ملاحظة: أُخِذَت هذه المقالة عن المؤلف "نيت ريجيير" (Nate Regier)، والتي يحدثنا فيها عن 6 عادات يجب أن يتبعها كل مدرب.
وبدأت مسيرتي المهنية بصفتي طبيباً نفسياً سريرياً، فكنت أدير مجموعات التربية النفسية للمرضى الداخليين المخصصة لمدمني المخدرات والكحول. ولدي أيضاً خبرة في إدارة بناء الفِرق والتعلم القائم على المغامرة، كما أنَّني شغوف بالتعلم الناجح وتغيير السلوك.
يتطلب تقديم التدريب بنجاح التمتع بمجموعة معيَّنة من السمات، مثل حب معاشرة الناس، والمعرفة بموضوع التدريب، والخبرة، والشغف بالتعلم، والاهتمام بالناس؛ إذ يجب أن يتمتع أي شخص يعمل في مجال التعلم والتطوير بهذه السمات، ولكن لا يضمن امتلاكها تحقيق نتائج رائعة.
ما هي أهم العادات التي يتبعها المدربون المتميزون؟
بغض النظر عن مجال المدربين، فإنَّ أكثرهم تميزاً يتَّبعون العادات الستة التالية:
1. الاهتمام بأسلوب التقديم
يكون أسلوب تقديم التدريب غالباً أهم من محتواه؛ إذ يؤدي اختيار الكلمات ونبرة الصوت والإيماءات ووضعية الجسد وتعبيرات الوجه دوراً في تحديد مدى سهولة فهم التدريب. أما الاهتمام بالمحتوى فقط وإهمال أسلوب التقديم، فسيجعل التدريب مملاً وسطحياً وغير واقعي؛ لذا قارن بين الطريقتين التاليتين لبدء التدريب:
- "لدي كثير من المعلومات ذات القيمة التي أود مشاركتها معكم اليوم، والتي تعزز كفاءتكم".
- "تسعدني رؤيتكم جميعاً اليوم وأتطلع إلى التعرف عليكم وعلى تجربتكم الفريدة في العمل".
يؤثر كل أسلوب منهما في اندماج المشاركين، وتعلمهم، وتذكرهم للمعلومات، وتحفيزهم لتطبيق ما يتعلمونه. وتؤثر الاختلافات الشخصية بالطبع في أسلوب التواصل الذي يرغب به الناس، والأمور التي يقدِّرونها، وكيف يتعلمون تعلُّماً أفضل. ويستفيد المدربون الناجحون من ذلك، ويعدِّلون طريقتهم في التواصل مع الجمهور وفقاً لذلك.
يجب أن يطلب المدربون المعتمَدون التغذية الراجعة من المتدربين، والإجابة عن هذا السؤال: "هل تقرَّبَ المدرب مني؟"، وهو من أقوى الطرائق للتنبؤ بالنتائج والاندماج.
2. الاهتمام بالفاعلية أكثر من أن يكونوا على حق
ماذا تفعل إذا كان المشاركون متشككين، أو لا يقدِّرون أهمية المعلومات التي تشاركها؟ إنَّ الجدال حول من هو المحق لا طائل منه، فلا تهم المعلومات التي يمتلكها المدرب بقدر أهمية تأثيرها في المشاركين؛ لذا قارِن بين الطريقتين التاليتين للتقديم:
- "إليكم ما تحتاجون إلى معرفته لتكونوا أكثر كفاءة".
- "تسعدني مشاركة هذه الاستراتيجيات، وأرحب بآرائكم حول قيمتها في حياتكم".
تكشف الطريقة الأولى عن الحاجة إلى أن تكون على حق وتدافع عن رأيك، بينما تكشف الطريقة الثانية عن الرغبة في أن تكون فعالاً وتدعو إلى المشاركة. يختار المدربون الناجحون الفاعلية، بدلاً من تبرير وفرض آرائهم.
3. الرغبة بأن يتعلم الآخرون وينموا دون أن تتوقع منهم ذلك
كانت هذه أكثر عادة واجهتُ صعوبة في اتباعها، فأنا أهتم للغاية في الموضوعات التي أدرسها وقيمة المواد التي أقدِّمها، وأتقاضى أجراً مقابل تحقيق النتائج، وبالتالي أتوقع من المتدربين الاندماج والتعلم والاستفادة من الدورة، ولكنَّ التوقعات تؤدي إلى خيبة الأمل.
يفرِّق المدربون الناجحون بين نتائج التعلم وبين قيمتهم وقيمة طلابهم الذاتية، فيبذلون كل ما بوسعهم، ويتركون الباقي على المتدربين.
4. الوعي الذاتي والإدارة الذاتية
يحقق أفضل المدربين الانسجام بين عقولهم (أي أفكارهم وخططهم وجداول أعمالهم وأهدافهم)، وقلوبهم (أي عواطفهم واستجاباتهم الجسدية ومستوى راحتهم وحدودهم)، وأفعالهم (أي سلوكاتهم ودوافعهم وتأثيرهم في الآخرين).
فهُم يقيِّمون هذه العناصر الثلاثة ويحققون التوازن بينها لتحقيق أقصى قدر من الفاعلية، ويعرفون طبيعة أجسادهم، ويديرون توترهم، ويعتنون بأنفسهم، ويدركون كيف تؤثر سلوكاتهم في الآخرين وكيف تظهر مواقفهم ومعتقداتهم في عملهم، كما يعرفون ما يستفزهم ومكامن ضعفهم، وكيف يستجيبون بفاعلية.
5. التواضع
تقل ثقة المتدربين بأنفسهم أمام خبير يتباهى بخبرته طوال الوقت، فيترددون في التواصل معه، بالتالي لا يُظهِرْ المتدربون الخبرة؛ بل يسهِّلون التعلم، والمدربون الناجحون هم قدوة في التواضع وليس إظهار الكمال، وهم على استعداد للاعتراف بأخطائهم ومشاركة نقاط ضعفهم وتصحيح أنفسهم، ويدركون أنَّهم لا يعرفون كل شيء؛ إذ يُنشِئ تسهيل التعلم بيئات يكتشف المتدربون من خلالها تجربتهم في التعلم ويندمجون فيها.
6. المساءلة بتعاطف
لا جدوى من التصرف بتعاطف دون مساءلة، كما أنَّ المساءلة دون تعاطف تُبعد المتدربين عن المدرب، ويوازن المدربون الناجحون بين الاثنين من خلال تعزيز بيئات قائمة على السلامة والفضول والاتساق، ويعلمون أنَّ أفضل النتائج، تتحقق عندما يتكلم الناس بصدق عن آمالهم ومخاوفهم ودوافعهم، ويحلون المشكلات بإبداع، ويعملون بجدٍّ في الممارسة والتطبيق.
في الختام
يجب على المدربين ممارسة هذه العادات الستة لتحقيق أكبر قدر من الفاعلية والرضى، والتواصل مع المتدربين لضمان أفضل النتائج.
أضف تعليقاً