6 عوامل تمكن الموظفين من استئناف العمل وفق نموذج عمل هجين

تسعى الشركات وقادتها على حد سواء إلى استئناف العمل ضمنها بانتظام، فمن الواضح الآن أنَّ نموذج العمل الهجين سيُطبَّق في ظل عمل النسبة الأكبر من الموظفين إما عن بُعْد أو ضمن الشركات، ومع ذلك فلا تزال الشكوك تخيِّم على الخطوة المستقبلية والخشية من وقوع الأخطاء.



المخاطر كبيرة نظراً لندرة المواهب، فوفقاً لإحدى الدراسات يفكر 40% من الموظفين في الاستقالة من عملهم، ومن المرجح أنَّنا سنواجه ثورةً في المواهب على أقل تقدير، وستكون الثقافات التنظيمية والمرونة والمهام الوظيفية بمنزلة اختباراتٍ صعبة يقرر الموظفون بعدها ما إن كانوا يريدون الانضمام إلى الشركة أو الاستمرار في العمل فيها أو مغادرتها.

ليست عملية التخطيط لاستئناف العمل سهلةً على الإطلاق، فالعودة الناجحة إلى العمل تتطلب تطبيق ما تعلَّمناه طوال فترة الحظر جراء جائحة كورونا (COVID-19)، فقد كانت تلك الفترة ممتعةً لنا للاستراحة من جو العمل ضمن الشركة، ويجب أن نَعُدَّ ذلك جزءاً من الذكاء اللازم لمستقبل العمل والشركات.

جائحة كورونا مصابٌ ألمَّ بالجميع:

أثَّرَت جائحة كورونا على الجميع دون استثناء؛ لذا لا شك أنَّنا سنواجه صعوبةً في استئناف العمل بغضِّ النظر عما إن كنا عاملين عن بُعْد أم ضمن شركات. وفقاً للاستطلاع الذي أجرَته مؤسسة "غالوب" (Gallup) للاستشارات والاستطلاعات في نيسان من عام 2020، أفاد 70% من الأشخاص بأنَّهم كانوا يعملون دائماً أو في بعض الأحيان عن بُعْد، واستقرَّت هذه النسبة إلى متوسط إجمالي يبلغ 56% بحلول شهر شباط من عام 2021.

اضطر بعض العاملين إلى الاستمرار في العمل من أماكن عملهم مثل العاملين على الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الصحية دون أن يُتاح لهم العمل من منازلهم، ويُضاف إليهم الذين يعملون في المختبرات أو المستودعات أو التصنيع. فلقد تغيَّرت طبيعة مكان العمل بالنسبة إلى الجميع في كل الأحوال.

تنطوي القرارات المتعلقة بكيفية استئناف العمل وتنظيم أيام الدوام وتحديد مَن سيعود للعمل من الموظفين على مخاطر كبيرة للأفراد والقادة والشركات، فأنت كفرد قد ترغب بالعمل من منزلك في كثير من الأحيان، ولكن إن فعلتَ ذلك فقد تؤثر سلباً في حياتك الاجتماعية أو فرص تطوير نفسك مهنياً.

على القادة منح موظفيهم حرية الاختيار والسيطرة إضافة إلى الحفاظ على مشاركة أعضاء الفريق، حيث تتعامل الشركات بحرص شديد مع المواهب، فهم إن لم يمنحوا موظفيهم المرونة الكافية فقد يخسرونهم، وإن لم يتمكنوا من جذب الأشخاص إلى مكان العمل أملاً في إنجاز شتى المهام على أتمِّ وجه عند وجودهم معهم، فقد يراهنون على تخفيض الأداء.

إقرأ أيضاً: إيجابيات وسلبيات العمل عن بعد: هل سيتكيّف الموظفون لديك؟

لا بُدَّ من تقديم التنازلات:

سيكون من الصعب تحديد أفضل الأساليب، وسيكون لكل قرار تقريباً تنازلات. إضافة إلى ذلك، ستتطلب القرارات تقييم المواقف الفريدة للأشخاص والوظيفة والأعمال ووجهات النظر وتنظيم العناصر. عموماً من الأفضل إيجاد طريقة تقدِّر بها الموظفين والأداء والأنظمة وتحدِّد أولويات كل من التجارب التي تنشئها والنتائج التي حصلتَ عليها كي تتمكن من تبنِّي المبادئ العامة لتوجيه قراراتك.

المأزق هو المبالغة في التبسيط. في الواقع، لن تكون هناك حلول بسيطة، فسيسهم النظر في الجوانب والزوايا والآثار في اتخاذ قرارات أفضل، ولن يكون الأمر سهلاً، لكنَّه سيكون ذا أهمية كبيرة. فيما يلي ست طرائق لتأطير القرارات التي ستتخذها في نموذج العمل المستقبلي الهجين وتقييمه:

1. التعارض بين حاجات الموظفين والمؤسسة:

قد يحب الموظفون العمل من المنزل بملابسهم المريحة والتخلص من عناء المواصلات للاستمتاع بمقومات الراحة في منازلهم، ولكن يمكِن للبقاء في المنزل أن يعيق نمو الفرد، ويُعَدُّ العمل بجوار الآخرين أفضل طريقة لبناء العلاقات وتنمية شبكة المعارف والتعلم من الآخرين، فلا شك أنَّه في إمكان الموظفين فعل ذلك بالعمل عن بُعْد، ولكنَّ التواصل يكون أفضل بلقاء الزملاء وجهاً لوجه وتبادل الأفكار الجديدة في أروقة الشركة، فالعمل بقرب زملائك يحثك على بذل أفضل ما لديك.

يجب على الموظفين أيضاً إتاحة نفسهم، فحتى الشركات الأكثر تقدُّماً التي تسعى إلى ترقية الأشخاص بغضِّ النظر عن مكان عملهم قد تغفل الأشخاص الذين ليسوا في مجال رؤيتها المعتاد. وهذه حقيقة أساسية: من المفيد لمسارك المهني أن تكون أكثر حضوراً لأنَّ مديريك عندها سينتبهون إلى وجودك، فيختارونك للعمل على المشروع الرائع التالي أو الترقية المذهلة.

يمكِن للفِرَق أن تفلح في العمل عن بُعْد، وقد أثبتَت فترة الإغلاق نتيجة جائحة كورونا (COVID-19) أنَّ ذلك ممكن بالتأكيد، ولكن أثبتَت الأبحاث التي أجرتها "جامعة ماستريخت" (Maastricht University) في "هولندا" أنَّه بالنسبة إلى العمل المعقَّد أو الذي يتضمن حل المشكلات أو السرعة، فإنَّ المواجهة وجهاً لوجه هي الأفضل.

يمكِن للشركات إشراك العمال بفاعلية أكبر عندما يكونون حاضرين شخصياً في مكان العمل، ويمكِن للقادة أن يوجِّهوا العمل ويديروه بصورة أفضل عندما يرون الموظفين باستمرار، كما يمكِن للمؤسسات رعاية الثقافة التنظيمية بسهولة أكبر عندما يختبرها الموظفون سوياً، وتُعزَّز الروح المعنوية عندما يلتحم أعضاء الفريق بالهدف والطاقة للعمل على شيء ذي أهمية مشتركة، فعليك أن تأخذ هذه الأمور في الحسبان عندما تحدِّد التوقعات لعدد المرات التي يجب أن يكون فيها الموظفون في الشركة.

هناك تعارض مناسب بين ما هو أفضل للأفراد وما هو أفضل للفِرَق والشركات. تتيح بعض أنواع العمل من المنزل للموظفين اتخاذ خيارات حول الموازنة بين متطلبات العمل والمنزل، وتُحدِث فرقاً في نوعية حياتهم كتقليل الوقت الذي يضيعونه على المواصلات وتخصيص مزيد من الوقت للعائلة، ولكن يساهم وقت العمل في الشركة أيضاً بصورةٍ أفضل في الالتزام والأداء وتعزيز روح العمل الجماعي بين أعضاء الفريق.

إقرأ أيضاً: كيف تضمن إدماج الموظفين الذين يعملون عن بعد؟

2. التعارض بين الأمد القصير والأمد البعيد:

ستتأثر القرارات المتعلقة بنموذج العمل الهجين أيضاً بمسار التعلم لدينا، حيث إنَّ هذه هي أول مرة نجد فيها أنفسنا مضطرين لاستئناف العمل بعد حدوث جائحة؛ لذلك من الحكمة أن نعترف بأنَّنا جاهلون.

حقَّقَت سلسلة مطاعم مشهورة ازدهاراً كبيراً في خدمة توصيل الطعام، وسجَّلَت أرباحاً هائلة، مما جعل مالكها يخطط لإغلاق صالات الطعام والتركيز فقط على توصيل الطلبات، فربما تجد الأمر غريباً، ولكن كانت ظروف توصيل الطلبات الخارجية مرتبطةً بعمليات الإغلاق والحجر الصحي.

مع تغيُّر ظروفنا، يبقى الطعام أحد الحاجات الأساسية التي لا يمكِننا الاستغناء عنها، ولكن من المحتمل أيضاً أنَّنا سنرغب أيضاً في العودة إلى المطاعم والاستمتاع بتناول الطعام بعيداً عن المنزل، فالعبرة في الموضوع أنَّه عليك ألا تتخذ قراراتٍ دائمة في وقت مبكر جداً، فنحن لا نعرف حتى الآن كيف ستتغير حاجاتنا واحتياجات العملاء، وكيف سيتعين تعديل مكان العمل وفقاً لها.

سيتوقع القادة الحكيمون أنَّ الموظفين سيتعلمون ويتطورون، وستضع الشركات الذكية خطةً لتطبيق نموذج العمل الهجين ثمَّ تترك مجالاً كبيراً للتكيف والتلاؤم مع نهاية الجائحة. في هذه اللحظة، من الواضح أنَّ نموذج العمل الهجين سيستمر، ولكن يبقى السؤال الأهم هو "بأيَّة نسبة؟".

قد يمثِّل العمل من المنزل جزءاً كبيراً من كيفية تقدُّم الأعمال، ولكن من الممكن أيضاً أن تهدأ عجلة العمل في طبيعة العمل الجديدة إلى جانب نظيرتها السابقة. فلا نعرف حتى الآن ما هو الأفضل، وسيحتَّم على القادة والشركات التجربة والقياس والاستعداد للتعلم المستمر لاتخاذ أفضل القرارات في الوقت الحالي، ثمَّ إعادة النظر فيها وربما تعديلها أو مراجعتها لاحقاً.

3. مسألة السيطرة:

يجب على القادة والشركات أيضاً الإقرار بقضايا السيطرة، حيث تؤكِّد الصحافة العامة على استلام العاملين زمام السيطرة في أثناء وجودهم في المنزل خاصة فيما يتعلق بجداول أعمالهم وأنماط عملهم، وتشير إلى عدد الموظفين غير المتحمسين للعودة إلى الاستيقاظ المبكر أو عناء المواصلات في المستقبل ليصلوا إلى الشركات التي تمتص طاقتهم بأكملها.

يوضِّح العلم أنَّه عندما يكون لدى الناس المزيد من الخيارات والسيطرة، فإنَّهم يكونون أكثر تفاعلاً ورضا وسعادة، ويكون أداؤهم أفضل، وتوجد أسباب عديدة تجعل الشركات تمنح الأفراد مزيداً من المرونة حول مكان عملهم ووقته وكيفيته، ولكن تعمل الشركات أيضاً لرؤية نتائج ذلك، ومن العدل وضع التوقعات للموظفين وتوقُّع الأداء مقابل الأجور والمزايا.

ستلتزم الشركات التي تُفلح في الالتزام بقيَمها عند اتخاذ قرارات حول كيفية إعادة الأشخاص إلى العمل، فيجب أن يكون احترام الناس مبدأً أساسياً، وستكون الشفافية هي المفتاح لأنَّها تضمن ذكر الأسباب الكامنة وراء القرارات وإتاحة التواصل بين الموظفين والقادة.

يجب على القادة إيجاد التوازن بين التعاطف مع الموظفين وضرورة مكافأة الأشخاص على العمل المتقَن، وفي الحقيقة من الأفضل عدم إزاحة المسؤولية عن الموظفين ومنحهم الحرية الكاملة للإنتاج إذا شعروا برغبة في ذلك، حيث يرغب الموظفون أن يشعروا بأنَّهم محل تقدير ويعرفوا أنَّ النتائج التي يحققونها هامةٌ لنجاح المؤسسة، حيث يسهم التحفيز والتحقق من صحة ذلك من خلال إعطاء الموظفين تغذيةً راجعةً حول أدائهم وتذكيرهم كيف يساهم عملهم في سلسلة القيمة وإرضاء العميل النهائي.

4. ضرورة التواصل:

أفادت العديد من الاستطلاعات أنَّ أحد الأسباب الرئيسة وراء رغبة الأشخاص في العودة إلى الشركة هو إعادة التواصل بزملائهم وتجديد علاقاتهم، سواء كان الشخص انطوائياً أم منفتحاً، فهو بحاجة إلى مستوىً معيَّن من التواصل والشعور بالانتماء، لذلك ركِّز على المجتمع واعمل على تعزيز المعايير الجديدة التي تدعم الروابط.

على سبيل المثال: ربما يتيح أعضاء الفريق الوصول إلى جداول أعمالهم مع الحفاظ على الخصوصية المناسبة بالطبع كي يتمكنوا من التخطيط لوقت الحضور في الشركة بناءً على جداول زملائهم في العمل، ويمكِن للفِرَق أيضاً التخطيط للعمل الذي يجب القيام به وجهاً لوجه وأيِّ عمل يمكِن إنجازه مع كل شخص يعمل عن بُعْد. إضافة إلى ذلك، يمكِن للفِرَق أن تتعمد تحديد العمل المدعوم بصورة كافية في نموذج هجين مع وجود بعض أعضاء الفريق في الشركة وبعضهم الآخر عن بُعْد.

وعند استئناف الموظفين العمل من الشركة سيكوِّنون قوةً تعاونية، وبأخذ عجلة الاتزان كمثال يُحتذى به، سيكون من مصلحتك جذب عدد كافٍ من الأشخاص بحيث يجتذبون بدورهم المزيد، وستثير القوة التعاونية مشاعر الخوف من تفويت أمرٍ ما أو ما يُعرَف بالفومو (FOMO) وهو اختصار جمعَت أحرفه أولى الكلمات الإنجليزية الآتية:

  • الخوف: Fear.
  • من: Of.
  • تفويت: Missing.
  • أمر ما: Out.

ولن يرغب الموظفون في العمل عن بُعْد إذا كان الموظفون كلهم يعملون ضمن الشركة، وهذا ما يسمى "تأثير العربة"، ومن خلال ضمان معرفة الموظفين بعودة الآخرين، يمكِنك إلهام المزيد للسير في هذا الاتجاه.

إقرأ أيضاً: 5 طرق سهلة للتواصل مع موظفيك العاملين عن بعد

5. تحفيز الموظفين:

عندما تعيد الناس إلى العمل، سيكون إجبارهم أو تهديدهم أو الضغط عليهم أقل فاعليةً. فقد يكون بعض الموظفين خائفين أو يشعرون بالضعف حيال استئناف العمل؛ لذا عزز ثقتهم من خلال تقبُّل ما يتوقعوه فالناس لا يثقون بما لا يفهمونه، ومن خلال إظهار الاحترام لاحتياجات الأشخاص الفريدة، سيكون لديهم دافع حقيقي للعودة إلى الشركة عندما تكون التجربة إيجابيةً مع ثقافة تحتضنهم وزملاء يقدِّرونهم وقادة يمنحونهم إحساساً بالهدف ومكان عمل ملهِم.

طوِّر أماكن العمل كي تدعم الكثير من التعاون والعمل الحثيث على حد سواء، وتأكَّد من أن تمنح الشركة الموظفين الفرصة للتواصل والتعلم من بعضهم بعضاً وبناء العلاقات، وفي الوقت نفسه، اسمح للأشخاص باختيار مكان عملهم في جميع أنحاء الشركة بناءً على نوع العمل الذي عليهم إنجازه، وضعْ في الحسبان كيف يمكِنك جذب الأشخاص من خلال تعزيز الفضول تجاه أماكن العمل المحدَّثة أو البيئات التي تحتوي على عناصر اكتشاف أو مفاجأة.

المعاملة بالمثل هي جزء من حالة الإنسان ونحن جميعاً على استعداد لتقديمها عندما نحصل على شيء في المقابل. فعندما يوفر القادة الكوتشينغ والمنتورينغ وتقدِّم الشركات مزايا وفرصاً كبيرة للنمو الوظيفي، فإنَّ هذه "المنح" ستحفز الموظفين على المساهمة، ونصبح متحمسين للمشاركة عندما نشعر بالتقدير، وسنكون حريصين على بذل جهودنا عندما نعتقد أنَّ الشركة تضع مصالحنا الفضلى في الحسبان.

6. تقبُّل التعقيد:

لن يكون استئناف العمل سهلاً، لكنَّه سيكون هاماً للغاية؛ لهذا السبب، عليك التخطيط للتعلم والتغيير، فإنَّ وضع الأشخاص في المقام الأول مفيد لك، ولكنَّه مفيد أيضاً للأعمال، بعيداً عن كونه لطيفاً، حيث يؤثر ضمان حصول الأشخاص على تجارب رائعة في النتائج التي يقدِّمونها؛ فافعل الشيء الصحيح للموظفين ليس لمجرد كونه صحيحاً ولكن أيضاً لأنَّه سيُحدِث فرقاً كبيراً في نتائج الأعمال والنجاح في مستقبل العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة