5 طرق للحفاظ على قوَّتك الذهنية عند شعورك بالشك الذاتي

هل انتابك شعورٌ ذات مرة أنَّك لست جيداً بما فيه الكفاية؟ أراهن أنَّك شعرت بذلك؛ فأنا أعرف ذلك الشعور جيداً، فقد نشكُّ جميعاً في قدراتنا أحياناً؛ فهي طبيعة بشرية، والشيء الغريب حقاً هو أنَّنا نظنُّ أنَّ الآخرين يقومون بعملٍ أفضل منَّا؛ لكنَّهم ليسوا كذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF) صاحب مدونة "مارك وآنجل" (marcandangel.com)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في الحفاظ على متانته العقلية في حال الشعور بالفشل وانعدام الكفاءة.

نحن نقارن يومياً بين أشياءٍ مختلفة تماماً في حياتنا؛ كأن نقارن ما يدور في داخلنا من مشاعر مع ما يظهر في تصرفات الآخرين وسلوكهم؛ تنظر مثلاً إلى أداء زميلتك في العمل وهي تقدِّم عرضاً جيداً أمام رئيسك في العمل، وتقارنه مع ما يجري في داخلك وتفكر فيه في حين تنتظر متوتراً على مقعدك حتى يحين دورك، لكن من المحتمل جداً أنَّها تشعر داخلياً بالذعر؛ إذ لا يمكنك معرفة ما يدور في داخلها من صراعات.

في الواقع حتى لو كانت رائعة حقاً من المحتمل أنَّها تشعر بالذعر في داخلها، فتشير الأبحاث إلى أنَّ ما يسمى بـ "متلازمة المحتال" قد تزداد شدةً عندما يتحسن الناس فيما يفعلونه؛ فكلما أصبحتَ أكثر إنجازاً زادت احتمالية تقربك من أشخاص أكثر موهبة ومهارة؛ ممَّا يجعلك تشعر بأنَّك أقل كفاءة مقارنةً بهم؛ لذا وبطريقة عكسية إذا كنت قلقاً من أنَّك لا ترقى إلى المستوى المطلوب فقد يكون ذلك علامة جيدة جداً على أنَّك في الواقع على ما يرام.

قالت مايا أنجيلو (Maya Angelou) - وهي روائية وشاعرة أمريكية مشهورة - ذات مرة: "لقد كتبت 11 كتاباً، ولكن في كل مرة كنت أخشى أن يكتشفوا خداعي لهم"؛ كانت أنجلو موهبة استثنائية؛ لكنَّها كانت أيضاً غير عادية في استعدادها للاعتراف بأنَّها لم تكن واثقة دائماً من قدراتها.

في عالم اليوم الذي يقوم على التواصل الدائم عبر الإنترنت من الصعب إبقاء الأمور في نصابها، فتتكشف حياتنا حرفياً على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك (Facebook) وتويتر (Twitter) وإنستغرام (Instagram) وسناب تشات (Snapchat)؛ فنحن نستخدم هذه التقنيات الاجتماعية، وليس من المستغرب أن نشارك أفضل جوانب حياتنا ونستعرضها من حفلات الزفاف الجميلة، وشهر العسل الفاخر، والمشاريع المنجزة، وأفضل لحظات السعادة والابتسامات؛ لكنَّنا ننسى أنَّنا نرى فقط حياة الآخرين الجميلة والرائعة دون أن نرى ليالي الأرق، والمحاولات الفاشلة، ولحظات الحزن والشك بالنفس؛ لذلك مع وضع هذه الأمور كلها في الحسبان إذا كنت لا تشعر بأنَّك جيد بما فيه الكفاية في الوقت الحالي، فقد حان الوقت لتعديل طريقة تفكيرك.

إليك فيما يأتي خمس طرائق مجرَّبة للقيام بذلك:

1. الاعتراف بأنَّ المشاعر كلها تنبع من الداخل:

ليست المؤثرات الخارجية هي ما يتحكم بما نشعر؛ بل ما نفكر فيه بشأن ما يحدث حولنا هو الذي يحدد مشاعرنا؛ فأحكام الناس والأحداث غير المخطط لها في الحياة وقوائم المهام غير المكتملة؛ ليست مرهقة بطبيعتها؛ بل إنَّ أفكارك عن هذه الأشياء هي ما يسبب لك التوتر.

يميل معظمنا إلى إلقاء اللوم والمسؤولية على الظروف والسيناريوهات الخارجية؛ فمن السهل القيام بذلك؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ جميع النزاعات تبدأ داخلياً في أذهاننا، وعندما نتهرب من المسؤولية فإنَّنا لا نفعل شيئاً سوى إيذاء أنفسنا، وتقويض تحكمنا بذاتنا وبانضباطنا الذاتي؛ لذلك في المرة القادمة التي تواجه فيها عقبةً ما وتشعر فيها بمقاومة داخلية، لا تنظر إلى ما حولك؛ بل انظر إلى ما في داخلك بدلاً من ذلك.

2. تقبُّل موقعك الحقيقي في الحياة:

حيثما تكون الآن هو مكانك الصحيح والمناسب؛ ففي كثير من الأحيان نتجنب تقبُّل موقعنا بالضبط في هذه الحياة؛ بسبب اعتقادٍ بنيناه في أذهاننا أو بناءً على مُثُلنا أو على كذبةٍ قالها لنا شخصٌ ما ذات مرة بأنَّ هذا ليس هو المكان الذي يجب أن نكون فيه أو نريد أن نكون فيه؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّك في المكان المناسب الذي يجب أن تكون فيه للوصول إلى مبتغاك لاحقاً؛ لذا خذ نفساً عميقاً، واستوعب كل ما يحدث، وتعلَّم من الدروس التي تتلقاها.

شاهد بالفديو: 15 درس يجب أن نتعلمها من الحياة

3. عدُّ التحديات في الحياة نقاط انطلاق:

قال الفيلسوف والإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius) ذات مرة: "هل ما تواجهه من صعوباتٍ في الحياة يمنعك من التصرف بعدل، وكرم، وانضباط، ووعي، وحكمة، وصدق، وتواضع، واستقامة، وجميع الصفات الأخرى التي تسمح لطبيعة الشخص بأن تحقق وترضي ذاتها؟ إذاً تذكر هذا المبدأ عندما يهدد استقرارك حدثٌ ما بالتسبب لك في الألم؛ هذا الحدث نفسه لم يكن مصيبة على الإطلاق؛ لكنَّ تحمله وتجاوزه هو مكسب كبير".

هذا أقرب ما يكون إلى الحقيقة، فقد تضعك الحياة في تحدٍّ لاختبار شجاعتك واستعدادك للتطور والتغيير، وفي وقت لا تتوقع فيه حدوث ذلك، وفي مثل هذه اللحظة لا فائدة من التظاهر بعدم حدوث شيء أو القول إنَّك لست مستعداً بعد؛ فالتحدي لا ينتظر أحداً، والحياة تستمر؛ لذلك تشجع وقل: "اليوم سأفعل ما لا يفعله الآخرون؛ لذا سيصبح بإمكاني أن أفعل ما لا يستطيع الآخرون القيام به".

ربَّما يكون الأمر مخيفاً ومحفوفاً بالمخاطر؛ لكنَّه في الوقت نفسه جميل جداً؛ ففي الحقيقة لا ينبغي أن يكون من السهل أن تكون مذهلاً، وأن يصبح كل شيء جيداً؛ فالأشياء التي تناضل وتكافح من أجلها قبل أن تكسبها هي التي تملك القيمة الأكبر، وعندما يكون من الصعب الحصول على شيء ما ستبذل جهدك للتأكد من أنَّه من الصعب - إن لم يكن من المستحيل - أن تخسره.

إقرأ أيضاً: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

4. تخيُّل حياة أفضل بعد الفشل:

قال رئيس الوزراء السابق في المملكة المتحدة ونستون تشرشل (Winston Churchill) ذات مرة: "النجاح هو التعثر من فشل إلى آخر مع عدم فقدان الحماسة"؛ لذا عليك أن تعلم أنَّ هذا صحيح؛ إذ لا تعني مواجهتك العديد من الهزائم في حياتك أنَّك هزمت، وفي الواقع نقيض ذلك هو الصحيح، ومن غير المرجح أن يرتكب الأخطاء من لا يفعل شيئاً على الإطلاق؛ فمن الأفضل أن تحظى بحياةٍ مليئةٍ بالإخفاقات الصغيرة التي تتعلم منها بدلاً من حياة مليئة بالندم لعدم المحاولة أبداً؛ فالأمر كله يتعلق بالنمو تدريجياً نمواً أقوى، والتحسُّن مع مرور الوقت.

من الممكن أن تقضي شهوراً أو حتى سنواتٍ في مشروعٍ ما؛ فقط ليشاهده الآخرون ومن ثم يتجاهلونه، أو الأسوأ من ذلك؛ يسخرون منه، على سبيل المثال، لقد عملت ذات مرة في مشروع اعتقدت أنَّه سيحقق نجاحاً كبيراً، وأمضيت عاماً كاملاً فيه؛ لكنَّه كان من أكثر أعمالي التي حظيت بالنقد حتى الآن؛ فعندما أطلقته ليراه الآخرون لم يعجب أحداً وسخر مني بعض الناس لدرجةٍ انتابني فيها الحزن والرغبة بالبكاء.

هذا هو الشعور بالفشل عندما تُقبِل على الآخرين وتستعد لمشاركتهم جزءاً صادقاً منك؛ لكنَّ التعافي من هذا الفشل هو ممارسة وعقلية، وفي الواقع لقد ساعدتني الدروس القاسية التي تعلمتها من تلك التجربة على القيام بأنجح أعمالي حتى الآن؛ بعبارةٍ أخرى لن تتطور دون فشل.

شاهد بالفديو: 7 خطوات ترفع روحك المعنوية

5. تقدير اللحظة الحالية والنظر إليها بوصفها أثمن مواردك:

أحد الأشياء التي تعلمتها من أكثر اللحظات المؤلمة في حياتي - فقدان الأحبة بسبب المرض والحوادث - هو أنَّ الموت أمرٌ لا مفر منه؛ فقد يمنحك قبول هذه الحقيقة إحساساً قوياً يذكرك بأنَّك عشت عدداً معيناً من الساعات، وأنَّ الساعات القادمة ليس مضموناً مثل الساعات التي عشتها بالفعل؛ لذا عندما أفكر في هذا الأمر أتذكر أنَّ كل يوم هو حقاً فرصة للتعلم والنمو، ليس بطريقة مبتذلة، ولكن لنقدِّر بصدق ما يمكننا تحقيقه وكيف نتحمل المسؤولية عن جودة حياتنا الحالية.

يجعل هذا احترام الذات، والتركيز، وأخلاقيات العمل، والكرم، والوعي الذاتي، والنمو أكثر أهمية، ولا يترك لنا مجالاً للانغماس في الشك الذاتي؛ فآخر ما يتمناه أيٌّ منَّا هو الموت مع الندم؛ ولهذا السبب فإنَّ احترام حقيقة الموت يضع الحياة في نصابها، ويمنحنا شعوراً بالتواضع ويحفزنا بشدة لكي نبذل قصارى جهدنا اليوم ونعيش حياتنا بالقليل من المماطلة، والمقارنة، والانتقاد، والاستهلاك، وبالمزيد من المحاولة والإبداع والتعلم.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد الاهتمام باللحظة الراهنة طريقك إلى مستقبل أفضل؟

في الختام:

في بعض الأحيان يكون الضغط الناجم عن الأقران والأسرة والعمل والمجتمع عموماً كافياً لجعلنا نشعر بالانزعاج التام في داخلنا؛ فإذا لم يكن لدينا الوظيفة والعلاقة ونمط الحياة "المناسبين" وما إلى ذلك، وعند عمر معين أو إطار زمني معين؛ نفترض أنَّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية.




مقالات مرتبطة