يُعد البشر من أكثر الكائنات اجتماعيةً على هذا الكوكب؛ فنحن لا نرغب فقط في العلاقات الاجتماعية؛ بل في الواقع نحن نطلبها من أجل صحتنا الجسدية والعقلية، وهذا هو السبب في أنَّ الخوف من أن ينتهي بك الأمر وحيداً هو أحد أكثر المخاوف شيوعاً، وخاصةً أنَّه ينطبق على العلاقات العاطفية أيضاً.
إنَّ القلق من أن ينتهي بك الأمر وحيداً هو أمر شائع في مجتمعنا لدرجة أنَّ ثمة اسماً له وهو رهاب الانفراد (Monophobia)، ومثل أيِّ خوف أو رهاب آخر يمكن التغلب على رهاب الذات باكتساب فهم عميق لجذر هذا الخوف، واتخاذ إجراءات هائلة لتغييره.
ما الذي يسبب الخوف من الوحدة؟
توجد ثلاثة أسباب مشتركة للخوف من الوحدة، وهي ماضيك، واحترامك لذاتك، والتكيف الاجتماعي، فعلى سبيل المثال حادثة تخلي سابقة؛ أي إذا تخلَّى عنك الشخص الذي كنت تتوق إلى حبِّه كثيراً عندما كنت طفلاً، أو ابتعد عنك وكان غير مبالٍ، فيعدُّ هذا سبباً كبيراً لهذا الخوف لمعظم البالغين؛ لذلك يمكنك ربط الوحدة بأنَّه تُخلَّى عنك وأنَّك غير محبوب.
يعاني معظم الناس أيضاً من نقص حبِّ الذات الذي يعود إلى المعتقدات المقيِّدة التي نشأت عندما كانوا أطفالاً أو مراهقين، فيكونون غير مرتاحين لكونهم وحيدين؛ لأنَّهم لا يريدون قضاء الوقت مع أنفسهم، وفي أعماقهم قد لا يحبون شخصهم، أو قد يكون لديهم حاجة دائمة إلى التحفيز لتجنُّب أفكارهم ومشاعرهم.
السبب الأخير هو التكيف الاجتماعي، إنَّ القلق من أن ينتهي بك الأمر وحيداً أمر شائع في ثقافتنا، فقد نشأنا على فكرة "تواءم الروح" (Soulmate)؛ أي الشخص الذي سيكمل حياتنا ويجعلنا كاملين، في حين أنَّ الأمر الذي يجب أن يشغل تفكيرنا هو أن نصبح كاملين وحدنا؛ فتواءم الروح هو مجرد إضافة لحياة كاملة بالفعل.
تأثير الخوف من الوحدة في العلاقات:
يمكن أن يساعد القلق بشأن أن ينتهي بك الأمر وحيداً على ضمان أن ينتهي بك الأمر وحيداً فعلاً، وهي النتيجة التي لا تريدها، وهذا بسبب قانون الجذب الفكري (Law of attraction)، فكلُّ ما تركِّز عليه تحصل عليه؛ إذا كان الخوف من أن تكون وحيداً مسيطراً عليك؛ فإنَّ هذه الطاقة السلبية ستمتد إلى علاقاتك، ومن الممكن أن تضع نفسك في علاقة حتى لو لم تكن صحية، وكذلك ستضع ضغطاً كبيراً على شريكك أيضاً، وعندما تجلب هذه الطاقة إلى العلاقات؛ فإنَّها غالباً لن تنتهي انتهاء جيداً.
الحقيقة هي أنَّه عندما تتغلب على خوفك من أن تكون وحيداً إلى الأبد، يمكنك تطوير شخصيتك تطويراً كاملاً؛ وبهذه الطريقة ستجلب الهدف، والعاطفة، والشخصية لعلاقاتك بدلاً من الخوف؛ وهذا بدوره سيزيد من جاذبيتك للآخرين، وسيعمل قانون الجذب الفكري أيضاً.
7 طرائق للتغلب على الخوف من أن ينتهي بك الأمر وحيداً:
مع الضغوطات الاجتماعية والرغبة البشرية في الحصول على رفيق؛ فإنَّ التغلب على الخوف من البقاء وحيداً إلى الأبد ليس أمراً سهلاً دائماً؛ لذا اتَّبِع هذه المبادئ السبعة الأساسية لمساعدتك على القضاء على هذا الخوف إلى الأبد:
1. التركيز على نفسك:
الحقيقة الصعبة هي: لا يمكنك التحكم بمتى أو ما إذا كنت ستقابل الشخص المناسب لك؛ لذا توقَّف عن قضاء كل وقتك على تطبيقات المواعدة أو القلق بشأن أن ينتهي بك الأمر وحيداً، وركِّز فيما يمكنك التحكم به؛ أي ركِّز في نفسك بدلاً من البحث عن الشخص المثالي، كن الشخص الذي تحتاجه لجذب هذا الشخص المثالي جذباً طبيعياً.
2. فِهِم خوفك:
يجعلك الخوف من الوحدة وحيداً مثل أيِّ خوف آخر؛ لذا يجب أن تنظر في داخلك أولاً، فغالباً ما ينبع رهاب الذات من معتقداتنا المقيِّدة؛ أي القصص التي نخبرها لأنفسنا عن شخصنا، ومعظم الأشخاص الذين يعانون من هذا الخوف لديهم معتقدات مقيِّدة أنَّهم ليسوا "كاملين"، وغير جديرين بالحب أو لا يمكنهم أن يكونوا سعداء من دون شريك أبداً.
3. التأكد من مخططاتك:
جميعنا لدينا مخططات لحياتنا؛ أي كيف نظنُّ أنَّ حياتنا يجب أن تكون في نقطة معينة عندما لا نحقق هذه الإنجازات، ويصبح هذا الأمر مصدراً رئيساً للألم في حياتنا، لكن ماذا لو كانت مخططاتك مغلوطة؟ ماذا لو كانت مبنية على معتقداتك المقيِّدة، وتوقعات المجتمع؟ خذ بعضاً من الوقت لتحديد ما تريده حقاً، فقد تتفاجأ.
4. تلبية احتياجاتك الأساسية:
غالباً ما يكون الخوف من البقاء وحيداً انعكاساً لاحتياجاتنا البشرية الست؛ أي الأشياء الستة التي نحتاجها جميعاً لعيش حياة مُرضية، فإذا كانت أهم احتياجاتك هي الحب والتواصل أو المكانة، فهذا يساهم في حاجتك الماسة إلى الشراكة، فبمجرد التعرف إلى احتياجاتك، يمكنك معرفة كيفية تلبيتها بصرف النظر عن حالتك العاطفية.
5. التخلي عن الماضي:
الخوف من أن ينتهي بك الأمر وحيداً ينبع من التجارب السابقة، على سبيل المثال، إذا تخلَّى عنك أحدهم عندما كنت طفلاً، ومررت بتجارب انفصال صعبة وعلاقات غير مُرضية للتغلب على هذا الخوف، يجب أن تتوقف عن العيش في الماضي، يقول المؤلف الأمريكي توني روبنز (Tony Robbins): "ماضيك ليس مستقبلك، إلا إذا كنت تعيش فيه"؛ لذا حوِّل تركيزك إلى الحاضر، وتعلَّم كيف تقدِّر ما لديك، وستلاحظ تحولاً كبيراً في طريقة تفكيرك.
6. توسيع دائرتك الاجتماعية:
إنَّ إحاطة نفسك بالأشخاص الجيدين هي دائماً طريقة جيدة للحصول على ما تريده سواء كانت مهنة رفيعة المستوى أم عملاً صغيراً ناجحاً أم علاقة صحية، فعندما تركِّز على الصداقات والنشاطات والمنتورينغ؛ فإنَّك تنشئ شبكة قوية جداً من الدعم الاجتماعي، ولن تقلق بشأن أن ينتهي بك الأمر وحيداً.
7. رفع المعايير الخاصة بك:
قد يبدو الأمر متناقضاً، لكنَّ الدراسات أكَّدت أنَّ الخوف من البقاء وحيداً يتنبأ في الواقع بقبول أقل ما يمكن من العلاقات العاطفية؛ فالبشر مبرمجون على تجنب الألم، والبحث عن المتعة، وإذا كانت الوحدة تسبب لنا القلق والخوف، فسوف نتجنب هذا الألم بالبحث عن يقين بوجود علاقة مستقرة، لكن غير مُرضية؛ لذا انتبه من الوقوع في هذا الفخ، وتعلَّم كيف ترفع معاييرك وتتوقف عن القبول بأيِّ شيء.
أضف تعليقاً