7 افتراضات لا يستطيع دماغك مقاومتها

نؤمن جميعاً بأنَّنا لا نُخدَع، تتمثَّل المشكلة بأنَّك حتى لو لم تكن ساذجاً، فإنَّ دماغك يعمل بطريقة معينة؛ إذ ينشئ روابط تجعله قابلاً للخداع أو لخداعك بسهولة.



يتطلب الأمر جهداً للتخلص من هذه الافتراضات الفطرية التي يُفترَض بأنَّها ناتجة عن اجتماع عاملَي الفطرة والتنشئة الثقافية، ولا شك أنَّ تجاوزها يستحق هذا العناء.

إليكم 7 افتراضات شائعة لا تستطيع أغلب الأدمغة مقاومتها:

1. المبرر يعني الصدق:

إنَّ استخدام كلمات "بسبب" أو "لأنَّ" (ذكر السبب مهما كان) عند طلب خدمة ما يزيد من احتمالات تلبيتها من قبل الآخرين.

أجرت عالمة النفس الاجتماعي أيلين لانغر (Ellen Langer) تجربة طلبت فيها تخطي الطابور لاستخدام الطابعة، جربت ثلاث طرائق مختلفة للسؤال وسجلت النتائج:

أستميحك عذراً، لدي 5 صفحات، هل يمكنني استخدام الطابعة؟

وافق 60% من العينة على طلبها.

بتكرار التجربة:

أستميحك عذراً، لدي خمس صفحات، هل يمكنني استخدام الطابعة؛ لأنَّني في عجلة من أمري؟

94% أجابوا بنعم.

إنَّ استخدام عبارة "لأنَّني في عجلة من أمري" أدى إلى زيادة احتمالات القبول والموافقة.

أستميحك عذراً، لدي خمس صفحات، هل يمكنني استخدام الطابعة؛ لأنَّه ينبغي لي عمل بعض النسخ؟

وافق 93% على طلبها.

إنَّ استخدام كلمات كلمتَي "بسبب" أو "لأنَّ" أهم من السبب بحد ذاته، ويبدو أنَّ وجود سبب يعدُّ كافياً بصرف النظر عن طبيعة السبب، وإن لم يكن منطقياً أو مبرراً للطلب الاستثنائي، فإنَّ 93% استجابوا لحجة "لأنَّه ينبغي لي عمل بعض النسخ".

2. يتحلَّى المثقفون والأغنياء والمشاهير بالمصداقية:

على الرَّغم من وجود حالات سرقة وكذب وخيبة وحتى قتل على يد أشخاص زكَّتهم في يومٍ من الأيام مصادر معروفة، فإنَّنا ما زلنا نأخذ بمصداقية أي مصدر مشهور، فقد تكون المصادر المعروفة روايات محلية منقولة شفهياً أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي لا تُعدُّ موثوقة.

إذا رشحت شخصية مشهورة كتاباً فلا بدَّ من أنَّه يستحق القراءة، وقد حدث ذات مرة أن أوصت مقدمة برامج أمريكية بكتاب لطيف تبيَّن فيما بعد أنَّ كاتبه مختلٌّ ومجرم، ولم يكن كاتباً بالأساس؛ بل إنَّه حصل على بعض الشهرة من مصادر يعدُّها الناس موثوقة؛ لأنَّ هذه المصادر بدورها حظيت ببعض الشعبية أيضاً.

يُقال إنَّ تخرج المرء من جامعة عريقة لا يثبت بالضرورة ذكاءه، كما يؤكد القس الأمريكي جيمي سواغارت (Jimmy Swaggart) أنَّ التحدث باسم الله لا يثبت النزاهة، وأخيراً يقول الملياردير الأمريكي بيل غيتس (Bill Gates) "إنَّه من غير الوارد أن تهتم بالأخرين فقط بسبب مبادئك الأخلاقية".

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لزيادة تأثيرك في الآخرين

3. لا بدَّ من أنَّ الأمر رائع كون المشاهير يقومون به:

لا بدَّ من أن نتوقف هنا عند كتاب "أبو الخداع" (The Father of Spin) وهو السيرة الذاتية لمنشئ ما يعرف بالعلاقات العامة الأمريكي إدوارد بيرنيز (Edward Bernays)، فقد كلَّفته شركة التبغ الأمريكية في عشرينيات القرن الماضي بمهمة العلاقات العامة، وعندها وظَّف مجموعة عارضات أزياء شابات للمسير في موكب مدينة نيويورك، ثم أخبر الصحافة أنَّ مجموعة من ناشطات حقوق المرأة سوف يشعلن "مشاعل الحرية".

عند إشارته، قامت العارضات بإشعال سجائر لوكي سترايك (Lucky strike) على مرأى من عيون المصورين المتعطشين، ثم جاء في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) (الأول من نيسان 1929): "مجموعة من الفتيات نفثن السجائر في سبيل الحرية"، مما ساعد على كسر حاجز العار المرتبط بتدخين النساء على الملأ.

4. حياة البذخ والراحة تزيد من مستوى سعادة المرء:

نحن نخادع أنفسنا بالاعتقاد أنَّ حياة الترف والراحة ستجعلنا سعداء؛ إذ تُصوَّر حياة الأغنياء على أنَّها مليئة بالعطل وأوقات الراحة والاسترخاء، وكأنَّ هذه العوامل أساسية لتحقيق السعادة والرضى.

يوافق معظم الناس على الأمر بالطبع، فهذا حلم الإنسان الكسول، وفي الواقع تؤدي قلة النشاط والواجبات والمهام إلى الملل والاكتئاب، وهذا بديهي لأنَّ البشر مجدُّون ومبدعون بالفطرة، ويحتاجون باستمرار إلى التحديات والإنجازات والمشاركة بشغف في أنشطة هادفة، وربما يكون هذا سبب تفضيل كوتشز الحياة لاختصاص هدف الحياة من بين الاختصاصات الأخرى؛ فالرفاهية هامة، لكن ضمن سياق حياة منتجة وهادفة.

إقرأ أيضاً: هل المال يشتري السعادة؟

5. إذا أخبرك أحدهم بأمر، وتبيَّن فيما بعد أنَّه صحيح، فإنَّك ستأخذ بكلامه دائماً:

هذه هي الاستراتيجية المتَّبعة في استجرار الشخص إلى حالة غيبوبة (نشوة) في التنويم المغناطيسي، وهي أساس تقنية ساعة الجيب المتدلية أمام الشخص المقصود؛ إذ يبدأ اختصاصي التنويم بقوله: "أنت جالس هنا على الكرسي....تراقب الساعة الذهبية....أجل يمكنك أن ترمش.... ها هي عيناك تتثاقل…"

أي إنَّه يقول بضعة أمور صحيحة وحقيقية لبناء الثقة والمصداقية، يليها أمر يريده اختصاصي التنويم والشخص موضع الاختبار أن يصبح حقيقة، يكرر الاختصاصي النمط مراراً وتكراراً إلى أن يتبعه الشخص تماماً إلى الحالة السريالية الفريدة، وفي النهاية ينفتح العقل لكل الإيحاءات.

إنَّ بناء الثقة والمصداقية ضروري لنجاح عمليات الاحتيال؛ إذ يلجأ ألمع المرشدين الروحيين المحتالين إلى تدريس معظم المسائل المفيدة قبل أن يطالبوا التلامذة بمقدار كبير من المال مقابل المتابعة في تلقين بعض الأمور المفيدة الإضافية.

6. ستكون أكثر سعادة لو كان لديك مزيد من المال أو الشهرة أو التقدير:

تزيد احتمالات تعاستك في الواقع في هذه الحالة؛ إذ كشفت دراسة أُجريت في جامعة روتشستر الأمريكية (University of Rochester) أنَّ تحقيق الأهداف المادية والشهرة يزيد التعاسة؛ أي إنَّ هؤلاء الناس يميلون إلى العواطف السلبية كالخزي والغضب، والجسدية كالقلق والصداع وفقدان الطاقة على الرَّغم مما حقَّقوه من إنجازات.

يميل الأفراد الذين يركزون على النمو الشخصي والعلاقات والمشاركة المجتمعية والصحة الجسدية إلى الشعور بالمزيد من الرضى عند نجاحهم في هذه المجالات، كما أنَّهم يُظهرون علامات توتر أقل من غيرهم ومستويات سعادة ورضى عالية.

إقرأ أيضاً: دور المال في تحقيق أهداف الحياة

7. يوماً ما:

ما أعذب الجلوس والاسترخاء وانتظار حدوث الأشياء الجميلة من تلقاء نفسها، فيميل معظمنا إلى تصوُّر مستقبله المثالي آملاً أن يتحقق، عادَّاً أنَّه من المريح الإيمان بأنَّك ستصبح أكثر صحةً وثراءً بمرور الوقت، كما أنَّ التفاؤل سلوك جيد، إلا أنَّ أحلام اليقظة لا تسلط الضوء على القرارات والأفعال والتضحيات اليومية الفعلية التي تفضي إلى تحقيق إنجازات تستحق العناء.

في الختام:

لنبدأ العمل بجد على خططنا المستقبلية من خلال اتباع الواقعية عوضاً عن الأحلام وإعداد الاستراتيجيات والاستعداد للتصويبات والتعديلات التي تفرضها الحياة على طول الطريق نحو الهدف.




مقالات مرتبطة