6 خطوات للتعامل مع الرفض

عندما أجريت مقابلة العمل الأولى في حياتي قبل سنين عدة، لم أهتم بالوظيفة بالأساس؛ لكنَّني أردت أن أعمل في مجال دراستي، وتملكني الخوف حينها؛ لكنَّني حرصت على الظهور بمظهر المرشحة المثالية للوظيفة، وقد حفظت إجابات الأسئلة المحتملة كلها عن ظهر قلب؛ لكنَّ القائم بالمقابلة اكتشف بطريقةٍ ما قلة ثقتي بنفسي التي عملت بجد على إخفائها؛ وذلك من خلال أجوبتي الجاهزة التي تدربت عليها مسبقاً، وبالنتيجة تعرضت للرفض، وامتنعت عن تقديم أية طلبات توظيف أو إجراء مقابلات طيلة العام، ومن الطبيعي أن يتعرض الفرد للرفض في حياته؛ لكنَّه يشعر بالصدمة والمرارة في كل مرة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتشاركنا فيه 6 خطوات للتعامل مع مشاعر الرفض.

تعريف الرفض:

الرفض هو استبعاد الفرد من مجموعة ما أو نبذه أو عدم قبول أفكاره ومشاعره، والارتباط بعلاقة عاطفية معه، وإذا كان هذا الاستبعاد مقصود، فإنَّ الدماغ البشري يعدُّه رفضاً، ويطلق عليه علماء النفس اسم الرفض الاجتماعي، وهو شعور مؤلم جداً.

يفترض بعض خبراء المساعدة الذاتية أنَّ الرفض يجب ألا يكون شعوراً مؤلماً، ويستندون في كلامهم إلى الحجج الواهية الآتية:

  1. يمكن أن يختار الفرد السعادة بصفتها حالة عقلية تلقائية دائمة بصرف النظر عن الظروف التي يمر بها.
  2. يجب ألا يسعى الفرد إلى نيل قبول الآخرين واستحسانهم.
  3. إيجاد السعادة الفردية خطوة أساسية لتحصيل السعادة في العلاقات.

لو صحَّ أيٌّ من هذه الحجج لكانت الحياة أسهل وأبسط بكثير ممَّا هي عليه؛ لكنَّ الواقع مختلف للأسف.

يشير "ناثان ديوول" (Nathan DeWall) أستاذ علم النفس الاجتماعي والحائز على شهادة الدكتوراه، في أحد أبحاثه في جامعة "كنتاكي" (University of Kentucky)، إلى أنَّ الإنسان يحتاج إلى العلاقات العاطفية وحس الانتماء ليحيا، تماماً كما يحتاج إلى الطعام والماء، وأنَّ ردود الفعل التي يبديها الدماغ نتيجة الألم العاطفي الذي ينجم عن التعرض للرفض لا تختلف كثيراً عن تلك الناجمة عن الألم الجسدي، ويوجد نظام إنذار عصبي مشترك يستجيب للآلام الجسدية والاجتماعية على حد سواء، لهذا السبب يشعر الإنسان بالألم عندما يتعرض للرفض.

أساليب التعامل مع الرفض:

يستطيع الفرد أن يتعامل مع الألم الناجم عن التعرض للرفض بطريقة صحية؛ وذلك من خلال التحكم بمشاعر الرفض قبل أن تبدأ بالتأثير فيه.

وفيما يأتي 6 خطوات للتعامل مع مختلف أنواع الرفض:

1. قبول حقيقة اختلافك عن الآخرين:

لكل إنسان تصوُّره الخاص عن العالم من حوله، ما يعني أنَّ الأفراد يمكن أن يتصرفوا بطريقة تختلف عن توقعاتك وما تنتظره منهم، ويجب ألا تسمح لهذا الاختلاف ما بين الواقع وتوقعاتك الخاصة بأن يجرح مشاعرك؛ إذ يمكن القول إنَّ قبول اختلاف وجهات نظر الأفراد يشكِّل الخطوة الأولى لتجنب شعور الرفض في المواقف التي لا تُعدُّ رفضاً بالأساس.

شاهد بالفيديو: أُسُس فن التعامل مع الآخرين

2. الاستعداد للنتائج السلبية والإيجابية على حدٍّ سواء:

تقتضي هذه الخطوة تخيُّل نتيجتين محتملتين للموقف؛ إذ تكون إحداهما إيجابية والأخرى سلبية، مع الحرص على إثبات كل منهما بالمنطق السليم، حتى لا تتفاجأ بردود فعل الآخرين.

3. تحليل النتائج:

على فرض أنَّك تعتزم التقدُّم للزواج من الفتاة التي تحبها؛ فأنت أمام احتمالين في هذه الحالة: يقتضي الأول أن توافق على طلبك؛ لأنَّك حسن المظهر وذكي وطريف (تستطيع أن تستخدم 2-3 أسباب مقنعة)، ويقتضي الثاني أن تتعرض للرفض لأنَّها لا تود الزواج حالياً، أو بسبب وجود شخص في حياتها، أو ربما أنت لا تناسبها.

4. التحلي بالموضوعية:

حُقِّق هدفان باستخدام هذا النهج؛ اقتضى الأول افتراض نتائج سلبية وأخرى إيجابية، وساعدك الثاني على التخلص من العواطف المؤذية الناجمة عن النتيجة السلبية من خلال تحليل أسبابها المحتملة بطريقة منطقية، وبالعودة إلى المثال السابق، حُدِّدت 3 أسباب للرفض، اثنان منها لا يتعلقان بك شخصياً، وبوسع هذه الدراسة التحليلية أن تمنعك من التعامل مع النتيجة السلبية شخصياً.

إقرأ أيضاً: 10 طرق ذكية للتعامل مع الأشخاص الفظين

5. عدم أخذ الأمور على محمل شخصي:

يتبين من المثال السابق مدى أهمية إدراك حقيقة أنَّ الرفض لا يتعلق بكفاءتك أو عدمها بالنسبة إلى شخص آخر أو موضوع معين؛ بل هو يعبر عن اختلاف المطلوب عما تستطيع أن تقدمه، وعندما لا يناسب غطاء أحد الصناديق صندوقاً آخر، فعندها لا يمكن أن نلقي اللوم عليه لأنَّه ليس كبيراً أو صغيراً كفاية، ويحدث هذا بسبب اختلاف الغرض من استخدام كل منهما.

إقرأ أيضاً: 10 ملاحظات لنفسك ستمنعك من أخذ الأمور على محمل شخصي

6. البحث عن علاقات أخرى:

يصبح الرفض أكثر تعقيداً عندما يحدث ضمن إطار العلاقات، ويمكن أن يقتصر على عدم تلبية توقعاتك في المواقف اليومية وقد يصل إلى الخيانة، وتنجم مشاعر الرفض في العلاقات نتيجة أسباب عديدة؛ إذ يكمن الجزء الأصعب في تحديد هذه الأسباب.

تقتضي الطريقة السليمة للتعامل مع مشاعر الألم البحث عن علاقات جديدة؛ وذلك عن طريق إحياء صداقاتك وروابطك العائلية، ومصادقة أشخاص جدد، والعمل على تعزيز هذه العلاقات وتوثيقها من الناحية العاطفية.

تفيد الأستاذة "نعومي إيزنبرغر" (Naomi Eisenberger) الخبيرة والباحثة في مجال الرفض بأنَّ التفاعلات الإيجابية تُحفِّز إفراز مواد كيميائية تؤدي إلى توليد مشاعر المتعة في الدماغ.

في الختام:

تستطيع أن تُجرِّب الخطوات المذكورة سابقاً عندما تشعر بالرفض، لكي تتعامل مع الموقف دون أن تعاني عاطفياً؛ بل تستطيع أيضاً أن تستفيد من الموقف في تعزيز فهمك للحياة.




مقالات مرتبطة