5 خطوات لمواجهة الاحتراق الوظيفي

قد تكون كل وظيفة مُرهِقة بطريقتها الخاصة، ولكنَّ الاحتراق الوظيفي يأخذ هذا الضغط إلى مستوى أقصى وغير صحي. يُعرِّف المركز الطبي الأكاديمي "مايو كلينيك" (Mayo Clinic) الاحتراق الوظيفي على أنَّه حالة من الإرهاق الجسدي أو العاطفي أو العقلي المصحوب بشكوك حول كفاءتك وقيمة عملك.



نظراً لأنَّ العمال أصبحوا مرتبطين بوظائفهم من خلال هواتفهم الذكية خلال ساعات اليوم كاملة، فقد يَضُرُّ الإجهاد الناتج عن الاحتراق الوظيفي بالموظفين الأصغر سناً على وجه التحديد؛ إذ وجدت دراسة أجرتها "جمعية علم النفس الأمريكية" (The American Psychological Association) أنَّ كلاًّ من جيل الألفية والجيل إكس أظهروا مستوى أعلى من التوتر وبدا أنَّهم يواجهون صعوبة في التأقلم أكثر من أي جيل آخر.

لقد أصبح الاحتراق الوظيفي منتشراً انتشاراً أكبر، ولكنَّ قبول الشركات به على أنَّه معيار وعدم بحثها عن طرائق لمكافحته هو أمر خاطئ.

للاحتراق الوظيفي عواقب وخيمة؛ كانخفاض الإنتاجية ودوران العمالة والإرهاق المزمن الذي يمكن أن يؤثر في صحة العمال العقلية والجسدية، وقد وجد الباحثون في كتاب "الوقت والموهبة والطاقة" (Time, Talent and Energy) أنَّ انخفاض إنتاجية الموظفين هي مسؤولية المنظمات وليس الموظفين، وأنَّ التعاون المفرط والإدارة الضعيفة للوقت وإنهاك أصحاب الأداء القوي هي جميعها عوامل مسببة للاحتراق الوظيفي.

 فكيف يمكن إذاً للقيادة معالجة الاحتراق الوظيفي في قوَّتها العاملة ومساعدة المديرين على تحديد علاماته لدى موظفيهم؟

فيما يأتي الأساليب التي يُنصَح بها للمساعدة على مكافحة الاحتراق الوظيفي:

1. إنشاء شركة تركز على الأشخاص بالدرجة الأولى:

تُقدِّر الشركات الجيدة الصحة العامة لموظفيها وتدعمها، وتستعين بأناس مختصين لمراقبة تجربة الموظف وتحسينها وإنشاء توازن بين العمل والحياة الشخصية؛ لذلك عليك إلقاء نظرة شاملة على ما تُقدِّمه لموظفيك بعيداً عن الراتب والمزايا التقليدية، والبدء بالتحدث إليهم عما يعزز العافية تعزيزاً مفيداً أكثر داخل الشركة.

تقيم بعض المنظمات معسكراً تدريبياً للياقة البدنية كل أسبوع، وتتبنى نظام العمل المرن لاستيعاب أولويات كل موظف؛ إذ تشتري منظمات أخرى أجهزة إلكترونية ومعدات خاصة باللياقة البدنية لكل موظف وتُجري منافسة بين الفِرق لمعرفة المجموعة التي يمكنها المشاركة والمواظبة على معظم الخطوات في ذلك الشهر.

وسرعان ما أصبحت اجتماعات المشي في الهواء الطلق نشاطاً دورياً؛ الأمر الذي ساعد الموظفين على إضافة ممارسات صحية مثل التعرُّض إلى أشعة الشمس والهواء النقي والرياضة إلى برنامجهم اليومي بسهولة؛ لذا كونوا مبدعين في إيجاد طرائق تعزز الصحة والعافية داخل مؤسساتكم.

2. تعريف الموظفين بعلامات الاحتراق الوظيفي:

استعرض علامات الاحتراق الوظيفي مع الجميع في الشركة خلال اجتماع الموظفين واطرح الأسئلة الآتية: "هل الموظفون متوترون باستمرار أم يواجهون صعوبة في النوم أم يعانون في أثناء التركيز في العمل؟".

شجِّعهم - في حال كان الأمر كذلك - على نقل المشكلة إلى مديريهم قبل أن تتفاقم وتتحوَّل إلى احتراق كامل.

ليس من السهل دائماً على المدير اكتشاف الاحتراق الوظيفي؛ لذلك، يجدر بالمديرين تشجيع موظفيهم على مراجعتهم وإِطلاعهم على معاناتهم، ويمكنهم بعد ذلك أن يضعوا خطة عمل معاً لإعادة هؤلاء الأشخاص إلى المسار الصحيح نحو حياة مهنية أكثر توازناً.

شاهد بالفيديو: 7 علامات للاحتراق المهني

3. منح الموظفين الأدوات التي يحتاجون إليها لإدارة التوتر:

تتحدث الكاتبة "سارة أندريسين" (Sarah Andresen) عن تجربتها قائلةً: "بدأت حياتي المهنية بعد تخرُّجي من الجامعة وعملتُ في مجال البحث الكمي، وكان عليَّ أن أعمل لسبعة أيام في الأسبوع ولأسابيع متتالية ما إن يلوح موعد التسليم النهائي في الأفق، وكانت تلك المشاريع مفيدة في تقدُّمي المهني، ولكنَّ احتمال حدوث الاحتراق الوظيفي دائماً ما كان قاب قوسين أو أدنى؛ ونتيجة لذلك وضعت برنامجاً صارماً وعملت بجد للالتزام به، لكن لن تكون لدى الجميع - قبل التحاقهم بسوق العمل - هذه المعرفة عن كيفية حماية أنفسهم من الاحتراق الوظيفي".

يمكن للمديرين تقديم المنتورينغ للآخرين على المهارات اللازمة لإدارة الإنتاجية والوقت كتحديد الأولويات وتفويض المهام والتركيز دون انقطاع أو تعدُّد المهام؛ وذلك لإكمال العمل بنجاح وسرعة في الأوقات المكتظة بالعمل تحديداً.

إذا كان شخص ما يعاني حالياً من الاحتراق الوظيفي ولكنَّه غير قادر على أخذ إجازة، فشجِّعه على تخصيص وقت في جدوله الزمني لتنبيهه على مدار اليوم إلى الابتعاد عن مكتبه لبرهة، ويمكنه أيضاً جدولة التنبيهات على أحد تطبيقات تأمُّل اليقظة الذهنية لتذكيره بممارسة التأمُّل لمرة واحدة يومياً، أو إلغاء استراحة وقت الغداء والذهاب بدلاً من ذلك خارجاً أو إلى صالة الألعاب الرياضية.

إقرأ أيضاً: 11 استراتيجية تساعدك على إدارة التوتر

4. التأكُّد من أنَّ القادة يمثلون قدوة يُحتذى بها:

يجب أن يكون المديرون نموذجاً يُحتذى به في كيفية منح الأولوية لمنع الاحتراق الوظيفي، وفي حين قد يبدو الأمر بسيطاً، إلَّا أنَّ القيادة لا تُطبِّق في كثيرٍ من الأحيان ما تعظ به؛ فعلى سبيل المثال، تجنبوا إرسال رسائل البريد الإلكتروني عند الساعة الثانية صباحاً أو الرد على رسائل تطبيق "سلاك" (Slack) في أثناء الإجازة كي يشعر موظفوكم بقدرتهم على الاقتداء بكم ووضع الحدود أيضاً.

يمكنكم اتِّباع نهج علم الناس لإدارة القوى العاملة، ويتضمن جزءٌ منه استخدام التكنولوجيا المتاحة لجمع بيانات الأشخاص وتحليلها للبقاء على دراية بتطور وتفاعل وسلامة الموظفين.

إقرأ أيضاً: 3 طرق فعالة كي تكون قائداً يحتذى به

5. تعزيز التوازن:

توجد فترات - في معظم الوظائف - يصل فيها التوتر إلى ذروته حين يجب أن تعمل بجهد كبير لإنهاء أعمالك قبل الموعد النهائي، وبعد تسليم المهام في التوقيت المناسب، يجب على فريق العمل التأنِّي لإعادة التنظيم والاسترخاء.

لذا شجعوا استخدام الإجازات المدفوعة لأخذ استراحة بعد وقت مرهق بشكل خاص، واخرجوا معاً وقوموا بعمل تطوعي هادف في مجتمعكم؛ إذ تمنح بعض الشركات موظفيها خمسة أيام في السنة للاندماج في المجتمع وإحداث فارق إيجابي، ليس فقط لتعزيز النمو الشخصي؛ وإنَّما أيضاً للمساعدة على إعطاء العمل غاية أوسع.

اطلبوا من كل شخص في فريقكم تقييم نظام الشركة عندما يكون جو العمل أكثر هدوءاً من ناحية الإنتاجية الشخصية وكيفية إدارة الوقت؛ وذلك من أجل تحديد فرص التطوير ومعالجتها قبل أن تصل الشركة إلى ذروة ضغط أُخرى.

يحتاج الموظفون المعرَّضون لخطر الاحتراق الوظيفي في نهاية المطاف إلى أن يجعلوا استعادة توازن حياتهم في قمة أولوياتهم، ويجب على الشركة التركيز على دعمهم وتزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لتخفيف إجهادهم؛ إذ سيؤثر الإرهاق سلباً في صحة الشخص وحياته المهنية، فضلاً عن الإضرار بالنتائج النهائية للشركة إن لم تتضافر الجهود لإجراء تغييرات.

المصدر




مقالات مرتبطة