5 عادات يومية لاستعادة الثقة بالنفس

لاحظتُ مشكلة قلة ثقتي بنفسي لأول مرة في عمر الرابعة عشر، لكنِّي لم أهتم، فقد ظننتُ أنِّي سأتخطاها عندما أكبر، ثمَّ حدث ذات مرة أن تعيَّن عليَّ إجراء عرض تقديمي في اجتماع المدرسة، أمضيت الأسبوع السابق للاجتماع في حالة مزرية من القلق، لدرجة أنَّ صحتي الجسدية تدهورت، وتملَّكني الذعر، ورحت أبحث عن أي طريقة للتملُّص من تقديم العرض، هكذا أمضيت كامل الأسبوع، تتآكلني الشكوك، ماذا لو أنِّي تعرضت للإحراج أمام المدرسة بأكملها؟ سيسخر مني أصدقائي، وأُصبِح أضحوكة المدرسة، وهكذا أخذت الأفكار السلبية تسيطر عليَّ وأنا لا حول لي ولا قوة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المؤلف "مايك ماكليمنت" (Mike Mcclement)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في استعادة الثقة بالنفس.

لحسن الحظ تخطوا العرض خلال الاجتماع، ولم يُطلَب مني تقديم أي شيء، وعندها تملَّكتني سعادة عارمة لأنِّي لم أضطر إلى تجاوز منطقة راحتي.

يمضي بعض الأفراد كامل حياتهم في محاولة تجنُّب المواقف الصعبة:

سلكتُ شخصياً هذا النهج في السنوات التالية لموقف المدرسة، وكنت مرتاحاً وهانئ البال، حتى وصلت لسن الثامنة عشر، وبدأت التغييرات الجذرية تحدث في حياتي؛ إذ توجب عليَّ تحديد مساري المهني والتحضير لإجراء مقابلات، واضطررت إلى التعامل مع أناس جدد.

عندها بدأتْ قلة ثقتي بنفسي تؤثر سلباً في حياتي، وفي القرارات المصيرية التي وجب عليَّ اتخاذها في تلك المرحلة، وزاد الوضع عن حدِّه حينها، وأصبحت قراراتي وحياتي بأكملها قائمة على هذه المشكلة، فاتخذت في ذلك الوقت قراراً مصيرياً بأن أنضمَّ إلى الجيش، لكنِّي لم أنجح بدورة التقييم بسبب قلة ثقتي بنفسي.

كانت هذه التجربة صادمة بالنسبة إليَّ، وأصبحت على إثرها أشكِّك بقدراتي وقراراتي طوال الوقت، وانتهى بي المطاف في تفويت كثير من الفرص، والتخلُّف عن أقراني، وصرت عاجزاً عن إحراز أي تقدم في حياتي.

قدَّمتُ بعد 3 سنوات طلباً للانضمام إلى الجيش مجدداً، وقد نجحت في الاختبار هذه المرة، وقُبِلتْ، حدث هذا الأمر قبل 30 سنة خلت، لكنِّي ما زلت أتذكَّر الأفكار والمشاعر التي انتابتني في ذلك الوقت.

أودُّ أن أشارك معكم 5 عادات ساعدتني على استعادة ثقتي بنفسي:

1. اليقظة والتأهُّب طوال الوقت:

عليك أن تكون مستعداً دوماً، ومنتبهاً للانطباع الذي تخلِّفه لغة جسدك ونبرة صوتك في المواقف التي تستدعي إظهار الثقة بالنفس؛ إذ يتسنَّى للإنسان العمل على تحسين وضعه عندما يدرك الانطباع الذي يخلِّفه في الآخرين؛ أي كيف يبدو من وجهة نظرهم؛ إذ يغفل كثير من الأفراد عن أهمية هذه الفكرة.

يمكنك أن تستعلم من المقربين منك عن الانطباع الذي تخلِّفه نبرة صوتك ولغة جسدك عندما تتحدث إليهم، ويجب أن تكون مستعداً لقبول الحقيقة، وعازماً على إجراء التغييرات اللازمة.

يمكنك أن تصوِّر نفسك وأنت تتحدث أيضاً، لتكتشف العادات التي تشتِّت انتباه الآخرين، وتحدِّد طريقة تفاعلهم مع كلامك، وفي حال شعرت أنَّهم لا يستمعون إليك، عندئذ لا بد من وجود سبب يجب أن تكتشفه وتتخذ الإجراء اللازم للتعامل معه، فيمكنك أن تجرِّب إجراء بعض التغييرات في لغة جسدك، ونبرة صوتك، وزيادة تعابير وجهك، لمساعدتك على إبراز مشاعر الثقة بالنفس والتأثير في الآخرين.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار تمنحك الثقة بالنفس

2. التخلص من الأفكار السلبية:

يجب أن تكون مُتيقظاً، وتلاحظ وجود الأفكار السلبية التي تحاول أن تعوق تقدمك في حياتك؛ إذ تعمل الثقة بالنفس على كل من المستويين الجسدي والعقلي على حدٍّ سواء؛ فهي تتعلَّق بقبول عقل الإنسان لخوض التجربة الصعبة بصورة إيجابية من ناحية، وبالتنفيذ الفعلي من ناحية أخرى.

يجب أن تحدِّد فيما إذا كنت شخصاً متفائلاً أم متشائماً من خلال الإجابة عن أسئلة من هذا النوع: هل تكثر من الشكوى؟ هل ترافق أشخاص سلبيين؟ هل تشعر بأنَّك غير محظوظ في حياتك؟ هل تكثر من الابتسام؟

يجب أن تلاحظ وجود الأفكار السلبية قبل أن تتفاقم وتتخلَّص منها بأقصى سرعة، قبل أن تطيح بثقتك بنفسك وتكبدك مشقة استعادتها من جديد، يجب أن تتقبَّل حقيقة أنَّ الأمور لا تسير دوماً وفق ما هو مخطط لها، فقد تعترضك بعض المشكلات، أو ربما تخفق في بلوغ غايتك.

يقتضي المنطق السليم أن تعمد إلى النظر في الجوانب الإيجابية لجميع التجارب التي تخوضها حتى تلك التي تبوء بالفشل؛ إذ تمثِّل الخبرات والدروس المستفادة من التجربة الفاشلة الجوانب الإيجابية فيها، وهكذا ستكون قادراً على اتخاذ القرارات والتدابير اللازمة في التجارب المستقبلية بحكمة أكبر.

يجب أن تعمل على إظهار الإيجابية من خلال نبرة صوتك ونوع التعابير والكلمات التي تستخدمها في طرح أفكارك، لكي تحافظ على عقلية إيجابية ولا سيما في الأوقات الصعبة.

3. ممارسة الثقة بالنفس يومياً:

يجدر بالمرء أن يمارس الثقة بالنفس يومياً حتى لا يفقد حماسته، فقد لا يتعرض لمواقف فعلية تتطلَّب منه إبراز هذه الثقة أمام الآخرين بصورة منتظمة، ويكمن الحل في التخطيط لمواجهة تحدٍّ جديد كل يوم، يمكن أن يكون موقفاً أو عملاً تخشاه أو تعده شاقاً وتحاول تجنبه في الظروف العادية، لا بأس بأن يكون التحدي بسيطاً.

يجب أن تحدِّد الانطباع الذي تودُّ أن تخلِّفه في الآخرين بدقة في أثناء خوض تحدياتك اليومية، يمكنك أن تمارس التصور الذهني؛ أي أن تتخيَّل نفسك في خضمِّ عملية إنجاز التحدي بنجاح مسبقاً، وعندها يجب أن تذكِّر نفسك بالعوامل التي ستساعدك على النجاح في إبراز ثقتك بنفسك أمام الآخرين، ويجب أن تكون منفتحاً ومستعداً لتقويم أسلوبك عندما لا يجري التحدي وفقاً لمخططك، وأن تثق بنفسك دائماً وأبداً، مع إفساح بعض المجال لإجراء التغييرات اللازمة لتلبية الاحتياجات والأهداف المنشودة.

4. التركيز على الخطط المستقبلية، وتجاوز تجارب الماضي:

إيَّاك أن تترك أفكارك ورؤاك بهيئتها المجردة دون أن تسعى إلى تنفيذها على أرض الواقع؛ لأنَّك بهذه الحالة ستقضي عمرك في استنباط فكرة تلو أخرى دون أن تحرز أي تقدُّم فعلي يُذكَر في حياتك، يجب أن تتعلَّم من تجارب الماضي دون أن تسمح لها بسرقة حاضرك.

يجدر بك أن تركِّز اهتمامك على بناء مستقبل لائق، ووضع خطط مسبقة للأهداف التي تعتزم تحقيقها على الصعيدين الشخصي والمهني على حدٍّ سواء، مع الانتباه إلى ضرورة تحقيق التوازن بينهما.

يساعدك التدوين على تحويل أفكارك إلى خطط عملية، فضلاً عن دوره في زيادة حماستك للمضي في تنفيذ الخطة، يجب أن تحدِّد أهداف منطقية وواضحة وقابلة للتحقيق، وتنطوي على بعض الصعوبة أيضاً، يمكنك تجزئة الأهداف الكبيرة إلى خطوات مرحلية تنفذها الواحدة تلو الأخرى.

حاول أن تربط هذه العادة مع العادة الثالثة، عن طريق بناء أهدافك على أساس يومي ووضع مهام تستخدمها في التمرن على إبراز الثقة بالنفس، مع الحرص على قياس التقدُّم المُحرَز.

يجب أن تتهيَّأ نفسياً لاحتمال فشل الهدف حتى لا يتملَّكك الذعر، وينال الإحباط من عزيمتك، ويقتضي المنطق في هذه الحالة أن تعيد تقييم ودراسة الوضع، وتكتشف مواطن الخلل، وتتعلَّم منها، وتصقل خبراتك، ثمَّ تغيِّر الهدف، كما يجب أن تحافظ على تفاؤلك في ظلِّ هذه الظروف، فقد تضع هدفاً جديداً يقودك إلى نجاح أكبر في هذه المرة.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب التخطيط أول خطوات النجاح

5. عدم مقارنة نفسك مع الآخرين:

يجب أن تتقبَّل نفسك بكل ما فيها من أوجه قصور، وتدرك أنَّ هذا حال جميع البشر، فلكلٍّ منَّا مشكلاته وصراعاته الخاصة به، يجب أن تمتنع عن مقارنة نفسك مع أشخاص يتمتعون بثقة عالية بالنفس، فعلى الأرجح أنَّهم يبذلون قصارى جهدهم لإعطاء هذا الانطباع؛ أي إنَّهم يواجهون نفس مشكلتك.

يتعيَّن عليك أن تنظر إلى الفرد الواثق بنفسه بوصفه مجرد إنسان لا يختلف عنك بشيء، ولا يتمتع بأي موهبة فطرية؛ وذلك لأنَّ ثقته بنفسه يمكن أن تكون مكتسبة، فعندما تشاهد أو تستمع إلى شخص واثق من نفسه من الآن فصاعداً، عليك أن تدرك أنَّه يحاول جاهداً إبراز هذه الثقة؛ إذ يقوم أغلب الأشخاص الذين يتمتَّعون بثقة عالية بالنفس بتحديد حركات الجسد المناسبة لإبراز هذه الثقة.

أنت تمتلك القدرة شأنك شأن هؤلاء الأشخاص على إعطاء انطباع بالثقة بالنفس، ومن ثمَّ عليك أن تحرص على أن تتعلَّم منهم، أو تقلِّد أسلوبهم في حال أثار إعجابك، بدل أن تقارن نفسك مقارنة مؤذية معهم.

إقرأ أيضاً: 10 حقائق تؤكد أضرار مقارنة نفسك مع الآخرين

في الختام:

تذكَّر دائماً أنَّ الثقة بالنفس مهارة مُكتَسَبة وفي متناول الجميع على حدٍّ سواء، ما يعني أنَّ مقارنة نفسك مع الآخرين والتشكيك بقدراتك نتيجة لذلك ليس تصرفاً منطقياً على الإطلاق.




مقالات مرتبطة