5 طرق لاستثمار الوقت بأفضل شكل ممكن خلال اليوم

يكون يومك رائعاً إن أردْتَ له أن يكون كذلك، فصحائف القدر تبقى بيضاء إلى أن تَخُطَّ عليها بيديك ما تشاء، وبقدر الجهد الذي تقرر أن تبذله في أي يوم يكون ذاك اليوم إمَّا رائعاً أو غير رائع، وعوضاً عن الوقوف وانتظار ما سيحدث تحلَّ بالعزيمة وقرّر أنت ما سيحدث.



ملاحظة: هذه المقالة مترجمة للكاتب بنيامين هاردي.

حينما تذهب إلى النادي الرياضي أنت الذي تُحدّد مدى صعوبة التمارين التي تنوي أن تمارسها، لكنَّ الشيء المؤكَّد هو أنَّك ستُشعر بسعادةً أكبر بكثير إذا خرجت من النادي بعد 30 أو 60 دقيقة وقد بذلْتَ أقصى ما تستطيع بذله من جهد في أثناء التمرُّن، ينطبق المبدأ نفسه على الأيام التي يعيشها الإنسان.

يُعَدُّ قضاء النهار دون عمل مرهقاً أكثر بكثيرٍ في الواقع من قضائه في العمل، والطاقة التي تستهلكها الصراعات النفسية التي يعيشها الجالسون دون عمل وعبارات التبرير التي يخاطبون بها أنفسهم أكبر بكثيرٍ من الطاقة التي يبذلها أولئك الذين ينهضون صباحاً ويتوجهون إلى أعمالهم.

يقول "ستيفين بريس فيلد": "لدى معظمنا حياتان: الحياة التي نعيشها والحياة التي نفكر فيها ولا نعيشها، وبين الحياتين يقف الإصرار"، فإذا كنت تشعر أنَّ حياتك مضطربة وأنَّك لا تسيطر عليها فأنت على الأرجح تتهرب من الشيء الذي يجب عليك أن تفعله، ولن تستعيد التوازن والسلام الدخليَّيْن إلَّا إذا فعلْتَ ذلك الشيء، فالتهرب من المسؤوليات يؤدي إلى انشغال البال وتشتت الذهن.

الاختلافات التي ستُشعر بها حينما تستثمر كل لحظة بأفضل شكل ممكن:

حينما أبذل كل ما أستطيع في سبيل العمل أكون شخصاً مختلفاً وأُحِسُّ بسعادةٍ أكبر، حتى العالم يصبح مكاناً أجمل وأكثر عطاءاً والناس يتبسّمون في وجهي حينما أمر بقربهم دون أن أعرف لماذا.

في الأيام التي أقوم فيها بالأمور التي كان يجب عليَّ أن أقوم بها أُحِسُّ أنَّ مزيداً من الناس ينظرون إلى عيني ويتبسمون في وجهي حينما أعبر بجانبهم دون أن أكون أنا من يبدأ التبسُّم. لكن حينما أرى إحدى هذه الابتسامات أظل أنظر إلى ذلك الشخص بضع لحظاتٍ بعد أن يبعد نظره وأشعر أنَّني أحبه وأتمنى له السعادة في حياته.

كذلك في الأيام التي أُحس أن لحياتي فيها معنىً أغادر العمل مفعماً بطاقةٍ أكبر من التي كانت لدي قبل بدء العمل، وحينما أدخل من باب المنزل يجري إليَّ أطفالي غالباً ويعانقونني ويطلبون مني أن ألاعبهم. حينما أنظر إليهم في مثل هذه اللحظات لا أرى ما ينغص العيش في الحياة، فقلبي يغمره الحب والإحساس بالامتنان والتواضع يملأ حياتي، وكما يقول "جوته": "الطريقة التي ترى بها طفلك تعكس الطريقة التي تعامله بها ومثلما تعاملهم سيكونون ويصبحون".

في المقابل، في الأيام التي أقضي فيها ساعات العمل مشتت الذهن ومرتبكاً أشعر حينما أعود إلى المنزل أنَّني لست طبيعياً. أفراد عائلتي لا زالوا يحيونني بكل تأكيد لكنَّني أجد صعوبةً كبيرةً في منحهم الاهتمام والحب الذي يستحقونه ويحتاجون إليه. في الأيام الضائعة التي لا أعيش فيها حياتي التي ينبغي أن أعيشها أسلب الأشخاص الذين يحيطون بي طاقةً أكبر من التي أمنحهم إياها ولا أرى إلَّا المشاكل التي يعاني منها الأطفال وأكون سريع الغضب.

إقرأ أيضاً: الفرق بين وضع الأهداف وتحقيقها: 3 خطوات لتبدأ بتحقيق أهدافك

كيف تستطيع أن تغيّر ذلك؟

حينما يُحِسُّ الإنسان أنَّه مُقيَّد وتختفي لديه الرغبة في العمل يمكن أن يشعر أنَّه عاجزٌ تماماً عن تغيير الحياة والظروف، لكنَّ هذا غير صحيحٍ أبداً، حتى لو أحسسْتَ أنَّ هذا الشعور أصدق من أي شعورٍ آخر.

الإحساس بالذنب عند إضاعة الوقت لن يغير أي شيء، لكن إذا أجريْتَ بضعة تعديلات على الطريقة التي تدير بها وقتك ستتفاجأ كم ستتغير بسرعةٍ نظرتك إلى العالم وإلى نفسك. حينما تتغير هاتان النظرتان سيتغير كل شيء. ابدأ بخطواتٍ بسيطة وجرب إحدى هذه الطرق لتحقق أقصى استفادةٍ من الوقت الذي تقضيه في أثناء النهار:

1- الجلوس كل أسبوع للتأمل والتخطيط:

خصص 10-30 دقيقة كل أسبوع (يُفضَّل أن يكون ذلك في اليوم الذي يسبق بداية الأسبوع) للتفكير فيما حصل في الأيام الستة الماضية وحاول أن تطرح على نفسك الأسئلة الآتية:

  • من الأشخاص الذين كان يجب عليَّ أن أقابلهم في هذا الأسبوع ولم أقابلهم؟
  • ما الأمور التي لم أفعلها؟
  • ما الأمور التي نسيتها؟
  • ما الأخطاء التي يجب عليَّ أن أصلحها؟

الهدف من هذه الخطوة ليس أن ترهق نفسك بالتفكير بل أن تدرك ماذا تفعل خلال أيام الأسبوع، هذا الإدراك سيجعل الحصول على القوة اللازمة لبلوغ التغيير أمراً أكثر سهولة.

بعد تقويم أحداث الأسبوع الماضي ضع خططاً تنظم الأيام الستة القادمة بشكلٍ أفضل وكرر العملية نفسها بعد ستة أيام. يجب ألَّا يستغرق القيام بذلك مدةً طويلة، لكنَّه يمكن أن يُحسِّن بشكلٍ كبير الطريقة التي تقضي بها أيام الأسبوع.

2- وضع خطة اليوم التالي في نهاية كل يوم:

يقول "جيم رون": "لا تنتهي يومك إلَّا إذا فعلتَ ذلك على الورق". يزيح وضع خطةٍ مسبقة عبء الاختيار عن كاهلك، فإذا استيقظت دون أن يكون لديك خطة ستنتقل من مهمةٍ إلى أخرى دون أن تُتِمَّ أيَّة مهمة وستفتقر إلى التركيز مع عدم وجود هدف محدد تسعى إلى تحقيقه. أمَّا حينما تستيقظ وأنت تعرف الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه ستُحِسُّ أنَّك أكثر قوةً بكثير، وستتحلى بالعزيمة والإصرار، وستشعر أنَّ الرغبة في النهوض من السرير نابعةٌ من داخلك.

إنَّ تخصيص دقيقة أو دقيقتين في نهاية كل يوم لإعداد خطة اليوم التالي سيمنح ذلك اليوم التنظيم الضروري لقضائه بشكل مدروس. تنطبق الفكرة نفسها على المهام الإبداعية، فتخصيص 5 دقائق لوضع الخطوط العريضة لكتابٍ أو مقالةٍ أو أيَّة مهمة يمكن أن يوفر لك ساعاتٍ من العمل.

إقرأ أيضاً: وضع خطة عمل ليوم الغد يزيد إنتاجيتك ويساعدك على الاسترخاء

3- تركيز الاهتمام على اليوم الذي تعيشه ولا تنشغل بغيره:

حينما تستيقظ في الصباح لا تفكر إلَّا في الأمور التي يجب عليك أن تفعلها خلال هذا اليوم وفقاً للخطة التي وضعتَها في الخطوة السابقة، استثمر يومك أفضل استثمار واظهر بأفضل صورةٍ ممكنة. بعد أن ينتهي اليوم خصص دقيقةً أو دقيقتين لوضع خطة اليوم التالي وانسَ الخطة تماماً إلى أن يأتي صباح الغد.

4- وضع خطة تحدد ما تنوي أن تفعله خلال ثلاثة أشهر:

حينما يتعلق الأمر بالتخطيط المستقبلي أمامك ثلاثة خيارات:

  • الرؤيا: 10-25 عاماً.
  • الأهداف بعيدة المدى: 36 شهراً.
  • الأهداف الفعلية: الـ 90 يوماً القادمة.

في القرن العشرين كان الإجراء المُتَّبَع في وضع الخطط بعيدة المدى هو تحديد أهداف الخمس سنوات المقبلة، لكن اليوم لم يَعُد تحديد أهداف الخمس سنوات إجراءاً واقعياً بسبب كثرة التغيّرات المفاجئة التي تطرأ على العالم.

وضع الأهداف ضمن إطارٍ زمنيٍّ مدته 3 شهور يتيح لك رؤية المستقبل بمزيدٍ من الوضوح والواقعية، يجب على أهداف الشهور الثلاثة أن تحقق الأهداف بعيدة المدى بكل تأكيد لكنَّ تركيزك الأساسي يجب أن يكون مُنصَبَّاً في المقام الأول على أهداف الشهور الثلاثة.

خصص كل ثلاثة شهور بضع ساعاتٍ أو يوماً كاملاً للتفكير في الشهور الثلاثة الماضية، مثلما فعلْتَ سابقاً في جلسات التخطيط الأسبوعي.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهمية التخطيط في الحياة العملية

5- تنظيم الحياة:

تعامل مع الحياة كحديقةٍ تحتاج إلى الرعاية وتخلص من الأعشاب الضارة التي تنمو في هذه الحديقة مهما احتاج ذلك إلى وقت. العناية بهذه الحديقة ستعيد الروح إلى حياتك وهي ليست محددةً بإطارٍ زمنيٍّ معين، لأنَّك تستطيع كل يومٍ، أو أسبوعٍ، أو سنة أن تجعل هذه الحديقة أجمل وأخْصَب.

رتب كل يومٍ بعض أمورك المالية، ونظم وقتك قليلاً، ونظم جزءاً من علاقاتك. حينما تبدأ ترتب أمور حياتك تنمو كل بذرةٍ زرعتها في حديقة الحياة.

كيف أحسسْتَ أنَّ يومك سيمضي حينما استيقظْتَ في بداية النهار؟ أريدك أن تُحِسَّ حينما تستيقظ غداً أنَّ "اليوم يمكن أن يكون رائعاً إذا أردت له أن يكون كذلك". هذا الإحساس لا يولد وحده، يجب عليك أن تكون مستعداً لاستقباله، لكنَّ الاستعداد لذلك ليس صعباً جداً ويمكنك أن تصِل إليه بتخصيص دقيقتين في المساء لوضع خطة اليوم التالي.

لكل شخصٍ سببٌ يدفعه إلى استثمار كل لحظة من حياته أفضل استثمار، ربما لا تعرف هذا السبب بدقة لكنَّك ستكتشفه حينما تبدأ التحرك، وستكتشف على الأرجح أنَّ كل شيءٍ في حياتك أجمل حقيقةً ممَّا كنت تتصور. حينما تبلغ هذا المستوى من الاستمتاع بالحياة والأيمان بأنَّك تعيش من أجل هدفٍ محدد ستتمكن من بلوغ المستقبل الذي تستحقه بالفعل.

المصدر




مقالات مرتبطة