5 تقنيات من أجل إدارة التوتر والتخفيف من حدته

يعاني ما لا يقل عن 60% من البالغين العاملين في أكبر الاقتصادات العالمية من التوتر، وذلك وفقاً للمنظمة العالمية للتوتر (Global Organization for Stress)، وتُبين الإحصاءات نسبة أعلى من ذلك في بلدان مثل أستراليا؛ إذ تشير التقديرات إلى أنَّ 91% من المواطنين يعانون من التوتر في أحد ميادين حياتهم، أمَّا في أمريكا وفي أي وقت من الأوقات تشير التقديرات إلى أنَّ 75% من السكان يعانون من التوتر بمستوى عالٍ.



التوتر وباء عالمي:

ماذا لو لم يكن التوتر في حد ذاته هو المشكلة؟ إذ تظهر الأبحاث أنَّ الأشخاص الوحيدين الذين يعانون من الآثار الدائمة، والضارة للتوتر هم أولئك الذين يعتقدون أنَّ التوتر الذي يعانون منه يضرُّهم؛ بينما الناس الذين لا يعتقدون أنَّ التوتر شيئاً سيئاً قادرون على التعامل مع مشكلاتهم دون أن تترك آثاراً سلبية فيهم.

تبين أنَّه بإمكاننا إدارة التوتر ببعض التفكير الصحيح واستراتيجيات التكيِّف، ويمكن أن يكون له تأثيراً إيجابياً في حياتك، وقد وجدت عالمة النفس من جامعة ستانفورد (Stanford) كيلي ماكغونيغال (Kelly McGonigal) طرائق للاستفادة من التوتر في حياتنا.

إليك 5 تقنيات من أجل إدارة التوتر والتخفيف من حدته:

1. إدراك أنَّ الواقع هو انعكاس نظرتك إلى التوتر:

تؤثر معتقداتنا مباشرةً في السلوكات الفيزيولوجية لأجسامنا، فقد أجرت عالمة النفس في جامعة كولومبيا (Columbia) آليا كروم (Alia Crum)، بحثاً يظهر أنَّ أفكارنا تشكِّل واقعنا المادي، وفي إحدى الدراسات الصادمة، أخبر فريقها مدبرات المنازل أنَّ عملهن كان بمنزلة ممارسة للتمارين الرياضية، وقدموا لهن تقديراتٍ لعدد السعرات الحرارية التي تصرفنها في كل مهمة، فكانت النتيجة خسارتهن الوزن في شهر واحد، بينما بقيت مدبرات المنازل اللواتي لم يتم إخبارهن بأي شيء في نفس الحالة الجسدية؛ إذ إنَّ مجرد الاعتقاد بأنَّهنَ كانوا يحرقن السعرات الحرارية من خلال العمل، تسبب في حرق أجسامهن لمزيد من السعرات الحرارية كما لو أنَّهن يمارسنَ تمارين رياضية أكثر شدة.

يستجيب جسمك لمعتقداتك بشأن التوتر بالطريقة نفسها، فسواء كنت تعتقد أنَّ التوتر ضار، أم أنَّه شيء يجب تجنبه، أم أنَّه علامة إيجابية تدل على إحرازك تقدم في ظروف صعبة؛ فإنَّ اعتقادك هو الذي يحدد طريقة استجابة جسمك للتوتر.

وجدت أبحاث عالمة النفس ماكغونيغال (McGonigal) أنَّ الأشخاص الذين يتبنون تصوراتٍ سلبية للتوتر هم أكثر احتمالاً لتجربة استجابات التوتر المتمثلة بالكر والفر، وهذا يشمل ردود الفعل المخيفة من التوتر مثل الشعور بالذعر، وعدم القدرة على التركيز، والتصرف بصورة غير عقلانية وما إلى ذلك؛ إذ يعاني الناس من هذه الأعراض لأنَّ أجسادهم تطلق كميات كبيرة من الكورتيزول وغيرها من الهرمونات الضارة المحتملة.

من منطلق أخر، فالأشخاص الذين يتعاملون مع التوتر بوصفه شعوراً إيجابياً، يواجهون تحديات الاستجابة له، وهذا النوع من الاستجابة يمنحك رغبة شديدة لإثبات نفسك، ويزيد من تركيزك تحت الضغط ويعطيك الطاقة التي تحتاجها للنجاح في أي حالة كنت فيها، فالناس مع المعتقدات الإيجابية للتوتر، لديهم هذه الخصائص؛ وذلك لأنَّ أجسامهم تنتج مستويات أعلى من هرمون التوتر (DHEA) المعزز للأداء.

شاهد بالفيديو: 6 طرق يستخدمها الشخص الناجح للتخلّص من التوتر

2. إعادة تعريف التوتر:

عندما تتعامل معه بصورة صحيحة، يمكن أن يكون التوتر أحد أهم الصفات لديك التي تؤدي إلى تعزيز الإنتاجية والأداء في المواقف الصعبة؛ إذ تشرح ماكغونيغال الفوائد الخمس للتوتر:

  1. يزيد من مستويات الطاقة لديك؛ فعندما تختار استثماره، بدلاً من بغضه، فبذلك يمكن أن يكون التوتر مصدراً للطاقة، والدافع الذي تحتاج إليه لمعالجة مشكلاتك مباشرة.
  2. يغذي حالات التدفق، فإذا لم يسبب لك الذعر، فهذا يساعدك على زيادة تركيزك على أسباب التوتر وتطوير حلول مفيدة بكفاءة عالية.
  3. يجعلك أكثر إنتاجية، فقد وجدت إحدى الدراسات المرجعية أنَّ مستويات التوتر في جميع أنحاء العالم ترتبط ارتباطاً إيجابياً برفاهية كل بلد، وفقاً لإجمالي الناتج المحلي وعوامل أخرى، بمعنى آخر: التوتر يلهم الناس للإبداع أكثر.
  4. يعيد برمجة عقلك كي تتعلم من التجارب؛ إذ تغير أدمغتنا تصوراتنا وردود أفعالنا تجاه محفزاتنا لتجنب التعامل مع نفس الموقف المتعب مرة أخرى، وهذا يمنعك من تكرار الأخطاء.
  5. يجعلك أكثر مرونة؛ فإذا اخترت التعلُّم من التجارب المجهدة والتفكير في كيفية التغلب عليها، فقد يزيد ذلك من عتبة التوتر؛ إذ لا تقلقك القضايا الصغيرة بعد الآن.

3. النظر إلى التوتر بوصفه صديقاً لك:

قد يستغرق تغيير وجهة نظرك ورد فعلك تجاه التوتر وقتاً، إذا كنت معتاداً على النظر إليه بوصفه خطراً في حياتك، وبما أنَّك تعمل على قبول أنَّ التوتر يمكن أن يكون شعوراً إيجابياً؛ إذ توصي ماكغونيغال (McGonigal) بالتعامل مع ضغوطك بقبول بوصفها صديقاً لك، فعندما نشعر بالتوتر، ينشأ رد فعل شائع وهو التركيز على أنفسنا مما يفاقم المشكلة، والحل لهذا هو توجيه طاقتك إلى رعاية الناس من حولك ومصادقة أشخاص جدد، والذين يمكنك معهم تشكيل علاقات داعمة للطرفين.

يؤدي القيام بذلك إلى زيادة مستويات الأوكسيتوسين (oxytocin)؛ أي هرمون الترابط، ويمكن أن يقلل من مستويات التوتر لديك عن طريق تشتيت انتباهك عن نفسك، ويجعلك تشعر بالرضى في مساعدة الآخرين، ويسمح لك بالشعور بالأمان في علاقاتك.

إقرأ أيضاً: ما هو التّوتّر، تعلّم كيف تخلق الهدوء في حياتك

4. التحكم بمستوى الكورتيزول في جسمك:

عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، يفرز دماغنا هرمون الكورتيزول، أو هرمون التوتر، وهذا ما يجعل أجسامنا تستجيب بصورة متفاعلة؛ إذ نشعر بالذعر وعدم الأمان، لكن من خلال الممارسة، يمكننا تدريب أدمغتنا على معرفة أنَّ كل شيء سيكون على ما يرام عندما لا تسير الأمور بالطريقة التي نريدها، الأمر الذي سيؤدي بمرور الوقت إلى إنشاء مسارات عصبية جديدة لتأتي مكان مسارات الكورتيزول القديمة.

ولكي تتحكم بمستوى الكورتيزول في جسمك اتَّبع النصائح الآتية:

  • افعل عكس ما كنت تفعل عادة: إذا كنت بحاجة إلى ترتيب سريرك وتنظيم كل شيء بدقة قبل مغادرة المنزل في الصباح، اسمح للفوضى أن تزداد يوماً بعد يوم بدلاً من ذلك، أو حضِّر العشاء دون وصفة، أو ضع مكوناتٍ عشوائية، لوِّن خارج الخطوط، وأكمل مهامك دون ترتيب، واضرب القواعد جميعها التي اعتدت اتباعها عرض الحائط؛ فإذا كنت شخصاً يحب النظام في حياتك، سترى قريباً أنَّ هناك جمالاً في الفوضى.
  • تجاهل الوقت: يعد تتبع الوقت طريقة سهلة للتحكم، إذ نخصص لأنفسنا فترات زمنية محددة لإكمال المهام على مدار اليوم، ويمكن أن نشعر بالتوتر إذا استغرقت الأمور وقتاً أطول من المعتاد، لكن من الهام أيضاً أن نقبل أنَّنا لا نستطيع السيطرة على الوقت.

لذا اختر يوماً لا تنظر فيه أبداً إلى الساعة، وما عليك سوى قضاء يومك في القيام بالأعمال الروتينية وأداءها على النحو الذي تراه مناسباً لكن دون مراقبة الوقت، واختر أوقات من اليوم لتقضيها دون خطط، وتوقف عن التفكير في الوقت كثيراً سترى عندئذ أنَّه ليس بتلك الأهمية كما كنت تعتقد.

  • امنح نفسك الأولوية: محاولة إرضاء الناس هي عادة متعبة، وفجأة ستجد أنَّك وضعت مَن حولك جميعهم في مقدمة اهتماماتك ونسيت نفسك؛ لذا امنح نفسك الأولوية، فقط امنح المساعدة لصديقك أو زميلك في العمل، عند الانتهاء من كل ما عليك القيام به أولاً، ولا تجهد نفسك إذا كان شخص ما يطلب منك أموراً كثيرة، تأكَّد من أنَّ عقلك وجسمك في حالة استرخاء؛ إذ يساعدك وضع احتياجاتك قبل أي شخص آخر في الحفاظ على مستويات التوتر المنخفضة.
  • تخلص من حزنك: إذا كنت تشعر بالاكتئاب أو الحزن أو إذا كنت متعباً أو مرهقاً.

5. استخدام لغة الجسد:

في اللحظة التي تبدأ فيها بالشعور بالتوتر الداخلي، فهذا يعني أنَّ مستويات الكورتيزول لديك بدأت بالضخ، وتعمل على جرِّك أكثر إلى دائرة القلق، ومجرد أن تشعر أنَّك تدخل حيزاً عقلياً مرهقاً، كرِّس بعض الوقت والجهد لبعض الحركات الجسدية القوية والمفيدة، مثل:

  1. أرجع كتفيك للخلف.
  2. وجِّه صدرك وجبهتك نحو الأعلى.
  3. ضع قدميك بثباتٍ على الأرض، مع مباعدة الكتفين.
  4. ضع ذراعيك على جانبيك.

وجد باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية (University of British Columbia) أنَّه عندما يفوز الرياضيون في السباق، تكون لغة جسدهم واضحة جداً، وعندما يخسرون تعبِّر لغة جسدهم عن هزيمتهم، فهل تريد أن تبدو كأنَّك فائز؟ إذاً أرجع كتفيك للخلف، وضع قدميك بثبات، وافتح صدرك وأبق رأسك مرفوعاً؛ فكلما بدا مظهر جسدك أكثر ثقة زادت ثقتك بنفسك، وهذا ما يسمى قوة جسدية عالية تشغل حيزاً داخل جسمك.

شاهد بالفيديو: 14 أمراً لتحسين مهارات لغة الجسد لديك

ثلاثة أنواع من وضعيات القوة والثقة يمكنك تجربتها:

  1. الفخر: عندما نفوز في سباق، نلقي بأيدينا فوق رؤوسنا ونبتسم بسعادة.
  2. المرأة العجيبة: إنَّ وضع يديك على الوركين والوقوف بحزم وثبات ومباعدة القدمين هو وضعية رائعة لإظهار الثقة.
  3. الرقص: كلما كان بإمكانك تحريك جسمك وأخذ مساحة، زاد احتمال تحول هذا إلى ذاكرة عضلية؛ إذ يُعدُّ تشغيل الأغنية المفضلة لديك والرقص مستمتعاً بها أفضل طريقة لتخفيف للتوتر.

في المرة المقبلة التي تكون فيها متوتراً حاول استخدام لغة جسدك لاستعادة السيطرة والحصول على ضخ الهرمونات الصحيحة، وستندهش من مدى اختلاف شعورك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعدك على اكتساب المزيد من الثقة بالنفس

في الختام:

يمكن أن يجعلك التوتر تشعر بالضعف أو عدم الأهمية في كثير من الأحيان، لذلك من الهام أن تبقى إيجابياً، وتعرف أنَّك جيد بما فيه الكفاية، وإذا كنت تستطيع أن تتراجع عن أي وضع مجهد كنت فيه وإعادة شحن ذاتك، سوف تكون قادراً على التحول مرة أخرى إلى عقلية صحيحة، وأكثر فائدة، الأمر الذي يساعدك على تحقيق المزيد من الإنتاجية والإبداع

المصدر




مقالات مرتبطة