6 نصائح لبلوغ حالة التدفق الذهني والإبداعي

"يفقد الوقت قيمته عندما يُقاس بدوران عقارب الساعة، وتبرز أهميته في الحياة عندما يتوقف ويفقد الإنسان الإحساس بمروره". - المؤلف الأمريكي "ويليام فوكنر" (William Faulkner).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن 6 نصائح لتحفيز التفكير الإبداعي وبلوغ حالة التدفق الذهني.

لقد عملتُ في متجر بقالة ومخبوزات ذات مرة لفترة وجيزة، وقد كان متجراً صغيراً وناجحاً يعيش مالكه على مقربة منه، ويعامل زبائن من المنطقة نفسها، وقد أعجبتني فكرة العمل ضمن بيئة المجتمع المحلي في مجال الأغذية الطبيعية المنتجة محلياً بجودة عالية، وقد تسنى لي حينها أن أتعرف إلى مزارعين ومنتجين يمرون بالمتجر يومياً.

كان يوجد مطبخ ومخبز يقدم كافة أنواع المخبوزات والمعجنات الطازجة كل صباح، ولقد كان مكاناً رائعاً بحق؛ لكنَّني وعلى الرغم من هذا ضقت ذرعاً بالمكان بعد مدة وجيزة للغاية؛ فأنا مفكرة ومبدعة، ويصعب على الإنسان أن يكون مبدعاً في بيئات العمل العادية الروتينية التي تعوق التفكير متجرداً أو منطقياً، فتفرض بعض بيئات العمل قيوداً ذهنية على عمليات الإبداع والابتكار، وكانت الواجبات والمسؤوليات تقاطع سلسلة أفكاري الإبداعية على الدوام، وأضطر إلى العودة إلى العمل ويمر الوقت حينها ببطء، حتى ضقت ذرعاً بالمكان في نهاية المطاف.

يعاني معظم العاملين هذه المشكلة، ويصبح مكان العمل سجناً لا يطاق بالنسبة إليهم، ويكمن الحل في هذه الحالة في البحث عن عمل جديد ممتع لا يشعر الفرد بمرور الوقت في أثناء تأديته.

حالة التدفق الذهني:

الإنسان الناجح هو الذي يفعل ما يحب، ويحب ما يفعل، ويبلغ حالة التدفق الإبداعي خلال العمل، ويفقد الإحساس بمرور الوقت، فيبلغ بعض الأشخاص حالة التدفق الإبداعي بسهولة وبصورة تلقائية، في حين يحتاج معظم الأفراد إلى الاجتهاد والممارسة حتى يتقنوها مثل أي مهارة أخرى، وحتى المتمرسين يحتاجون إلى المواظبة على التدريب والممارسة لصقل على هذه المهارة، فيستغرق بعضهم أعواماً قبل أن يتمكنوا من إدراك قدراتهم وإمكاناتهم.

لقد كنت أركز اهتمامي خلال مرحلة الشباب على اللهو والمتعة، والتواصل الاجتماعي، والتسلية، ولم أكن أهتم بالمطالعة على الإطلاق؛ لأنَّها كانت تبدو بالنسبة إلي واجباً مفروضاً علي، وكنت أنفر من الواجبات وأميل إلى التمرد على ما يُفرَض علي؛ لهذا السبب فقدت اهتمامي بالمطالعة آنذاك.

تغير موقفي من الحياة مع مرور الوقت، ولم أعد أهتم بالمظاهر الخارجية، وقبلت التغيرات الجسدية المصاحبة للتقدم في السن من تساقط الشعر وضعف الجسد، ولم أعد أركز على ذاتي، ولقد ازداد فضولي تجاه الحياة، والعالم من حولي، والدور والغرض الوجودي الذي أتولى مسؤوليته، وشهدت نقلة نوعية في حياتي عندما ركزت اهتمامي على النشاطات التي يمكنني ممارستها طوال حياتي، وأصبح التحفيز الذهني والتفكير الإبداعي ممتعاً للغاية، ولم أعد أهتم بالتسلية والمتعة؛ لأنَّني أمارس شغفي وأشغل عقلي بالتفكير الإبداعي سواء قمت بنشاطات بدنية أم لم أقم.

أصبح لوقتي وحياتي معنى وهدف عندما صرت أشغل عقلي بهواية جديدة؛ ألا وهي التعلم واختبار الحياة، وأصبح الوقت يمر بسرعة كبيرة، ولم تعد تكفيني ساعات اليوم، وفقدت إحساسي بمرور الوقت، فكنت أقضي أحياناً ساعات طويلة في الكتابة ولا أشعر بمرور الوقت وبالجوع وبحاجتي إلى تناول الطعام.

شاهد بالفديو: كيف تتخلص من الشعور بالفتور وتبدأ الوصول إلى حالة التدفق؟ ادم غرانت " Adam Grant"

بلوغ حالة التدفق الذهني:

فيما يأتي 6 نصائح لبلوغ حالة التدفق الذهني والإبداعي:

1. فكِّر ملياً:

يجب أن تخصص بعض الوقت لتختلي بنفسك في مكان مريح وتفكر بهدوء بحياتك، وبالنشاطات والأعمال التي تأسر اهتمامك وتُشعِرك بالمتعة، والكتب التي تطالعها، والمواقع الإلكترونية التي تتابعها، والجوانب التي تود تحسينها في حياتك، وأهدافك، والأشياء التي تتمنى أن تتعلمها، وتدوِّن هذه التفاصيل في دفتر يومياتك أو على ورقة منفردة.

2. جرِّب:

تقتضي هذه النصيحة أن تنظر في الأفكار التي دونتها سابقاً، وتعاملها معاملة جدية، وتنتظر أن يحل عليك الإلهام لتجرب إحداها في القريب العاجل؛ أي أن تقرأ كتاباً، أو تبدأ بالكتابة، أو التعلم، أو تؤسس مشروعاً معيناً، أو تتمرن على العزف، وما إلى ذلك.

3. لا تنتظر الإلهام:

يصعب على الإنسان أن يكتسب عادات جديدة بسهولة بسبب مشاغل الحياة، حتى لو كان يفكر فيها جدياً؛ لهذا السبب لا داعي لأن تترك الأمور تسير على طبيعتها؛ بل يجب أن تتدخل بنفسك؛ أي أن تختار نشاطاً من القائمة التي سبق أن أعددتها، وتبدأ بالعمل عليه، وتحفز نفسك وتبذل ما بوسعك لتتغلب على الصعوبات المبدئية، حتى يتحسن وضعك وتصبح التجربة أكثر سهولة ومتعة وسلاسة، وعندها لن ترغب في التوقف.

إقرأ أيضاً: هل تبحث عن الإلهام! 6 نصائح ستمكِّنك من العثور عليه بالتأكيد

4. دعك من التوقعات:

لا يجب أن تشوش عقلك وتشغله بالتوقعات والنتائج الاستثنائية التي تنتظرها من حالة التدفق الذهني والإبداعي حتى يتسنى لك أن تستثمر قدراتك وإمكاناتك على أكمل وجه، فتقتضي العملية أن تتظاهر بأنَّ عقلك الواعي غير موجود؛ أي إنَّه لا يتدخل بالعمليات الإبداعية؛ بل يكتفي بالمراقبة، وتترك عقلك اللاواعي يقودك إلى حالة التدفق الذهني، فيسهم الطموح والتصور الذهني في تحقيق الأهداف، وعرقلتها في آنٍ معاً؛ لأنَّه يؤدي إلى رفع سقف التوقعات؛ لذا عليك ألَّا تضغط نفسك.

5. كن مرناً ومتساهلاً:

في معظم الأحيان عندما أباشر الكتابة فإنَّني أتفقد بريدي الإلكتروني، وأنظم ملفاتي، وأطلع على المواقع الإلكترونية حتى يحل عليَّ الإلهام وأبدأ التركيز، وأدخل في حالة التدفق الذهني وأفقد الإحساس بمرور الوقت، عليك أن تمنح نفسك بعض الوقت لتستريح وتركز، وتبذل قصارى جهدك لتدريب عقلك على التفكير الإبداعي.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعالة لتدريب عقلك الإبداعي

6. واظِب على الممارسة:

يجب أن تعرب عن سعادتك عندما تبلغ حالة التدفق الذهني وتنشط أفكارك الإبداعية، كما ينبغي أن تتفكر في تجربتك الشعورية، ومدى رغبتك في مواصلة الممارسة، وأنَّك كلما التزمت أكثر ساعدت دماغك على تكوين أنماط وروابط وعلاقات في جميع نواحي حياتك، فترتفع معنويات الفرد ويَصْفَى ذهنه بهذه الطريقة؛ وبالنتيجة سيتسنى لك أن تقابل أناساً جديدين، وتكتشف أشياء جديدة، وتعثر على شغفك، وتجعل من ممارسته النشاط الأكثر متعة على الإطلاق، وعندها ستصبح إنساناً لامعاً وقادراً على بلوغ حالة التدفق الذهني متى ما أراد.




مقالات مرتبطة