الهامة.
  5. كن صادقاً عندما تقضي وقتاً مع عائلتك أو تجري معهم محادثات، فيعرف الناس فوراً إذا كان شخص يفعل أمراً رغماً عنه، ويعني الميل نحو الأسرة أنَّ أفعالك صادقة ونابعة من حبك لعائلتك.
إقرأ أيضاً: العمل/ النوم/ العائلة/ اللياقة/ الأصدقاء... أيّ ثلاثة منها ستختار!

في الختام:

بسبب الضغوطات والمشتتات في عالمنا الحديث، من السهل جداً أن تغفل عن أهم ما تملك في حياتك وهي عائلتك، وقد تبدو فكرة العودة إلى المنزل والانفصال عن العالم عبر تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أمراً مريحاً، ولكن على الأمد الطويل، ستفقد ذلك الوقت الممتع مع العائلة.

الاهتمام الكبير بالعائلة ليس أمراً سهلاً دائماً، فقد تضطر إلى أن تضغط على نفسك لتحافظ على إيجابيتك، ولكنَّنا بشر، ويمر الأشخاص الذين تكون عائلاتهم مركز اهتمامهم بأيام عصيبة أيضاً، ولكن هذا هو الوقت الذي تردُّ فيه لك عائلتك الجميل وتقف إلى جانبك، كما وقفت أنت إلى جانبهم.




مقالات مرتبطة