5 طرق يتفاعل بها عقلنا اللاواعي مع الرفض وكيفية معالجة ذلك

مهما حاولنا تجنُّب الرفض فإنَّه يُعَدُّ جزءاً من الحياة، وعلى الرغم من أنَّه يأتي بأشكال عدَّة إلَّا أنَّ جميع أشكاله تشترك بأمر واحد وهو حجم الألم الذي يسبِّبه لنا؛ لذا إليكَ السبب الذي يجعل الرفض مؤلماً إلى هذا الحدِّ؛ فعندما أجرى العلماء أبحاثاً عن طريقة عمل الدماغ البشري، اكتشفوا أنَّ المناطق التي تتنشط في الدماغ عند شعورنا بالألم الجسدي هي ذاتها التي تتنشط عند تعرُّضنا للرفض؛ لهذا السبب نقول إنَّ مشاعرنا قد جُرِحَت؛ لأنَّها تُجرَح حرفياً.



ثمَّة سبب وجيه لتشابه الألم الجسدي والألم الناجم عن الرفض، فمنذ أن كان البشر يعيشون في قبائل كان النفي من القبيلة أشبه بالإعدام؛ لأنَّه من غير الممكن العيش وحيداً، وبهذه الطريقة قد طوَّر البشر آلية داخلية تجعلهم يتنبَّهون عند تعرُّضهم لخطر الإقصاء من القبيلة، والأشخاص الذين شعروا بألم أكبر عند تعرُّضهم للرفض كانت لديهم احتماليَّة أكبر لتصحيح سلوكهم والبقاء في القبيلة والقدرة على استمرار نسلهم.

5 طرائق يتفاعل بها عقلنا اللاواعي مع الرفض:

إليكَ فيما يأتي 5 طرائق يتفاعل بها عقلنا اللاواعي مع الرفض، وكيفية معالجة ذلك:

1. يسبِّب الرفض دفعات كبيرة من الغضب والعدوانية التي نفرِّغها على الأشخاص من حولنا:

إنَّ هجران المُحب يسبِّب لنا كثيراً من الغضب؛ لكنَّ الغضب الذي يسببه الرفض ليس مجرد رد فعل لحظي؛ فقد أظهرت عدة دراسات أنَّه حتى الرفض البسيط يجعل الناس يعيدون توجيه غضبهم نحو أشخاص لا ذنب لهم بالأمر مثل الأصدقاء والعائلة، ولأنَّ تفريغنا لغضبنا قد يحدث بعد عدَّة ساعات منه؛ فمثلاً قد نتجادل مع شريكنا عند العودة إلى المنزل ليلاً نتيجة رفض مشروع قمنا بتقديمه في العمل صباحاً.

كلَّما كان وقع الرفض علينا أشد وطأة كانت آثاره أكبر، وقد أصدر كبير الأطباء (Surgeon General) في الولايات المتحدة الأميركية في عام 2001 تقريراً يفيد بأنَّ الرفض يشكِّل العامل الأكبر لتحفيز العنف لدى المراهقين، أكثر من الفقر والمخدرات والعصابات، كما أنَّه يُعَدُّ سبباً رئيساً لكثير من حوادث العنف ضد المرأة، وبالطبع معظم الناس ليسوا عنيفين؛ لكنَّ الشعور بالانزعاج، وارتفاع حدَّة النبرة، وفقدان الهدوء ورباطة الجأش جميعها أمثلة على الطريقة التي نتفاعل بها مع حالات الرفض البسيطة التي عانيناها أخيراً.

إنَّ السعي وراء الدعم العاطفي من الأشخاص الذين يهتمون بنا وسماع الكلمات اللطيفة بإمكانه التقليل من شعور الغضب بداخلنا، لا سيَّما إن فعلنا ذلك بعد تعرُّضنا للرفض مباشرةً.

2. يدمِّر الرفض شعورنا بالحاجة إلى الانتماء:

يوجد إرث آخر منذ أيامنا القبليَّة وهو حاجتنا الأساسية إلى الشعور بالانتماء إلى جماعة معيَّنة وإلى قبيلة ما، ويتزعزع استقرارنا وشعورنا هذا عندما نُرفَض؛ ما يزيد من عدم الراحة والألم العاطفي، وثمَّة طريقة واحدة لتلبية هذه الحاجة الموجودة باللاوعي؛ من خلال إعادة التواصل مع المجموعة المقرَّبة منا من خلال الخروج مع أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين؛ وذلك سيساعدنا على تخفيف التوتر والشعور بمزيد من الترابط وبوحدة أقل بعد تعرُّضنا للرفض مباشرةً.

شاهد بالفديو: 8 فوائد للرفض ستثير إعجابك بالتأكيد

3. سبب الرفض هو جلد الذات:

إنَّ أحد أكثر الأمور الشائعة والمؤسفة التي نقوم بها بعد تعرُّضنا للرفض هو التركيز على الأخطاء ونقاط الضعف لدينا، والتقليل من حب الذات واحترامها، وإنَّ معظم حالات الرفض الرومانسية هي مجرَّد انعكاس لعدم التوافق بين الشخصين أو التوافق غير الكافي، قد يكون انعدام التوافق في نمط الحياة أو الأهداف أو الاهتمامات أو المظهر؛ لكنَّ هذا كل ما في الأمر؛ لا يوجد توافق، وأنت لست الشخص المناسب.

يُعزِّز بحثنا عن الأخطاء في أنفسنا الشعور العميق بالألم؛ ما يُعرقل عملية التعافي لدينا؛ لذا لتجنُّب أذية كبريائك المجروح بالفعل حاول تصديق التفسير الأكثر ترجيحاً والأقل ضرراً؛ وهو أنَّك لست الشخص المناسب، وإن أخبرك الشخص الآخر بأنَّ المشكلة لا تكمن بك؛ بل به، حاول تصديقه.

إقرأ أيضاً: احترام الذات: ما أهميته؟ وكيف يمكن زيادته؟

4. لا يسمح لنا الرفض بالتفكير بوضوح:

يجعل الألم العاطفي التالي للرفض التفكير بوضوح أمراً صعباً، ووجدت الدراسات أنَّ مجرَّد التفكير بالرفض أو الوحدة يُعَدُّ كافياً للحصول على نتيجة أقل في اختبارات الذكاء واتخاذ القرار والذاكرة قصيرة الأمد؛ لذلك عندما نكون في الفترة التالية للرفض مباشرةً يجب أن نخصِّص بعض الوقت لمعالجة الألم العاطفي قبل العودة إلى العمل أو الدراسة إن كان ذلك ممكناً، ومن أحد وسائل تخفيف الألم العاطفي هي تذكير أنفسنا بما نستطيع تقديمه بوصفنا شركاء حياة وموظَّفين وأصدقاء.

مثلاً عندما يرفضنا شريكٌ ما يجب أن نضع قائمة بالصفات القيِّمة والمعنويَّة التي نظنُّ أنَّنا نملكها؛ مثل الوفاء والاهتمام وتقديم الدعم العاطفي والإصغاء الجيد وغيرها، وبعد ذلك يجب أن نكتب السبب الذي يجعل هذه الصفات هامة في العلاقات العاطفية وكيف بإمكاننا إظهار هذه الإمكانات في المستقبل.

لقد ثبُتَ أنَّ هذه الطريقة وأمثالها من تمرينات إثبات الذات تقلِّل الألم العاطفي وتعزز احترام الذات وتُعيد الأداء المعرفي والتفكير السليم بعد التعرض للرفض؛ لذا احرص على استخدام الكتابة دائماً؛ لأنَّها تساعدك على استيعاب الدرس المستفاد أكثر من التفكير بالأمر فقط.

5. يؤدي الرفض إلى تعميم التجربة:

عندما نُرفَض فإنَّنا نولي كثيراً من الاهتمام للأذية التي لحقت بنا وما أدى إليها، وغالباً نفقد القدرة على النظر إلى الأمر بموضوعية ونقوم بتعميم الحادثة؛ مثلاً عندما نتعرض للرفض من شريك فإنَّنا نفكر بأنَّنا سنبقى وحيدين للأبد، وعندما نُرفض في وظيفة ما فإنَّنا نحسب أنَّنا لن نجد وظيفة أخرى أبداً.

نميل جميعاً إلى تعميم التجربة عندما نتعرض للرفض، ونقنع أنفسنا بوجود المبررات لخوفنا المبالغ به واليأس الذي أحاط بنا، والحقيقة هي أنَّ أي انفصال عاطفي قد مررت به لا علاقة له بآخر، وكونك لم توافق شخصاً معيَّناً فهذا لا يعني أنَّك لن توافق غيره؛ لأنَّ الجميع مختلفون، والأمر نفسه ينطبق على أي نمط آخر من الرفض.

لكي تتجنَّب زيادة الشعور بالألم العاطفي وتدمير عزة نفسك استخدم العبارات المناسبة، واحرص على ذكر الأمور كما هي بدلاً من تعميمها، وصِف الحوادث كما هي ولا تُعَبِّر عنها كما لو أنَّها نمط محدَّد تسير عليه حياتك؛ مثلاً بدلاً من قول: "لقد رُفضت مجدداً"، قل: "لم ينجح الأمر بيننا".

إقرأ أيضاً: 4 طرق للتغلب على الخوف من الرفض

في الختام:

إنَّ التعرف إلى الطرائق الخمس التي يتفاعل بها اللاوعي مع الرفض واتخاذ خطوات لمعالجتها، سيقلل من الألم العاطفي والغضب الذي تشعر به، ويُعيد إليك ثقتك بنفسك وقدرتك على التفكير بوضوح، تذكَّر أنَّ الإصابات النفسية تشبه الجسدية وعلينا اتخاذ خطوات جدية لمعالجتها؛ وذلك سيسرِّع عملية الشفاء وسيمنع الأمر من الاستمرار لمدَّة أطول في حياتنا ومن إحداث مزيد من الضرر.




مقالات مرتبطة