6 أسباب لمعاناتك في علاقاتك

لا بدَّ أن يدخل المرء في علاقة جدية في إحدى مراحل حياته، ولتكن علاقة عاطفية أو صداقة مقربة مثلاً، ويتعين على كل طرف من العلاقة أن يقوم بدوره في توطيدها وتنميتها لئلا تحل المعاناة مكان الوفاق تدريجياً.



يمكن أن نعزو المعاناة في العلاقات إلى أسباب عدة يتناولها المقال على الشكل الآتي:

1. افتراض توقعات مسبقة عن الطرف الآخر:

يجب أن تحب وتقدِّر الطرف الآخر على الرَّغم من نواقصه، بدلاً من توقُّع الكمال من إنسان لا يملك ذلك، مثل حال البشر جميعهم حذارِ أن تحاول إحداث تغييرات في شخصية أحدهم في أثناء بحثك عن الكمال فيه؛ بل عليك أن تتقبَّل عيوبه بصدر رحب.

تفيد التجربة بأنَّ مستويات السعادة والرضى في العلاقة تتزايد كلما امتنع المرء عن افتراض توقعات مسبقة عن طبيعة الطرف الآخر وسلوكاته؛ وذلك لأنَّ لا أحد في الحياة سيتصرف كما تتمنى أو تتوقع، فهم مختلفون عنك كلياً في أسلوب محبتهم وعطائهم وتفهُّمهم واستجابتهم.

تنجم أقسى خيبات الأمل في الحياة والعلاقات على حد سواء عن افتراض توقعات مسبقة مغلوطة عن الآخرين؛ ومن ثَمَّ يؤدي تقليل هذه التوقعات غير المنطقية عن طبيعة الأشخاص إلى الحدِّ من المعاناة والإحباط في العلاقات.

2. البحث عمن يكمِّلك ويغطي أوجه القصور في شخصك:

يميل الفرد إلى البحث عن شخص يكمِّل أوجه القصور في شخصه، ثم ما يلبث أن يقابل إنساناً يتوافق معه، ويصرف انتباهه عن جوانب نقصه لبعض الوقت، ثم بعد مرور وقت طويل على العلاقة نكتشف أنَّ شعور النقص لم يبارحنا ونبدأ بلوم شريكنا، ونعتقد أنَّهم تغيَّروا على الرَّغم من أنَّ هذا أبعد ما يكون عن الصواب، إلا أنَّ وجودهم في حياتنا لم يعد يلهينا عن التفكير بالفراغ الداخلي في نفوسنا.

يجب أن تدرك أنَّ الشريك أو الصديق قادر على إضفاء جوانب طيبة على حياتك؛ لكنَّك المسؤول الوحيد عن تحقيق الرضى والكمال الذاتي، وليس بوسع أحد أن يكمل أوجه القصور في شخصك، وبخلاف ذلك ستقضي عمرك بالشعور بالانكسار جراء انتهاء علاقاتك جميعها في خيبة أمل بائسة.

إقرأ أيضاً: من أجل علاقات أفضل تجنَّب ارتكاب هذه الأخطاء الـ 25

3. الخلل في التواصل:

قد يزعجك موقف ما من صديقك أو شريكك العاطفي، ممَّا يستدعي ضرورة مناقشته معه بصرف النظر عن احتمال انزعاجه من صراحتك، وعليك أن تتعامل مع المشكلة بصورة صادقة وبنَّاءة، وتمتنع عن كبتها حتى لا تتفاقم وتستفحل وتخرج عن السيطرة لتدمِّر علاقتك.

تقوم العلاقات القوية على التواصل السليم، مما يوجب الإعراب عن استيائك في حال وجوده بدل أن تتركه يتفاقم، كما يجب الإفصاح عن مشاعر الغيرة بطريقة صادقة وصريحة بغية معالجة مواضع انعدام ثقتك بنفسك، وبالطريقة نفسها يُتعامل مع توقعاتك المسبقة تجاه شريكك أو صديقك والمشكلات جميعها التي تطرأ في العلاقة حتى تحلَّ.

تساعد المعلومات على تيسير عملية التواصل في العلاقات؛ بمعنى أن تحرص على تزويد الأشخاص الهامِّين في حياتك بالمعلومات اللازمة حتى يتسنى لهم فهم طبيعتك، لا نعني بالتواصل هنا نقل المشكلات وحسب؛ وإنَّما التعبير عن التفاصيل الطيبة أيضاً؛ أي مشاركة أفكارك ومشاعرك واحتياجاتك وأمانيك وآمالك وأحلامك والجوانب التي تحبها في صديقك أو شريكك العاطفي.

4. تراكم الأكاذيب الصغيرة:

ليس ثمة أسوأ من الكذب فهو يفتك بالروح والقلب والجوانب الحسنة جميعها في العلاقة، ولا يخلِّف وراءه إلا الشقاق والانكسار، وعندما تمضي حياتك بالكذب طوال الوقت، فإنَّك ستؤذي الآخرين وتخدعهم من حولك وذاتك؛ لأنَّك ستنسى هويتك الحقيقية.

لا يوجد أسوأ من الكذب في تدمير العلاقات؛ لأنَّه يسمح للحسد والخداع بالتخفي في سلوكات تدَّعي المحبة والفضيلة، حتى الأكاذيب الصغيرة والبريئة يمكن أن تتراكم وتؤدي إلى مشكلات كبيرة؛ لذلك عليك أن تتمسَّك بالحقيقة دائماً، عليك أن تلزم الصدق في أفعالك ونواياك وغاياتك ومشاعرك، وألا تدَّعي مشاعر لا تنتمي إليك، ولا تكذب أبداً.

يُحبَّذ أن تعترف بالحقيقة الكاملة بصراحة في المواقف جميعها؛ إذ ليس من العدل أن تتلاعب بعقول الآخرين ومشاعرهم، إيَّاك أن تلجأ إلى الحقائق المنقوصة، فهي ليست أفضل من الأكاذيب، ولا تتوقع أن يثق بك صديقك أو شريكك العاطفي عندما تظهر الحقيقة الكاملة.

عليك أن تتذكر أنَّ الحب والصداقة لا يمكن أن يؤذيا أحداً بأيِّ شكل من الأشكال؛ لكنَّ الكذب والخداع والتلاعب بمشاعر الآخرين وعواطفهم يلحق الضرر، فالصدق قادر على تقويم العلاقات وتعزيزها.

شاهد بالفيديو: عشرين مهارة تجعلك محبوباً لدى الآخرين

5. الافتقار إلى حضور الذهن:

يُقصد بالحضور الذهني الوعي الكامل وتركيز الانتباه على الزمن الحاضر، يؤدي الافتقار إلى الحضور في الأوقات التي تتشاركها مع أحبتك إلى الحيلولة دون الإصغاء والتحدث أو تسوية الخلافات أو التواصل معهم بصورة فعَّالة.

يقتضي الحضور تأمُّل باطن الذات والاتحاد معها في الزمن الحاضر، ومراقبة سير الأحداث حولك، واستيعاب ما يحدث في محيطك المباشر، والكف عن التفكير في المواقف والأحداث الماضية المؤذية، وتركيز طاقاتك الذهنية كاملة على المكان والزمان الحاليين، يوجب هذا المفهوم الاندماج مع اللحظة الراهنة قبل أن تقوم بإحداث مساهمات إيجابية فعَّالة فيها.

يصعب تركيز الانتباه والحضور مع شخص آخر؛ لأنَّه يتطلب مشاركة الذات كاملاً، بما فيها من نقاط ضعف وأوجه قصور والكف عن الحذر في لحظة تواصل صادق كلياً مع الطرف الآخر.

يمكنك تنمية حضورك الذهني بالجلوس بهدوء وتركيز الانتباه على عملية التنفس والتفكير فقط في الشعور الذي يخلِّفه الشهيق والزفير كلاهما دون مقاومة أو إصدار الأحكام على العمليات الذهنية الداخلية؛ وإنَّما قبولها والقيام بالتنفس.

يساعدك تطبيق التمرين لمرات عدة يومياً على الاعتياد عليه؛ ومن ثَمَّ عندما تكون في خضمِّ محادثة عميقة مع صديقك أو شريكك العاطفي سيتسنى لك الولوج إلى حالة الحضور الذهني والاستماع دون إصدار الأحكام، أو التململ والتعبير عن أفكارك بوضوح وتعلُّم التواصل وتسوية الخلافات على أكمل وجه.

أي باختصار ينبغي أن تكون حاضراً وتمنح أحبَّتك اهتمامك الكامل عند وجودك معهم، وتساعدهم على إدراك تميزهم وجمالهم واكتشاف طرائق تعبيرهم عن أنفسهم وإدراك إمكاناتهم ونقاط قوتهم عن طريق إصغائك لهم، ومنحهم الانتباه اللازم.

إقرأ أيضاً: 6 مفاتيح أساسية للتواصل بشكل فعّال مع الآخرين

6. الاعتقاد بضرورة أن تستمر العلاقات جميعها:

قد تلتقي أشخاصاً لا يُقدَّر لهم البقاء في حياتك على الأمد الطويل مهما رغبت في وجودهم، فيعبرون حياتك بسرعة ليعِّلمك غيابهم درساً لم تكن تدركه في حال بقائهم.

يظن الناس أنَّ الصديق أو الشريك العاطفي متوافق تماماً معهم، ويصرُّون على التشبث بالعلاقة، فطالما كانت هذه الصورة النمطية لقصص الحب المروية منذ الأزل، ليس ثمة أعذب من العلاقات السليمة التي تستمر طوال الحياة؛ لكنَّ هذا لا يعني أنَّ علاقاتك الفاشلة ليست بالأهمية ذاتها؛ إذ إنَّ وجود بعض الناس في حياتك سيعينك على إدراك الأمور التي تعوق تقدُّمك، والأساليب غير المجدية في حياتك، ويلفتون انتباهك إلى الأحكام الخاطئة ومواطن عدم الثقة في نفسك حتى يتسنَّى لك تقويم حياتك.

يحظى هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون حياتك لمدة قصيرة بأهمية بالغة نظراً للدروس القيِّمة التي يعلمونك إيَّاها؛ إذ إنَّهم يوقظونك من غفلتك، ويساعدونك على إدراك ذاتك الحقيقية.

هذا لا يفرض عليك بالضرورة إمضاء حياتك مع هؤلاء الأشخاص لأنَّه سيكون مؤلماً جدَّاً؛ إذ يقتصر وجودهم في حياتك على إحداث صدمة، وإلحاق أذية نفسية أو إظهار المعوقات في حياتك، وتغيير نظرتك إلى العالم أو إرشادك إلى بعض الأفكار البنَّاءة واكتشاف أبعاد جديدة من ذاتك، ثم يرحلون بعد انتهاء مهمتهم؛ عليك أن تتقبل دروسهم وعطاياهم وتمضي في حياتك.




مقالات مرتبطة