7 طبقات للإبداع في أي عمل فني

يكمن الإبداع الحقيقي في داخلنا جميعاً، ولكن بسبب وَقع كلمة الإبداع يشعر الأشخاص غير الموهوبين بطبيعتهم بالخوف حتى من المحاولة، ومن خلال تحليل العناصر الأساسية للإبداع نرى أنَّ عملية تقديم أعمال إبداعية ليست بسيطة فحسب؛ وإنَّما يمكن تطبيقها على جميع النشاطات في حياتك إذا كنت تنظم خزانة للملفات أو ترسم لوحة؛ فإنَّ العناصر السبعة المذكورة في المقال ستساعدك على اكتشاف الإبداع في كل ما تفعله في الحياة.



يقال إنَّ الفن يحاكي الحياة، وأن تكون قادراً على التعبير عن الذات بصورة خلَّاقة هو إنجاز كبير.

تخيل بأنَّك ترسم صورة في أحد الزوايا، ولديك منظر جميل للبحر مع وجود شاطئ وأشجار نخيل على أحد الجوانب، ومن بعيد يوجد أفق المدينة؛ إنَّه مشهد مثالي.

يفترضُ كثير من الأشخاص الآن أنَّ العملية الإبداعية تتضمن ببساطة نقل هذه الصورة الجميلة إلى لوحة، وفي الواقع الإبداع هو عملية أعمق بكثير تنطوي على طبقات عديدة من التفكير واكتشاف المعنى، ولحسن الحظ يسهل على أي شخص فهم جانبه الإبداعي.

7 طبقات للإبداع في أي عمل فني:

والآن إليك طبقات الإبداع السبع:

1. طبقة الموضوع:

أعطتك الطبيعة بالفعل في هذا المثال قطعة فنية يمكن لأي شخص لديه كاميرا مشاركتها.

يجب ألا يواجه أي شخص مشكلة في العثور على هذه الطبقة فهي مجرد ملاحظة لأمر مثير للاهتمام في العالم من حولك، وبالنسبة إلى راوي القصة يمكن أن يكون حدثاً قد وقع أو حدثاً مُتخيَّلاً، وهذا ما تمثله قطعتك الفنية.

2. طبقة أسلوب الإنشاء:

تكون الطبقة التالية في اللوحة هي تقنية الفرشاة الشخصية للفنان، من ثم سيضيف المصور المحترف هذه الطبقة بطريقة مماثلة من خلال اختياره العدسة والفلاتر والتعريض وما إلى ذلك، وسيستخدم الكاتب التقنيات التي يطبقها في ترتيب الجمل والفقرات.

يجعل استخدام أي فنان للأداة التي يختارها عمله مختلفاً عن تفسير أي شخص آخر، وهذه طبقة خاصة من القطعة الفنية، وتتطلب كثياًر من الاهتمام والتطور على مدار حياة الفنان بأكملها.

النمط هو جزء هام جداً من هذه الطبقة؛ إذ يمكن رسم نفس الصورة بالألوان المائية أو الفحم أو قلم الرصاص، ويمكن التظليل بطرائق مختلفة، وحتى اختيار الورق هو جزء من أسلوب الإنشاء في جميع أشكال الإبداع ومن ذلك الكتابة والموسيقى، ويوجد احتمالات لا حصر لها.

شاهد بالفديو: خمس خطوات للعملية الإبداعية

3. طبقة المنظور:

إنَّ رسم صورة أو تصويرها ما هو إلا بداية نشاط إبداعي، وما يُحوِّل الصورة العامة إلى قطعة فنية هو المنظور، فيكون الإنسان الذي يحمل الكاميرا جزءاً لا يتجزأ من القطعة الفنية.

في حالة رسمتنا؛ فإنَّ الفنان باستخدام الفرشاة هو الذي يوفر هذه الطبقة، ويمكنه اختيار طريقة تقديم الصورة، ويجب إجبار الجمهور على أن يسألوا أنفسهم - حتى لو كان ذلك دون وعي - لماذا اختار الفنان هذا المنظور؟

إقرأ أيضاً: كيف تتخطى الحواجز التي تعيق الإبداع؟

4. طبقة التفسير:

هذه هي الطبقة التي ستبدأ فيها القطعة الفنية بالتميز بينما يُظهِر منظور الفنان كثيراً من العمق والشخصية؛ فإنَّه من خلال التفسير تتاح له الفرصة لإظهار شيء قد لا يكون مرئياً في البداية؛ لذا تذكَّر لوحتنا، ويمكن للفنان أن يرى المدينة في الخلفية تُشوه المشهد الطبيعي الجميل، ويرسمها بطريقة تجعلها تبدو رماديةً ومملةً وربما تدل على الشؤم.

يوجد في هذه الطبقة مجال كبير لتمثيل المشهد بطريقة تستند إلى ما يعنيه الأمر للفنان، ولا يجب أن تكون حدود الواقع قيداً له.

5. طبقة العمق:

يحمل منظر المدينة من الشاطئ معانٍ وأسئلة كثيرة مثل، لماذا هذه المدينة هناك؟ من يعيش هناك؟ كيف هي حياتهم؟ ما هي قصتهم؟ ماذا يُخبِّئ المستقبل لهم؟

يمكن إدخال أي من هذه المعاني في اللوحة إذا أراد الفنان ذلك، كمثال بسيط جداً، إذا شعر الفنان أنَّ سكان المدينة قد تعرضوا لسوء المعاملة، فيمكنه رسم شيء ما في الصورة أو التأكيد على شيء موجود بالفعل يمثل هذه الفكرة، مثل شخص يبدو حزيناً.

توجد طريقة أخرى لتمثيل العمق وهي التفكير في الطرائق التي تتفاعل بها أجزاء معينة من اللوحة مع بعضها، على سبيل المثال، أشجار النخيل التي تحيط بالمدينة تجلب الظل للشاطئ، لكنَّه ما يزال أكثر إشراقاً من المدينة، وربما يوضِّح هذا كيف أنَّ الطبيعة أكثر تسامحاً من الإنسان.

6. طبقة العاطفة:

كل الطبقات الأخرى لن تعني شيئاً إذا لم تكن قطعتك الفنية تثير العواطف لدى جمهورك، ففي معظم الأحيان ستوفر طبقاتك الأخرى هذا ببساطة عن طريق القصة التي ترويها، ولكن ليس بالضرورة أن تقدر على إثارة العاطفة؛ لذا يجب أن تتأكد من أنَّه أيَّاً كان ما يحدث مع إبداعك؛ فأنت تفكر فيما سيشعر به جمهورك عند الاستمتاع به، ولا يهم إذا كانوا سعداء أو حزينين أو غاضبين أو مصدومين ما داموا غير محبطين.

تعدُّ طبقة العاطفة هامةً جداً لدرجة أنَّها تكاد تكون مستقلة عن الطبقات الأخرى، وإنَّ التواصل مع جمهورك عاطفياً هو شكل من أشكال الفن في حد ذاته ويتطلب كثيراً من الجهد لإتقانه، فيجب أن تتعامل مع آمالهم ومخاوفهم.

تعرَّف إلى الأمور التي تثير لدى الناس عواطف معينةً وعبِّر عنها في إبداعك بالقدر الذي تراه مناسباً، ربما يمكنك التوقف هنا، وستكون لديك قطعة فنية رائعة متعددة الطبقات تظهر للجمهور، ومع ذلك توجد طبقة أخرى يمكنك إضافتها إلى إبداعاتك، ويمكن لهذه الطبقة القوية أن تحولك من هاوٍ إلى محترف محترم.

7. طبقة التركيز:

عندما تشعر أنَّ لديك طبقات كافية لقطعتك الفنية أضف طبقة التركيز، وهذه الطبقة لا تضيف إلى الإبداع؛ بل تخفي كثيراً من التفاصيل، لكنَّ هذه التفاصيل ما تزال موجودة، وتؤثر في الشخصيات في قصتنا، غير أنَّنا نركز على ما هو هام.

يفهم الشعراء هذه الطبقة أفضل من أي شخص آخر، فهي الطبقة المجازية التي تتضمن الصور التي يستخدمونها لإخفاء العواطف الصادقة، ويمكن إضافة هذه الطبقة إما بإخفاء المعنى الحقيقي للإبداع خلف استعارة، أو السرد من منظور لا يكشف عن كل شيء، وسيفهم جمهورك المعنى لكنَّها ستمنح قطعتك الفنية مزيداً من العمق، فهذه هي الطبقة السحرية، الطبقة التي تحوِّل الفكرة إلى قصة.

إقرأ أيضاً: الإبداع في ظل الفوضى: ازدهار جيل الألفية في ثقافة عمل تتحلى بالصراحة

في الختام:

على الرغم من أنَّنا استخدمنا اللوحة كمثال، يمكن تطبيق هذه التقنيات على أي عمل إبداعي، فإذا كنت كاتباً، فاختر حدثاً ممتعاً واكتب عنه بأسلوبك الفريد وباستخدام وجهات نظر شخصياتك، وامنح شخصياتك خلفيةً تاريخيةً وعواطف واحتياجات، ووجههم باستخدام تفسيرك للقصة، من ثم تواصل مع قُرَّائك بطريقة التعاطف مع آمالهم ومخاوفهم وأحلامهم، وأخيراً، استخدم المجاز في قصتك، وعزز أو وضِّح النقاط الرئيسة في قصتك.

لن تتمكن أبداً من استخدام الأعذار مثل: "لا أستطيع الرسم" أو "لا أستطيع العزف على آلة موسيقية"، حتى إذا واجهتك عقبات بسبب افتقارك إلى مهارات تقنية الإبداع، لذا يمكنك الآن إنشاء قطع فنية فعَّالة باستخدام جميع الطبقات الأخرى؛ لذلك تعلَّم إضفاء المنظور والمعنى والعمق على ما تراه، وستصبح فناناً حقيقياً.




مقالات مرتبطة