5 نصائح للعناية بالأطفال في أثناء جائحة فيروس كورونا

لقد غيَّرت حالة الطوارئ الصحية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حياة العائلات في مختلف أرجاء العالم تغييراً لم يتخيَّله أحدٌ قَط، إذ تأثَّر بإغلاق المدارس -وفقاً لمنظمة اليونيسكو- 1.5 مليار مُتعلِّمٍ في 165 بلداً، جزءٌ كبيرٌ منهم طُلَّابٌ في المرحلتَين الابتدائية والإعدادية، وقد اضطرَّ هؤلاء إلى التأقلم بسرعةٍ مع فُرَص التعليم عن بُعدٍ التي بدأت الحكومات والمدارس في توفيرها لهم.



لكن حُرِمَ ملايين الأطفال الذين بلغوا سنَّ الذهاب إلى رياض الأطفال فجأةً من مصدر الأمان والراحة والتفاعل الاجتماعي والنشاط الذهني الموجود في النظام المُعتاد، ومن الهيكلية المُعتادة التي كانت توفِّرها لهم الأنشطة المُنظَّمة التي تُقام في المدرسة.

لذا يجد الأهل أنفسهم في مأزقٍ الآن مع تعدُّد مهام المنزل وتحوِّله إلى مكتبٍ ومدرسةٍ ومَسكَن، فهُم يمتلكون فُسحةً من الوقت ليقضوها مع أطفالهم إذا أرادوا أن يخصِّصوها لهم؛ لكن تبيَّن أنَّ الضغط الناجم عن أداء عدَّة أدوارٍ دون توفُّر أنظمة دعمٍ يُعَدُّ مُجهِداً، ممَّا يحرمهم من قضاء أوقاتٍ مميزةٍ يستمتعون فيها بتربية أبنائهم.

وجد استطلاعٌ أجرته "جمعية طبِّ النفس الهندية" أنَّ الأمراض العقلية ازدادت بنسبة 20% منذ بداية الجائحة؛ ممَّا يؤكِّد ارتفاع مستويات الإحساس بالضغط في المجتمع.

يُعَدُّ الأطفال الصغار سريعي التأثُّر بمزاج والديهم ومشاعر القلق التي يُحِسُّون بها، وبإمكان آثار هذا أن تبقى عليهم مدَّةً طويلة؛ فهل بإمكاننا إذاً أن نُقدِّم إرشاداتٍ للأهالي الذين يعانون ضيق الوقت في أكثر سنوات أطفالهم حساسيَّة؟

إقرأ أيضاً: انعكاسات المشاكل الأسرية على الأطفال ونصائح للتلّخص منها

1. الحاجة الماسة إلى الاعتناء بالذات:

تبدأ سلامة الطفل من سلامة الأبوين، ويجب على الأهالي مع قلَّة الدعم المُقدَّم لهم للاعتناء بأنفسهم أن يتذكَّروا الاعتناء بأنفسهم، وأن يبحثوا عن طرائق للاسترخاء.

قد يبدو أنَّ أخذ أنفاسٍ عميقة، أو السير باتجاه النافذة، أو الاستماع إلى أصوات الطبيعة أو التأمُّل أو ممارسة التمرينات الرياضية، أو احتساء كوبٍ من القهوة؛ اقتراحاتٌ بديهية، لكنَّها تُعَدُّ وسائل فعالةً لصرف الانتباه بعيداً عن مشاعر القلق، وتوجيهه نحو المشاعر الإيجابية ومشاعر الفرح.

بإمكان المحاولات الحثيثة والمدروسة للاعتناء بالنفس أن تساعد الأبوين في الترويح عن نفسيهما بين الفينة والأخرى، وتذكيرهما أنَّهما يؤدِّيان أفضل ما بوسعهما، وإضفاء مشاعر مرحٍ متجددةٍ على الأوقات التي يقضونها مع أطفالهما.

2. استعادة النظام الروتيني للأطفال:

يحتاج كلّ الأطفال إلى النظام، إذ إنَّ اتِّباع الأطفال الصغار نظاماً روتينيَّاً يمنحهم قدرةً على التنبُّؤ بالأنشطة المُتوقَّعة يمكن أن يخفِّف عنهم وطأة مشاعر القلق التي تسبِّبها الأمور الخارجة عن إرادتهم.

بإمكان الأبوين أن يستفيدوا من وضع نظامٍ يرتِّب حياة العائلة بالتعاون مع الأطفال، إذ يستطيع الصبية والبنات الذين يبلغون من العمر 3 أو 4 سنواتٍ رسم الخطط المُصوَّرة التي تساعدهم في تنظيم الأحداث خلال اليوم والتجاوب معها.

إقرأ أيضاً: 7 أنشطة لتحافظ على صحة ونشاط الأطفال في الحجر الصحي

3. مراقبة سلوك الأطفال والتجاوب معه:

يعاني الآن كلُّ طفلٍ في العالم شكلاً من أشكال الحزن، على الرغم من أنَّ درجته قد تتفاوت من طفلٍ إلى آخر؛ ويمثِّل هذا الحزن بالنسبة إلى بعضهم الخلل البغيض الذي أصاب روتين الحياة، بينما يعني بالنسبة إلى بعضهم الآخر مصاعب جسدية قد تترك ندوباً دائمة.

يجب على كلٍّ من الأهالي، والمعلمين والأشخاص المسؤولين عن تقديم الرعاية؛ أن ينتبهوا إلى السلوكات التي تَنُمُّ عن وجود مشاعر قلقٍ دفينة، ومراقبتها في مثل هذه الظروف.

تُعَدُّ كلٌّ من نوبات الغضب، أو العدوانية، أو التبوُّل اللاإرادي في أثناء النوم، أو تزايد الاتِّكال؛ بعضاً من الطرائق التي يُعبِّر الطفل من خلالها عمَّا يجول في نفسه، ويستطيع الأبوان من خلال تصديق المشاعر التي يُحِسُّ بها الأطفال، والتخفيف من وطأتها عليهم، ومَدّهم بالطاقة عن طريق تعليمهم مفرداتٍ يُعبِّرون بها عمَّا يحبطهم؛ مساعدة أطفالهم تدريجيَّاً في اكتساب القدرة على التعامل بمرونةٍ مع الأحداث الخارجية.

إقرأ أيضاً: كيف تتحدث مع طفلك عن جائحة الكورونا؟

4. لا تعني المباعدة الاجتماعية الانعزال الاجتماعي:

يذكُر باحثون مُختصُّون بالأطفال في جامعة هارفارد أنَّ أهمَّ أمرين علميَّاً بالنسبة إلى الطفل في هذه الأوقات التي يسودها الإحساس بالشكِّ هما: التباعد الاجتماعي، والعلاقات التي توفِّر له الدعم؛ بينما قد يشكِّل الأبوان الآن المحور الذي يدور في فلكه عالم الطفل.

قد يساعد تذكُّر أنَّ المكان الذي ترعرع فيه الطفل لن يختفي في ليلةٍ وضحاها، الطفلَ الصغير في الحفاظ على التواصل مع الأشخاص الذين يحبُّهم، والاستمرار في دعم نموِّه الاجتماعي العاطفي.

على الرغم من أنَّ الاجتماعات الافتراضية -مثل التي تُعقَد عبر المكالمات الهاتفية أو مكالمات الفيديو- لا يمكنها أبداً أن تعوِّض متعة تفاعل الطفل مع أقرانه في الحديقة والدروس التي يتعلَّمها في أثناء ذلك، إلَّا أنَّها يمكن أن تساعده في استيعاب وجود أشخاصٍ آخرين يعيشون وضعاً مشابهاً، وجعل التجربة التي يخوضونها تجربةً مُشتركة.

5. تشجيع التعلُّم عن طريق اللعب:

ربَّما يكون التعليم في رياض الأطفال قد توقَّف؛ لكنَّ أجسام الأطفال وعقولهم مستمرةٌ في النموّ. ينمو العقل نموَّاً سريعاً في السنوات الأولى من حياة الإنسان، حيث يُشكِّل دماغ الطفل ملايين الوصلات العصبية في كلِّ ثانية.

لا يحتاج الاستمرار في تحفيز نمو القدرات الذهنية للطفل وتطويرها إلى ألعابٍ باهظة الثمن، أو إلى استعداداتٍ واسعة؛ إذ يمكن تعلُّم مهارات العَدِّ الملائمة للأطفال في مرحلة رياض الأطفال بكلِّ بساطةٍ في أثناء ترتيب الغسيل، ويمكن تعزيز مهارات اللغة بممارسة ألعابٍ بسيطةٍ مثل البحث عن الكنز، حيث يمكن للجري في أرجاء المنزل للبحث عن كلمةٍ أن يكون فرصةً للطفل للتعلُّم، ونشاطاً لحرق السعرات الحرارية والتخلُّص من الإحساس بالضغط بالنسبة إلى الوالدين.

استمرار الإيمان بالحب والمرح:

ستنقضي الجائحة، والاختبار الحقيقي هو مدى قدرتنا على تجاوزها، وإضفاء المتعة على اللحظات العادية التي عشناها ونحن نتصدى لها وننتظر.

هذا الوقت هو وقت الإبداع الذي نبذل فيه أقصى ما بوسعنا لحماية أطفالنا الصغار ودعمهم، وربَّما تزويدهم بمهاراتٍ أفضل للتأقلم مع التحديات التي سيواجهونها في المستقبل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة